مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2013-08-01

الولايات المتحدة وحكم الإخوان

إن ما حدث في الثلاثين من يونيو الماضي في مصر سيمثل نقطة تحول هامة في تاريخ ذلك البلد العربي الكبير. فقد تمكن الشعب المصري من الإطاحة بالرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، ووضع حداً لسيطرة جماعة الإخوان المسلمين على مفاصل الحكم في مصر، ولعل الطريقة التي تم الإطاحة من خلالها بالرئيس مرسي ـ وذلك من خلال تدخل الجيش المصري لحسم الموقف لغير صالح الرئيس ـ أثارت ردة فعل سلبية من قبل الإدارة الأمريكية، مما جعل الكثيرون في العالم العربي ينتقدون واشنطن على موقفها هذا. إلا أننا نعتقد أن تلك الانتقادات وإن كان جزءاً منها منطقي وصحيح، إلا أن القول الذي ذهب إليه الكثيرون بأن الإدارة الأمريكية متحالفة مع الإخوان المسلمين هو أمر مبالغ فيه وبعيد عن الصحة.
 
إن موقف الإدارة الأمريكية عبر عنه الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي ذكر بأنه "قلق من الخطوة التي أقدم عليها الجيش المصري بعزل الرئيس المنتخب وتعليق العمل بالدستور". هذا الموقف الرسمي لا يمكن أن يعبر عن وجود دعم أو تحالف أمريكي مع الإخوان، ولا يمكن أن يبرر مستوى الإنتقادات الحادة للرئيس الأمريكي والموقف الأمريكي من قبل الشارع المصري بشكل خاص والعربي بشكل عام المؤيد لخطوة تدخل الجيش. إن البيت الأبيض الأمريكي يمثل الإرادة الشعبية ورمز من رموز مبادئ الديمقراطية، وعليه لا يستيطع من هو في البيت الأبيض إلا أن يخرج بتصريح يعبر من خلاله عن قلقه على مسيرة الديمقراطية في مصر أو أي بلد يطيح الجيش بالعملية الديمقراطية فيه.
 
إن الولايات المتحدة لم تكن في يوم من الأيام حليفة للإخوان المسلمين في مصر، بل من المعروف أن حليف واشنطن هي القوات المسلحة المصرية والدليل الـ 1.3 مليار دولار أمريكي الذي تتلقاها القوات المسلحة الأمريكية كمعونة، لكن التقارب الأمريكي مع الإخوان جاء كتقارب تكتيكي مرده أن تيار الإخوان المسلمين هو أبرز التيارات الإسلامية وأكثرها تنظيماً على الساحة العربية في الوقت الراهن. واشنطن  أدركت أهمية التعامل مع الإخوان المسلمين باعتبارهم يحكمون أكبر بلد عربي، وهم كذلك متواجدون بشكل فاعل في حكم تركيا، وهم قوة فاعلة في كل من تونس واليمن والأردن والمغرب، ومن المتوقع أن يكونوا كذلك في سوريا ما بعد الأسد، لذلك عملت واشنطن على التعامل معهم وليس التحالف معهم.
 
منطقة الشرق الأوسط مهمة للولايات المتحدة، واستقرارها مطلب أساسي لواشنطن في الوقت الراهن مع رغبة الرئيس الأمريكي التقليل من فرص التدخلات العسكرية في الخارج، فإذا كان الإخوان هم بهذا الحجم في المنطقة العربية فإن تأثيرهم بالغ الأهمية، لذلك وجدنا واشنطن تتقارب وتتعامل معهم.
 
بالإضافة إلى ذلك فإن واشنطن ترى في برجماتية الإخوان فرصة للتعامل مع طرف غير متشدد أو متزمت في مواقفه تجاه القضايا التي تهم واشنطن ومصالحها في المنطقة، ولعل حكم الإخوان في تركيا أعطى الولايات المتحدة درجة من الطمأنينة حول برجماتية الإخوان وقدرتهم على التعامل مع الأمور من منظور غير متشدد، لاسميا وأن البديل الآخر المطروح على الساحة هو بديل الإسلام الجهادي والمتشدد الذي لا تود واشنطن التعامل معه في المنطقة ولا ترغب أن تقوم له قائمة فيها، وعليه فإن موقف واشنطن تجاه ما حدث في مصر هو نتاج الرغبة في إستقرار مصر وإبعاد مصر عن التجاذبات التي من شأنها أن تؤدي إلى الإضرار بأمن واستقرار أكبر حليف إستراتيجي عربي للولايات المتحدة، فهي رسالة واضحة للجيش المصري بضرورة إعادة الأمور إلى نصابها الشرعي بأسرع وقت ممكن، وليس المقصود بالنصاب الشرعي هنا إعادة الرئيس مرسي وإنما إعادة العملية الديمقراطية إلى مصر بشكلها الحر والنزيه. 
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره