مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2017-12-12

السعودية في عين العاصفة

لا تكاد هذه الأيام تخلوا وسيلةً إعلاميةً تُعنى بالشأن السياسي من أسم المملكة العربية السعودية، التي بدأت ومنذ تولي العهد الجديد مقاليد الحكم إحداث تغيرات سياسية هامة في الاستراتيجية السعودية. ولا توجد دولة أو جهة تحقد على السعودية إلا وتسعى إلى إظهار ما تفعله المملكة بشكل سلبي. لماذا كل هذا؟ الإجابة واضحة وهي أن السعودية وقيادتها لديها مشروع عربي مقتنعة بأنه هو المشروع الذي يمكن أن يدفع الضرر عن المنطقة. نعم، فمن بين المشاريع المختلفة التي تتلاعب بالمنطقة العربية لا يوجد إلا المشروع السعودي الذي تقوده المملكة اليوم باعتباره المشروع العربي الوحيد.
 
فإيران لها مشروعها الذي يتشبث به من العرب أطراف من أمثال العراق والنظام السوري وحزب الله والحوثيين. وتركيا لها مشروعها الذي تسايرها فيه كل من قطر وحماس والاخوان المسلمون. وقوى الظلام لها مشروعها الذي تدعمه القاعدة وداعش. وبالطبع هناك المشروع الأمريكي الذي تسير معه إسرائيل والدول الغربية. وبين هذه المشاريع لا يوجد مشروع عربي يمثل إجابة للحالة العربية المخترقة. لذلك فإن المشروع الذي تقوده السعودية اليوم هو بحق مشروع من المفترض أن يتكاتف حوله كل العرب لأنه هو المشروع الوحيد الذي يمثلهم من بين كل المشاريع المدارة من الخارج والمُضرة بهم.
 
باعتبار أن السعودية تقود مشروعاً عربياً لمواجهة أخطار المشاريع الأخرى التدميرية فإنها تصبح مستهدفة من مثل تلك المشاريع، ومعها وللأسف الشديد بعض من العرب والخليجيين الذين من المفترض أن يقفوا مع المملكة في دعم مشروعها الساعي لإعادة اعتبار العرب. إيران وتركيا لا تودان للمشروع العربي النجاح، لأن نجاحه وبكل بساطة يعني فشل أو إضعاف لمشاريعهم التي يسعون إلى تحقيقها في المنطقة. إيران تريد ضرب النسيج السني عبر دعم أطراف من شأنها إضعاف السعودية ومسعاها لضبط الحالة في المنطقة العربية بشكل عام أو في المنطقة الخليجية بشكل خاص. فحزب الله يقوم بتمويل وتدريب وتسليح أطرافاً مواليةً لإيران في المنطقة من شأنها الاخلال بميزان القوة لصالح إيران. كيف يمكن للحوثيين الذين لا يعرفون كيف يقودون سيارات دفع رباعي من أن يُسيروا صواريخ بالستية متطورة تتجه من الأراضي اليمنية لضرب مواقع في المملكة؟! بالطبع هي إيران ومعها حزب الله هم الذين يفعلون ذلك، ويتباهون به وللأسف الشديد في اليمن والعراق وسوريا ولبنان. وتركيا لا تريد للبروز السعودي، فهي تعتبر نفسها القوة الأبرز في العالم السني، وأن تفكيرها الديني يجب أن يصبح هو التفكير المُتسيد في المنطقة الإسلامية السنية. لذلك نجدها تدعم أطرافاً لا تتماشى مع الخط السعودي الوهابي من أمثال الإخوان المسلمون وقطر. 
 
نتفهم الموقف التركي والإيراني في مثل هذه الحالة، فهي دول غير عربية ولا يهمها المشروع العربي قدر ما يهمها مشروعها الخاص بها. لكن لا يمكن لنا أن نتفهم الموقف من الأطراف العربية التي من المفترض أن تنطلق من مبدأ المصلحة العربية أو المصلحة الوطنية لتلك الدول وخاصة دولة مثل قطر التي تعمل محطتها الإخبارية الجزيرة كأداة هجومية من أدوات السياسة الخارجية. فالجزيرة تشن حملاتها الانتقادية بشكل لاذع وشرس لقيادة المملكة وسياساتها. وهذا في حد ذاته ليس مجرد تعبيراً عن رغبة قطرية في مواجهة السلوك السعودي المعادي لقطر بسبب قطع العلاقات معها وفرض المقاطعة عليها ولكن أيضاً تعبيراً واضحاً عن رغبةٍ قطريةٍ في إحداث تغيرات في الداخل السعودي من شأنها إضعاف المملكة في سبيل دعم مشروع جديد لا يمثل مصلحة وطنية سعودية بل يمثل رغبة يقودها تنظيم عالمي ينطلق بدعم سخي من تركيا وقطر لفرض أيديولوجية جديدة على أهم وأبرز دولة إسلامية. إن الجزيرة ومن خلفها قطر تريد ضرب المشروع السعودي عبر التشكيك في التحالف التقليدي القائم في السعودية بين القيادة السياسية والمؤسسة الدينية، محاولةً إبراز أن القيادة في السعودية تعمل على تهميش هذا التحالف من خلال القيام بتحركات تضعف المؤسسة الدينية من أمثال إعطاء المرأة مزيداً من الحقوق كحق قيادة السيارة وحضور المناسبات الرياضية في الملاعب.
 
إن أكثر ما تحتاج إليه السعودية اليوم هو وقوف الجميع معها. فما تفعله المملكة لا يصب في صالحها وحسب بل ويمثل مصلحة خليجية بل وعربية أيضاً. فأمن واستقرار وازدهار السعودية كفيل بأن يحقق أمن واستقرار وازدهار الآخرين في المنطقة العربية. إن المشروع السعودي ليس فقط مشروع مواجهةٍ مع المهددين لأمن المنطقة من أمثال إيران بل هو أيضاً مشروع بناءٍ لحُلمٍ عربيٍ جديد يحقق الازدهار للشباب العربي عبر فتح فُرص للعيش والإبداع بعيداً عن مشاريع الدمار التي يحملها الداعمون للمشاريع المغرضة والمعادية للعرب. فبينما يبني الآخرون مشاريع تسلح تبني المملكة مشاريع تنمية، وبينما يطمس الآخرون أحلام الشباب تبني المملكة مشاريع تعطي الشباب العربي أمل لغد جميل. لهذا فالمملكة في عين العاصفة. 
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-02-26 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره