مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2019-12-31

دبلوماسية البيانات 2

  في المقال السابق، بينت كيف ان استخدام شبكات التواصل الاجتماعي لم يعد مقتصرا على الأفراد بل امتد ليشمل الدول والمسؤولين فيها وهو أمر متوقع لحرص القائمين على تلك الشبكات على رفع كفاءتها من خلال تحديثات مستمرة تتناسب مع تفضيلات مستخدميها من جهة ، ومن جهة أخرى من أجل الحفاظ عليهم ورفع اعدادهم لتصل الى ملايين المتابعين لملايين الحسابات الرسمية والغير رسمية بما يشكل عمليات اتصالية معقدة تختلف أهدافها ما بين إيصال الرسالة فقط الى التأثير في  أفكار مستخدميها بما يؤدي مع تراكم الرسائل الاتصالية على المدى البعيد الى التأثير على الاتجاهات.
 
واحتمالية تغيير اتجاهات مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي من قبل مستخدمين آخرين واردة جدا إذا ما وضعنا بعين الاعتبار الوقت الذي يستغرقه المستخدم على هذه الشبكات والتعرض إلى مضامينها بشكل يومي مقارنة بتعرضه للرسائل الاتصالية في عالمه الواقعي!
 
هذه القدرة على التأثير أصبحت مدركة من قبل المسؤولين عن السياسات الخارجية لدولهم، وهو إدراك وصل إلى حد الانضمام إلى العمليات الاتصالية التي تتم عبر هذه الشبكات والمشاركة في وضع مضامينها والتفاعل مع مضامين مرسلة من مستخدمين آخرين. فبحسب دراسة أعدتها شركة العلاقات العامة العالمية (Burson-Marsteller  ( لقياس مدى نشاط وفعالية رؤساء الدول والحكومات ووزراء الخارجية على شبكات التواصل الاجتماعي ، 97 % من حكومات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وعددها 193 تمتلك حسابات رسمية على شبكة “تويتر” ، حيث رصدت الدراسة ما يزيد على ال 900 حساب فاعل على “تويتر” بينها 372 حسابا شخصيا ، و579 حسابا مؤسسيا يعود جميعها لرؤساء دول أو حكومات أو وزراء خارجية ، ويتابعها ما يزيد على الـ 485 مليون مستخدم !
 
وما يميز مضامين الحسابات الرسمية وبعض الحسابات الشخصية للمسؤولين عن غيرها هو البيانات الواردة فيها، هذه البيانات في حقيقتها رسائل مدروسة ومنتقاه بعناية كونها تعبر عن سياسة دولة ومعنية بالتأثير بشكل ما على فئات مستهدفة من مستخدمين نفس الشبكة. هذه البيانات وما ينتج عنها من بيانات أفرزتها عمليات التفاعل بين المستخدمين أصبحت شكلا من أشكال الدبلوماسية العامة يسمى بـ « دبلوماسية البيانات» التي تنطوي على استخدام شبكات التواصل الاجتماعي وكذلك التكنولوجيات الرقمية للاستفادة منها كمصادر للبيانات في التواصل مع الدول الأخرى والتعبير عن سياستها. 
 
في تقريرها الأخير « دبلوماسية البيانات، تحديث الدبلوماسية في عصر البيانات الضخمة» استعرضت مؤسسة الدبلوماسية (Diplo)) (المفاهيم الرئيسية المرتبطة بدبلوماسية البيانات واستخداماتها في مجال الشؤون الدولية وتحديدا فيما يخص جمع البيانات والتقارير الدبلوماسية، التفاوض، الاتصال والدبلوماسية العامة، والبيانات الخاصة بشبكات التواصل الاجتماعي وعلاقتها بالقانون الدولي. كما ركز التقرير على البيانات المرتبطة بالدبلوماسية والتي ُ تنتج بشكل آلي عبر البيانات المتوفرة على شبكة الانترنت بما يعكس كم ونوع الاتجاهات والارتباطات المختلفة التي تبين ان البيانات الضخمة تتفاعل مع الدبلوماسية من خلال 3 طرق أولها: أنه بالإمكان استخدام البيانات الضخمة كأداة لتفعيل الدبلوماسية وثانيها: أن البيانات الضخمة تقدم جانب جديد في أجندة الدبلوماسية والمفاوضات الدولية المتعلقة بالتجارة الإلكترونية والأمن السيبراني الدولي، أما الطريقة الثالثة لتفاعل البيانات الضخمة مع الدبلوماسية فهي تعتبر البيانات الضخمة عنصر بإمكانه تغيير أسلوب عمل الدبلوماسية خصوصا فيما يتعلق بالجوانب الجيوسياسية والجيو اقتصادية. 
 
خلاصة القول إن البيانات الضخمة هي النفط الجديد الذي ينبغي تكريره كما يقول الخبراء! وعملية جمعها وتحليلها أصبحت مهمة رئيسية من مهام الدبلوماسية الرقمية المؤثرة!
 
السطر الأخير...
« لا توجد أزمة طاقة.. ولا أزمة تعليم.. ولا أزمة صحة في منطقتنا العربية، لدينا أزمة إدارة.. نحن أمة تملك موارداً عظيمة .. وتضم كفاءات عظيمة.. ولكننا نفتقد من يدير الموارد والكفاءات لصناعة أمة عظيمة» سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب حاكم الامارات العربية المتحدة حاكم دبي حفظه الله 
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره