مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2019-03-01

الفاسد و الوطنية المزعومة

تشير معطيات التقرير السنوي الصادر من منظمة الشفافية الدولية لعام 2018 إلى الكثير من الحقائق المؤلمة والمفرحة في نفس الوقت، مؤلمة لأنها تكشف حجم المطامع الداخلية في مؤسسات الدولة، ومفرحة لأنها تعكس تقدم دول عربية مثل الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في مكافحة الفساد من خلال تشريعات وقوانين للإفصاح المالي ومنع تضارب المصالح بالإضافة إلى وجود آليات واضحة لمحاسبة المسؤولين الفاسدين وآليات تعزز النزاهة، مما يعني قدرتها على القضاء على بعض السلوكيات المرتبطة بالفساد مثل اختلاس المال العام، الرشوة، المحسوبية في الخدمة المدنية، واستغلال السلطة لمصالح شخصية.
 
حين يتآمر فرد أو مجموعة من الأفراد من خارج الدولة على الدولة واقتصادها ومحاولة النيل منها فإن ذلك أمر له تبريراته وتفسيراته باعتبار ان هذه النوعية من المطامع متوقعة خصوصا إذا كانت الدولة تتمتع بمميزات معينة كالاستقرار الأمني، الموقع الجغرافي، الثروات الطبيعية، مصادر الدخل المتنوعة وإلى آخره من مميزات تجعل من الدولة مطمع لكل عدو متربص ومتحين للفرص من أجل تنفيذ مخططاته للنيل من هذه المميزات. أما حين يتآمر ثلة من أبناء البلد على خيراته والتخطيط لاستغلال مناصبهم من أجل مصالحهم الشخصية وتكوين ثروات منهوبة، فإن ذلك عصي على فهم الكثيرين لأنها خيانة للوطن ولقيادته من مجموعة من أبناء الوطن الغير مكترثين بالسعي المتواصل لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لتجاوز تداعيات الأزمات الاقتصادية وخططها الاستراتيجية من أجل تحقيق التنويع الاقتصادي بدلا من الاعتماد على القطاع النفطي، ناهيك عن مواجهة المؤامرات الخارجية التي تهدف إلى نيل من استقرارها.
 
يصعب مع مجريات الأحداث الشائكة والمعقدة في مجتمعاتنا وضع مؤشرات لقياس وطنية الفرد لأنها مشاعر حقيقية قد تتضح في موقف واحد، وقد تزيف في ملايين المواقف إذا اقتضت الحاجة لدى من يدعي “ الوطنية”، على سبيل المثال لا الحصر لا يمكننا اعتبار الفاسد “ مواطن” لأنه تجرد من وطنيته لقيامه بأعمال الفساد الإداري او المالي والاكتساب من وراء منصبه لمصالحة الشخصية، أما من يعمل وينجز ويحقق إنجازا على مستواه الفردي  دون تقديم مصلحته على مصلحة الغير ليرتقي بذلك بنفسه ومؤسسته ووطنه، ويعمل جاهدا لتحقيق رؤى وطنه من أي موقع هو فيه ، فهو بلا شك 
 
“ مواطن” رغم حجم الإنجاز لأنه يدرك ان إنجاز أي بلد ما هو الا حصيلة تراكم إنجازات فردية  تتحقق عبر موظفي المؤسسات في كل القطاعات وبتشجيع وتوجيه من قياداتها.  
خلاصة القول، لا يمكن مواجهة الفساد بالتصريحات الإعلامية وبإنشاء جمعيات مكافحة الفساد وأخرى للنزاهة، مواجهة الفساد تتطلب جهود حقيقية ومتابعة حثيثة لردع كل من تسول له نفسه العبث بالمال العام والتعدي عليه، أو استغلال منصبه لتحقيق مآرب شخصية. مواجهة الفساد تتطلب تعزيز دور الأجهزة الرقابية وممارسة اختصاصاتها من أجل حماية المال العام والكشف عن البطانة الفاسدة المتلونة -التي تدعي حب الوطن وهي تعيث فسادا في مؤسساته - لأنها العدو الأول الذي يهدد مستقبل أي بلد.
 حفظ الله قادتنا من شر المتلونين وكيد الفاسدين ورزقهم البطانة الصالحة وسدد خطاهم لما فيه خير لبلداننا ولأبنائها الأوفياء.
السطر الأخير...
 
بارك الله جهود صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود رئيس اللجنة العليا لقضايا الفساد العام والتي تكللت مؤخرا بالنجاح في استعادة 400 مليار ريال سعودي للخزينة العامة للمملكة العربية السعودية.
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-02-26 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره