مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2018-08-01

الخليج العربي .. محطات مقلقة

ليس العاقل الذي إذا وقع في الأمر احتال له ولكن العاقل يحتال للأمر حتى لا يقع فيه. فكثيرة هي تلك الأخطار التي تحدق بالخليج العربي، وعلى جُل المستويات.
 
 
فعلى الصعيد الاجتماعي، أن ما نعيشه اليوم من خلل ديمغرافي سواء على مستوى الجاليات الأجنبية بحجة الحاجة إلى العمالة، أو نتيجة سياسات التجنيس الخاطئة التي انتهجتها بعض دول الخليج بسبب بعض الظروف الاستثنائية التي مرت بها، خلقت أرضية خصبة لخضات اجتماعية بدأت بعض إرهاصاتها تطفو على السطح، والقادم أخطر، إن لم يتم تداركها.
 
 
ومن مصادر القلق الأخرى، ما يتعلق بمسألة الأمن القومي، وعلى رأسها ما تشكله إيران من خطر دائم مدعوم بميزانية ضخمة، يتمثل بامتداد نفوذها بعد العراق إلى سوريا ولبنان واليمن، إضافة إلى محاولاتهم المتكررة لزعزعة الأمن في بعض دول الخليج العربي، ومن ذلك أيضاً سعيها الدائم وبكل الطرق لإفشال جهود المملكة العربية السعودية في تنظيم الحج من أجل تطبيق مخطط تدويل الحرمين الشريفين، وقبل كل هذا مواصلة احتلال جزر الإمارات الثلاث.
 
 
انحراف متجذر عبر التاريخ، ومطامع موروثه، وأهدافه طائفية يأصلون لها دينياً، ولا يملّون من سعيهم في تطبيقها على أرض الواقع، ضاربين عرض الحائط بكل القيم والمبادئ وعلى رأسها حسن الجوار والتعايش السلمي والأخوة الإسلامية!
 
 
فالخطر الإيراني لا يقتصر على استغلال الجانب الأمني فحسب، بل شمل الجانب الإعلامي بكل ما يمثله من وسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات والصحف التي سخرت جُل وقتها في التحريض والإساءة وبث الفرقة والفتنة الطائفية بين دول مجلس التعاون وتهديد أمنها.
 
 
 إيران ما كان لها أن تتجرأ على التدخل في أمننا وكذلك شؤوننا وشؤون العراق وسوريا ولبنان واليمن، لولا وجود ضوء أخضر من بعض القوى الخارجية، لخلق حالة من القلق تُرتب عليها مسألة ابتزاز دول الخليج بحجة توفير الأمن لها ضد الأطماع الإيرانية.
 
 
من المؤسف أن تصبح الوحدة الخليجية، رغم كل هذه التهديدات، في مهب الريح، خصوصاً بعد الخلاف الخليجي، والذي على ما يبدو خلاف قد يطول ولن يعرف طريقاً للحل في القريب المنظور! 
أصبح من الضروري اليوم ولحماية المنطقة، إنشاء تحالفات جديدة مع قوى كبرى للوصول إلى التعافي الاقتصادي والسياسي والأمني المنشود والذي يتطلب بذل الكثير من الجهود والتحالفات والتوسع الاستراتيجي في مناطق عده، كفتح المجال لكسب أصدقاء جدد، منها توسيع الشراكة مع دول كالصين، والتي بدأت إرهاصاتها تظهر بوضوح بزيارة أمير الكويت لها، كذلك الزيارة التاريخية لفخامة شي جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية إلى دولة الإمارات خلال شهر يوليو الماضي.
 
 
رؤية مستقبلية لافتة تؤكد حرص قيادة دول الخليج على توطيد العلاقات مع جمهورية الصين، ويأتي ذلك متوافقاً مع المصلحة العامة لدولها، خصوصاً مع دور الصين الاقتصادي المتنامي. 
وبمحاذاة هذه النظرة المتمثلة بإنشاء تحالفات جديدة والاستفادة منها، لا بد أيضاً من عدم الاتكال على مردود النفط فقط وغياب رؤية فعّالة جادة لتنويع مصادر الدخل، وتجاهل مثل هذا سيعرض المنطقة لعواقب قد لا تحمد عقباها، وقد رأينا بعض تداعياتها مؤخراً.
 
 
فالأمن الاقتصادي المستقبلي يعتمد بشكل خاص على تعزيز القطاعات الخاصة وتنويع مصادرها لنتمكن من التغلب على التوقعات المقلقة من الاعتماد على النفط كمصدر رئيس.
نأمل مع حلول عام 2030، أن تشهد دول الخليج تحولاً اقتصادياً واجتماعياً جذرياً، من شأنه تغيير المشهد الحالي برمته، وجعل المنطقة في مكانة متميزة عالمياً من خلال وضع وتنفيذ خطط تسهم في دفع المنطقة بأسرها إلى مواقع تنافسية هامة تنعكس بإيجابياتها على شعوب المنطقة في المقام الأول.
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-02-26 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره