مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2014-07-01

عودة العقول...معركة المستقبل

بقلم : الرائد ركن/ يوسف جمعة الحداد
       رئيس التحرير

 
لم يكن مستغرباً أن يحظى مقال سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي - رعاه الله- بعنوان « الهجرة المعاكسة للعقول « بصدى إعلامي وسياسي واجتماعي ليس له مثيل، باعتباره كان، ولا يزال، مدوياً في مختلف أصقاع العالم ولسنوات طوال، حيث تمت ترجمته إلى نحو 16 لغة في 49 بلداً حول العالم، فيما نشرته وتناقلته نحو 59 صحيفة عالمية، ومئات مواقع وسائل التواصل الاجتماعي في مختلف دول العالم في أقل من أسبوع فقط من نشره.
 
فظاهرة هجرة العقول أو الكفاءات أو الخبرات أو المواهب العربية هي ظاهرة قديمة غير مرتبطة بزمان أو مكان أو ثقافة أو عرق أو دين، وإنما هي في حقيقتها دائماً ما تكون رد فعل لافتقار أصحابها إلى بيئة العمل المناسبة، حيث تؤكد الدراسات أن الوطن العربي يسهم في 31% من هجرة الكفاءات، وأن 50% من الأطباء، و 23% من المهندسين، و 15% من العلماء من الكفاءات العربية يتوجهون إلى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا، وأن 54% من الطلاب  العرب الذين يدرسون في الخارج لا يعودون إلى بلدانهم، كما تشير الإحصاءات إلى أن الأطباء العرب في بريطانيا يشكلون 34% من مجموع الأطباء فيها.
 
وتعود هذه الظاهرة بحسب رأي الكثير من الباحثين والمتخصصين إلى أسباب  كثيرة ومتنوعة،يمكن إجمالها في: ضعف قدرة الدول العربية على استيعاب أصحاب الخبرات والكفاءات والمواهب، وعدم توافر الظروف المادية والاجتماعية التي تؤمن المستوى لهذه العقول للعيش في المجتمعات العربية، بالإضافة إلى البيروقراطية والفساد الإداري، وتضيق الحريات وتهميش الباحثين، مما يؤدي إلى شعورهم بالغربة في أوطانهم ويضطرهم إلى الهجرة سعياً وراء ظروف أكثر حرية واستقراراً.
 
من ناحية أخرى تفرز هجرة العقول والخبرات العربية إلى البلدان الغربية الكثير من الآثار السلبية على واقع التنمية في الدول العربية، فهي لا تقتصر على واقع التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومستقبلها فحسب، بل تتعدى ذلك إلى التعليم وضياع الجهود والطاقات الإنتاجية والعلمية والفنية لهذه العقول العربية، كما تؤدي هذه الظاهرة إلى تبديد الموارد المالية والإنسانية العربية التي أنفقت على تعليم وتدريب الكفاءات والمواهب التي تحصل عليها البلدان الغربية بشكل سهل ومن دون أي مقابل، كما أن لهذه الظاهرة تداعيات سلبية كبيرة على الإنتاج والبحث العلمي في الدول العربية مقارنة بالإنتاج العلمي للعرب المهاجرين إلى البلدان الغربية.
 
إن التحديات لاستيعاب العقول والمواهب العربية وإعادتهم وجذبهم من جديد إلى الدول العربية يتطلب توفر المناخ المثالي لهم فهي «معركة المستقبل»، ونرى أنه يمكن الخروج من هذه الدائرة من خلال خطة الطريق الإماراتية التي وضعها ورسمها سمو الشيخ محمد بن راشد في مقالته الشهيرة والتي ترتكز على عاملين رئيسيين: أولهما خلق الفرص، وتوفير البيئة المثالية للنمو والتطور، وتوفير البيئة المثالية للاستثمار وإدارة الأعمال، وتوفيرأجواء عالية من الشفافية والحوكمة الرشيدة، وتساوي الفرص أمام الجميع، مما مكن دولة الإمارات العربية المتحدة وفقاً للتقارير العالمية من احتلالها المركز الأول عالمياً في الكفاءة الحكومية، والأولى عالمياً في استقطاب المواهب، والثانية عالمياً في سهولة ممارسة الأعمال، والثالثة عالمياً في الأداء الاقتصادي.

أما العامل الثاني فيتمثل في جودة الحياة، وهو عامل حاسم وأساسي في جذب المواهب والكفاءات والخبرات من خلال توفير الفرص الاقتصادية والعملية والاجتماعية إلى جانب نمط حياة عالي المستوى والجودة.   
 
وأخيراً، فإن المستقبل يحمل تحولات قادمة واتجاهات جديدة في هذا المجال،تعبر عن طبيعة التنافس القائم بين الأمم والشعوب، وإن الأمم العاقلة الذكية هي التي تؤمن بالإنسان، وتقدر قيمته، وتضعه في المكان المناسب والصحيح، وإن رأس المال الحقيقي في عقل الإنسان وأفكاره وإبداعاته... شكراً محمد بن راشد. 
 
رمضان كريم
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-02-26 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره