مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2017-03-01

بريطانيا ودول التعاون الخليجي

هل بريطانيا تستطيع أن تخلق توازن في علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي وإيران؟
 
هذا السؤال طرح نفسه بين المراقبين بعد الزيارة الخاطفة التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى العاصمة البريطانية، لندن، مؤخرا قابل خلالها رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، وناقش معها تطورات السياسية الدولية التي بلا شك ستكون موقف بريطانيا مما تفعله السياسة الإيرانية في المنطقة.
 
تعطينا مواقف بريطانيا من فرض العقوبات الاقتصادية ضد إيران، التي ينادي بها الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، انطباعا بأن الحكومة البريطانية لا تريد أن تتخذ مواقف سياسية واضحة تجعلها في صدام مع إيران أو دول مجلس التعاون الخليجي لكي لا تخسر مساعيها لإعادة دورها الدولي في السياسة الدولية الذي فقدت جزء منه من خلال خروجها من الاتحاد الأوروبي بعد التصويت على الـ»بريكست».
 
مواقف الدول الكبرى تتحمل قسطا لا بأس به من الغطرسة الإيرانية الأخيرة خاصة بعد توقيع الاتفاقية النووية في عام 2015 بين الغرب وإيران وقبلها دعم ما كان يعرف بـ»الربيع العربي»، حيث أدى ذلك  إلى إحداث فراغ سياسي كبير في المنطقة عملت إيران وأذرعها السياسية على استغلالها من خلال إثارة الفوضى في دول المنطقة، فإذا كانت إدارة إوباما «عراب» منح الفرصة لإيران في المنطقة فإن حكومة ديفيد كاميرون لم تتخذ موقف واضح من الإخوان المسلمين الذين تسببوا في إحداث فوضى في المنطقة.
 
أمام هذا المشهد الدولي والإقليمي اعتمدت دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية استراتيجة خاصة تقوم على حماية الأمن الوطني لها بعيدا عن المواقف الدولية المترددة في اتخاذ مواقف سياسية واضحة تجاه ما يهدد الاستقرار الإقليمي، وتبدو تلك الاستراتيجية ناجحة حتى الآن من خلال التضييق على التمدد الإيراني سواء في القرن الأفريقي أو في الدول العربية مما دفع بالإيرانيين إلى التحرك من أجل فك الحصار السياسي والعسكري عليها.
 
دولة الإمارات اتخذت، مؤخراً، مواقف في سياستها الخارجية اتسمت بالجرأة بعدما أحست بتراجع الحلفاء الاستراتيجيون ومنها بريطانيا وبما أن السياسة الدولية بدأت تعيد تشكيل نفسها بعد مجيء دونالد ترامب وكذلك بعد التقرب الأمريكي من الموقف الخليجي ضد إيران فإن دولة الإمارات تبحث عن وضوح في الموقف البريطاني تجاه سلوكيات النظام الإيراني خاصة وأن رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، كانت قد صرحت خلال قمة المنامة أن أمن منطقة الخليج من أمن بريطانيا ولكن ذلك الموقف لم يستمر أكثر من شهر حتى تغير موقفها أو أنها أعطت انطباعا أنها لن تقبل في فرض عقوبات على نظام الملالي في إيران بعدما صرحت في الولايات المتحدة أن بلادها تلتزم بالاتفاقية النووية.  
 
وبما أن بريطانيا تبحث عن دور دولي لها بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي وهي اختارت أن تبدأ البحث من خلال منطقة الشرق الاوسط وتحديدا منطقة الخليج العربي نظرا للإرث التأريخي لها فإنه لا مجال أمامها إلا أن تكون واضحة في مواقفها السياسسية ولا بد لها من الاصطدام مع دول أخرى على أساس أن «المواقف الرمادية» لم تعد مقبولة لدى دول الخليج حتى لو أتت من الحلفاء الاستراتيجيون.
 
مهما فكرت بريطانيا بتحقيق توازن في العلاقات بين إيران ودول الخليج فإن الأمر لن يتحقق طالما النظام الإيراني لا يؤمن إلا بسياسة التدخل في الشؤون العربية وبالتالي الشفافية في التعامل البريطاني أصبح ضرورة!!
 
أختم بنقطتين اثنتين، النقطة الأولى: هناك حاجة خليجية لتحديد مواقف الدول التي تدعم مواقفها من إيران ومع أن دول الخليج ترغب أن تكون بريطانيا واحدة من تلك الدول إلا أن الواقعية السياسية تفرض على كل الدول البحث عن مصالحها أولا ولتكن «بريطانيا أولا»، إلا أنه من غير المقبول أن تكون مواقف الدول بحجم بريطانيا متأرجحة بين إيران ودول الخليج. النقطة الثانية: اللحظة الدولية لا تقبل المجازفة أو التساهل لأن المنطقة على «صفيح ساخن» سوءا من إيران أو من الإرهاب وبالتالي فالشفافية «فرض عين»!!.
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-02-26 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره