مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2017-11-13

مؤتمر حروب قرن 21

أحد الموضوعات المهمة التي تم التطرق إليها في «مؤتمر القادة لحروب القرن الحادي والعشرين» الثاني، الذي أقيم في مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية وأكاديمية ربدان، مؤخراً، والذي ناقش طبيعة حروب الجيل الرابع أحد تلك الموضوعات هو: كيفية تأثير على الشعوب من خلال الخطابات وبالتالي استغلال نقاط الضعف للتأثير عليهم، وهذا المحور يثير لدى المراقبين مسألة تراجع مكانة الولاء للدولة الوطنية باعتبارها أنها كانت أحد معايير الأساسية للجندي المقاتل في خوض أي حرب لدولته ضد دولة أخرى.
 
 
 حيث يتم استخدام شعارات تغير ولاءات الناس في شرعية بلدانهم وهذا ما دفع إلى ظهور مجموعات مسلحة ذات انتماءات تتجاوز بحدود ولاءاتها حدود الدولة جغرافياً، وبالنظر إلى التغير في طبيعة الحروب كما ذكر وزير الدولة لشؤون الدفاع محمد أحمد البواردي هو نتاج التطور الحاصل فيما يطلق عليه «الجيل الرابع من الحروب» الذي يزيد فيه الجانب التقني باعتبارها حروب مستقبلية.
 
 
ولم تكتف حروب القرن الـ21 التي تعتمد كثيرا على جنود ليسوا شرطا أنهم ينتمون إلى إقليم جغرافي محدد، بأن تكون اليوم هي الأقل تكلفة مقارنة بالجيش النظامي والأكثر تأثيراً بل هي الأكثر انتشاراً في العالم من خلال الشركات التي تقدم خدمات عسكرية: مثل بلاك ووتر التي تقدم خدمات قتالية في هذا الجانب تذكر التقارير الدولية بأن كان هناك ما يقارب 60 شركة تعمل في العراق أثناء الغزو الأمريكي ونفذت مهام قتالية لصالح الجيش الأمريكي مع أن بعضهم لا يحمل الجنسية الأمريكية وكذلك استعانة القوات الفرنسية بـ»قوات مستأجرة» من أجل قتال التنظيمات الإرهابية في أفريقيا، بل الكارثة الطامة الكبرى أن المسألة طالت لأن يقوم أبناء الدولة ببيع ولاءهم لدول أخرى كل هذا إما بمقابل مادي (المال السياسي) أو نتيجة لغزو فكري مثل الإخوان المسلمين. 
 
 
لهذا فإن التحدي الأكبر للدول اليوم، كما جاء في إحدى المداخلات المؤتمر القيم والمهم نتيجة للوضع الكارثي الذي تعيشه المجتمعات، أن هذا النوع من حرب الجيل الرابع يكمن في أن التنظيمات الأقل من الدولة لديها نفوذاً يمكنها، وللأسف، من مواجهة الجيوش النظامية التابعة للدول بما فيها الجيوش المحترفة والتي تصنف أنها أكثر استعدادا للحروب مثل حزب الله اللبناني أو الحشد الشعبي الشيعي في العراق، بل إن التحدي الآخر وهو على علاقة بالأول أن تكلفة هذه الحرب الأقل من تكلفة الجيوش النظامية مع أنها أكثر فتكاً وتأثيراً، وبالنظر إلى ما يحدث أن حروب الجيل الرابع هي حروب ثقافات التي تأخذ طابع تدمير العقول سواء ضد الدولة أو الآخر وهذا كان واضح جدا في مدينة تدمر السورية والعراق وكذلك أفغانستان أيام طالبان من خلال تدمير إرث تاريخي ذنبه الوحيد أنه يؤمن به الآخر. بمعنى آخر، أن أهمية هذا المؤتمر ليس فقط في توضيح ما وصلت إليه أنواع الحروب ونتائجها ولكن أيضاً تقييم أين وصلت الدولة الوطنية في مواجهتها.
 
 
ووفقاً لذلك فإن السؤال الكبير من واقع «مؤتمر القادة لحروب القرن الحادي والعشرين» الثاني هو: كيف يمكن للدولة الوطنية والنظام الدولي التغلب على هذه الحرب كي يضمن الإنسان العادي العيش الكريم ولكي تحقق الأمم المتحدة هدفها الأساسي من قيامها وهو الاستقرار والأمن الدوليين؟! بلا شك، أن الرهان دائماً على الاستثمار في العنصر البشري كونه يأتي في المقدمة خاصة من خلال إعادة زرع القيم الأخلاقية والوطنية ليس في المدرسة فقط ولكن في البيئة العامة للإنسان التي يعيش فيها وأعني هنا المجتمع، فهي التي تعمل على تهيئه الفرد تقديم الولاء الوطني على أي شيء آخر ومن ضمنها طبعا التطوير المستمر للجندي لمواكبة أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا الحديثة، فبناء الانتماءات هو القوة التي يضمن أن تظل الدولة هي الفاعلة في مواجهة هذه النوعية من الحروب. أما على المستوى الدولي فإن إيجاد تحالفات إقليمية ودولية للتعاون المتبادل في مواجهة الحروب الحديثة أمر في غاية الأهمية خاصة وأن خطرها يهدد الجميع. 
 
 
مؤتمر حروب القرن الحادي والعشرون يجهز العالم لحروب الجيل الرابع، والبعض يسميها الجيل الخامس، تجاوزت الحدود الكثير من المفاهيم (الحدود الوطنية للدولة، وألغت المسافات، ولم تعد تعترف بالحدود) ووفرت الكثير من أساليب الاقتتال والمفاهيم القيمية (الولاء) بعضها ما يزال البعض لم يتقبلها وقد بدأت العديد من الدول تعد العدة للتصدي لهذا النوع من الحروب لأنه واقع وليس من أساطير الخيال العلمي، هناك أدلة على ارتفاع الهجمات من الجيل الرابع التي تصيب الدول «بالشلل».
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره