مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2014-01-01

حال النظام الدولي

تهتم نظريات العلاقات الدولية بدراسة النظام الدولي، الذي يعتبره البعض مثل نظرية الواقعية الجديدة بأنه ذو تأثير مباشر في صنع السياسة الخارجية للدول، فالدول تتأثر بما حولها لاسيما بشكل النظام الدولي وتوزيع القوة من خلاله، وعليه فإنها تتحرك في إطار هذا الشكل والتوزيع في علاقتها مع العالم الخارجي.
 
وعند دراستنا للنظام الدولي فإن الملاحظ بأن هذا النظام هو نظام متغير وليس نظام ثابت، وقد مر هذا النظام بثلاث مراحل أساسية منذ على الأقل بداية القرن العشرين. فقد كان في مرحلته الأولى نظاماً متعدد الأقطاب تتشارك في إدارته والسيطرة عليه وعلى مجرياته عدة قوى كبرى. وكانت السمة الأبرز في هذا النظام أنه نظام تتنافس من خلاله قوى الإقليم الأوروبي بشكل رئيس على تسيير مجرياته لصالحها. وكان الهدف من وراء ذلك التنافس هو الحصول على الموارد والسيطرة عليها في مختلف بقاع الأرض، لذلك ظهر الاستعمار وظهر معه الفكر الإمبريالي التوسعي للدول الكبرى على حساب الدول الأضعف والأصغر.
 
إلا أن ذلك النظام لم يستمر، وتغير في أعقاب الحرب العالمية الثانية، حيث تحول النظام الدولي من التعددية إلى الثنائية، ودخلت على الساحة الدولية قوتان استطاعتا أن ترفع من قدراتهم العسكرية إلى مستويات تفوقت من خلالها على باقي الدول التي تراجعت بشكل ذريع أمام صعود هيمنة كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي. وانتقل هدف الصراع من الصراع على الموارد إلى الصراع على الفكر الأيديولوجي بين الفكر الليبرالي الرأسمالي والفكر الشيوعي الاشتراكي.
 
وانقسم العالم إلى معسكرين إحداهما غربي بقيادة الولايات المتحدة والآخر شرقي بقيادة الإتحاد السوفيتي؛ وكما دارت حروب من أجل السيطرة على الموارد في المرحلة الأولى من مراحل النظام الدولي دارة حروب تحت غطاء الحرب الباردة بين الدولتين العظميتين من أجل نشر كل منهما فكره على أكبر رقعة جغرافية ممكنة والعمل على كسب الحلفاء.
 
وهذا الشكل للنظام الدولي لم يكتب له أيضاً البقاء، وانتهى مع سقوط الإتحاد السوفييتي في 1991 ليتشكل لدينا نظام دولي جديد سمته الأبرز هيمنة دولة واحدة على النظام الدولي، ألا وهي الولايات المتحدة، في ظل غياب القوى الدولية التي يمكن أن تساويه في القوة والتأثير. فالنظام الدولي الحالي هو نظام أحادي ولكن مع وجود قوى أقل قوة تحاول أن ترفع من قدراتها لتحقيق التوازن مع قوة الولايات المتحدة، ولكن من دون جدوى في الوقت الراهن على أقل تقدير، حيث أن مثل هذه الدول تعمل على الوصول إلى هذه المكانة ولو تدريجياً. 
 
الصين وروسيا والهند والبرازيل تعمل جاهدة من أجل وضع العراقيل أمام هيمنة وسيطرة الولايات المتحدة على النظام الدولي وتحاول التأكيد على أن النظام الدولي الحالي هو نظام تعددي، إلا أن تلك الجهود ما زالت ضعيفة ولم تستطع أن تغير من الواقع الحالي الذي يقول بأن النظام الحالي هو نظام أحادي تسيطر عليه قوه واحدة هي الولايات المتحدة الأمريكية. سمة التنافس في هذا الشكل من أشكال النظام الدولي هي التنافس من أجل المصالح، أي أن المصالح هي المحرك الأساسي للتنافس القائم بين مثل تلك الدول. 
 
إلا أن هذا النظام ليس من المتوقع له الاستمرار على الشكل الذي هو عليه، فالمستقبل سيحمل لنا مفاجآت قد تأخذنا إلى شكل جديد، قد تكون الغلبة فيه للتعددية أو قد يصبح نظاماً ثنائياً بين قوتين تتزعمان شؤون العالم، هذا ما سيحمله لنا المستقبل، إلا أن الوقت الراهن يقول أننا أمام نظام لا يتوقع لدولة واحدة أن تنافس قوة الولايات المتحدة العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية والتكنولوجية المشتركة، أي انه يمكن لدولة أن تنافس الولايات المتحدة اقتصادياً أو علمياً على سبيل المثال لكن ليس في القوة المشتركة، فهذه السمة هي التي تحفظ للولايات المتحدة مكانتها في النظام الدولي لفترة من الزمن .
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره