مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2019-02-20

التنافسية الرقمية وتعزيز المكانة الدولية

إن التطورات والتغيرات التكنولوجية التي حدثت في مجال الاتصال في الآونة الأخيرة لم تحدث بمعزل عن سياق التغييرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، الأمر الذي فتح آفاق واسعة للعديد من المسائل المهمة التي يجب الوقوف عندها ودراسة تفاصيلها ومحاولة الكشف عن أبعادها على مستوى الفرد والمجتمع، ورسم سياسيات واقعية قادرة على الاستفادة من هذا التطور ، فسرعة وكم وصيغة نقل المعلومات عبر وسائل الاتصال اليوم مختلفة تماما عما كانت عليه قبل تطورها، مما أدى الى حتمية بناء مجتمعات رقمية لمؤسسات القطاع الحكومي والقطاع الخاص على نحو يضمن التحول الرقمي للدول ومواكبة ما يسمى بـ (الثورة الصناعية الرابعة).
 
  ولعل أهم المسائل التي أفرزتها هذه العملية هي الحاجة الملحة لدراسة متعمقة للبيئة الداخلية للدولة وامكانياتها البشرية والمالية وتوظيفها بشكل صحيح لمواجهة تحديات البيئة الخارجية وتحقيق مراكز متقدمة في مؤشرات التنافسية. 
يعتبر مفهوم التنافسية مفهوم حديث في علم الإدارة والاقتصاد يضع مجموعة من الأسس والمعايير التي تقيس مدى ومستوى كفاءة وتميز الدول في المجالات الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقد تشمل قطاعات متخصصة مثل الصحة والتعليم والاتصال والسفر. وللتنافسية معايير تختلف حسب المؤسسات التي تقوم بقياسها، فبعضها مؤسسات دولية وبعضها مؤسسات مستقلة، وتعتبر الرقمية أحد المعايير الأساسية التي تفرق بين اقتصاد الدول، كما أن أدوات وأساليب الاقتصاد الجديد المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات هي التي تعبر عن مواكبة الدول للثورة الصناعية الرابعة، أو عن وجود فجوة رقمية بينها وبين الدول الأخرى التي واكبت هذه الثورة استعدادا للمستقبل. 
وبمعنى آخر، التنافسية الرقمية ترتبط بمدى اعتماد الدول على التقنيات الرقمية في ممارسة عمل مؤسسات الدولة بما يعززمكانتها الدولية، ولها مؤشر عالمي يتم من خلاله تصنيف الدول حسب 50 مؤشر و9 محاور فرعية تشكل 3 محاور رئيسية هي المعرفة والتكنولوجيا والجاهزية للمستقبل. لذا اتجهت العديد من الدول الى تبني مفهوم التنافسية في جوانب مختلفة كجزء من سياساتها لتحسين قدرة اقتصادها على رفع مستويات الانتاجية وتعزيز مستويات المعيشة لأفرادها، وهذا يعني ان قدرة الدولة التنافسية مرتبط بشكل أساسي بقدرتها على قراءة ومواجهة التحديات لإيجاد حلول كفيلة بنقل هذه الدولة نوعياً ، على ان تكون هناك متابعة وتقييم مستمرين لهذه الحلول من أجل تطويرها بالتنافسية وفق التصنيفات العالمية التي تقيس أداء الدول التنافسي من خلال مجموعة مؤشرات مبنية على الإحصاءات الرسمية للدولة، المسوحات الميدانية، بالإضافة الى تقارير المؤسسات الدولية كالبنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة.
خلاصة القول، يمكن للثورة الرقمية أن تؤثر على اقتصاديات دول المنطقة، كما أن الدول التي تسعى إلى الوصول الى التنافسية الرقمية وتعزيز مكانتها الدولية هي الدول التي قرأت واقعها وسعت إلى فهم الطبيعة المتغيرة للقدرة التنافسية الاقتصادية في الوقت الحالي وارتباطها بالقدرة على التكيف مع التكنولوجيات الرقمية الجديدة ومواجهة تحدياتها. فبحسب التقرير السنوي الأخير للاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) لقياس مجتمع المعلومات، يتضح ما للاستثمارات الضخمة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أهمية كبرى في توفير فرص استثمار لما يسمى بـ “ انترنت الأشياء” والذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات الضخمة التي تشكل في مجملها “ مجتمعات ذكية” تساعد على تحقيق إيرادات مرتفعة في بيئة سوقية لا تخلو من الضغوط المالية والمنافسة الشديدة.
السطر الأخير...
التحول الرقمي للقطاع الاقتصادي في مملكة البحرين أثمر عدة مبادرات وشراكات منها الشراكة مع أمازون ويب سيرفيسز لإطلاق أول مركز بيانات من نوعه في المنطقة في أبريل 2019 معني بتحليل البيانات والمساهمة بظهور شركات جديدة في مجالات انترنت الأشياء والحوسبة السحابية.  
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره