مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2021-09-05

مؤيدو طالبان

أدنى مستويات الوضاعة وانعدام الأخلاق الإنسانية يمكن أن يتصف بها بشر هو أن يشمت في إنسان مثله في وقت يواجه فيه أقصى أنواع التخويف والتنكيل والقتل على يد مجموعة من المجرمين يزعمون أنهم يفعلون ذلك باسم الدين الحنيف.
 
لم يكن الشعب الأفغاني الوحيد هو من تعرض لشماتة مجموعة من المغردين في وسائل التواصل الاجتماعي التابعين لتنظيم الإخوان المسلمين في الخليج وفي الدول العربية أو من يؤيدون فكرهم، وإنما حتى مواطنو الدول العربية الذين استنكروا فعل حركة طالبان في أفغانستان في طمس علامات الحياة المدنية، والذين جاءوا بفكر انتقامي فأرجعوا المجتمع الأفغاني قروناً إلى الوراء من خلال التأكيد على تطبيق قوانين اعتبروها من الشريعة الإسلامية، مع إدراكهم حقيقة أنهم يقومون بدور سياسي مرسوم لهم ولن يتعدوه وإلا سوف يواجهون قصفاً جديداً.
 
وكلما تقرأ التعليقات أو تسمع الآراء المؤيدة لأفعال طالبان المتخفية والتي تفضحهم العاطفة دون أن يشعروا، تستغرب من شماتتهم وسخريتهم بأن ما يحدث إنما هو نتيجة الاعتماد على الولايات المتحدة الامريكية. ومنطقهم في ذلك أن المتغطي بالأمريكان «عريان». وغرابة منطقهم أن تنظيم الإخوان المسلمين يعتمد بشكل أساسي على الدعم الأمريكي والغربي في تواجدهم في المجتمعات العربية. بل إنهم في أي خلاف مع المجتمعات التي يتواجدون فيها تجدهم يحرضون الغرب والإدارة الأمريكية على أوطانهم، وعليه بالتالي يكون المعني الحقيقي بالنصيحة هم الإخوان المسلمين وأن يحذّروا أنفسهم من الأمريكان وغيرهم ممن يخدمون مشروعاتهم من أجل الخلافة لأنهم سيكونون يوماً ما «عريانين» بعد أن تنتهي الحاجة منهم.
 
لكن المعتاد على النكران لمجتمعه والمتمرس في المراوغة لمن يقدم له يد المساعدة، لا يشعر بأي غصة أو بتأنيب الضمير تجاه سلوك غير إنساني أو حضاري لأنهم بالأساس أعداء هذه القيم إلا مع «جماعتهم» وسكوتهم نتيجة خوف من ردة المجتمع انتظاراً كي تحين الفرصة ويبثوا أفكارهم الحقيقية، كما يفعلون هذه الأيام. 
 
خطورة الأمر تكمن في أن كل تيارات الإسلام السياسي مظلتهم واحدة ويتحدون عندما يواجهون عدواً مشتركاً. فالواحد منهم يعضد الآخر وهذه عادة تاريخية لمواجهة الأفكار الأخرى لحين هزيمتها. وبعدها تنتقل لتبدأ في قتال بعضها وتكفر بعضها لأن دائرتهم تضيق كلما قلّ الأعداء. فعلى سبيل المثال: توحدت تيارات الإسلام السياسي أثناء ما كان يسمى بـ»الربيع العربي» ولكن بعد وصولهم إلى السلطة في مصر انقسموا إلى سروري أو سلفي، أو إخواني. ينقلون المجتمع من دارة خلافية واقتتال إلى أخرى دون توقف. 
كل ألوان تيارات الإسلام التي قبلت أن تدخل في لعبة السياسة جزء لا يتجزأ من أفكار تنظيم الإخوان المسلمين فهي الجذر والباقي أفرع وطالبان منها. 
 
بناء الأوطان تحتاج إلى قادة يتجاوز تفكيرهم الهويات الضيقة والصغيرة، أو من يفكرون بعقلية الجماعة القائمة على المصلحة الضيقة وفق مبدأ (الجماعة ومن بعد الطوفان). وتفسير ما يحصل في أفغانستان، كما أظنه، أن حركة طالبان تقوم بتلك الأفعال وفق قانون السياسية الميكافيلية. وفي حالة أفغانستان نجد أن المجتمع الأفغاني رافض للوجود الغربي لكن دون أن يدركوا أن حكومتهم غير مستعدة للدفاع عن الدولة والتعامل مع مقاتلي الحكومة، فما كان من الراعي الأمريكي إلا أن يترك السلاح ويرفع يده لتقوم حركة طالبان بأفعالها وفق «شريعة الغاب» لتمارس سياسة البقاء للأقوى فكان لها ذلك. لكن سيطرتها لن تطول فسقوطها مرة ثانية عائدة لا محالة.    
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره