مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2019-07-01

السودان في مفترق طرق

لا أحد يريد للسودان السير في طريق غير الطريق الذي حمله الشعب السوداني على نفسه منذ ثورته المباركة قبل أكثر من ستة أشهر ضد فساد حكم الرئيس عمر البشير سوى الاخوان المسلمون أنفسهم. نعم، فالإخوان المسلمون متجذرٌ نفوذهم في ذلك البلد العربي العظيم منذ أن أتوا إلى السلطة قبل نحو ثلاثين سنة. فهم يدركون بأنه لا مستقبل لهم في السودان الجديد، بل أنهم سيكونون معرضين لكل اشكال المسألة والمتابعة القانونية المحلية والدولية إذا ما نجح الشعب السوداني في الحصول على مطالبه. لذلك نجد كل التلفيقات والأكاذيب والفتن تخرج منهم ومن أبواقهم المدعومة من أطراف خارجية مستفيدة من وجودهم ومتضررة من غيابهم. 
 
السودان اليوم بين مفترق طرق. فهو أمام طريق مأمول شعبياً نحو إقامة نظام سياسي مدني بأسس ديمقراطية تضمن لشعبه الحريات والشفافية وسيادة القانون، أو طريق إفشال هذا المسعى وإقامة نظام استبدادي يحافظ على رموز الدولة السابقين. من هنا يبرز دور الاخوان المسلمون والدول الداعمة لهم نحو دعم الخيار الثاني، لأنه وبكل بساطة فإن إقامة نظام سياسي مدني سيُنهي أمالهم في العودة إلى الحياة السياسية في السودان. لقد شبِع السودانيون من أكاذيب وفساد الإخوان المسلمون إلى درجة أنهم خرجوا معرضين حياتهم للخطر ليقولوا لا لحكم الإخوان المسلمون. وعليه لا يمكن ان تقوم قائمة للإخوان المسلمون مع نظام سياسي مدني جديد في السودان. لذلك نجد دول مثل قطر وتركيا تستميت في مجال التحريض ضد الشعب السوداني ومطالبه العادلة بنظام سياسي مدني يضمن لهم الحياة الكريمة وينهي مأساتهم التي استمرت لثلاثة عقود. 
 
فما أن تولى المجلس العسكري الانتقالي في السودان مقاليد إدارة البلد في هذه الفترة الحساسة جداً في مستقبل السودان إلا وسعت كل من قطر وتركيا إلى استمالة المجلس، وعندما لم تجد أذاناً صاغيةً منه لمخططاتها بدأت تتجه لمهاجمته. لقد أدرك المجلس العسكري الانتقالي في السودان أن المرحلة الانتقالية الحالية تتطلب ابتعاد السودان عن الاصطفاف الإقليمي وخلق عداوات مع محيطه العربي والأفريقي. لذلك اتجه نحو توضيح ذلك بزيارات ممثليه إلى كل من المملكة العربية السعودية ومصر ودولة الإمارات العربية المتحدة. كان هذا التوجه لطمأنه جميع الأطراف بأن السودان الجديد هو سند للعرب ومحيطه الإقليمي ولن يقبل بأن يكون طرفاً مضراً لأمن واستقرار أية دولة عربية أو أفريقية. وهذا أمر طبيعي في حالة البلدان التي تمر في مرحلة انتقال للسلطة. لم يرق لقطر وتركيا هذا التوجه، فعملت على تشويه تلك الزيارات وتلفيق التهم الكاذبة كعادتها إلى السعودية ومصر والإمارات بأنها وراء دعم العسكر ضد الشعب السوداني. أكاذيب دحضتها عواصم تلك الدول بمواقف مشرفة داعمة للسودان والمطالب المشروعة للشعب السوداني.  
       
إن الشعب السوداني شعب واعي ولا يمكن أن تمر عليه مثل هذه الأكاذيب الشيطانية التي تقودها قطر وتركيا وأدواتهم الإعلامية. لقد استفاق الشعب السوداني من كل ما كانت تفعله مثل تلك الدول بالسودان زمن البشير، وعرف اليوم صديقه الصحيح من صديقه المزيف. إن قطر وتركيا ومن ورائهم تنظيم الإخوان المسلمون الإرهابي كانوا يستغلون السودان لتحقيق أجندتهم الخارجية ضد مصلحة السودان والشعب السوداني. وعندما تزور وفود المجلس العسكري الانتقالي كلاً من السعودية ومصر والإمارات فإنها ترسل برسائل واضحة بأن السودان لن يكون بعد اليوم نصيراً لمثل تلك الجماعات الإرهابية ضد أمن واستقرار هذه الدول. لذلك تستميت الألة الإعلامية الإخوانية في سعيها إلى الفاق التهم الكاذبة. إن أكثر ما يهم مثل هذه الدول توقف السودان عن دعم الجماعات المصنفة بالجماعات الإرهابية في مثل هذه الدول. ولعل تلك الزيارات مهمة لتوضيح مثل هذا الأمر، وهي بالتالي تكون طبيعية وليس فيها ما يمكن أن يثير الريبة والشك. 
 
ليس من مصلحة مصر والسعودية والإمارات إلا أمن واستقرار السودان. فالسودان الآمن هو مصدر آمن واستقرار لمحيطة الإقليمي. وإن أكثر ما أضر بالسودان والشعب السوداني هو أن هذا البلد جرى وراء أجندات خارجية استغلت السودان لتحقيق أهدافها بعيداً عن مصلحة السودانيين. وهذا ما لا يتمناه أحد. كلنا نحب السودان، ونقدر عطاء ومجهود الأخوة السودانيين في نهضة بلداننا، ونأمل أن يكون عطائهم الذي قدموه لنا دافعاً لتحقيق نهضة السودان الجديد بعيداً كل البعد عن سيطرة الأجندات الأجنبية الساعية إلى السيطرة على مقدرات ذلك البلد العظيم بعيداً عن استثمارها في دعم التنمية في السودان ونصرة قضايا أمتنا العربية ضد التدخلات المضرة بأمن واستقرار الدولة الوطنية.     
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره