مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2021-06-03

أفغانستان بدون القوات الأمريكية

كلما تأمل الواحد منا وضع أفغانستان في مرحلة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر القادم، وهو الموعد النهائي لانسحاب آخر جندي أمريكي منها، فإنه يتبارد إلى الذهن تساؤلين مهمين متعلقان بمستقبل أمن أفغانستان والمنطقة. السؤال الأول: هل سيكون الأمر سهلاً في مكافحة الإرهاب في دولة ما زالت حركة طالبان، التي خرج منها تنظيم القاعدة، وتعمل بكامل نشاطها؟! 
والسؤال الثاني افتراضياً: هل سيكون أمر عودة القوات الأمريكية مرة ثانية إلى المنطقة إذا تطلب الأمر طبيعي وبدون أي تحديات من تلك التي توفرت في العام 2001؟
 
بتجربةٍ حصلت في العراق عندما أعلن الرئيس باراك أوباما في العام 2011 بخروج القوات الأمريكية من العراق فإن النتيجة كانت ظهور تنظيم «داعش» أحد أخطر التنظيمات المتطرفة من حيث نوع وحجم الجرائم التي ارتكبتها، وهو ما تطلب الأمر معه عودة القوات الأمريكية مرة ثانية إلى المنطقة من أجل مساعدة العراق للقضاء على التنظيم، الأمر يبدو أنه ليس بعيداً أن يتكرر في أفغانستان مع حركة طالبان التي ما زالت تسيطر على الوضع الأفغاني وأعتقد أن ما حدث خلال «هدنة العيد» مؤشر حقيقي لمدى قدرة هذه الحركة على العودة مرة ثانية للسيطرة على أفغانستان بنفس المخاطر والتهديدات.
 
ويوحي المشهد الأمني في أفغانستان بأن طالبان ما زالت لديها القدرة على إعادة تشكيل نفسها بسرعة لأن حكومة كابول ما زالت ضعيفة في فرض السيطرة على كل أراضي أفغانستان بل إن حوالي ثلثي أفغانستان تحت سيطرة طالبان  وعليه لا يمكن التفاؤل كثيراً باستقرار الوضع في واحدة من أكثر بقع العالم خطورة بل إن هناك تحدياً أكثر صعوبة وتعقيداً في حالة تفجر الوضع الأمني هناك وهذا التحدي يتمثل في عدم توفر البيئة السياسية الملائمة لعودة القوات الأمريكية أو الحصول على قواعد عسكرية في أفغانستان ولا حتى في الدول المجاورة لها مثل باكستان أو الدول القريبة من روسيا وحتى إيران الدولة التي تعاونت مع القوات الأمريكية قبل عشرين عاماً واستفادت من الفراغات الأمنية في المنطقة كما حدث في العراق.
 
التقييم الأمريكي بنجاح مهمتها العسكرية في أفغانستان بعد مرور (20) عاماً على الحرب ضد طالبان من خلال القضاء على زعيمها أسامة بن لادن في العام 2011 ثم أيمن الظواهري، أشبه بذلك التقييم لانتهاء مهمة قواتها في العراق بمقتل أبومصعب الزرقاوي زعيم القاعدة في العراق في 2006 فكانت النتيجة عودة الإرهاب والتطرف مرة أخرى وبطريقة أشد خطورة ومثلما كانت العودة مرة ثانية صعبة خاصة من الدول المستفيدة من التطور الجديد مثل إيران فإن تلك العودة في أفغانستان لن تكون وقتها سهلة ومن هنا فإن الحكم على القرار الأمريكي على أنه قرار يتمتع بمنطق وأنه قرار صحيح ليس في محله بل هو قرار أقرب من الهروب من أفغانستان والمنطقة وتركها لمصير مجهول. 
 
ما يبدو واضحاً أن إيران بدأت تحقق أهدافها من سياسة التعاون مع التنظيمات الإرهابية في المنطقة بما فيها طالبان نفسها التي تختلف طائفياً عن النظام الإيراني، وأن رسالتها وصلت إلى الإدارة الأمريكية من خلال أذرعها الإرهابية في المنطقة خاصة العراق وأفغانستان من خلال شن هجمات عشوائية على القواعد العسكرية الأمريكية من أجل إجبارها على مغادرة المنطقة قبل الوصول إلى تفاهمات سياسية وأمنية تضمن وضعاً مستقراً ما يعطي انطباعاً إلى أن المنطقة تسير نحو وضع أمني وسياسي أكثر تعقيداً من الآن.  
 
وعلى الرغم من أن القوات الأمريكية تؤكد أنها بقدرتها إدارة الحرب ضد طالبان في أفغانستان -إن احتاج الأمر ذلك- إلا أن التجربة التاريخية مع «داعش» أكدت أنه بدون التواجد على الأرض لا يمكن الحديث عن هزيمة أي تنظيم فالقوات العراقية كانت لها الفضل الأكبر في إنهاء «داعش» في العراق وسوريا وليس الجوية فقط، فهل بإمكان القوات الأفغانية إعادة التجربة العراقية في كابول مع عودة طالبان؟! 
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره