مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2016-01-01

ثوابت ومتغيرات الأوضاع في اليمن

بقلم : المقدم ركن/ يوسف جمعة الحداد
رئيس التحرير
 
انتهت مؤخراً الجولة الأولى من مفاوضات جنيف بين الحكومة اليمنية الشرعية وممثلين عن المتمردين الانقلابيين في البلاد دون التوصل إلى اتفاق، ولكن هذه الجولة كشفت في المقابل عن أمور حيوية عدة في مقدمتها أنها عكست حرص الحكومة الشرعية في البلاد، بدعم من دول التحالف العربي، على إبقاء قنوات الحوار مفتوحة مع جماعة الحوثي وميلشيات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وذلك رغم تعنت قادة هذه الميلشيات الانقلابية وتشددهم ورفضهم للتسويات السلمية للأزمة، حيث تحرص الحكومة الشرعية على تفويت الفرصة على أعداء اليمن والعمل على استعادة هذا البلد الشقيق لعافيته وتحقيق الأمن والاستقرار بين ربوعه في أقرب وقت ممكن في حين يواجه الانقلابيون ذلك بمزيد من التشدد والتعنت. 
 
وقد كشفت مفاوضات جنيف أيضاً عن حقيقة نوايا ميلشيات الحوثي وصالح ورغبتهما في إطالة أمد الأزمة وتعقيدها رغم ما يعنيه ذلك من استمرار معاناة الشعب اليمني إنسانياً ومعيشياً وصحياً، فضلاً عن خطر استمرار غياب الدولة اليمنية أمنياً وسياسياً واقتصادياً ومؤسساتياً وتوغل التنظيمات الارهابية التي تستغل حالة الفوضى وعدم الاستقرار السائدة في البلاد منذ انقلاب الحوثي وجماعته على الشرعية الدستورية في البلاد. 
 
بعض التقارير الإعلامية الغربية تساءلت عن مغزى وجود عناصر أجنبية مرافقة لوفد ميلشيا الحوثي وصالح، ولكن يبدو أن هذه العناصر تنتمي إلى جنسية بعينها !! تقف وراء تردي الأوضاع في اليمن منذ بداية الأزمة، بما تقدمه من دعم عسكري غير مشروع لأتباعها الحوثيين في اليمن الشقيق، وكانت «بصمات» هذه العناصر الأجنبية وخططها واضحة أيضاً في المناورات التفاوضية التي شابت أداء ممثلي الميلشيات، الذي اتسم بغياب الجدية وإرادة الحل ومحاولة إظهار الانقسام والخلاف بين أعضاء الوفد حول القضايا والموضوعات محل النقاش من أجل التشويش على المحادثات وإفشال الجولة وكسب مزيد من الوقت، الذي يريده الراعي الخارجي لهذه الميلشيات من أجل ربط مسار الأزمتين السورية واليمنية وإطالة أمدهما .
 
ربما يستشعر من تابع جولة مفاوضات جنيف أن هناك تباين أو اختلاف في المواقف والآراء بين ممثلي وفد ميلشيات الحوثي وصالح، ولكن هذا الأمر ليس سوى عبث صبياني يستهدف إطالة أمد معاناة الشعب اليمني والانتقام من الأشقاء في اليمن بسبب دعمهم للحكومة الشرعية في البلاد، فكان الرد من هذه العصابات الاجرامية هو توجيه السلاح إلى صدور اليمنيين العزل من دون مراعاة لقيم الوطنية والمواطنة التي يتشدق بها هؤلاء المغامرين ممن باعوا ضمائرهم ووظفوا أسلحتهم في خدمة مصالح وأهداف اعداء الشعب اليمني الشقيق. 
 
وإذا كانت الميلشيات الانقلابية قد باعت ضمائرها، فإن الوضع الانساني في مدن اليمن لم يعد يحتمل الانتظار او التأجيل والتسويف، وعلى المجتمع الدولي أن يضطلع بدوره المنشود من أجل الضغط على قادة هذه الميلشيات كي تستجيب للحلول السياسية المطروحة لفتح ممرات آمنة للمساعدات الانسانية، وكي يمكن لهذا الشعب الشقيق الحصول على احتياجاته الأساسية من الغذاء والدواء. 
 
وإذا كانت المقاومة الشعبية والتحالف العربي قد اعتمدا الهدنة الانسانية سبيلاً لتخفيف معاناة الشعب اليمني وتوصيل المساعدات الاغاثية والطبية، فإن الميلشيات الانقلابية لم تلتزم ببنود هذه الهدنة وواصلت أعمالها العدائية العسكرية وتجاهلت كل المواثيق والأعراف الدولية الخاصة باحترام اتفاقات الهدنة !! فقد قامت الميلشيات الانقلابية بخرق الهدنة الأخيرة بشكل متكرر، حيث بلغ عدد الخروقات أكثر من 50 خرقاً رئيسياً تم تسجيلها وحصرها، وتضمن بعضها استخدام صواريخ باليستية في محاولة فاشلة لاستهداف المدنيين العزل في المملكة العربية السعودية الشقيقة.
 
ونظرة واحدة على خارطة انتشار تنظيمات الارهاب في اليمن خلال المرحلة الراهنة تبرهن على أن هذه التنظيمات تعمل تحت مظلة آمنة للميلشيات الانقلابية، التي وفرت للارهاب فضاء آمنا لممارسة نشاطه الخبيث في تعميق الفوضى والاضطراب بالبلاد، الأمر الذي يؤكد مستوى التنسيق والارتباط والاتصالات بين الميلشيات الانقلابية  وتنظيمات الارهاب، التي باتت تتواجد بكثافة واضحة للعيان في مناطق بعينها تخضع لسيطرة هذه الميلشيات، التي تمتلك علاقات قديمة مع «القاعدة» وغيرها منذ أيام حكم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
 
في ظل هذه الظروف المعقدة التي تمر بها الأوضاع في اليمن الشقيق، فإن البديل والمخرج من هذه التعقيدات لابد وأن يمر عبر بوابة استعادة سيطرة الدولة اليمنية ومؤسساتها على شؤون البلاد كافة، بحيث تتمكن الشرعية من الامساك بزمام المبادرة والأمور مجددا على التراب اليمني بأكمله حتى تستطيع نشر الأمن والاستقرار والتصدي لمخططات الارهاب والفوضى والمؤامرات الخارجية.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره