مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2021-11-07

ما بين كواد وأوكس

أثارت الولايات المتحدة مؤخراً بتحركاتها حول إنشاء ما يعرف بتنظيم كواد QUAD وتنظيم أوكس AUKUS الاهتمام الدولي على مختلف الصعد السياسية والفكرية. فهذين التحركين لهما دلالاتهما الكبيرة حول المسعى الأمريكي في إدارة العلاقات الدولية.
 
 
كواد هو تنظيم رباعي بين كل من الولايات المتحدة وأستراليا والهند واليابان، بدأت انطلاقته منذ عام 2007 مع اجتماعات منظمة أسيان في الفلبين، وبدأ يحصل على الاهتمام الأكبر من الولايات المتحدة منذ عهد الرئيس دونالد ترامب، وحالياً مع الرئيس جو بايدن. المشترك بين هذه الدول الأربع هو أنها جميعها دول ديمقراطية، وتسعى من خلال كواد إلى تقوية التعاون بينها في منطقة المحيطين الهندي والباسيفيكي من أجل إدارة التعامل مع تنامي الطموح والنفوذ الصيني في المنطقة. فهو تجمع سياسي لمناقشة الاهتمامات المشتركة بين هذه الدول حول منطقة المحيطين الهندي والباسيفيكي، وإيجاد فرص للتعاون بينهم لتنمية نفوذها في مواجهة النفوذ الصيني.
 
 
أما عن أوكس والذي يضم كل من الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وأستراليا والذي تم الإعلان عنه في سبتمبر 2021، فهو شراكة عسكرية في منطقة أسيا الباسيفيكية بين هذه الدول الثلاث، وهو أهم تحالف عسكري بين هذه الدول منذ الحرب العالمية الثانية. حيث ستقدم الولايات المتحدة وفقاً لهذا التحالف غواصات نووية لأستراليا، وستعمل كل من الولايات المتحدة وبريطانيا لمساعدة استراليا لبناء قوة عسكرية نووية في مجال الغواصات. هذا التطور هو تطور هام في مجال الدعم العسكري، ولقي العديد من ردة الفعل لاسيما من الصين وفرنسا. ففرنسا أصيبت بصدمة من توجه استراليا لشراء غواصات نووية أمريكية بعد أن كانت استراليا قد عقدت صفقة لشراء غواصات تقليدية فرنسية بمبلغ يصل إلى 50 مليار دولار. الغضب الفرنسي ناتج عن الخسارة الكبيرة التي ستتكبدها فرنسا من جراء ذهاب هذه الأموال الطائلة بعيداً عن دعم اقتصادها الصناعي. أما عن الصين فردة فعلها تأتي بسبب الاختلال في ميزان القوة العسكرية البحرية الذي لن يصب لصالحها في منطقة المحيط الباسيفيكي، حيث استثمرت الصين في العديد من الأعمال لفرض نفوذها عن طريق زيادة تواجدها العسكري في منطقة بحر الصين الجنوبي.   
 
    
المشترك بين هذين التنظيمين هو الصين. فالصين هي المرتكز الأساسي، وتنامي دورها في منطقة المحيطين الهندي والباسيفيكي هو الشغل الشاغل للدول الأعضاء في هذين التنظيمين. فهذه الدول تستهدف من وراء تعاونها إلى منع الصين من خلق نفوذ مسيطر لها في منطقة المحيطين الهندي والباسيفيكي من خلال ما يُعتقد بأنه دعم صيني للأنظمة الدكتاتورية والاستبدادية في المنطقة من أجل إضعاف الديمقراطية والوجود الأمريكي هناك، ومحاولتها السيطرة على التجارة والاستثمار في المنطقة عن طريق ربط دول المنطقة بمشروع الصين العملاق المسمى بمبادرة الحزام والطريق. فهذين التنظيمين يعملان على تحقيق هدف احتواء النفوذ الصيني في المنطقة عن طريق التعاون السياسي، والاقتصادي، والتكنولوجي، والاجتماعي.  
 
 
بايدن اتجه إلى الدول الأكثر رغبة في التعاون لاحتواء الصين، وهي الدول ألأكثر تضرراً، والأكثر مواجهة مع الصين في منطقة المحيطين الهندي والباسيفيكي. فأستراليا تعاني من الهجوم السياسي والاقتصادي المستمر من الصين عبر التصريحات السياسية الصينية اللاذعة للتحركات الدبلوماسية الاسترالية، وعبر كذلك فرضها لعقوبات اقتصادية على استراليا بسبب مواقفها السياسية. فالصين دائماً ما تتنمر على استراليا. والهند في حالة توتر عسكري دائم مع الصين نظر للخلافات السياسية والحدودية بين البلدين وكان أخرها المواجهة العسكرية على الحدود في منطقة الهملايا المتنازع عليها  بين الطرفين العام الماضي، والتي أودت بحياة عشرين جندي من الجانب الهندي. فهذا التحرك الأمريكي موجه من دون أدنى شك إلى الصين وتنامي نفوذها في المنطقة. فماذا عسى على الصين فعله لمواجهة هذا العمل الاحتوائي الموجه ضدها؟
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره