مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2018-01-02

خنق الحوثيين استراتيجياً..!!

هناك ما يشبه إجماع بأن إعدام علي عبدالله صالح الرئيس اليمني السابق تسبب في حالة «اللاتوازن» لدى الحوثيين، مع أنه يفترض أن يحدث العكس؛ لكن الخطأ الذي ارتكبوه هو أنهم لم يعوا المظلة السياسية والمجتمعية التي كان يوفرها لهم، فنتج عن ذلك تغيرات استراتيجية جذرية في سير المعارك هناك قلبت النتيجة رأساً على عقب، حيث حرر الجيش الوطني اليمني المدعوم بشكل مباشر من القوات الإماراتية محافظات ومدناً تعتبر مهمة استراتيجياً، لذا يتوقع أنها ستساهم في القضاء على سيطرة الحوثيين للسلطة في اليمن، وبالتالي القضاء على الوجود الإيراني هناك، وسوف تصل نتائجها على المدى البعيد إلى إعادة التوازن وحماية الدولة إلى الشعب اليمني.
 
وتبدو خطة قوات التحالف في التضييق على الحوثيين خارج العاصمة اليمنية، صنعاء، لإرجاعهم إليها وتكديسهم فيها للقضاء عليهم نهائياً على اعتبار أن فتح لهم مجال التحرك أو المناورة لحليفهم الاستراتيجي إيران ربما يتسبب في تأخير إعادة الشرعية، وتبدو الخطة تحقق أهداف قوات التحالف حتى الآن والنتيجة تحرير العديد من المناطق التي كانوا يسيطرون عليها وكذلك استدعاء إيران لكل أتباعها، يقدرون بالمئات، الموجودين في اليمن للدفاع عن صنعاء.
 
لم يكد ينتهي المحللون من وضع سيناريوهات نتائج إعدام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح بصورة بشعة حتى بدأ توالي الأنباء التي تشير إلى حدوث تقدم واضح على الأرض لقوات الجيش الوطني، حيث جرى تحرير بعض المدن القريبة من موانئ على البحر الأحمر مثل مدينة الخوخة في الحديدة، في إشارة إلى انكشاف مظلة الحماية التي كان يوفرها علي عبدالله صالح لهم، سواء من الشعب اليمني أو التحالف العربي الذي كان يخوض حروباً مع الحرس الوطني اليمني أو  من المجتمع الدولي الذي كان يعتقد أن مدينة الخوخة التي يقع فيها ميناء الحديدة تسهم في تقديم المساعدات الإنسانية إلى أن انكشف لهم أن الميناء منفذ تستغله إيران لإدخال الأسلحة والأموال للحوثيين. 
 
تورط الحوثيون بإعدامهم علي صالح، فبدلاً من أن يحقق لهم موته فسحة استراتيجية وتقدماً في السيطرة على مناطق أخرى في اليمن، أسهم مقتله في اتخاذ قرارات إقليمية من قوات التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية لـ»خنق» الميليشيات من خلال تحرير مدن، تبدو ظاهرياً بعيدة عن مركز السيطرة الحوثية في صنعاء التي تبعد حوالي 200 كم عن الخوخة، ولكنها حقيقة تضم المنفذ الذي يحصل الحوثيون من خلاله على المساعدات الإيرانية من أسلحة وأموال. هلل الحوثيون وأعداء صالح لمقتله، واعتبروه انتصاراً سياسياً باهراً يؤكد تحقق الطموح الإيراني في المنطقة، وربما يوجه رسالة الردع وإخافة لقوات التحالف العربي، ولكن تحول كل ذلك إلى فأل سيئ، وحدث مؤسف بالنسبة للحوثيين الذين خسروا في غضون أيام قليلة مساحات من الأرض كانوا يسيطرون عليها، وخسروا حماية عسكرية واجتماعية كان تحالفهم مع صالح يوفرها لهم، بل إن الأمر أصبح كابوساً للمشروع الإيراني بأكمله على أساس أن السيطرة على المدن القريبة من باب المندب على البحر الأحمر من شأنها أن تساهم في «إدارة المنع» من وصول أي مساعدات إيرانية للحوثيين، وهو ما يمثل «خنق الرئة» التي يتنفس منها الحوثيون، وبالتالي موتهم سياسياً وعسكرياً، وإن كان الأمر يحتاج إلى وقت ليس بالقصير.   
 
هذه الانهيارات في صفوف الحوثيين تفتح الباب لانضمام القوى السياسية اليمنية الأخرى لأسباب عدة، فإضافة إلى تفكك التحالف مع حزب المؤتمر الشعبي، فإن عودة العقيد أحمد علي صالح لقيادة الجيش اليمني يعطي مؤشراً لإعادة توحيد الجيش اليمني في مواجهة «العدو المشترك» الذي يهدد الكيان اليمني بأكمله، كما أن هناك تأييداً إقليمياً ودولياً لإبراز أن إيران هي صاحبة الفوضى وهي التي تقف وراء ما يحدث في المنطقة، وبالتالي ينبغي أن يكون العدو الأول لمحاربته من الجميع، وهذا بدوره يكثف الضغط على النظام الإيراني بما يضعفه ويجعله يتراجع عن امتداداته الإقليمية المقلقة للمصالح الدولية في المنطقة. كل ما سبق هي إشارات انفراج الأزمة اليمنية وبشكل يمكننا القول إننا مقبلون على أيام حاسمة تضع نهاية للفوضى الأمنية التي تفعلها إيران هناك، الانتصارات التي تحققها القوات اليمنية المدعومة من القوات الإماراتية تعد أبرز تلك الإشارات، ولكن الذي لا يقل أهمية عن ذلك هو أن الرأي العام اليمني والعالمي بات مدركاً أهمية عدم تكرار تجربة حزب الله اللبناني في أي مكان في العالم، خصوصاً أن كل ذلك يمهد لوجود إيران فيها. والذي لا شك فيه أن نتائج إعدام علي صالح قلبت كل موازين المواجهة والمواقف السياسية الدولية والإقليمية ضد إيران.
 
الحوثيون الذين تمددوا في اليمن بمساعدة علي صالح ضعفوا بعد إعدامهم له ولم يتوقعوا تلك النتائج المؤسفة عليهم، وإيران المحرك الرئيسي والداعم الأساسي لهم تم التضييق عليها، بقوات التحالف، بحراً وجواً، والمظلة المجتمعية التي كانت تحميه من الرأي العام اليمين انكشفوا فخسروا.
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره