مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2015-03-01

الفرق بين الدلع والواجب .. وايد فرق

بقلم : المقدم ركن/ يوسف جمعة الحداد
         رئيس التحرير

من أبرز ما تميزت به القمة الحكومية الثالثة كلمة سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، التي أسرت القلوب، وأضاءت القمة بصدق لهجتها، وعمق أبعادها، وسمو معانيها، ورقي مضامينها، وعمق مشاعر قائلها.
 
استعاد سموه واقعة تاريخية، مشيراً إلى أن أحد الصحافيين في منتصف السبعينيات قال للأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه،"لماذا تنفق على شعبك بهذا الشكل، وتصل بهم إلى مرحلة "الدلع"؟ فقال له الشيخ زايد: هل لديك أبناء وتنفق عليهم؟ فقال الصحفي: نعم. فرد عليه الشيخ زايد، "هناك فرق بين الدلع والواجب، ولا أحد يبخل على عياله".
 
لقد أراد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان من هذه القصة أن يوجه رسالة لأبنائه الإماراتيين أولاً، وللعالم كله ثانياً. فالحاكم يجب أن يشعر بالمسؤولية تجاه شعبه؛ لأنهم بمنزلة الأولاد الذين يعد الاهتمام بهم وبتنشئتهم ورعايتهم واجباً على الأب، يحنو عليهم ويؤمن لهم سبل العيش، ويوفر لهم الأمن والطمأنينة، من دون أن يعني ذلك التفريط أو التهاون فيما يجب على الأبناء أن يقوموا به تجاه أنفسهم أولاً، وتجاه مجتمعهم ودولتهم ثانياً.
 
ولقد ربط سموّه بشكل بارع بين هذه القصة وبين مواقف أثبت فيها أبناء الإمارات أنهم كانوا عند حسن ظن وطنهم وقادتهم بهم، وأنهم رجال يظهر معدنهم الأصيل عند الشدائد، وأن ما تلقوه من رعاية واهتمام لم يجعلهم يستسلمون إلى دعة العيش ورخائه، بل إنهم أثبتوا أنهم قادرون، وبشكل طوعي، على تحمل شظف العيش وقسوة الحياة، وليس أدل على ذلك كما أشار سموه، من اندفاع الشباب الإماراتيين للتطوع في القوات المسلحة عند احتلال الكويت، حين شعر جميعهم بأن خطراً ما يلوح في المنطقة، وأن عليهم أن يكون جزءاً من درع الحماية لدولتهم والمنطقة بشكل عام.
 
وقال سموه: "جاءنا أشخاص كبار في السن طلباً للتطوع كما اصطحب بعضهم أولادهم ليلتحقوا بالخدمة العسكرية" وهذا يعكس المعدن الأصيل لأبناء زايد في تحملهم المسؤوليات الوطنية.
 
وساق سموّه مثلاً آخر عايشناه جميعاً منذ أشهر، حين بدأ تنفيذ قرار الخدمة الوطنية في الدولة، حيث أصر بعض الشبان والفتيات من أبناء الإمارات على الالتحاق بالخدمة الوطنية، علماً بأنهم غيرمشمولين بها، ومعفيون منها لأسباب مختلفة، وقال سموه إن إصرار هؤلاء على الالتحاق بالتجنيد وخدمة وطنهم، إنما يؤكد مدى ارتباطهم بوطنهم، ورغبتهم في التعبير عن حبهم وولائهم لدولتهم، ووجه سموه الشكر لهم ذاكراً أسماءهم بالكامل وموجهاً التحية والتقدير لهم ولآبائهم وأسرهم.
وهو إنما فعل ذلك ليكرّس هذا الفعل النبيل في نفوس النشء والجيل الجديد والأسر الإماراتية كافة.
 
واستدل سموه على صواب رأي الوالد المؤسس ونهج قادة الإمارات في الاهتمام بأبنائهم، بما قام به التجار الإماراتيون من دور مشرف تجاه مصر من خلال تمويل مشاريع عدة فيها، إيماناً منهم بأن دعم مصر يصب في مصلحة الدول العربية كافة، ومنها الإمارات، وقال سموه إن هذه المبادرة، التي تؤكد أن معدن الإماراتيين الأصيل يظهر في أوقات المحن، تستحق منا الشكر والتقدير.
 
كان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رائعاً جداً في الربط بين حوار الصحفي مع الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، وبين هذه المواقف النبيلة والأصيلة لأبناء الإمارات، والتي أكدوا من خلالها أنهم يقدرّون ما يقوم بهم قادتهم حق التقدير، وأنهم لم يكونوا ليروا فيما تقدمه لهم الدولة من رعاية واهتمام إلا سبباً ليكونوا على قدر المسؤولية بعيداً عن "الدلع" الذي أشارإليه ذلك الصحفي. لقد كانت كلمة سموه رائعة ومعبرة وتاريخية أكدت بما لا يدع مجالاً للشك، كم نحن محظوظون بك يا "بوخالد".
 
حفظ الله الإمارات وقيادتها، وحفظك الله يا "بوخالد" للإمارات وشعبها.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره