مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2016-04-04

دروس ... عــام «الحــزم والأمل»

بقلم :المقدم ركن/ يوسف جمعة الحداد
رئيس التحرير
 
في السادس والعشرين من مارس 2015، انطلقت عملية «عاصفة الحزم»، التي نفذها التحالف العربي لدعم الشرعية الدستورية بقيادة المملكة العربية السعودية وبطلب من الحكومة اليمنية وبدعم أممي قوي. والآن، وقد مضى عام بأكمله على هذه العملية، التي تحققت أهدافها واستكملت بعملية «إعادة الأمل» في الحادي والعشرين من ابريل العام الماضي، ربما يكون من الأجدى ـ استراتيجياً ـ التوقف عند دروسها وآثارها على الصعد كافة.
 
 
جدير بنا أن نتذكر جميعاً أن عملية «عاصفة الحزم» لم تكن سوى رد فعل لاعتداءات جماعة الحوثي وميلشيات المخلوع صالح على الشعب اليمني، وقفزها على الشرعية الدستورية التي أقرها العالم أجمع، ومحاولتها الاستيلاء بالقوة على السلطة في هذا البلد الشقيق، وبالتالي فإن البادئ بالاعتداء والبغي والظلم هو الطرف الذي ظل طيلة عام كامل على تعنته وتشدده ورغبته الحثيثة في فرض إرادته وكسر إرادة شعب كامل يريد حياة آمنة يستحقها، ولم يفق الحوثي وصالح من  غيهما وضلالاتهما سوى بعد أن تجرعا كأس هزائم عسكرية متوالية على يد المقاومة اليمنية المدعومة من قوات التحالف العربي، ولم يعد أمامها سوى التسليم بالأمر الواقع بعد أن سيطرة الحكومة الشرعية اليمنية على نحو 90% من أراضي البلاد وبسطت نفوذها عليها، وأدرك المهزومان أنه لا فكاك ولا فرار من البحث عن تسويات وحلول سياسية تضمن لهما ولو جزءاً قليل مما كانا يطمحان إلى تحقيقه عبر العنف والقوة الخشنة ونشر الفوضى والخراب في ربوع اليمن. وفي هذه الظروف باتت الأطراف اليمنية جميعها تتحدث عن حلول سياسية، وتطالب بما كانت تطالب به دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية قبل عام مضى!! 
 
 
لا شك أن موقف الحوثي وحلفائه من ميلشيات صالح وداعميهم ومموليهم ورعاتهم الإقليميين، لم يكن متجهاً نحو طاولة التفاوض منذ البداية، ولكن موازين القوى على الأرض فرضت معادلة جديدة، حيث أجبر التدخل العسكري الأطراف اليمنية كافة على الجلوس على طاولة المفاوضات للسير في العملية السياسية، بما يضمن تحقق أمن واستقرار هذا البلد الشقيق، فلولا «عاصفة الحزم» لما قرر الحوثي وحلفائه الجلوس على طاولة التفاوض مع بقية الفرقاء اليمنيين.
 
 
السياسة هي نهاية نفق الحرب، هكذا يخبرنا التاريخ، لذا فإن دول التحالف العربي، تدعم أي تسوية أو حل سياسي قائم على المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني ويراعي بنود القرار الأممي رقم 2216، لاسيما أن هذه الدول تدرك تماماً أن عمليتي «عاصفة الحزم» و»إعادة الأمل» قد حققتا الكثير من أهدافهما الاستراتيجية، وفي مقدمتها إحباط المخطط التوسعي الطائفي، الذي استهدف السيطرة على اليمن ومحاولة تطويق دول مجلس التعاون استراتيجياً، بما كان يعنيه ذلك من اقتراب من تنفيذ للأجندة التوسعية الطائفية في الإقليم؛ فقد نجح التدخل العسكري الحازم للتحالف العربي في إفساد هذه «الطبخة» الطائفية تماماً، بما تعنيه من تقويض للأمن والاستقرار الإقليمي، وإطلاق موجات اضطراب عاتية، لم يكن أحد يستطيع التنبؤ بعواقبها الوخيمة على دول المنطقة وشعوبها كافة.
 
 
نجحت «عاصفة الحزم» أيضاً في الانتصار لأهل اليمن وعروبتهم وقوميتهم، وكان لهذه «الفزعة» الخليجية العربية أثر استراتيجي بالغ في إعادة اليمن إلى حاضنته الاستراتيجية الطبيعية، والتأكيد على عروبته، وكون شعبه الأصيل جزء لا يتجزأ من الأمة العربية، واثبات أن شعوب دول مجلس التعاون لا تألو جهداً ولا تبخل بقطرة دماء في سبيل الدفاع عن أشقائهم اليمنيين.
 
 
سيسجل التاريخ أن قواتنا المسلحة الباسلة قد شاركت بفاعلية وكفاءة قتالية يشهد بها الجميع منذ اللحظات الأولى لعملية «عاصفة الحزم»، وكان لها دور عملياتي فاعل في تحرير  مدن اليمن، حيث أكد أبطال قواتنا المسلحة قدراتهم وكفاءتهم القتالية العالية في مختلف ظروف القتال، إيماناً من هؤلاء الأبطال بنبل الرسالة ووطنية المهمة، التي حملوها على عاتقهم دفاعاً عن الأمن الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، وحفاظاً على أمن واستقرار الشعب اليمني الشقيق؛ فهم «عيال زايد» الذي تربوا وترعرعوا في مدرسة العطاء وتشربوا قيم العروبة الأصيلة وتشبعوا بها، فهم يمتلكون ولاءاً عميقاً للوطن والقيادة، وينتمون إلى أرضهم وتراب بلادهم أشد الانتماء، متمسكين بمبادئ العدل ومتسلحين بقوة الحق ومقتنعين بنصرة الملهوف وإغاثة المستغيث، وتلك هي أسمى قيم التحضر والإنسانية.
 
 
لم تكن مشاركة قواتنا المسلحة في عملية «عاصفة الحزم» سوى تعبير جلي عن عقيدة قتالية تؤمن بالحق والعدل وتنتصر للمظلوم، فكانت دماء شهداؤنا الأبرار التي سالت على أرض اليمن، وامتزجت بدماء أشقائهم العرب واليمنيين بمنزلة دليل ساطع على أن أبناء الإمارات جاؤوا يحملون أرواحهم بين أيديهم ساعين لحماية الأمن الوطني لبلادهم مدافعين نبلاء وأقوياء عن الشرعية الدستورية في بلد عربي أصيل يستحق بحق كل نقطة دم إماراتية وعربية سالت على أرضه الطاهرة.
 
 
انطلاقاً مما سبق كله، تؤمن قيادتنا الرشيدة بأن دور أبطال قواتنا المسلحة في تأمين مدينة عدن وبقية المدن اليمنية وترسيخ استقرارها، ومساعدة الحكومة اليمنية على بسط سيطرتها على المناطق المحررة باليمن الشقيق، هي رسالة ضرورية ومهمة استراتيجية كي يؤتي جهد عام كامل ثماره، وكي تستطيع الحكومة اليمنية الشرعية الاضطلاع بدورها في توفير الخدمات الأساسية للشعب اليمني الشقيق وتخفيف الأعباء عنه في أسرع وقت ممكن.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره