مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2022-09-04

التسلح‭ ‬بالمعرفة

التسلح‭ ‬بالمعرفة‭ ‬أصبح‭ ‬أمرا‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬التخطيط‭ ‬له‭  ‬وتنفيذه‭ ‬بالطريقة‭ ‬اللازمة‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬المستويات‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬المنزل‭ ‬وحتى‭ ‬مراحل‭ ‬التعليم‭ ‬المختلفة‭ ‬ووصولاً‭ ‬الى‭ ‬العمل‭ ‬وبيئته‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬محفزة‭ ‬ومشجعة‭ ‬على‭ ‬المعرفة‭ ‬،‭ ‬بل‭ ‬وتوفرها‭ ‬بأشكال‭ ‬مختلفة‭ ‬لموظفيها‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المستويات‭ ‬التنظيمية‭.‬
 
 
والأمر‭ ‬أصبح‭ ‬ضرورة‭ ‬ملحة‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بسبب‭ ‬ماهو‭ ‬معروف‭ ‬سلفا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الكثيرون‭ ‬في‭ ‬خطورة‭ ‬شبكات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬تفكير‭ ‬مستخدميها‭ ‬ونظرتهم‭ ‬لكافة‭ ‬المواضيع‭ ‬وذلك‭ ‬لكونها‭ ‬تعمل‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬أوتيت‭ ‬من‭ ‬تحديثات‭ ‬ومحتوى‭ -‬في‭ ‬الأغلب‭ ‬تافه‭ ‬–‭ ‬الى‭ ‬تسطيح‭ ‬العقول‭ ‬والاهتمامات‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬الطموح‭ ! ‬يعزز‭ ‬ذلك‭ ‬وجود‭ ‬غريبوا‭ ‬الأطوار‭ ‬والجهلة‭ ‬وما‭ ‬يقابلهم‭ ‬من‭ ‬مستقبلين‭ ‬لرسائلهم‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬الشاكلة‭ ‬وزد‭ ‬عليهم‭ ‬من‭ ‬يرغب‭ ‬بالحصول‭ ‬الأمعة‭ ‬ومن‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬هويته‭ ‬،‭ ‬ومن‭ ‬يريد‭ ‬المعلومة‭ ‬السريعة‭ ! ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬خطير‭ ‬ولا‭ ‬يستهان‭ ‬به‭ ‬خصوصاً‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬نظرنا‭ ‬الى‭ ‬سلوكيات‭ ‬الأغلب‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬والتي‭ ‬تعتبر‭ ‬انعكاس‭ ‬سلبي‭ ‬للمحتوى‭ ‬السلبي‭ ‬الذي‭ ‬يهدد‭ ‬ثقافة‭ ‬المجتمع‭ ‬وأخلاقياته‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التدليس‭ ‬ونشر‭ ‬مضامين‭ ‬تدعوا‭ ‬الى‭ ‬قبول‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬قبوله‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الفطرة‭ ‬أو‭ ‬الدين‭ ‬او‭ ‬العقل‭ !‬
 
 
وفي‭ ‬الحقيقية‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬تدعوا‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬موضوع‭ ‬التسلح‭ ‬بالمعرفة‭ ‬أمر‭ ‬هام‭ ‬وملح‭ ‬أسباباً‭ ‬كثيرة‭ ‬تضاف‭ ‬إلى‭ ‬محتوى‭ ‬شبكات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭  ‬كالتهديدات‭ ‬السياسية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تسخر‭ ‬ميزانياتها‭ ‬وجيوشها‭ ‬العسكرية‭ ‬وذبابها‭ ‬الالكتروني‭ ‬للتعدي‭ ‬على‭ ‬دولنا‭ ‬العصية‭ ‬عليها‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وسائل‭ ‬عدة‭ ‬أولها‭ ‬الغزو‭ ‬الفكري‭ ‬بنشر‭ ‬محتوى‭ ‬أفلامها‭ ‬ومسلسلاتها‭ ‬على‭ ‬المنصات‭ ‬الرقمية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬إدماناً‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬خطورة‭ ‬عن‭ ‬إدمان‭ ‬المخدرات‭ ‬،‭ ‬بل‭ ‬ويتجاوزها‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬نظرنا‭ ‬إلى‭ ‬تأثيراتها‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى‭ ‬على‭ ‬سلوكيات‭ ‬الناشئة‭! ‬هذا‭ ‬المحتوى‭ ‬الذي‭ ‬يحاول‭ ‬ان‭ ‬يضرب‭ ‬العقيدة‭ ‬والأخلاقيات‭ ‬والثقافة‭ ‬ليروج‭ ‬لكل‭ ‬ماهو‭ ‬غير‭ ‬مألوف‭ ‬ومقبول‭ ‬لدى‭ ‬من‭ ‬يملك‭ ‬الفطرة‭ ‬السوية‭ ! ‬محتوى‭ ‬يهدف‭ ‬الى‭ ‬تغيير‭ ‬القناعات‭ ‬وتزوير‭ ‬التاريخ‭ ‬وقلب‭ ‬الحقائق‭ ‬ونشر‭ ‬الفتن‭ ‬والتشكيك‭ ‬في‭ ‬الثوابت‭!! ‬محتوى‭ ‬لا‭ ‬يمت‭ ‬بصلة‭ ‬الى‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي‭ ‬،‭ ‬وإلى‭ ‬المعرفة‭ ‬الراسخة‭ ‬،‭ ‬والوطنية‭ ‬الحقة‭ ‬للبلد‭ ‬ولقيادته‭ ‬وثقافته‭. ‬محتوى‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يميز‭ ‬سطحيته‭ ‬من‭ ‬يملك‭ ‬المعرفة‭ ‬اللازمة‭ ‬التي‭ ‬تعود‭ ‬جذور‭ ‬إكتسابها‭ ‬إلى‭ ‬الأسرة‭ ‬قبل‭ ‬العوامل‭ ‬الأخرى‭ ‬من‭ ‬مؤسسات‭ ‬تعليمية‭ ‬،‭ ‬واعلام‭ ‬ذا‭ ‬مضامين‭ ‬هادفة‭ ‬مدروسة‭ ‬ومعالجة‭ ‬تربوياً‭ ‬ونفسياً‭.‬
 
 
خلاصة‭ ‬القول،‭ ‬اننا‭ ‬نتلقى‭ ‬ملايين‭ ‬الرسائل‭ ‬من‭ ‬محيطنا‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الواحد‭ ‬،‭ ‬أغلبها‭ ‬أما‭ ‬رسائل‭ ‬سلبية‭ ‬،‭ ‬غير‭ ‬هادفة،‭ ‬تافهة‭ ‬،‭ ‬والقليل‭ ‬منها‭ ‬رسائل‭ ‬إيجابية‭ ‬وهادفة‭ ‬وذات‭ ‬معنى‭ ‬يكسبنا‭ ‬معرفة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬يسبق‭ ‬تلقينا‭ ‬لهذه‭ ‬الرسائل‭ ! ‬والحقيقة‭ ‬،‭ ‬ان‭ ‬نوع‭ ‬الرسائل‭ ‬وتأثيرها‭ ‬يعتمد‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬علينا‭ ‬نحن‭ ! ‬فنحن‭ ‬من‭ ‬نحدد‭ ‬تفضيلاتنا‭ ‬وما‭ ‬نريد‭ ‬ان‭ ‬نتعرض‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬رسائل‭ ‬،‭ ‬وما‭ ‬نريد‭ ‬ان‭ ‬نكتسبه‭ ‬منها‭ ‬ليصبح‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬جزءا‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬معرفتنا‭ ‬وطريقة‭ ‬تفكيرنا‭ ‬و‭ ‬بالتأكيد‭ ‬سلوكياتنا‭ ! ‬ويبقى‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬يستدعي‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬التفكر‭ ‬والتأمل‭ ‬والإدراك‭....‬هل‭ ‬المعرفة‭ ‬المكتسبة‭ ‬والمتراكمة‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬سنوات‭ ‬عمرنا‭ ‬تجعلنا‭ ‬متسلحين‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬لمواجهة‭ ‬الغزو‭ ‬الفكري؟؟‭ ‬أم‭ ‬انها‭ ‬تخدم‭ ‬من‭ ‬يريدنا‭ ‬بعقليات‭ ‬سطحية‭ ‬جل‭ ‬اهتمامها‭ ‬زيادة‭ ‬اعداد‭ ‬المتابعين‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬نوع‭ ‬المحتوى‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬غالب‭ ‬الوقت‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬سلوكيات‭ ‬تعكس‭ ‬انحطاط‭ ‬أخلاقي‭ ‬،‭ ‬أو‭ ‬تقليد‭ ‬أعمى‭ ‬واستهبال‭ ‬واستجداء‭ ‬لتعاطف‭ ‬بتمثيليات‭ ‬سخيفة‭ ! ‬
 
السطر‭ ‬الأخير‭ ...‬
يقول‭ ‬سيدنا‭ ‬عمر‭ ‬بن‭ ‬الخطاب‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭: (‬أظل‭ ‬أهاب‭ ‬الرجل‭ ‬حتى‭ ‬يتكلم،‭ ‬فإن‭ ‬تكلم‭ ‬سقط‭ ‬من‭ ‬عيني،‭ ‬أو‭ ‬رفع‭ ‬نفسه‭ ‬عندي‭)‬
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره