مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2021-05-01

ماذا يعني الاتفاق الصيني-الإيراني لدول الخليج العربي؟

خرجت الكثير من التحليلات حول اتفاق الشراكة الأخير بين الصين وإيران، ومعظمها يتحدث عن مكسب كبير للصين وإيران وخسارة واضحة للولايات المتحدة ودول الخليج العربي، وهو ما يمكن أن نتفق مع جزء منه. فنحن نعتقد أن في هذا الاتفاق فيه ما يمكن أن يُثير الشكوك المشروعة لدى الدول الخليجية. وهو ما سنحاول أن نلقي الضوء عليه هنا في هذه المقالة.
 
إن ما يجب أن ندركه أولاً هو أن هذا الاتفاق هو نتاج الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي تجمع الصين وإيران، وهي أعلى درجات الشراكات الاستراتيجية في التصنيف الصيني. وهذا النوع من الشراكات ليس قائماً مع إيران فقط بل هو أيضاً قائم مع كل من الإمارات والسعودية ومصر والجزائر. لذلك ليس من المستبعد أن تُنشئ الصين مثل هذه الاتفاقات مع مثل هذه الدول. والأمر الثاني هو أن هذا الاتفاق اقتصادي بشكل رئيسي ولاسيما على المدى القريب على أقل تقدير. فهو يتحدث عن الاستثمار الصيني في مجالات البنية التحتية الإيرانية ومجال التكنولوجيا وإنشاء الموانئ وتطوير حقول النفط في مقابل الحصول على الإمدادات النفطية الإيرانية بأسعار مناسبة لفترة الـ 25 سنة القادمة.  
 
وفقاً للمعطيات المتوفرة لدينا نستطيع القول بأن هذا الاتفاق لا يمثل خطراً فعلياً على منطقة الخليج العربي في المنظور القريب والمتوسط وذلك للاعتبارات التالية: أولاً، أن هذا الاتفاق لا يستهدف من الجانب الصيني إلى إخراج الولايات المتحدة من منطقة الخليج العربي أو الحد من النفوذ الأمريكي في المنطقة. فالصين دولة مستفيدة من النفوذ الأمريكي في الخليج الذي يوفر الحماية لمرور النفط الخليجي للاقتصاد الصيني من دون أي كُلفة تتحملها الصين في هذا الصدد. كما أن الوجود الأمريكي عامل معزز لحالة الاستقرار في المنطقة مما يجعل المشاريع الصينية الاستثمارية تحقق نجاحات كبيرة وواضحة. ثانياً، إن الصين تدرك الأهمية الاقتصادية لدول محورية رئيسية في المنطقة كالسعودية والإمارات كمورد للنفط وسوق للمنتجات والاستثمارات الصينية.
 
وبالتالي لا يمكن لها أن تتجرأ على العمل لحساب إيران في مواجهة مثل هذه الدول كي لا تضر بحجم الاعتمادات الاقتصادية الهائلة القائمة بين الجانبين. ثالثاً، وجود دولة مثل الصين لديها علاقات قوية مع دول الخليج العربية وتقيم علاقات قوية مع إيران يمكن أن يصب في صالح دول الخليج العربية عن طريق ضبط الصين للسلوك الإيراني في بعض الأمور لاسيما تلك التي يمكن ان تضر بمصالحها مع دول الخليج العربية. ورابعاً، لا يمكن للصين الاعتماد على إيران بشكل كبير والوثوق بها، لأنها تدرك بأن إيران لن تتخلى عن الكثير من مواقفها السياسية التي قد تُسبب الإحراج للصين في علاقتها مع العديد من دول العالم. وبالتالي فالصين لا تريد ان تزج بنفسها في فخ الصراعات في منطقة تدرك بكين أنها مستنقع لا يمكنها الخروج منه إذا ما وقعت فيه. 
 
الخبرة الصينية مع إيران تثبت وجود رغبة صينية دائمة إلى تقوية طهران لمواجهة واشنطن. لذلك فإن وجهة نظرنا تكمن في ضرورة احتواء فرص تحقق ذلك من خلال: أولاً، التأكيد للحليف الأمريكي بأن الصعود الصيني في المنطقة لا يمكن احتواءه إلا بتقوية التحالف الأمريكي-الخليجي وعدم محاولة الإضرار به بأي شكل ما كان من قبل بعض الإدارات الأمريكية المتعاقبة التي وللأسف الشديد تعمل من خلال بعض تصرفاتها لتحقيق مكاسب سياسية قصيرة المدى على تقوية نفوذ قوى معادية في المنطقة مثل إيران. وثانياً، عدم ترك الصين تنجرف مع إيران بمعزل عن احتوائها من قبل الدول الخليجية من خلال تقوية الشراكات القائمة بين دول الخليج العربي والصين بهدف جعل الصين دولة مسؤولة ومهتمة بأمن واستقرار المنطقة كي تصبح عنصر دفع لتحقيق أمن واستقرار المنطقة لا مصدر إزعاج، وهذا يمكن ان يتحقق من خلال جعل الصين تتفهم التخوف الخليجي من إيران ولاسيما في مجال برنامجها النووي وسياساتها الطائفية المتدخلة في الشؤون الداخلية للدول العربية، والتي على ما يبدو أن الصين لم تصل إليه بعد.  
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره