2022-11-01
قمة المناخ.. والمناخ السياسي العالمي
تنقلت «قمة المناخ» في عقد اجتماعاتها الدورية بين عواصم العالم خاصة تلك التي يُعتقد أنها الأكثر إنتاجاً للكربون أو تلك العواصم التي تجد فيها التأثير الإيجابي على دول في إقليمها، لخلق فهماً عالمياً مشتركاً ليس فقط بين السياسيين ولكن حتى بين الجماهير، وتعقد قمتها (Cop27) لهذا العام في مدينة شرم الشيخ المصرية خلال الفترة من 6 - 18 نوفمبر الحالي.
تاريخياً، بدأت فعاليات “قمة المناخ” الحقيقية من قمة ريودي جانيرو في البرازيل عام 1992 والتي عرفت بقمة الأرض. كانت هي الانطلاقة السياسية لموضوع المناخ ولكن من حيث اهتمام العلماء والمفكرين منذ السبعينيات. ولكن لأن هناك قناعة -وهي حقيقية- لا يمكن أن ينجح عمل مهما كان نوعه في العالم أو المستوى الأقل دون إرادة سياسية. ثم انتقلت هذه القمة التي تهتم بحياة الإنسان لتعقد في برلين 1995 وبعدها انتظمت لتكون كل سنة إلى أن وصلت إلى العاصمة القطرية الدوحة في 2012 لتكون بذلك أول قمة في مدينة عربية وخليجية ثم إلى مراكش وهذه السنة في مصر على أن تستضيف دولة الإمارات القمة القادمة (Cop28).
الهم الوحيد الذي يشغل المجتمعون ويبلغ عددهم هذه السنة (179) دولة في هذه القمم هو إنقاذ الكون من ارتفاع درجة الحرارة في العالم (الاحترار المناخي) كي يستمر عالمنا قابل لأن يعيش الإنسان فيه. الأمنية التي يرددونها المهتمون بالمناخ عدم تسيسها ومحاولة إبعادها عن تفكيرهم لأنها ستفقد أهميتها خاصة وأنها تأتي في ظرف تاريخي حساس العالم كله يكاد يجبر على التحيز مع طرف ضد الآخر في الحرب الروسية- الأوكرانية (تقوم بحرب الوكالة عن الغرب). لأن القلاقل التي بات العمل الدولي يعاني منها شيئين اثنين هما.
الأول: إمكانية حصول إجماع أو حتى الأغلبية ليست الدولية ولكن في مراكز صناعة القرارات الدولية بسبب حالة الاحتقان الذي يتعرض له العالم الناتج عن الحرب الروسية-الأوكرانية.
الشيء الثاني: التفسيرات السياسية غير الصحية لأي موقف تتخذه دولة ما يقترب من طرفي النزاع الولايات المتحدة الأمريكية أو روسيا. وفي الحالتين فإن أي عمل دولي حتى لو كان إنساني لن يغادر مكانه بالسرعة التي يتطلبها الظرف الدولي.
من بين كل القمم السابقة تعتبر قمة شرم الشيخ الفرصة الأخيرة لإنقاذ الكون من تصاعد درجات الحرارة والأمل فيه كبير نظراً لرغبة المصريين بالخروج منها بما يغير من الصورة الغامضة التي يعيشها عالمنا منذ فبراير الماضي. فمناقشات المسؤولين الحاضرين في هذه القمة ستشمل بجانب التغيرات الحاصلة في حياتنا اليومية في: التحول المناخي، ارتفاع درجات الحرارة السياسية في الأزمات التي تعرقل التفكير في المجالات الإنسانية ومنها الأزمة الأوكرانية -الروسية.
يعكس الاهتمام العالمي بـ”قمة المناخ” حالة القلق الكبير مما يحدثه الإنسان من سلوكيات تهدد البيئة، لأنه لا يمكن إلقاء اللوم على الدورة الحضارية التي تنتقل من بقعة جغرافية إلى أخرى وإلا لما وجدنا تكاتف الجميع لتقليل مسألة زيادة الحرارة على اعتبار أن دورات الحياة أو الحضارات كان علاجها دائما انتقال البشر من مكان إلى آخر ولكن يبدو هذا الخيار لم يعد متاحاً للإنسان في وقتنا الحاضر لأن حجم التأثير يشمل الكون كامل.
ينتظر أن تكون مخرجات قمة المناخ الحالية بعيدة عن تأثيرات ما يحدث في العالم والابتعاد عما سببته الأزمة التي يمر بها العالم. وعن النوايا التي لم تعد “صافية” لخدمة الإنسان كما كان قبل الحرب الأوكرانية-الروسية التي بدأت تكون معيار يستخدم لمدى قربك وبعدك عن العمل الإنساني الدولي.
عانت القمم السابقة من وجود سياسيين يشككون في الحقائق العلمية لمخاطر التغير المناخي والذي كان على رأسهم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والمأمول هذا العام أن تخرج التوصيات بإجماع فـ”عالمنا” يحتاج إلى تعاون أكثر خاصة من السياسيين فهم المحركون الأساسيون لكل القرارات الدولية وبالأخص الدول الكبرى.
ارشيف الكاتب
لا يوجد تعليقات