مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2022-04-03

هل نحن على اعتاب نظام دولي جديد ؟

إن المتتبع للنظام الدولي الحالي يدرك بأنه نظام خرج من رحم سقوط الاتحاد السوفيتي وبروز الولايات المتحدة كالقوة الأبرز في العالم مع دخول قوى أخرى على الساحة قادرة على المنافسة ولكنها ما زالت غير قادرة على تولي زمام القيادة العالمية. 
 
 
إن إمكانية الدخول في نظام دولي جديد أمر ليس بالسهل، حيث أنه يتطلب بروز قوة دولية تنافس القوة الأمريكية في الهيمنة العالمية. فهل روسيا قادرة على فعل ذلك؟
 
أشك في قدرة روسيا على فعل ذلك بشكل منفرد، حيث أن روسيا ليس لديها القدرة على مجاراة استراتيجية الاحتواء الغربية والتي يمكن أن تأخذ روسيا إلى زاوية الخناق الاقتصادي القوي غير القابل للخروج منه بسلام. فروسيا ليست كالاتحاد السوفيتي الذي كان متواجداً عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وثقافياً في مختلف أرجاء المعمورة، وهي ليست كالصين التي أصبحت متوغلة اقتصادياً في العديد من مناطق العالم. فالقوة الروسية محدودة في التأثير العالمي ونطاق تأثيرها إقليمي ضيق، وهي ليس لديها من موالين قادرين على الدفاع معها على تشكل نظام دولي جديد سوى ربما عدد قليل جداً من الدول التي لا تملك التأثير الفعلي على مجريات النظام الدولي. 
 
 
ولكن يمكن القول بأنه إذا ما نجحت روسيا في استقطاب دول مهمة وقوية لمشروعها المناهض للنظام الدولي الحالي والساعي لإقامة نظام دولي جديد فعندها يمكن الحديث عن إمكانية إحداث تغير في النظام الدولي. وهنا نتكلم عن دول لا بد أن تتشارك مع روسيا في منظومة من القيم أو المبادئ المشتركة التي تجعل تعاونها المشترك قوي لدرجة أنه يشكل معسكر قادر على مواجهة المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. ولربما الدولة الوحيدة التي يمكن ان نقول بأنها قادرة على خلق تغيير في النظام الدولي بالتعاون مع روسيا هي الصين. فالصين تتشارك مع روسيا كونها دولة لا تعجبها الهيمنة الأمريكية على النظام الدولي، وعادة ما تسعى إلى محاولة إضعاف هذه الهيمنة من أجل خلق بروز لقوى أخرى وبالأساس لها هي كدولة محورية وفاعلة في النظام الدولي. فهي دائماً ما ترفع راية التعددية في النظام الدولي بدلاً من الأحادية التي تحاول الولايات المتحدة اقناع العالم بها. ولكن الحقيقة هي أن الصين غير مستعدة على أن تدخل في تحالفات عالمية لمناهضة الهيمنة الأمريكية وتغيير النظام الدولي، الذي يُعتبر نظام مساعد للنهوض الصيني، وعامل رئيسي نحو تحقيق ما تسعى له الصين من نمو في كافة المجالات. فالصين لم تصل إلى ما وصلت إليه من مكانة عالمية إلا بفضل النظام العالمي الحالي الذي إذا ما تضرر فإن الصين ستكون هي أيضاً المتضررة الرئيسية باعتبارها معتمدة عليه بشكل كبير. لذلك فإن الصين غير مستعدة لتغير قواعد النظام الدولي بالشكل الذي ربما تريده روسيا، وهي تدرك بأن الأمور تتجه بشكل سلمي نحو بروزها في المستقبل كقوة عالمية موازية للولايات المتحدة الأمريكية. فلماذا تستعجل الأمور، وتُدخل نفسها في دوامة غير مأمونة النتائج ولن تصب في صالح النهوض القيادي العالمي للصين!.  
 
 
ففي اعتقادنا أن معطيات النظام الدولي ستتجه في الغالب نحو: 1) بقاء قاعدة النظام الدولي الحالي كما هي عليه مع وجود دولة قوية ومهيمنة ودول مناوشة ستحمل أجندات مخالفة للدولة المهينة ولكن من دون أن يؤدي ذلك إلى تغيير قواعد النظام الدولي، 2) فتح مجال أكبر للعديد من دول العالم للمناورة بين الولايات المتحدة وروسيا في بعض الملفات المهمة بالنسبة لمثل تلك الدول، 3) بروز الخلاف بين التوجه الأمريكي الغربي والتوجه الروسي في مسألة التنافس بين شكلين من اشكال نظام الحكم وهما الشكل الديمقراطي الذي تمثله الولايات المتحدة والدول الغربية والشكل السلطوي الذي ستقوده روسيا، 4) زيادة التقارب والتعاون الأوروبي-الأمريكي، وبروز أهمية الناتو بشكل اكبر لمواجهة الخطر الروسي، 5) عودة فلسفة الخطوط الحمر ومناطق النفوذ بين الدول القوية في العالم، 6) تعزيز أهمية امتلاك القوة العسكرية الرادعة، وخاصة القوة النووية، لدى الدول المتخوفة من الدول الكبرى، و7) ظهور تنافس استقطابي بين الولايات المتحدة وروسيا لمحاولة كسب الحلفاء والشركاء في العالم.      
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره