مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2021-07-05

البعد النفسي للأزمة!

أثبتت العديد من الدراسات العلمية ان الانسان يكون أكثر عرضة للإصابة بالاضطرابات النفسية أثناء الأزمات، وذلك لما تسببه هذه الأزمات من تغيرات اجتماعية واقتصادية وصحية ترفع معها حالة القلق والتوتر من التهديدات المصاحبة لهذه التغيرات ومنها الأثر الآني والتداعيات التي ستخلفها هذه الأزمات على الحياة الشخصية والحياة العامة.
 
وهذا ما أكدته منظمة الصحة العالمية فيما يخص الأثر الواضح على الأفراد والمجتمعات التي أحدثه أزمة كورونا والذي تعدى الصحة الجسدية الى الصحة النفسية لما تسببت في نشر الكثير من الأمراض والاضطرابات النفسية. والذي يمكن ان يربط بحالة القلق الذي يمكن ان يصيب الفرد من فحوصات الكشف عن الفيروس وإمكانية تشخيص اصابته بالمرض، وكذلك القلق من إصابة أحد المقربين بالعدوى، بالإضافة الى القلق من التعرض لتجربة العزلة الاجتماعية أو الحجر الصحي.
 
وبحسب الآراء الطبية، اننا كأفراد نتفاوت فيما بينا من حيث ردة الفعل والسلوكيات تجاه هذه الأزمة بحسب ما نملكه من خبرات وتجارب حياتية ومهارات نفسية، حيث من الممكن أن تؤدي الأزمات –في بعض الأحيان – الى اعتلالات نفسية مثل قلق المخاوف والوساوس المرضية – حسب شدة ومدة الأزمة- كما يمكن ان تؤدي عملية الإصابة بالفيروس والتعافي منه الى حدوث اضطراب التوافق لدى المتعافي أو انخفاض في تقدير الذات! كما ان بعض المصابين بالفيروس يدخلون في مرحلة الخوف من المرض والخوف من الموت مما يدخلهم في الوسواس القهري والاكتئاب والعزلة!
 
وفيما يخص الأسباب الشائعة المؤدية الى حدوث الضغوطات النفسية خلال الجائحة، أكدت اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات (IASC) –هي منتدى مشترك بين الوكالات يضم شركاء الأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني من غير الأمم المتحدة- ان هناك العديد من الأسباب التي لم يعتدها الأفراد والمجتمعات في الفترة التي تسبق الأزمة بنفس الدرجة الحالية، ومنها: تجنب طلب الرعاية الصحية خوفا من الإصابة أثناء الاستشفاء، الخوف من فقدان العمل ، الخوف من العزلة الاجتماعية ، الخوف من التواجد في أماكن الحجر الصحي، الخوف من الانفصال عن الأسرة ، شعور الفرد بالعجر عن حماية نفسه وحماية أسرته ، الخلط بين الأعراض الشائعة للمشكلات الصحية وتشخيصا ذاتيا على انها أعرض فيروس كورونا ، الخوف من تدهور الصحية البدنية والعقلية والنفسية للأفراد ممن يعانون من أمراض مزمنة وكبار السن .
 
بعد كل ذلك ، يتبقى ان نتحدث عن مرحلة ما بعد كورونا، خصوصا وان الباحثين والكتاب والصحفيين والمراكز البحثية وجميع المؤسسات الإعلامية والمنظمات الدولية وحتى المؤثرين في شبكات التواصل الاجتماعي تطرقوا الى كل الابعاد الخاصة بجائحة كورونا لتتراكم علينا كم المعلومات على شكل جائحة أخرى تتحدى قوانا العقلية وتختبر صبرنا على ما نجده أحيانا من تناقضات!!! في عام 2020، أصدر الباحث في علم اجتماع الأوبئة بجامعة يال الأمريكية، نيكولاس كريستاكيس كتابه “ سهم أبولو..الأثير العميق والدائم في نمط عيشنا”، ويتحدث فيه عن ان مرحلة ما بعد كورونا ترتبط أساسا بتوزيع اللقاحات ، وعندئذ، ستكون هناك حاجة الى وقت للتعافي من الآثار الكارثية والمدمرة للأزمة الى وقت العودة الى نمط الحياة الطبيعة. 
 
خلاصة القول، ان التطرق الى البعد النفسي لأزمة كورونا لابد منه إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الفترة الزمنية المستمرة للجائحة ومعطياتها وكم المعلومات التي نتلاقها، والتغيير الجذري في نمط حياة الأفراد وتفاعلهم الاجتماعي. وان السبيل الرئيسي الى تجاوز الأثر النفسي هو الثقة بالله أولا ثم نهج رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام في نشر التفاؤل، والثقة في حكمة وقيادة حكوماتنا وقدرتها على إدارة هذه الأزمة حتى نتجاوزها بإذن الله.
 
السطر الأخير ...
أعــــــللُ النــفــس بالآمــــال أرقــــــــــــــبــها *** ما أضــــــــيق العــيــش لولا فُســـحــة الأمل
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-02-26 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره