مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2021-02-14

سباق العقول

وصلنا الى زمن نسابق فيه الأحداث والتطورات والتحولات والانعطافات بكل أشكالها المعرفية والثقافية والمعرفية والتقنية، زمن يطلب منا ومن الأجيال القادمة خوض سباق العقول حتى يتم إدراكه وإدراك تحدياته للاستعداد للمستقبل والوصول الى أكبر قدر ممكن من المعرفة الدقيقة المستمدة من نتائج الأبحاث العلمية التي تساعد على فهم الظواهر والتنبؤ بالمشاكل والأزمات والخروج بحلول واستراتيجيات للتعامل مع مختلف التحديات. 
 
وهذا يعني ان الأساس هو إعطاء الأهمية الحقيقية للبحث العلمي وكذلك الكوادر البشرية وقدراتها العلمية والفكرية والسلوكية واعتبارها مصدرا حقيقيا مساندا وأيضا بديلا لمصادر طال الاعتماد عليها وأصبحت مهددة بسبب المتغيرات الاقتصادية والسياسية والأزمات المتكررة في أغلب المجتمعات.
 
كل الأزمات وكل التحديات السياسية، الصحية، والاقتصادية أصبحت تؤكد على حقيقة مفادها انه لا يمكن مواجهتها بنفس الاستراتيجيات التي لم تصمد أمامها! وأنه لا بد من قراءة متمعنة في الدروس المستفادة من التجارب السابقة وتحليل معطياتها للوصول الى مسارات مختلفة عما سبقها، مسارات قادرة على التنبؤ بنوعية الأزمات المستقبلية وقادرة على التقليل من أثر تداعياتها، وهنا أتحدث عن مسارات الفكر المنتج الذي يستشرف المستقبل ويعد العدة اللازمة له، الفكر المنتج الذي ينمي العقول ويتبع خطوات المنهج العلمي في التفكير والبحث للتعامل بواقعية وموضوعية مع الحياة! 
 
ولا يمكن تحقيق الفكر المنتج دون الاهتمام بعقول النشء والحاجة الى تشكيلها التشكيل الصحيح الذي يمكنها من ممارسة الفكر النقدي والفلسفي لتجاوز اختلاط المفاهيم وضبابية التفكير والاستسلام لمجريات القدر! الفكر النقدي يعني امتلاك المعارف والأدوات الضرورية التي تمكن النشء من فهم مجريات الأمور وتفسيرها والتعامل معها بديناميكية وعقلانية، والترفع عن منزلة العالة على باقي الأمم والانتقال من مستوى المستهلكين والتابعين الى منزلة أعلى الأمم ومستوى المنتجين والمتبوعين. هذا النوع من العقول هو الذي يستوعب حاجات ومستجدات أي مرحلة تمر بها بلده وذلك لقدرتها على التعامل مع هذا الحاجات والمستجدات باللياقة والمرونة المناسبة والمطلوبة! 
 
هذه العقول ستسابق الزمن وتحرق المراحل لتحقيق الغايات والأهداف الاستراتيجية والبرامج الطموحة، وستحول الرؤى الوطنية الى واقع معاش. هذه العقول تعرف كيف تقرأ بين السطور وترى ما وراء الصورة، وتستطيع ان تميز الرسائل السلبية المبطنة في وسائل الاعلام بدلا من الاستسلام لها أو السماح –بكل سهولة- للمضامين السامة في المنصات الرقمية ان تؤثر عليها وتغير معتقداتها واتجاهاتها وتبث فيها بشكل تدريجي روح الإحباط والانهزام وكره الواقع وتنصيب شماعة الظروف في كل حديث!
 
خلاصة القول، ان تتشكل العقول المنتجة يعني ان تتشكل عقول قادرة على خوض السباق نحو مواجهة التحديات بالبحث العلمي وبالفكر النقدي التحليلي، يعني قوى ناعمة عامة تستوعب تطور قنوات التبادل الثقافي وتكسر الحواجز الجغرافية وتدافع عن وطنها وتتسلح بالفكر النير القادر على مواجهة الغزو الثقافي الدخيل ومحاولات التسطيح بكل الوسائل وبالطرق الغير مباشرة من افلام سينمائية ومنصات بث رقمية وشبكات تواصل اجتماعي أصبحت تحاصر الجميع وتنقله الى ابعد ما يكون لتدخله الى عالم افتراضي لا يحاكي الا جزءا بسيطا من الواقع وفيما عدى ذلك عبارة عن مضامين سطحية تافهة لا تعكس ديننا ولا أخلاقياتنا ولا مبادئنا !
 
السطر الأخير ...
في سياق المقال، لم أجد أجمل من الأبيات التي قيلت في سمو الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي عهد المملكة العربية السعودية على لسان الأمير عبد الرحمن بن مساعد آل سعود:
 
تمضي بِحُلمِكَ بالإصرارِ تَجْعَلُهُ 
                                  رأي العـــيانِ لكَ الأحـــلامُ تمــتثِلُ 
أحنت لرؤيتِك الأكوانُ هامتها
                                  واستعجبَ الغَدُ ماذا يصنعُ الرجُلُ
كَمْ شَاعَ قَبْلَكَ أقوالٌ بِلا عَمَلٍ
                                   حتّى أتَيْتَ فَكـانَ القَـوْلُ والعَمَـلُ
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-02-26 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره