مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2020-07-05

تركيا الشريك الضال للناتو

أحد البنود التي ناقشها الاجتماع الافتراضي لأعضاء حلف شمال الأطلسي «الناتو»، مؤخراً، الشكوى التي تقدمت بها فرنسا ودعمته ثمان دول أوروبية من بينها: ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وبريطانيا، من محاولات البحرية التركية في إعاقة جهود الاتحاد الأوربي لتأمين قرار الأمم المتحدة في حظر نقل الأسلحة إلى ليبيا التي تمزقها الصراعات العسكرية بسبب التدخل التركي.
 
حيث اعترضت فرقاطتين تركيتين لسفينة فرنسية كانت تحاول إيقاف سفينة تحمل علم تنزانيا فطريقها إلى ليبيا يشتبه أنها تحمل أسلحة تركية إلى ليبيا.
 
ومع أن مسألة تنفيذ الحظر البحري هو من اختصاص الاتحاد الأوروبي والذي أطلق في إبريل الماضي تحت مسمى «إيرني» أي السلام باللغة اليونانية، إلا أن تدخل حلف الناتو ناتج من عاملين اثنين. العامل الأول: أن الحلف شريك فيما يحدث في ليبيا منذ بداية الأزمة في عام 2011 من خلال تدخله العسكرية والمشاركة في إسقاط نظام معمر القذافي، وبالتالي التسبب فيما يحدث الآن بل إن الأمر مطروح لأن يتدخل مرة ثانية لتحقيق الاستقرار إذا ما فشلت الجهود الدولية في بان يكون الحل السياسي هو له الأولية، لأن تداعيات الوضع الليبي بالحل العسكري يمثل تهديداً لاستقرار أوروبا وربما الغرب كله، خاصة بعد نقل تركيا لعدد من المرتزقة الذين كانوا يقاتلون في سوريا.
 
 العامل الثاني: أن تركيا الدولة العضو في حلف الناتو، بات مشكوكاً في نواياه الحقيقية وتجاه التزام بمبادئ الحلف والتعاون التي تأسست علىها والخاصة بالمشاركة في الحفاظ على الأمن الأوروبي، حيث بات «يغرد» في الكثير من المواقف خارج السرب أعضاء الحلف في مواقف كثيرة.، ما يعطي انطباعاً أن الرئيس التركي طيب أردوغان لم يعد مهتماً بتواجد بلاده في هذا الحلف ويعتقد أن السبب الرئيسي في هذا الموقف هو اهتزاز الموقف الأمريكي منذ وصول الرئيس الأمريكي ترامب إلى السلطة ونقده لطبيعة عمل الحلف حيث اعتبر أردوغان ذلك بمثابة ضوء أخضر. 
 
التصرف التركي ضد السفن الفرنسية العاملة ضمن قوات الأمم المتحدة في تنفيذ الحظر هي حلقة جديدة ضمن سلسلة من القضايا التي تستفز فيها أعضاء حلف الناتو، حيث تتقاطع أزمات أردوغان الداخلية مع الخارجية بشكل يوسع من أزمة التماسك السياسي بينهما فهناك قضية شراء منظومة الصواريخ الروسية (S 400) وحالة الغضب الأمريكي حيالها، بجانب تراجع ليبرالية الدولة وحرية الصحافة بسبب الاعتقالات، كما أن هناك توغلات أحادية يقوم بها الرئيس التركي طيب أردوغان في سوريا والعراق رغم اعتراضات الاتحاد الأوربي بجانب رفض خطة حماية دول آسيا الوسطى وبولندا، ما يجعل المشهد العام للحلف شبه مهتز في مواجهة التصرفات التركية الخارجة عن المعاهدة الرئيسية للحلف مع أن المستفيد الأكبر روسيا، وكأن تركيا ليس لديها اهتمام في الحفاظ على علاقتها مع الناتو.
 
لو أسقطنا المواقف التركية كلها وتصرفاته التي تزعج الأوروبيين على البرغماتية السياسية للرئيس أردوغان فإننا يمكننا أن نفسر سلوكياته في خانة أن يدرك حاجة الدول الغربية لبلاده نظراً لموقعها الجيواستراتيجي في الصراع الأمريكي-الروسي، ويعلم أنه مهما انتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لدور هذا الحلف إلا أنه لا يمكن التخلي عنه بسهولة وبالتالي فإن اجتماعات الحلف التي تعقد لن تخرج بقرارات حاسمة ضده على سبيل المثال لا يمكن تجميد عضوية تركيا في الحلف لأن الامر سيعني لجوء أردوغان إلى المنافس الآخر وهو روسيا الذي ينتظر هذه اللحظة.
 
وبالتالي فإن موقف أعضاء حلف الناتو والأوروبيين بشكل خاص تجاه من تصرفات “الشريك الضال” لا تتعدى مسألة البحث عن آلية لتعاون تركيا معهم مع أن أغلب الدول الأوروبية تدرك التعنت التركي وتجد في طريقة أردوغان في إدارة الأزمة الليبية خطراً علىها. الحديث عن أي اجتماع حول سلوكيات تركيا لا يتعدى طرح تساؤلات إن كانت تركيا ما تزال تشترك في مصالح وقيم الناتو؟ مع إن سلوكيات أردوغان توضح الإجابة فهو لا يرى أي تفاهم مشترك مع الآخر بسبب حالة الغطرسة والأنانية التي يعيشها في طريقه نحو طموحه لاستعادة “دولة الخلافة”. 
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-02-26 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره