مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2021-08-01

ثوابت البناء الخليجي

بين دول مجلس التعاون الخليجي هناك العديد من القواسم المشتركة التي تجعل من المراقب الموضوعي أن يحكم عليها بأن علاقاتها مرتبطة ومصيرية فهي أبعد من نسميها علاقات استراتيجية وبما يمكنها من الوقوف أمام أي اختلافات في وجهات النظر تجاه مصلحة معينة فالصورة الأكبر لتلك العلاقة تعطي فهما ومعنى أعمق.
 
فإذا كان التاريخ المشترك ومعه الجغرافيا السياسية الذي يجمعهم في إقليم واحد فإن وحدة الثقافة والتراث الإنساني والتداخل القبلي تشكل عوامل تجانس لأبناء هذه المنطقة، فإن طبيعة التحديات التي تواجهها هذه الدول الست تدفع بها لأن تعمل تنمية وتطوير آليات التعاون وتوثيقه بحيث يكون التناغم والتجانس بينها بمثابة «فرض سياسي» ما يعني أن المصلحة والمنفعة الاقتصادية برغم أهميتها في العلاقات الدولية إلا أنها بين دول الخليج هي عنصر واحد ضمن العديد من المصالح التي تتوسع فيها دائرة التفسير. 
 
على مدى أربعة عقود حدث تطوير في العلاقات الخليجية البينية كنتيجة لنمو المجتمعات الإنسانية في العالم كله بسبب تعدد وتشابك المصالح والتهديدات. وقد جاء هذا التطوير أو النمو الخليجي البيني لزيادة التنسيق بما يتناسب والتغيرات الدولية على مستويين.
 
المستوى الأول: العمل الجماعي في تكتل إقليمي يجمع الدول الست تحت مسمى مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وقد أثبت هذا التجمع فعاليته في صد الاعتداءات على بعض أعضاءه وما يزال حتى اليوم يتجاوز اختبارات قوته وبات هذا العمل الخليجي المشترك جزءاً من التراث الخليجي بعد أن تشعبت أدوات ربطه اقتصادياً وعسكرياً وسياسيا. 
 
أما المستوى الثاني: وهو تنمية العلاقات الثنائية بينها بما لا يخل بالصورة الخليجية الكبيرة بل تعمل لأن تكون داعم للكتلة الخليجية بأكملها، وربما التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن بين السعودية والإمارات أفضل الأمثلة في كيفية تطوير العلاقات الثنائية وتوسعت لأن تشمل العديد من المجالات الثنائية إدارياً واقتصادياً وبدت العلاقة بينهما أكثر من تكون علاقات تتم بين دولتين بعد تعمق التنسيق بينمها.
 
 أما التطوير الخليجي الثاني فكان مع سلطنة عمان خلال شهر يوليو الماضي عندما قرر السلطان هيثم بن طارق آل سعيد سلطان عمان تدشين أولى جولاته الخارجية انطلاقاً من السعودية هي بداية يدرك معناها مكانة السعودية في اللحظة الحالية من الزمن العربي وقد نتج عن هذه الزيارة إنشاء المجلس التنسيقي العماني -السعودي.
 
مجمل القول إن العلاقات الخليجية- الخليجية هي أقدم بكثير من قيام منظومة مجلس التعاون الخليجي وأقدم من التطورات الأخيرة في العلاقات بينهما، ما يعني أنه مهما تعرضت هذه العلاقات لأي اهتزازات نتيجة لاختلافات تحتمها الطبيعة الوظيفية للدول من واقع الحرص على المصلحة الوطنية لها فإن الأساسات التي قامت عليها كفيلة لإزالة أي شوائب لأنها صلبة ومتينة ومن الصعب التخيل تجاوزها أو انتهاءها لأن المعيار الذي تقاس عليه أنها كتلة جغرافية وسياسية وإنسانية واحدة تتعرض لنفس التهديدات والتحديات.
 
الاتجاه إلى الاستثمارات البينية في هذه الدول لا يعني غياب التحدي الأمني ولا يعني البحث عن المصلحة الثنائية بعيداً عن التكتل وإنما هو تحرك نحو مواجهة التحدي الجديد في النظام الدولي خاصة وأن المنطقة بقدر ما أنها الأكثر سخونة في السياسة الدولية إلا أنها تبقى الأكثر جذباً لرؤوس الأموال نتيجة لحالة الهدوء والاستقرار وبالتالي يكون أبناء المنطقة هم الأولى للاستفادة منها وربما هذا هو المحرك الأساسي للعلاقات الثنائية الخليجية وهذا من شأنه أن يدفع بدماء جديدة في شرايين العلاقات بين هذه الدول.  
علينا كأبناء الخليج أن نجد العذر لمن يجتهدون في تقديم تحليلات أو ما يلمزون ويهمسون عن التحركات الخليجية الثنائية بأنها نتيجة لأحداث يومية تحدث هنا أو هناك دون أن يدركوا الخصوصية الخليجية.
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-02-26 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره