مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2012-11-01

الفـاعـلــــــون الــدولـيــــــون

لم يعد النظام الدولي كما كان في السابق يتمحور حول الدول، بل برز فاعلون آخرون من غير الدول لهم قوة وتأثير الدول، وهؤلاء يتمثلون في المنظمات الدولية الحكومية والمنظمات الدولية غير الحكومية والشركات المتعددة الجنسيات والجماعات الدينية، فالمنظمات الحكومية الدولية تتنوع بحسب اهتمامها الجغرافي، فهناك منظمات عالمية تناقش مختلف القضايا التي تهم العالم بأسره مثل الأمم المتحدة، وهناك منظمات إقليمية تهتم بالقضايا المرتبطة بمنطقة جغرافية معينة كالاتحاد الأوروبي؛ وهناك منظمات ترتبط بدورها الوظيفي حيث أنها مقتصرة فقط على وظيفة معينة تقوم بها كمنظمة الناتو التي يقتصر دورها على حماية أمن واستقرار الدول الأعضاء، أو نافتا التي تعني بالشؤون الاقتصادية القائمة بين دول شمال أمريكا، بالإضافة للمنظمات الوظيفية الأخرى كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية، مثل هذه المنظمات تلعب دوراً رئيسياً وهاماً في تسيير شؤون النظام الدولي، فالأمم المتحدة حاضرة وبقوة في كل بقاع العالم، وهي طرف في الكثير من قضاياه التي تهم الإنسانية، ولولاها لما وضعت العديد من الضوابط الدولية لضبط المجتمع الدولي، ولما تم الالتزام بها من قبل دول العالم؛ ولولا الناتو لما تمكنت أوروبا من المحافظة على أمن واستقرار دولها من الأخطار والتهديدات الخارجية، ولولا صندوق النقد والبنك الدولي لسار النظام الاقتصادي العالمي في طريق غير الطريق الذي يسير عليه اليوم؛ ولولا منظمة التجار العالمية لما شهدنا درجة من الإنصاف في التعاملات التجارية.   
 
أما عن المنظمات الدولية غير الحكومية فإنها لاعب آخر في النظام الدولي ومؤثر على مجرياته، ففرنسا التي كانت تجري التجارب النووية في أعماق البحار والمحيطات لم تتوقف عن فعلتها تلك إلا بعد أن تحرك نشطاء أنصار البيئة - وعلى رأسهم حزب الخضر - لكشف ما تقوم به فرنسا وما تخلفه من دمار يهدد الحياة البحرية، هذا التحرك كان له دور في أن تتخذ فرنسا قرارها بمنع إجراء التجارب النووية، ومنذ عام 1996 لم تجري فرنسا تجربة نووية واحدة، ومن ينسى صيد الحيتان من قبل دول كاليابان حيث لم يكن ذلك العمل منظماً على الإطلاق مما عرض الحيتان لخطر الانقراض، إلا أن سعي أنصار البيئة لمواجهة هذا الأمر والضغط على الشعوب أدى إلى أن تلتزم اليابان باتفاقية دولية تنظم عملية صيد الحيتان، وقصة ثقب الأوزون والاحتباس الحراري والتغير المناخي لم تكن لتحصل على اهتمام العالم لولا ضغط مثل هذه المنظمات على حكومات الدول الغربية لضرورة النظر في الموضوع بجدية، وهو ما أدى إلى التوصل إلى اتفاقية كيوتو، وقصة شركة "شل" النفطية تعطي المثل البارز في التأثير والتغيير، حيث أن هذه الشركة كانت في السابق لا تُعير الحياة البحرية أية أهمية، حيث كانت تترك منصاتها البحرية للتنقيب واستخراج النفط من دون اهتمام بعد أن يتم استنزاف المخزون في مثل تلك المناطق، وبعد سلسلة من الهجمات الإعلامية لمنظمات حماية البيئة فإن "شل" اليوم تعد من أفضل الشركات النفطية في العالم عملاً على حماية البيئة. 
 
أما عن الجماعات الدينية فدورها برز بشكل واضح منذ التسعينيات حيث أصبحت تقوم بأدوار لا تستطيع معظم الدول القيام بها، فمن يستطع أو يتجرأ أن يوجه هجوماً على أراضي الولايات المتحدة، بالطبع ولا دولة تتجرأ على ذلك منذ أن قامت اليابان بضرب ميناء بيرل هاربر في أوائل الأربعينات، وأدى ذلك إلى ردة فعل عنيفة ومدمرة من الولايات المتحدة ضد اليابان، لكن تجرأت جماعة دينية تحمل مسمى "القاعدة" أن تفعل ذلك، وتجرأت جماعة دينية أخرى بمسمى "حزب الله" أن تواجه إسرائيل وتطردها من أراض في الجنوب وهو ما لم تنجح الدولة اللبنانية أو أية دولة عربية أخرى على القيام به. 
 
بشكل مختصر نظام اليوم لا تحركه الدول وحسب، بل هناك فاعلون آخرون لهم دور فاعل لابد للدول أن تأخذهم بعين الاعتبار.
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-02-26 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره