مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2016-09-01

الإرهاب ومخططات تقسيم المنطقة

تشير الكثير من الدراسات والأبحاث إلى أن خطط لتقسيم و"بلقنة" الدول العربية إلى كيانات مجزأة بناء على اعتبارات عرقية وطائفية ودينية... ظهرت في سنوات الخمسينيات من القرن الماضي مع حصول عدد منها على استقلالها وتوجه إسرائيل إلى تعزيز هيمنتها على محيطها..
 
ومع نهاية الحرب الباردة؛ وفي الوقت الذي اتجهت فيه الكثير من دول العالم نحو التكتل كسبيل لمواجهة تحديات داخلية ومخاطر خارجية؛ كانت مجمل الأقطار العربية تعيش على إيقاع النزاعات والأزمات الداخلية والبينية التي زاد من حدّة خطورتها تنامي التدخلات التي باشرتها قوى دولية وإقليمية في المنطقة؛ وتردّي النظام الإقليمي العربي؛ حيث وصلت الجامعة العربية إلى مأزق خطير يعكس الجمود في الأداء؛ بعدما وقفت مكتوفة الأيدي أمام العديد من هذه الأزمات..
 
ففي الصومال تحولت عمليات "إنقاذ البلاد" و"إعادة الأمل" التي قادتها الأمم المتحدة باسم "حق التدخل" الإنساني إلى أحد أسوء عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام في القرن العشرين؛ بعدما حرّفت الولايات المتحدة الأمريكية عمل هذه القوات من حماية المدنيين وتعزيز الاستقرار بهذا البلد العربي الذي فتكت به الحروب الأهلية؛ إلى خدمة أهداف مصلحية ضيقة أدخلت البلاد في متاهات من الصراع والانقسام والفوضى.. 
 
ومع التدخل العسكري الأمريكي في العراق بذريعة الحدّ من انتشار أسلحة الدمار الشامل.. سيشهد هذا البلد تردّيا للأوضاع على مختلف الواجهات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية؛ كما سيدخل في متاهات من الصراع الطائفي والعنف بكل أشكاله.. أجّجتها الجماعات الإرهابية؛ وبروز توجهات أمريكية لتقسيم البلاد إلى ثلاث دويلات..
 
وبعد سنوات من الاقتتال على السلطة والحرب الأهلية في السودان؛ انفصل إقليم الجنوب، قبل أن تندلع أزمات وصراعات في دارفور بغرب البلاد ومناطق أخرى؛ وهو ما يحيل إلى التقارير التي مافتئت تحذّر من وجود مؤامرات أجنبية تستهدف تقسيم السودان إلى خمس دويلات..
 
عاد موضوع تقسيم المنطقة العربية إلى واجهة النقاش السياسي والأكاديمي مع اندلاع الحراك بالمنطقة ودخول أطراف إقليمية ودولية على خط تحريفه عن مساراته المتصلة بإسقاط الاستبداد والفساد.. ليقترن بالعنف والإرهاب وتأجيج الانقسامات الطائفية..
 
ويبرز تعقّد الأوضاع في سوريا وتصاعد العنف الذي يرتكبه النظام والجماعات الإرهابية؛ والانقسام الصارخ في مواقف الأطراف المتصارعة من جهة؛ وتزايد حدة التدخلات التي تباشرها العديد من القوى الإقليمية والدولية من جهة أخرى؛ أن مستقبل البلاد أصبح مفتوحا على كل الاحتمالات؛ بما فيها التقسيم، ما لم يحدث توافق بين الأطراف الداخلية؛ وكذلك بين القوى الدولية الكبرى.. لحلّ الأزمة. ونفس الخطر يتهدّد ليبيا واليمن.. مع استمرار تعقّد الأوضاع السياسية والأمنية؛ وعدم وجود توافق داخلي يدعم بناء دول تحتمل جميع مكوناتها.
 
وزاد من خطورة هذا الوضع انضمام الجماعات الإرهابية التي تمددت في السنوات الأخيرة بمناطق التوتر والأزمات بعدد من دول المنطقة؛ إلى الأطراف المهدّدة لسيادة الدول وبخاصة مع تصاعد التقارير والأخبار التي تؤكد مسؤولية بعض القوى الدولية الكبرى في خلق وتشجيع وتمويل هذه الجماعات؛ التي لا تخفي رغبتها في تأسيس دويلات على مرتكزات دينية؛ وتوجّهها نحو إعمال تحالفات فيما بينها على طريق تحقيق هذا المشاريع الهدامة..
 
إن مواجهة هذه المخاطر الجدّية؛ تتطلب تجاوز المقاربات الانفرادية؛ وتعزيز التنسيق وإعادة الاعتبار للنظام الإقليمي العربي؛ وتجاوز الصراعات الداخلية الضيّقة؛ وتمتين الوحدة الوطنية وتعزيز الحوار والتوافق وتدبير المشترك.. 
 
ويبدو أن الكثير من صانعي القرار في المنطقة واعون بحجم هذه المؤامرات وخطورتها؛ ليس فقط بالنسبة للدول التي تشهد ارتباكات أمنية وسياسية؛ بل حتى بالنسبة لدول أخرى مستقرة. ففي القمة المغربية – الخليجية الأخيرة تم التأكيد على التزام الطرفين بالدفاع المشترك..، وعلى "احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها وثوابتها الوطنية، ورفض أي محاولة تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ونشر نزعة الانفصال والتفرقة لإعادة رسم خريطة الدول أو تقسيمها، بما يهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي".


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره