مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2017-09-06

فلنتجـاوز قـطـر

لقد وصلت الرسالة، ووصلت بقوة، للمعنيين في دولة قطر وخارج قطر بأن الدول الأربع المقاطعة لها لا يمكن أن تقبل باستمرار قطر في دعمها لما يُعتبر زعزعة لأمن واستقرار تلك الدول وتعزيز للمشاريع المناهضة في المنطقة. لقد كانت هذه الرسالة واضحةٌ كل الوضوح، وفهمتها كل الأطراف. وما نشاهده من مكابرة قطرية هي أمرٌ طبيعي، فبعد كل هذا الاستثمار القطري في تلك المشاريع لا يُتوقع أن تتنازل قطر بسهولة عنها، ولا يمكن أن تسمح الدول والجهات التي استثمرت في قطر بأن تتنازل قطر بسهولة عن ذلك الاستثمار.
 
لذلك نعتقد بأنه من الواجب ألا تجعل الدول الأربع المقاطعة لقطر علاقتها تتمحور فقط بتعاملها مع الملف القطري وحسب بل عليها أن تعمل على تأسيس إطار عمل عربي مشترك فيما بينها يعزز من بروزِ مشروعٍ عربيٍ مناهضٍ للمشاريع الأخرى في المنطقة التي لا تريد بالمنطقة العربية الخير. لذلك حان الوقت لتجاوز قطر والبدء في مشروع عربي بقيادة السعودية ومصر يضعُ نصب عينيه مواجهة كل المشاريع التي تريد النيل من سلامة الدولة الوطنية في المنطقة العربية.
 
إن المنطقة تتجاذبها اليوم ستة مشاريع رئيسية هي: 1) المشروع الإيراني الطائفي والذي يشمل معه كل من العراق ونظام بشار الأسد وحزب الله والحوثيون؛ 2) المشروع التركي والذي يشمل معه كل من قطر وحركة حماس والإخوان المسلمون؛ 3) مشروع الاعتدال العربي والذي يضم كل من السعودية ومصر والإمارات والأردن والمغرب والبحرين والكويت؛ 4) المشروع التدميري الذي يشمل الجماعات الإرهابية من أمثال القاعدة وما يُعرف بالدولة الإسلامية؛ 5) المشروع الإسرائيلي الذي يريد للمنطقة الضعف والتفكك؛ و6) المشروع الغربي الذي يبحث عن مصالحة وهو مستعد للتعامل مع أياً ما كان لتحقيق تلك المصالح. 
 
ستة مشاريع لها أهدافها التي تتصارع من خلالها للسيطرة على المنطقة العربية وخلق نفوذ لها. والحقيقة هي أن المشروع العروبي الوحيد بين كل هذه المشاريع هو مشروع الاعتدال العربي بقيادة السعودية ومصر، في حين أن كل المشاريع الأخرى مشاريع دخيلة، ومدعومة من أطراف غير عربية، وتريد الإضرار بسيادة الدولة الوطنية في المنطقة العربية. إلا أن ما يؤخذ على مشروع الاعتدال العربي هو أنه مازال لم يتأطر بشكل واضح وفقاً لمنظومة فكرية، سياسية، أمنية مشتركة تؤمن بها جميع الدول الأعضاء. وهو مشروع جاء كردة فعل، ولم يتمكن بعد من خلق أرضية تجعله ذو قوة قادرة على البقاء والاستدامة في منافسة تلك المشاريع. 
 
لذلك فإن ما يهم الدول الرئيسية في هذا المشروع العربي أن تحدد المبادئ العامة المنظمة لعملها المشترك وتعمل على تأسيسه في إطار عمل مؤسسي مشترك. لا يخفى على أحد بأن الجامعة العربية ومنذ زمن بعيد ظلت ضعيفة وغير قادرة على تحقيق مشروع خاص بها، بسبب تمكن أطراف غير عربية من اختراق هذه المنظومة أو توغل أفكار لم تكن جامعة وشاملة للجميع أرادت فرض نفسها على الأخرين في هذه المنظومة. لذلك حان الوقت لتأسيس مشروعٍ عربيٍ جديدٍ يقوم على فكر مشترك وأهداف واضحة تمكنه من البقاء والنجاح في ظل وجود المشاريع الأخرى. ولعل دول الاعتدال العربي وفي مقدمتهم السعودية ومصر والإمارات قادرة على أن تخلق مثل هذا المشروع نظراً لما تتمتع به من إمكانيات سياسية واقتصادية كبيرة تؤهلها لأخذ هذا الدور.
 
لذلك فإن ما حدث مع قطر كان نقطة هامة لتعرية المشاريع الأخرى ووضع الصورة أمام الجميع ليعلموا أين هم اليوم في المنظومة الشرق أوسطية. فهذه الأزمة فتحت الأعين على حقائق كانت مخفية على عامة الناس، ولو تركت على ما هي عليه لأخذت المنطقة إلى مزيد من التفكك والضعف. فحسناً ما فعلته الدول الأربع. 
 
لكن القادم هو أكبر من مجرد تقزيم قطر، لأن قطر ليست إلا أداة واحدة من أدوات إضعاف العرب وتفكيكهم، فهناك أيضاً أطراف أخرى عربية تلعب ذات اللعبة التي تلعبها قطر وللأسف وبحاجة إلى مشروع جامع شامل يضم بين أركانه الدول العربية الراغبة في الحفاظ على الاعتدال العربي في مواجهة التطرف والتشدد. لذلك علينا تجاوز التركيز على قطر والاهتمام بشكل أكبر على خلق مشروع عربي قادر على مواجهة كل تلك التدخلات.
 
قطر يجب أن تقف عند حدها فيما تفعله، ويجب ألا يُسمح لها بالاستمرار، ولكن من دون أن تكون قطر هي نقطة التمحور الوحيدة بل لابد أن تكون قطر جزء من استراتيجية أكبر قوامها خلق مشروع عربي قوامه الاعتدال واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية بآليات كفيلة لتحقيق هذه المبادئ الأساسية. وليس هناك وقت أنسب لمثل هذا العمل من هذا الوقت الذي تواجه فيه المنطقة مفترق طرق قادرة على أن تشتت شمل العرب في اتجاهات لا تصب في صالحهم.    
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره