مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2012-05-01

مقومات المجتمع العسكري

يطلق بعض المهتمين بالدراسات الإستراتيجية مصطلح "المجتمع العسكري" للإشارة إلى مجموعة من المواطنين من منسوبي القوات المسلحة وأفراد أسرهم، والذين غالباً ما يعيشون في سكنات تشبه المدينة العسكرية الصغيرة، التي تضم داخلها مئات من العائلات، التي تعيش جنباً إلى جنب، تجمعهم ثقافة مشتركة لمجتمع شبه مغلق، ليساير أفراد هذا المجتمع المحلي السياق العسكري المهني، مستفيدين من خدمات التعليم والصحة والعلاج والترفيه، التي توفرها قيادة  القوات المسلحة لمنسوبيها من الجنسين، وحين يدور الحديث عن التنظيم العسكري فإن ذلك يعني كياناً له مقوماته وخصوصياته، التي تميز الحياة العسكرية عن الحياة المدنية، رغم الحقيقة التي مفادها أن المجتمع العسكري ولد من رحم المجتمع، ومن ثم فإنه لا توجد قطيعة بين المجتمعين، بل نجد أن ثقة المجتمع في القوات المسلحة بإعتبارها (درع الوطن) يوطد وجود قواسم ونقاط إلتقاء بين الحياة العسكرية والمدنية، وفي ذلك يكفي القول أن من يترك الخدمة العسكرية من العسكريين لأي سبب من الأسباب لا يلبث أن يعود إلى حيث أتى للمجتمع المدني، باعتباره مواطناً صالحاً له حق المساهمة مجدداً في الحياة الإجتماعية العامة كفرد مدني، مستفيداً من خبراته الثرية التي إكتسبها إبان العمل في المؤسسة العسكرية، ومن جهة أخرى فإن الأبناء الذين يولدون في أسرة عسكرية كثيراً ما يتشربون أنماط الثقافة العسكرية جراء وجودهم ضمن مناخ مشبع بالضبط والربط والمسؤولية المجتمعية، ورب قائل إن حياة الإنسان قد تتأثر بطبيعة المهنة التي إعتاد عليها، إلا أن المهنة لا يمكنها أن تفصل الإنسان عن جذوره، لأن الحياة لا تكون مجرد حياة مهنية، ترتبط بمكان ونوع العمل، ولهذا نجد أن جسور التواصل بين المجتمع المدني والعسكري تبقى دوماً ممدودة، لأن سلطة الجيش تماثل سلطة الضبط الإجتماعي، كنسق ثقافي يلزم جميع أفراد المجتمع الإمتثال له، ممثلاً في منظومة القيم والعادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية السائدة، والتي لا يستوجب طاعتها في وقت محدد ومكان معين  كما هو الحال للأوامر العسكرية، لأنها رهينة بموقف معين وزمن محدد، ومن هنا فإن التلازم والتواصل بين المجتمعين يمتد من مجرد تضامن مهني سلطوي إلى تفاعل اجتماعي، إلا أن هذا لا ينفي أن الرتبة العسكرية سواءأ كبرت أم صغرت لها تأثيرها وبصماتها على سلوكيات أفراد الأسرة العسكرية، ذلك لأن المجتمع العسكري محكوم بتقاليد يفرضها الواقع العسكري، ونعني بها مسلمات الثقافة العسكرية وهي ثقافة نوعية وهي ثقافة يحددها الـبـناء الـعـسـكـري Military Structure، وتحكمها الأوامر والتعليمات العسكرية، ولهذا يتميز أفراد المجتمع العسكري بخصائص عديدة تميزهم عن أفراد المجتمع المدني لعل من أهمها:  
- التشبع بقيم الشجاعة وإنكار الذات وحب الوطن. - الالتزام التنظيمي الصارم بقواعد الضبط والربط. - التجانس والتقارب في السلوك و بناء الشخصية. - اتساع نطاق التجارب والخبرات والقدرة على الإنجاز. ويلاحظ أن هذه الخصائص مكتسبة أساساً من مضامين الموروث الثقافي المجتمعي، ونجدها سالكة بين عامة الناس كأنساق وموروث ثقافي، إلا أن التدريب العسكري يمنحها سلطة ضبطية، وبطول المدة تصبح نمطاً سلوكياً مستقراً، يميز منسوبي القوات النظامية عن الأفراد المدنيين، ولعل المهتم والمتابع للحراك المجتمعي الذي فرض نفسه على المنطقة في أعقاب ما عرف بالربيع العربي، يلاحظ أن دوراً طليعياً ساهمت به القوات المسلحة لضمان إستتباب الأمن، واستقرار المجتمع، والحفاظ على مؤسسات الدولة، وممتلكات المواطنين، والأهم من ذلك كله حماية النظام العام والوقوف بصلابة لمواجهة التدخلات الخارجية.
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره