مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2019-05-07

تسييس كل شاردة وواردة!

أشار التقرير الرقمي الأخير لـ (Hootsuite) الصادر في يناير 2019 إلى أن أكثر من 350 مليون فرد في العالم بدء في تصفح الانترنت في عام 2018 بمعدل مليون مستخدم جديد وبما يزيد عن 6 ساعات يوميا! كما أشار التقرير إلى ان عدد المستخدمين النشطين على شبكات التواصل الاجتماعي بلغ 3.256 مليار مستخدم في العالم حتى يناير 2019، 1360 مليون منهم في دول الشرق الأوسط وبمعدل 6 مليون مستخدم نشط في الفترة ما بين يناير 2018 الى يناير 2019.
 
الهدف من عرض هذه الاحصائيات الحديثة هوالتأكيد على ان أي موضوع يتم تناوله عبر شبكات التواصل الاجتماعي لديه نسبة احتمال جدا مرتفعة في النشر والتداول وكذلك التأثير إذا ما أخذنا بالحسبان العدد المتزايد للمستخدمين النشطين على هذه الشبكات والمتغيرات الأخرى كخصائصهم الديمغرافية واهتماماتهم الفكرية وعناصر تنشئتهم الاجتماعية والسياسية ودورها في تعرضهم للمضامين الرقمية والتي بالتأكيد لها دور جوهري في مسار المواضيع المطروحة من قبل مستخدمين آخرين وكذلك إعادة نشرها والمساهمة بشكل غير مباشر في تحديد أولويات الاهتمام بمواضيع دون أخرى. المسألة بعد كل تلك الحقائق المعقدة تعطي مجموعة تفسيرات لما حدث من تأثر وتأثير بكم المواضيع التي تم طرحها ومناقشتها عبر تلك المنصات، وقد تطرح مجالا خصبا لتنبؤات عن تداعيات تلك المواضيع مستقبلا!
 
فالأحداث السياسية- على سبيل المثال لا الحصر- فتحت مجالا للجميع دون استثناء ليدلوبدلوه في مجريات هذه الأحداث والتنبؤ بتداعياتها ، ولعل وجود شبكات التواصل الاجتماعي كمنصات رقمية تعتبر الأسرع في نقل المعلومة وإيصالها في أجزاء من الثانية سهلت من مهمة الكثيرين في عملية التحليل السياسي (الافتراضي) واعطاءه الحق في تعريف نفسه بـ (المحلل أوالخبير السياسي) والحصول في المقابل على العديد من المتابعين لحسابه ولتحليلاته، ليختلط بذلك الحابل بالنابل ويتوارى المحلل السياسي القدير عن أنظار ومسامع من يتواجد على شبكات التواصل الاجتماعي بحثا عن فهم الأحداث السياسية وقراءة ما بين السطور ! يتوارى المحلل السياسي القدير وراء جيوش المحللين السياسيين (حسب ما أطلقوا على أنفسهم) الذين لا يتركون كل صغيرة وكبيرة في السياسة وغير السياسة دون ان يتم تحليلها بشكل سطحي وأحيانا بعيدا عن الواقع وبث هذا التحليل على حساباتهم الشخصية على هذه الشبكات ليلتقطها من يريد المعلومة السريعة بصرف النظر عن مصدرها وصحتها وقربها للواقع، ثم يأخذ دور الناقل ليعيد ارسالها إلى آخرين، وهكذا يتنشر (اللا تحليل) ليؤدي في نهاية المطاف الى التضليل بدلا من التثقيف والتوعية!. لا يكتفي هؤلاء بالاستمتاع بسطحية غالبية المتابعين وتسرعهم في الحكم على الأمور استنادا الى آرائهم وتحليلاتهم الركيكة، بل يتمادون الى توجيهه المتابعين لهم نحوتبني سلوكيات سلبية تؤثر قطعا على المجتمع ، كما ان التمادي وصل بهم إلى ان التحليل لديهم لا يغطي فقط الأحداث السياسية، بل قد يصل إلى (تسيس) أحداث ومواقف بعيدة كل البعد عن السياسة، ولك ان تتخيل عزيزي القارئ كيف يمكن لهذا الأمر ان يسبب اختلافات قد تصل الى أزمات على مستوى العلاقات بين الأفراد وداخل المؤسسات قد تتفاقم وتصل لمرحلة (الرأي العام)!
 
خلاصة القول، من المؤسف جدا ان يتزايد عدد من يدعي القدرة على تحليل الأحداث السياسية نشر تحليله على أساس أنه حقيقة وليس رأي يحتمل الصواب أوالخطأ، وهم لا يفقهون أبجديات الكتابة السياسية! بل يفتون فيها مستغلين كسل الغالبية واعتمادهم على شبكات التواصل الاجتماعي – المتاحة للجميع- كمصدر للحصول على معلومات تساعدهم على فهم المشهد السياسي بدلا من اللجوء الى المصادر الموثوقة! في حين نرى قامات كرست حياتها للقراءة والكتابة والتحليل السياسي مازالت تتواضع وتنتقد تجربتها رغم خبرتها الطويلة، ومنهم الكاتب والمحلل السياسي جهاد الزين صاحب الأربعين عام من الخبرة في مجال الكتابة والتعليق السياسي حين أنتقد تجربته في كتابه « المهنة الآثمة...نقد تجربتي في الكتابة السياسية».
السطر الأخير...
 
«ما أكثر الذين يعتقدون أنهم يعرفون كل شيء ..يحكمون على كل إنسان.. ويبتون في كل قضية ..ويفتون في كل معضلة» غازي القصيبي رحمه الله
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-02-26 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره