مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2017-05-02

كيف تنظر الصين للمنطقة الخليجية؟

هناك عاملين أساسيين يتحكمان في السياسة الخارجية الصينية تجاه المنطقة الخليجية وهما العامل الاقتصادي والعامل السياسي. اقتصادياً، الصين تدرك أهمية المنطقة الخليجية لما تتمتع به من موارد طاقة مهمة من نفط وغاز للسوق الصينية، التي تعتمد على المنطقة الخليجية لتزويدها بنحو 51 في المائة من وارداتها من النفط ونحو 25 في المائة من وارداتها من الغاز. والتقديرات تشير إلى أنه في المستقبل ستعتمد الصين على المنطقة الخليجية لتزويدها بأكثر من 80 في المائة من وارداتها من الطاقة.
 
الاقتصاد الصيني يعتمد على الطاقة ولا يمكن أن تتجاهل الصين هذه المنطقة لهذا السبب. سياسياً، تحمل الصين نظرةً مفادها أن النظام الدولي هو نظام تعددي الأقطاب وليس نظاماً أحادي القطبية، لذلك فهي تحاول الترويج لهذه الفكرة، بهدف ضمان ألا تسيطر أو تهمين الولايات المتحدة على مجريات النظام الدولي وتسير شؤونه بعيداً عن الأخذ في عين الحسبان المصلحة الصينية. 
 
هذان العاملان هما المحركان الأساسيان للنظرة الصينية للمنطقة الخليجية، وهما اللذان يفسران لنا كيف أن الصين تتحرك بشكل لا تميل فيه كل الميل لصالح طرف على آخر في المنطقة الخليجية، وإنما تحاول إرضاء جميع الأطراف وفقاً لفلسفة تحقيق المصلحة الصينية. ففي الملف النووي الإيراني تقف الصين مع الإجراءات الدولية المرتبطة بالمحادثات الخاصة بالملف وتدعم العقوبات الأممية المفروضة على الصين، ولكنها في ذات الوقت ترفض التهديد واستخدام القوة لفرض الالتزام الإيراني. وفي العراق تدعم الصين النظام العراقي وترفض التدخل في شؤون العراق ولكنها تدعم مساعدة العراق على محاربة الإرهاب. وفي اليمن تدعم الصين نظام الشرعية وترفض ما قام به الحوثيون من سيطرة على السلطة وتجاوز القرارات الدولية ولكنها لا تدعم التدخل العسكري الخارجي لاسيما من قبل قوى التحالف العربي بحجة أن المشاكل الداخلية للدول يجب أن تحل بين الفرقاء في الداخل من دون تدخلات خارجية. لذلك ورغم اعترافها بنظام الشرعية إلا أنها تبقي قنوات التواصل مفتوحة مع جماعة الحوثيين. 
 
وهذه الفلسفة الصينية المعتمدة على إبقاء التواصل مع الجميع هي في سبيل تحقيق المصلحة الاقتصادية والسياسية المذكورة أعلاه. فدول الخليج العربية مهمة للصين في الجانب الاقتصادي، ولكن إيران مهمة في الجانبين الاقتصادي والسياسي. اقتصادياً، إيران مهمة كمصدر للطاقة، ودولة مهمة للاستثمارات الصينية، لذلك نجد أن الصين قد وضعت إيران من ضمن نقاط الالتقاء الرئيسية لمشروعها المعروف باسم الحزام والطريق. ولقد افتتح مؤخراً سكة حديد بين الصين وإيران لنقل البضائع الصينية والإيرانية بين الطرفين وللعمل كنقطة وصل بين الصين وأوروبا. وسياسياً، فإن إيران مهمة للصين لأنها هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي لا تدور في نطاق النفوذ الأمريكي، وبالتالي تستطيع أن تكون شريك تعتمد عليه الصين في علاقتها السياسية وسعيها نحو تحقيق التوازن مع الولايات المتحدة. لذلك لا عجب أن الصين تدور مع روسيا وإيران في فلك التحالف المناهض للهيمنة العالمية الأمريكية. الصين تدرك ان إيران هي القادرة على الوقوف في وجه المخططات الأمريكية في المنطقة أو عرقلتها وليست أية دولة أخرى. لذلك فإن العلاقة مع إيران مكسب للصين لا يمكن ان تتنازل عنه. وهذا ما يفسر لنا إبقاء الصين على علاقات ودية مع الطرف الإيراني في المنطقة. فلا يتوقع للصين أن تتنازل عن إيران لصالح أي طرف ما كان نظراً لما تستطيع إيران تقديمه للصين سياسياً. 
 
الصين تدرك بأن الولايات المتحدة مهمة لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، ولكن تدرك أيضاً أن الولايات المتحدة هي الخصم الذي يسعى لإضعاف النهوض الصيني بشتى الطرق بما في ذلك الضغط على ملفات حقوق الإنسان وتايوان والتجارة وتعزيز التحالفات. لذلك فالصين تسعي للمحافظة على أوراق لها تستطيع ان مواجهة الاحتواء الأمريكي للصين، وإيران واحدة من هذه الأوراق. 
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره