مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2021-10-03

الخلاف الفرنسي- الأمريكي..يُعيد بريطانيا عالمياً

كانت ملفتة مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي عرف بـ«البريكست». وكان خروجها في بداية العام الحالي محزن لدى البعض، اعتقاداً منهم أن بريطانيا ستواجه عزلة دولية كبيرة. 
مظهر الانزعاج السياسي الفرنسي من فسخ استراليا (أحد دول الكومنولث البريطاني) لعقد الغواصات واستبدالها بعقد مع الولايات المتحدة الأمريكية وبالاشتراك مع بريطانيا أثار تساؤلات حول الدور القادم لبريطانيا وفتح الباب أمام احتمالات إعادة تأهيل بريطانيا لتقوم بدور في الساحة الدولية يكون مساعداً للاستراتيجية الأمريكية الجديدة في مواجهة الطموحات الصينية.
 
ما يبدو واضحاً أن مسألة عودة بريطانيا لتلعب دوراً على الساحة العالمية بجانب الولايات المتحدة لم يعد مجرد توقع أو افتراض. فالخلاف الأمريكي- الفرنسي بسبب صفقة الغواصات الاستراتيجية أمريكية بريطانية مع استراليا، والتي اعتبرتها فرنسا «طعنة في الظهر» أدت إلى استدعاء سفيريها البلدين تؤكد فعلاً أن العمل يسير نحو عودة التنسيق الأمريكي-البريطاني بشكل أعمق وكبير. 
فبريطانيا منذ الحرب العالمية الثانية وهي جزء مهم في العديد من الصراعات الأمريكية في العالم. بل كانت في وقت ما قوة مؤثرة في أوروبا لصالح المعسكر الأمريكي ضد ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي (روسيا حالياً). فهي اليوم لم تعد مرادفاً لأوروبا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي بقدر ما هي أقرب لتحالف جديد يضم بجانب أمريكا وأستراليا وكندا ونيوزلندا، فالأمر إذا لا غرابة فيه. 
ما حدث يجيب على السؤال الذي برز بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، كيف يمكن أن تعود بريطانيا إلى مكانتها العالمية؟ فالآن بدأت تتضح معالم طريق بريطانيا الجديد وهو أمر ينبغي ألا يكون خارقاً للعادة لمن يفهم طبيعة العلاقة الأمريكية-البريطانية. 
 
التحالف الجديد الذي بدأت ملامحه تظهر والذي ربما ينضم إليه قريباً كل من (نيوزلاندا وكندا) ليشكل 5 دول سيكون موجهاً ضد الصين التي تعتبر أكبر تحد للاستراتيجية الأمريكية العالمية. إلا أنه في الوقت نفسه سيكون لبريطانيا دور في تأهيل الاستراتيجية الأمريكية العالمية التي تمتلك القوة العسكرية والمالية التي يمكنها أن تقف في وجه المنافسين كما سيمنح لبريطانيا دوراً عالمياً جديداً. 
فمنذ وقت بعيد وبريطانيا تحاول التحرر من قيود بروكسل (مقر الاتحاد الأوروبي) ذات الطموحات العالمية المحدودة وبالتالي فإن خروجها منه كان بمثابة الاستعداد للالتحاق بالحلف الجديد، مما يعني العودة إلى ممارسة دور المستشار الاستراتيجي للولايات المتحدة في العالم بحكم معرفة بريطانيا بالعديد من ثقافات دول العالم عندما كانت الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس.
 
صعوبة تعايش بريطانيا مع أوروبا بعد الخروج من الاتحاد متوقع. خاصة وأن شكوى البريطانيين أن هذا الاتحاد كان يعرقل طموحاتها العالمية، وأن اصطفافها معهم كانت حاجة استراتيجية متعلقة بتوحيد الموقف الأوروبي في وجه الاتحاد السوفيتي (روسياً حالياً). وقد بانت حجم طموحاتها في التنسيق الذي حدث بين إدارة الرئيس بوش الأب مع مارجريت تاتشر المرأة الحديدية بشأن توحيد المواقف العالمية ضد احتلال الكويت في بداية التسعينات من القرن الماضي. ثم موقف توني بلير مع بوش الأب في إسقاط نظام صدام حسين.
 
ما تم في الموقف الأمريكي-البريطاني- الأسترالي هي خطوة أولى في اصطفاف دولي جديد يشبع شيئاً من الغرور الامبراطوري البريطاني. وقد يكون التحالف الجديد هو مجرد موقف سياسي فضاض لكن في ظل وجود أسباب برغماتية في مواجهة التوسع الصيني العالمي سيسير نحو التشكل وربما سيضم دول أخرى بعد أن يرسخ مكانته، لذا تقتضي هذا الخطوة المبدئية مراقبتها وهي تتشكل.  
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره