مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2022-04-03

ما كشفته حرب أوكرانيا

اعتدنا على أن نتكلم دائماً في لقاءاتنا عن القوة العظمى (الولايات المتحدة) الدولة التي تهيمن على الساحة العالمية بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وظهور (روسيا) ومعها 13 دولة أخرى، وانهيار حلف وارسو الند العسكري لحلف شمال الأطلسي (الناتو) كل ذلك تم في 1991.
 
واعتقدنا ومعنا الكثيرين من المفكرين الاستراتيجيين في الغرب وعلى رأسهم صامويل هنتنجتون صاحب نظرية (صدام الحضارات)، وفرانسيس فوكوياما مؤلف كتاب (نهاية التاريخ) قامت الفكرة على سيطرة الدور الأمريكي في العالم من خلال الهيمنة العسكرية والسياسية والثقافية والاقتصادية. بل وصل بعضنا بأن أكد بأن الحديث عن تراجع المكانة الدولية للولايات المتحدة لم يحن الحديث بعد وإذا ما أردنا التطرق إلى هكذا نوع من الحديث فعلينا الانتظار إلى ما بعد عام 2050.
 
لكن مع بدء الحرب الروسية- الأوكرانية في نهاية فبراير 2022، وظهور حالة من التراجع السياسي والعسكري للولايات المتحدة ومعها حلف الناتو بدأ الحديث عن تراجع نفوذها الدولي و(تآكل) قدرتها في ممارسة ضغوط دولية لإيقاف الهجوم الروسي رغم تلك الوعود التي قطعتها الإدارة الأمريكية للرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي بأنهم سوف يدافعون عن موقفه وحق بلاده في الانضمام إلى حلف الناتو وأن يكون عضوا في الاتحاد الأوروبي ولكن خاب أمله وأمل الكثيرين من حلفاء الولايات المتحدة عندما وجد زيلينسكي وحده في مواجهة القوة الروسية. وما زاد «الطين بلة» تصريحات لمسئولين أمريكيين ومن مسئولين في حلف الناتو بأنهم غير مستعدين للمغامرة بالدخول في حرب مع روسيا. 
 
فبانت واشنطن وكأنها عاجزة عن ممارسة استراتيجية الردع التي اشتهرت بها أيام الحرب الباردة في مواجهة الاتحاد السوفيتي كما بان عجز دبلوماسيتها بكل أنواعها في إقناع روسيا بعدم التدخل أو بالانسحاب من أوكرانيا بل وصل الأمر بأن عجزت واشنطن أن تقنع حلفاءها التقليدين بمواقف ترغب فيها. 
 
«الانكفاء الأمريكي»؛ بدأ تطبيقه أيام الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما ونائبه في ذلك الوقت هو الرئيس الحالي للولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن عندما قرر الانسحاب من أهم منطقة في الاستراتيجية الدولية وهي منطقة الشرق الأوسط والاتجاه في التركيز على منطقة جنوب شرق آسيا للحد من التمدد الصيني وكأنه يريد أن يفتح الباب على مصراعيه لإيران بأن تتلاعب بأمن المنطقة وفق مشروعها الثوري خاصة بعد توقيع الاتفاقية النووية في عام 2015، وكانت النتيجة في غير صالح الولايات المتحدة حيث: تراجعت مكانتها لدى حلفاءها في المنطقة، وكذلك في عدم قدرة أمريكا في الحد من التمدد الصيني.
 
ما بين فترة أوباما والرئيس الحالي بايدن حدث أملاً بسيطاً في عودة استراتيجية التدخل من قبل الرئيس الجمهوري دونالد ترامب الذي لم تسفعه فترته الرئاسية في إحداث تغييرات حقيقية لمكانة أمريكا العالمية وذلك بعودة الديموقراطيين إلى السلطة في البيت الأبيض. وكانت أول خطوة يقوم بها الرئيس جو بايدن هو: الانسحاب الغريب والمشين من أفغانستان وتسليمها لطالبان تاركة شعب أفغانستان ودول المنطقة تواجه مصيرها بعد أكثر من عقدين من الحرب على الإرهاب مبرراً بايدن وأعضاء إدارته إن المصلحة الأمريكية تتطلب هذا الانسحاب وليس أي شيء آخر.
 
مثل هذه المواقف دفعت بدول المنطقة إلى تقدير مصالحها الوطنية والاستراتيجية ومراجعة مواقفها مع الحليف الاستراتيجي التقليدي لها.
 
إن ما نراه في أوكرانيا هو نتيجة لحالة التراجع الأمريكي الناتج من سياسة الانكفاء التي بدأها أوباما وفق ترتيبات خاطئة لأولويات القضايا الحيوية في الاستراتيجية الأمريكية وجاء جو بايدن ليكملها من خلال موقفه مع أوكرانيا بطريقة يعطي انطباعاً أن مسألة استعادة الثقة مع الحلفاء لم تعد سهلة أو أنها تحتاج إلى جهد ووقت كبيرين.
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره