مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2019-01-01

الأزمة القطرية والأزمة اليمنية في عام 2019

بالنسبة لما يسمى بالأزمة القطرية فالواضح أن عام 2019 لن يقدم شيئاً جديداً في مسار حلحلة الأزمة، بل أن الأزمة ستستمر على ما هي عليه وستتحول بالتالي من أزمة إلى مشكلة قائمة في المنطقة على دول المنطقة التعامل معها وفق للسياسات التي تراها الدول مناسبة لها. ولعل حدة التوتر لن تتراجع بل ستستمر على ما هي عليه لطالما لا يوجد في الأفق ما يشير إلى رغبة فعلية من الطرفين للتنازل عن مطالبهم وفق لما يراه كل طرف مصلحة وطنية له. فالطرفان لما يصلا بعد إلى مرحلة الإنهاك السياسي الذي يمكن أن تجعلهما أو تجعل أحدهما يقدم تنازل في هذا الأمر. فكل طرف متمسك بمواقفه وبأوراقه التي يستخدمها لمواجهة الطرف الآخر. فليس هناك ما يمكن أن يُشير إلى اختراق ما يمكن ان يحدث في مسألة حل الأزمة.  
 
 
وبالنسبة للوضع القائم في اليمن فإن الفرصة متهيئة لتحقيق تطور ما في عام 2019 لجعل حدة الصراع العسكري بين الطرفين في تراجع عما هي عليه في السنوات السابقة. وعكس الوضع في الأزمة القطرية فإن الأطراف المتحاربة في اليمن قد وصلت إلى درجة من الإنهاك إما العسكري بالنسبة لجماعة الحوثيين أو الإنهاك السياسي بالنسبة للحكومة الشرعية. فالحوثيون أصبحوا على قناعة بأنهم يخسرون عسكرياً ولا يحققون مكاسب لهم في مناطق نفوذ الشرعية ولا يستطيعون إبقاء سيطرتهم على المناطق التي يسيطرون عليها، كما ان الدعم الإيراني أصبح في تراجع بسبب الضغط العسكري من قوى التحالف العربي والضغط الدولي. وعلى الجانب الآخر فإن استمرار الضغوط السياسية الدولية سيجعل من قوى التحالف العربي تقلل من حدة المواجهة العسكرية على آمل تحقيق تسوية سياسية ممكنة التطبيق بين حكومة الشرعية والمتمردين الحوثيين. 
 
 
لكن هذين الملفين القطري واليمني يمكن اعتبارهما بأنهما سيكونان مترابطان بشكل كبير ولاسيما في عام 2019. فالملف اليمني قد لا يتمكن من تحقيق اختراق قوي في مجال التسوية بسبب عاملين أساسيين هما: الأول مرتبط بالأزمة القطرية التي ستحاول من خلالها قطر استثمار علاقتها مع الحوثيين ومع بعض الجماعات الإرهابية في الداخل اليمني من أمثال جماعة الإخوان المسلمين لخلق عراقيل أمام أية تسوية من شأنها تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن. فقطر تخشى من أن نجاح التسوية في اليمن سيجعل المملكة العربية السعودية تلتفت بكامل ثقلها نحو قطر ومحاولة إتباع استراتيجية أكثر قوة معها. قطر تود إشغال السعودية بعيداً عنها في حرب في الداخل اليمني من أجل ألا يكون التركيز السعودي منصب على حالة الخلاف القائمة معها. فنبرة المواجهة القطرية للمملكة العربية السعودية نبرة حادة، لم تقابلها السعودية إلى الأن بتحرك حازم يضع حداً نهائياً لها. لذلك لن تتوانى قطر عن افشال أية تسوية من شأنها أن تضع حداً للحرب القائمة في اليمن خشية من أن تتحول السعودية بكامل ثقلها للمواجهة مع قطر. وعلى الجانب الآخر فإن حلحلة الوضع في سوريا وتراجع الوجود العسكري الإيراني هناك سيخلق فرصة أمام إيران لتوجيه قدراتها وإمكانياتها المستخدمة في سوريا إلى اليمن. 
 
 
 
وبالتالي ستتفرغ إيران بشكل أكبر للوضع في اليمن في حالة ما تحسن الوضع في سوريا وفرضت روسيا أجندتها هناك. لإيران أذرع عسكرية طائفية غير نظامية تعمل في سوريا لعناصر من مختلف المناطق الشيعية في العالم يمكن لإيران تسيرها وتوجيها للعمل من أجل القتال مع الحوثيين في اليمن. فالفاطميون الذي يتكونون من عناصر شيعية من أفغانستان وباكستان ويقاتلون إلى جانب نظام بشار الأسد في سوريا سيجدون أنفسهم أمام خيار التوجه إلى تنفيذ أجندة إيران في مناطق أخرى وخاصة في اليمن. الأمر الذي من شأنه أن يعقد مسألة حل القضية.  
 
 
لذلك يمكن القول بأن عام 2019 قد يحمل رغبة فعلية من جانب قوى التحالف العربي لوضع حد للأزمة اليمنية إلا أن عناصر أخرى من أطراف لا مصلحة لها في حل الأزمة اليمنية ستعمل من أجل استمرار حالة التوتر في اليمن وإثارة المشاكل لجعل السعودية بالدرجة الأولى مستمرة في الحرب وبالتالي محاولة كما يتصورون إنهاك السعودية عسكرياً وسياسياً واقتصادياً في حرب غير مُكلفة بالنسبة لهم لكنها حيوية لمصلحتهم المتمثلة في إضعاف السعودية.                 
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره