مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2014-11-30

استراتيجية الإمارات الشاملة في مواجهة الإرهاب

الرؤية.. والمضمون.. والأبعاد
 
في ضوء موقف دولة الإمارات العربية المتحدة الثابت منذ سنوات طويلة ضد الإرهاب والتشدد والتطرف، فإنها تعد من أوائل دول العالم التي تمتلك استراتيجية متعددة الأبعاد والجوانب سياسياً واقتصادياً وأمنياً وإعلامياً وثقافياً واجتماعياً، من أجل التصدي لهذه الظاهرة البغيضة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وتتعاون في ذلك مع الدول والقوى والمنظمات التي تسعى إلى تكريس الأمن والسلم والاستقرار العالمي الذي يواجه تهديداً متنامياً من التنظيمات الإرهابية. وفي هذا العدد تسلط "درع الوطن" الضوء على استراتيجية دولة الإمارات العربية المتحدة في مواجهة الإرهاب، وتوضح أبعاد هذه الاستراتيجية ومنطلقاتها وركائزها وأهدافها.
 
إعداد: التحرير
 
كانت دولة الإمارات العربية المتحدة من أوائل الدول التي أدركت مبكراً ومنذ سنوات طويلة خطر الإرهاب، ودعت إلى ضرورة التصدي له إقليمياً وعالمياً، كما تفاعلت بجدية مع الجهود الإقليمية والدولية الهادفة إلى مكافحة الإرهاب واحتثاث جذوره، وحينما وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 التي تعرضت لها الولايات المتحدة الأمريكية، وراح ضحيتها آلاف القتلى والجرحى من الأبرياء، أدانتها دولة الإمارات العربية المتحدة بشدة.
 
وأكد المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد في اتصال هاتفي مع الرئيس الأمريكي جورج بوش يوم 17 سبتمبر 2001 موقف دولة الإمارات العربية المتحدة الثابت من رفض الإرهاب بكل صوره وأشكاله قائلاً: "إن الإرهاب بغيض من وجهة نظر الإسلام والديانات السماوية الأخرى، وهو عدو لدود للإنسانية جمعاء". وبالفعل كانت دولة الإمارات العربية المتحدة طرفاً فاعلاً في الحملة الدولية التي قادتها الولايات المتحدة ضد الإرهاب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001. 
 
وقد أعاد صاحب السمو الشيخ خليفـــة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تأكيد ثوابت الموقف الإماراتي من الإرهاب في أكثر من مناسبة، بقوله عام 2005: "موقفنا من الإرهاب ثابت، ومساهمتنا في الحرب عليه مستمرة؛ لأننا نؤمن أن الإرهاب آفة عالمية خطيرة، تضرب على غير هدى، وعلى أساس رؤية ظلامية ضيقة، وضمن هذا الفهم للإرهاب وخطورته، فإننا ندعو إلى تجفيف المنابع التي تمده بالحياة، ونعني بذلك التوترات الدولية والفقر والجوع التي تشكل في مجموعها بيئة إحباط يمكن استغلالها من قبل المتطرفين والإرهابيين، ومع أننا لا ننكر الأثر الذي تركته الجهود الأمنية التي بذلت في أكثر من دولة لمحاربة الإرهاب، فإن المطلوب إيجاد مقاربة سياسية موازية، هدفها قطع الطريق أمام الإرهابيين لاستغلال النزاعات الإقليمية وحالة عدم الاستقرار الدولي لتوفير غطاء لأعمالهم الإجرامية أساساً لممارستهم الإرهابية". 
 
وأكد سموه في خطابه بمناسبة اليوم الوطني في الثاني من ديسمبر 2005 أن دولة الإمارات العربية المتحدة لن تتراجع عن دعم الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب. 
 
وحينما بدأت الجماعات المتطرفة تتنامى في المنطقة في أعقاب ما يسمى "الربيع العربي"، حذرت دولة الإمارات العربية المتحدة من خطورة هذه الجماعات على الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، ودعت إلى ضرورة التعاون الإقليمي والدولي للتصدي لها، بل إنها كانت من المؤيدين للدول التي تعاني هذا الخطر، سواء في مصر واليمن والعراق وسوريا، وقدمت لها الدعم المادي والسياسي لمساعدتها لمواجهة هذا الخطر، بل أعلنت انضمامها للتحالف الدولي الذي تشكل لضرب ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الذي تمدد بصورة واضحة، وأصبح يسيطر على مساحات شاسعة في كل من العراق وسوريا، وما ترتب على ذلك من ممارسات لا إنسانية لا تمت للدين الإسلامي بصلة. وقد عبرت كلمة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي في الخطاب الذي أدلى به أمام الدورة الـ69 للجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر 2014 عن ذلك بوضوح، فقد أكد سموه "أن الإرهاب إلى جانب كونه انتهاكاً لحقوق الإنسان فهو يهدد كيان الدول وقيمها، ويمزق أنسجتها الاجتماعية، ويسلب أمن شعوبها، ويدمر إنجازاتها التنموية وإرثها الإنساني والحضاري".

وقال سموه: إن ما تقوم به هذه التنظيمات الإرهابية من قتل عشوائي وإعدام جماعي واختطاف وترويع للآمنين الأبرياء من النساء والأطفال، ما هي إلا أعمال إجرامية بشعة تدينها دولة الإمارات العربية المتحدة بشدة، وتستنكر الأساليب الوحشية التي تنتهجها باسم الدين الإسلامي وهو بريء منها، والتي تخالف نهج الوسطية في الدين والتعايش السلمي بين الشعوب كافة. ودعا سموه - في ظل الأحداث الراهنة التي تمر بها المنطقة - المجتمع الدولي والدول الأعضاء إلى التعاون للتصدي لهذه الجماعات الإرهابية واتخاذ تدابير شاملة لمحاربتها من خلال استراتيجية واضحة وموحدة، وألا تقتصر هذه الجهود على العراق وسوريا فحسب، بل يجب أن تشمل مواقع الجماعات الإرهابية أينما كانت، منوهاً بأن التدرج في اتخاذ التدابير لن يعالج هذه التحديات، بل يتعين مضاعفة الجهود للتصدي لها بشكل فوري وفعال.
 
ونظراً إلى إدراك دولة الإمارات العربية المتحدة ما يمثله الإرهاب من تهديد للأمن والاستقرار والتنمية في منطقتنا والعالم بأسره، فقد تبنت استراتيجية شاملة لمواجهة هذا الخطر، تأخذ في اعتبارها كل الأبعاد المرتبطة بهذه الظاهرة، سياسياً ومالياً وثقافياً وتربوياً وإعلامياً وتشريعياً، كما انخرطت دولة الإمارات العربية المتحدة في الجهود الإقليمية والدولية الهادفة لمكافحة التطرف والإرهاب. ويجسد قانون مكافحة الجرائم الإرهابية الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، برقم 7 لسنة 2014 في شهر أغسطس 2014 استراتيجية دولة الإمارات العربية المتحدة الشاملة في التعامل مع خطر الإرهاب والعنف والتطرف المرتبطين به، حيث يتبنى القانون رؤية شاملة في النظر إلى مفهوم الإرهاب، سواء في تعريفه أو في مظاهره المختلفة أو في تأثيراته المحتملة في أمن المجتمع واستقراره.
 
فالتوقيت الذي صدر فيه القانون يؤكد بجلاء مدى إدراك دولة الإمارات العربية المتحدة لخطورة المرحلة التي تشهدها المنطقة من حولنا، في ظل تصاعد خطر التطرف والإرهاب في العديد من دول المنطقة، الأمر الذي يتطلب تعديل الإطار التشريعي والقانوني ليتواكب مع هذه التغيرات والمستجدات التي شهدتها البيئة الأمنية في المنطقة بعد ما يسمى "ثورات الربيع العربي"، وما ارتبط بها من تحولات أسهمت في تصاعد خطر الإرهاب وبروز جماعات جهادية متطرفة جديدة تؤمن بالعنف كوسيلة للتغيير.
 
أولاً: رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة في مواجهة ظاهرة الإرهاب
تتبنى دولة الإمارات العربية المتحدة رؤية شاملة ومتوازنة تجاه ظاهرة الإرهاب، تنطلق من الاعتبارات والثوابت الآتية:
 
1.عالمية الإرهاب: الإرهاب ظاهرة لا دين لها ولا وطن ولا هوية، وهو عمل دخيل على المبادئ الإسلامية، وهذا ما أكده سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية خلال البيان الذي أدلى به سموه أمام الاجتماع الوزاري لمجلس الأمن الدولي الذي ترأسه وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية جون كيري في الأمم المتحدة، بحضور وزير خارجية العراق ووزراء خارجية 35 دولة من داخل وخارج إطار عضوية المجلس في شهر سبتمبر 2014 حينما قال: "إننا أمام ظاهرة خبيثة تحمل أبعاداً خطيرة تهدد المجتمعات والدول خارج نطاق العالمين العربي والإسلامي. وعليه، يتعين إيجاد حلول دولية لاحتواء خطرهم عن طريق القضاء على الأسباب الجذرية للتطرف، كما يجب أن تبنى الشراكة الدولية لمكافحة الإرهاب على أهداف طويلة المدى بحيث لا تقتصر على مواجهة داعش".
 
ومن ثم ترى دولة الإمارات العربية المتحدة أن التنظيمات الإرهابية لا يجوز وصفها بالإسلامية، ولهذا تؤكد دوماً ضرورة التزام المجتمع الدولي برفض جميع محاولات ربط الإرهاب بأي دين أو عرق أو ثقافة أو أصل إثني أيّاً كان، مع إعادة تأكيد أن هذه الظاهرة غير مرتبطة بمنطقة أو حضارة أو قومية بعينها، وهذا يفرض على الجميع التوحد في مواجهته والتصدي له.
 
2. الإرهاب يمثل الخطر الرئيسي الذي يواجه دول العالم أجمع، ليس لأنه يهدد التعايش بين الجميع فقط، وإنما لأنه يعوق التنمية أيضاً؛ نظراً إلى ما يحدثه من زعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم أجمع، وكما قال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية في الخطاب الذي أدلى به أمام الدورة الـ69 للجمعية العامة للأمم المتحدة، في شهر سبتمبر 2014: إن دولة الإمارات العربية المتحدة تعرب عن قلقها البالغ إزاء ما تشهده المنطقة من أشكال التطرف والإرهاب والتفتيت الطائفي، والذي بات يشكل تهديداً خطيراً على الأمن والسلم الدوليين، فالإرهاب إلى جانب كونه انتهاكاً لحقوق الإنسان، فهو يهدد كيان الدول وقيمها، ويمزق أنسجتها الاجتماعية، ويسلب أمن شعوبها، ويدمر إنجازاتها التنموية وإرثها الإنساني والحضاري".
 
3.إن أي مواجهة فاعلة لظاهرة الإرهاب ينبغي أن تكون في إطار جماعي وتحت مظلة الأمم المتحدة، والأحكام الأخرى ذات الصلة المتعلقة بحقوق الإنسان الدولية، والقانون الإنساني الدولي، وقانون اللاجئين الدولي وغيرها من الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية ذات الصلة، وذلك لضمان عدم استغلال هذه التدابير لأغراض ممارسة العنف وانتهاكات حقوق الإنسان ضد المدنيين خدمة لأهداف سياسية، ولاسيما أن تجربة السنوات الماضية أكدت أنه لا يمكن لدولة مهما تكن إمكاناتها وقدراتها أن تتصدى للخطر الإرهابي بمفردها. 
 
4. إن الحرب ضد الإرهاب هي حرب ممتدة، وتحتاج إلى تحرك شامل لا يقتصر على الجوانب العسكرية أو الأمنية فقط، وإنما يمتد إلى العديد من الجوانب الأخرى أيضاً، الفكرية والدينية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، انطلاقاً من أن مسبباته متعددة، وعلى هذا تؤمن دولة الإمارات العربية المتحدة بأن نجاح أي استراتيجية لمواجهة الإرهاب يجب أن تكون متعددة الجوانب؛ لاستئصال الظاهرة من جذورها والقضاء على الأسباب والعوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تساعد الإرهابيين على ممارسة أعمالهم. 
 
5. ترى دولة الإمارات العربية المتحدة أن الحرب على الإرهاب ينبغي ألا تقتصر على منطقة بعينها، وإنما من الضروري أن تتضمن مختلف المناطق التي تنتشر فيها الأفكار المتطرفة؛ ولذا دعا سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان في كلمته أمام الجمعية العامة في سبتمبر 2014 المجتمع الدولي والدول الأعضاء إلى التعاون للتصدي لهذه الجماعات الإرهابية واتخاذ تدابير شاملة لمحاربتها من خلال استراتيجية واضحة وموحدة، وألا تقتصر هذه الجهود على العراق وسوريا فحسب، بل يجب أن تشمل مواقع الجماعات الإرهابية أينما كانت. وأكد سموه في الوقت ذاته إيمان دولة الإمارات العربية المتحدة بأهمية الوقوف إلى جانب الحكومات التي تواجه تحديات أمنية خطيرة مع ضرورة المشاركة بشكل إيجابي في تقديم الدعم اللازم لاستعادة الأمن والسلام على أراضيها، وذلك من خلال دعم المؤسسات الشرعية، منوهاً بأهمية احترام سيادة الدول واستقلالها، وتعزيز جميع الجهود السياسية المبذولة لتسوية الخلافات والصراعات الدائرة بالطرق السلمية؛ لأن عدم القيام بذلك سيولد المزيد من العنف فيما ترغب الدولة برؤية دول يسودها الأمن والاستقرار.
 
6. إن التصدي الفاعل لتوجهات وقوى التطرف والغلو والعنف في العالم، يحتاج بشكل أساسي إلى تعزيز وتعميق قيم الوسطية والاعتدال والتسامح والتعايش والحوار بين الحضارات والثقافات. ومن أجل هذا؛ قامت دولة الإمارات العربية المتحدة، ولا تزال تقوم، بمبادرات مهمة على هذا الطريق، لعل أهمها المنتدى العالمي "تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة"، الذي عقد في أبوظبي في شهر مارس 2014، وأفضى إلى إنشاء "مجلس حكماء المسلمين". ومن هنا تأتي أهمية التوصية التي خرجت عن هذا المنتدى بأن يكون المنتدى إطاراً مؤسسياً يعقد اجتماعاته بشكل دوري في أبوظبي؛ لأن الأمر يحتاج إلى إطار جامع لكل الجهود المخلصة التي يقوم بها علماء ومفكرون مستنيرون من أجل إنقاذ العالم الإسلامي من خطر الاحتراب الديني والطائفي.
 
ثانياً: أبعاد الاستراتيجية الإماراتية لمكافحة الإرهاب:
 تتبنى دولة الإمارات العربية المتحدة رؤية شاملة ومتكاملة لمواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب، بحيث أصبحت نموذجاً في هذا الشأن، ومثالاً على الإدراك الواعي لخطورة الجماعات الإرهابية وضرورة التصدي لها بكل قوة ومن خلال منهج شامل: أمني وثقافي واقتصادي واجتماعي وسياسي. وتتضمن استراتيجية دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا الشأن الجوانب والأبعاد الآتية:
 
1. البعد التشريعي والقانوني: اتخذت دولة الإمارات العربية المتحدة سلسلة من التدابير التشريعية والقانونية الهادفة إلى تعزيز مكافحتها الصارمة لظاهرة التطرف والإرهاب، كان آخرها "قانون مكافحة الجرائم الإرهابية" الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، برقم 7 لسنة 2014 في شهر أغسطس 2014، الذي يتبنى رؤية شاملة لمفهوم الإرهاب، كونه يشتمل على مواد تغطي جميع المحاور التي يشتملها الإرهاب كالإرهاب الفكري وغيرها، فضلاً عن تضمنه عقوبات رادعة في وجه كل من تسول له نفسه المساس بالأمن والاستقرار في الوطن والمجتمع.
 
فقد تضمَّن القانون 70 مادة شملت كل ما يتعلق بالجرائم الإرهابية وأنواعها وتصنيفاتها أو الأغراض منها وأهدافها أو التنظيمات الخاصة بها، كما لم يُغفل في المقابل توصيف الجهات التي تتورط فيها وترتكبها، وسريان القانون من حيث الزمان والمكان، أو تلك العقوبات التي نص عليها في حال تم ارتكاب الجرم الإرهابي تحت طائلة بند الإرهاب، والذي قد تصل عقوبته حد الإعدام. 
 
وهذا القانون لا ينفصل عن الإجراءات التشريعية التي اتخذتها دولة الإمارات العربية المتحدة على مدار السنوات الماضية. ففي عام 2004 أصدر المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مرسوماً بشأن قانون اتحادي رقم (1) لسنة 2004 في شأن مكافحة الجرائم الإرهابية حيث تضمن 45 مادة تتعلق بتعريفات الأعمال الإرهابية. كما تضمن مرسوم القانون العقوبات التي تنتظر مؤسسي المنظمات الإرهابية أو المتعاونين في ذلك المجال. ونص القانون في مادته الـ36 على إنشاء لجنة تسمى "اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب" يصدر بتشكيلها قرار من مجلس الوزراء، وتتكون من ممثلين عن كل من الجهات التالية بناءً على ترشيحها (وزارة الخارجية، ووزارة الداخلية، والأوقاف، وجهاز أمن الدولة، ووزارة الدفاع، والمصرف المركزي، والهيئة الاتحادية للجمارك).
 
 كما أصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة عدداً من القوانين والتشريعات الأخرى التي تحظر الانتماء إلى الجماعات الإرهابية، أو استغلال الإرهابيين أراضي دولة الإمارات العربية المتحدة وأجواءها ومياهها، بما فيها القوانين التي تجرم جميع الأعمال والأنشطة غير المشروعة المرتبطة بالإرهاب، مثل القانون الاتحادي المعني بتجريم غسل الأموال لعام 2002، وتشريعات تجريم تهريب المخدرات والمرتزقة والأسلحة بأنواعها، والاستغلال غير المشروع للموارد الطبيعية.
 
وانضمت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى كل الاتفاقيات والصكوك الدولية المتعلقة بمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد أمن العالم واستقراره، فقد انضمت إلى أربع عشرة اتفاقية دولية حتى الآن متعلقة بمكافحة الإرهاب، كان آخرها التصديق على الاتفاقية الدولية لقمع أعمال الإرهاب النووي التي أقرتها الجمعية العامة في إبريل 2005، وانضمت مؤخراً إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية.
 
2. البعد المالي، وينصرف إلى تجفيف منابع الإرهاب المختلفة، فقد كانت دولة الإمارات العربية المتحدة سباقة في العمل على تجفيف المنابع المالية للإرهاب، واتخذت منذ سنوات إجراءات عدة على مستويات مختلفة لتحقيق هذا الهدف، وخاصة فيما يتعلق بوضع إطار تشريعي مناسب وفاعل لمحاصرة عمليات غسل الأموال وغيرها من أساليب تمويل الإرهاب والقوى التي تقف وراءه. كما استحدثت دولة الإمارات العربية المتحدة قوانين داخلية عدة لمكافحـة غسل الأموال التي لم يكن معمولاً بها، سواء في دولة الإمارات العربية المتحدة أو غيرها من الدول الأخرى في منطقة الشرق الأوسط. 
 
فقد وافق المجلس الوطني الاتحادي، في جلسته الثانية عشرة من دور الانعقاد العادي الثالث للفصل التشريعي الخامس عشر في شهر مايو 2014، على مشروع قانون اتحادي بشأن إدخال تعديلات على "القانون الاتحادي رقم 4 لعام 2002 بشأن مواجهة جرائم غسل الأموال"، ومن ثم أصبح اسم القانون "القانون الاتحادي رقم 4 لعام 2002 بشأن مواجهة جرائم غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب"، وهذا ما يؤكد التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بتجفيف المنابع المالية للإرهاب التي تُعدُّ عمليات غسل الأموال أحد أهم مصادرها حول العالم. كما يؤكد حرص الحكومة الإماراتية على تحديث الإطار التشريعي الخاص بمواجهة عمليات تمويل الإرهاب وجعله قادراً باستمرار على مواجهة كل المستجدات والمتغيرات في هذا الشأن والتصدي لها، ولاسيما أن الجماعات الإرهابية تعمل دائماً على تغيير تكتيكاتها والأساليب التي تتبعها من أجل تمويل عملياتها من دون أن تتم ملاحقة عمليات التمويل أو اعتراضها، ومن ثم فإن هناك حاجة إلى مواكبة مستمرة لهذه الأساليب على المستوى التشريعي بما يسد المنافذ أمام قوى الإرهاب والعنف، ويمنعها من استغلال الأجهزة المصرفية في ضخ أموال مشبوهة لتمويل عملياتها الإرهابية.
 
فضلاً عن ذلك، فإن وجود إطار تشريعي مُحْكم لمواجهة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إنما يمثل حماية للنظام المصرفي، وهذا ما أشار إليه بوضوح معالي سلطان بن ناصر السويدي، محافظ البنك المركزي الإماراتي، بعد موافقة المجلس الوطني الاتحادي على مشروع القانون الأخير.
 
وفي سياق تجفيف مصادر تمويل الإرهاب، اتخذت دولة الإمارات العربية المتحدة سلسلة من الإجراءات الوقائية مثل اعتقال الأفراد المشتبه في تورطهم في عمليات غسل الأموال وتجميد عدد كبير من الحسابات المصرفية المشبوهة وإغلاق عدد من محلات الصرافة وتبديل العملة. 
 
علاوة على ذلك، كان المصرف المركزي، الذي يشرف على تنفيذ قوانين مكافحة غسل الأموال، حريصاً على تشديد الرقابة على الحسابات المصرفية وعمليات تحويل الأموال إلى الخارج التي أصبحت تشترط إبراز هوية الشخص المحول في حالة تجاوز المبلغ المحول ألفي درهم. وتشديد الرقابة على الحوالات الصادرة من شركات الصرافة لضمان عدم تحويل أي أرصـدة لتمويل عمليات غير شرعية من جانب تنظيم "القاعدة" أو غيره.
 
وتشمل هذه القوانين تغليظ عقوبة الحبس وفرض غرامات كبيرة ضد الأفراد والبنوك المتورطة في أي مخالفات من هذا النوع. وبموجب القانون الاتحادي المعني بتجريم غسل الأموال لعام 2002، يمتلك المصرف المركزي الصلاحيات اللازمة كافة لتجميد أرصدة أي مؤسسة مشبوهة أو أفراد مشتبه فيهم لمدة لا تتجاوز سبعة أيام عمل. 
 
وفي شهر يونيو 2008، صدرت حزمة من الإجراءات الجديدة المتعلقة بمكافحة غسل الأموال، فقد أخطر البنك المركزي الإماراتي البنوك وبيوت الصرافة بثلاثة عشر قانوناً جديداً تحدث حزمة الضوابط الإماراتية الأولى لمكافحة غسيل الأموال، التي دخلت حيز التنفيذ في نوفمبر 2000. وتتطلب الإجراءات الجديدة، من البنوك توخي درجة أكبر من اليقظة في التعامل مع عملائها المحتملين، وتتضمن العديد من الممارسات القائمة والتي تطبقها بالفعل البنوك الدولية العاملة في دولة الإمارات العربية المتحدة. وتتضمن القوانين كذلك إدخال خمسة تعديلات على قانون عام 2000، تخفض العتبة التي تضطر البنوك عندها إلى التحقق من الأسماء والعناوين الخاصة بأصحاب الحوالات من 40,000 درهم (11,000 دولار) إلى 3,500 درهم. 
 
وتحظر هذه القوانين الجديدة على البنوك الإماراتية فتح حسابات بأسماء أشخاص ممنوعين رسمياً من المعاملات والعلاقات المالية، وتطالبها بيقظة خاصة إزاء المتعاملين في الأحجار الثمينة والعقارات والبضائع الباهظة الثمن، ولاسيما في ضوء تحذيرات من المسؤولين من أن قطاع العقارات المزدهر في دبي، والآن في أبوظبي، قد يساء استغلاله في غسل الأموال. 
 
كما تفاعلت الإمارات مع الجهود الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب؛ حيث تجاوبت دولة الإمارات العربية المتحدة مع قرارات الأمم المتحدة الصادرة عقب أحداث 11 سبتمبر، وفي مقدمتها: القراران الدوليان (1368) و(1373) الصادران في شهر سبتمبر من عام 2001 واللذان وضعا استراتيجية دولية متكاملة لمكافحة تمويل الإرهاب تقوم على آليات وقواعد جديدة، منها: تجميد كل الأرصدة المالية لكل الجماعات المشتبه في تورطها في أعمال إرهابية، وقمع كل من يساعدهم، وإلزام كل الدول الأعضاء في المنظمة الدولية باتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لمحاربة الإرهاب، مثل تبادل المعلومات الاستخباراتية، ومنح الدول حق استخدام القوة العسكرية إذا ما تعرضت لأي هجمات إرهابية، والامتناع عن توفير أي دعم فعلي أو ضمني لكيانات أو أشخاص يتورطون في أعمال إرهابية.
 
ولا شك في أن صدور مشروع القانون الاتحادي الأخير عن المجلس الوطني الاتحادي، قد جاء في وقته تماماً بالنظر إلى التغيرات التي شهدتها المنطقة والعالم خلال السنوات الأخيرة، وما أدت إليه من ظهور العديد من القوى المتطرفة والإرهابية التي تسعى إلى توفير مصادر لتمويل نشاطاتها، وسعيها إلى التخفي وراء نشاطات وهمية في ظل الملاحقات لها في كل أنحاء العالم.
 
إن اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة بتوفير البيئة القانونية القادرة على خنق مصادر تمويل الإرهاب، أياً كانت طبيعتها، وحرصها على تحديث التشريعات الخاصة بهذه المسألة باستمرار، يؤكدان بوضوح أنها دولة مسؤولة تعي طبيعة التحديات التي تواجه أمن العالم واستقراره، وتعمل على المستويات كافة من أجل الإسهام الفاعل في التصدي لها، كما يؤكد الموقف الإماراتي الثابت في التصدي للإرهاب باعتباره من أكبر الأخطار التي تهدد الأمن العالمي. 
 
3. البعد القيمي والثقافي: تعزيز قيم الوسطية والاعتدال والتعايش والتسامح باعتبارها حائط الصدّ الرئيسي في مواجهة هذه الجماعات المتطرفة، من خلال تبني دولة الإمارات العربية المتحدة للعديد من المبادرات النوعية البنّاءة، التي تسير في اتجاهات عدة، لعل أبرزها:
 
أ- دعم جهود إصلاح الخطاب الديني، والعودة إلى الصورة السمحة للدين الإسلامي الحنيف وإعمال مبادئه وقيمه الإيجابية على أساس أن ذلك من شأنه أن يتصدى لنزعات التطرف والتشدد التي يحاول البعض فرضها على الخطاب الديني في مجتمعاتنا العربية والإسلامية. في هذا السياق تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة على استضافة نخبة من الوعاظ والعلماء من مختلف الدول العربية والإسلامية للمشاركة في إحياء ليالي شهر رمضان المبارك، من خلال المحاضرات والخطب التي تعبّر عن الصورة الصحيحة للدين الإسلامي، وتدحض كل ما ينسب إليه من أشكال مغلوطة، سواء كانت فتاوى أو أفكاراً مشوّهة، وإعادة تأكيد ثوابت الخطاب الإسلامي الصحيح الذي يبتعد عن الغلوّ والتطرف.
 
ب - دعم المؤسسات الدينية الوسطية في العالمين العربي والإسلامي، وفي مقدمتها الأزهر الشريف، حيث بادرت دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2013 بتمويل مشروعات عدة في الأزهر الشريف تبلغ تكلفة إنشائها نحو 250 مليون درهم إماراتي، من أجل استمراره في القيام بدوره الحضاري، وتعزيز رسالته التي تتميّز بالاعتدال والوسطية ومواصلة إشعاعه العلمي والتنويري. وتتضمن هذه المشروعات تمويل مشروع ترميم مكتبة الأزهر الشريف وصيانتها وترميم مقتنياتها من المخطوطات والمطبوعات وترقيمها، وتوفير أنظمة حماية وتعقّب إلكتروني لمراقبتها وتعقبها والمحافظة عليها، وكذلك تمويل إنشاء مبانٍ سكنية لطلاب الأزهر في القاهرة، وتمويل أعمال تصميم إنشاء مكتبة جديدة على أحدث النظم المكتبية العالمية للأزهر الشريف تليق بمكانته وما تحويه مكتبته من نفائس المخطوطات والمطبوعات، حتى تستطيع مكتبة الأزهر القيام بالدور المنوط بها في نشر الثقافة الإسلامية، وإتاحة أوعيتها النادرة لطلاب العلم والباحثين حتى تظل مركزاً عالمياً للإشعاع الإسلامي والثقافي.
 
4. الانخراط في الجهود الإقليمية والدولية الخاصة بمكافحة الإرهاب: تؤكد دولة الإمارات العربية المتحدة دائماً ضرورة أن تكون محاربة الإرهاب مسؤولية دولية تضامنية لا تنفرد بها دولة دون سائر الدول. وقد أكد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في خطابه بمناسبة اليوم الوطني في الثاني من ديسمبر 2005 أن دولة الإمارات العربية المتحدة لن تتراجع عن دعم الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب. والواقع أن سجل دولة الإمارات العربية المتحدة في التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب، سواء على الصعيد الإقليمي أو الدولي، فيه الكثير من الإنجازات، ويمكن تناول ذلك على النحو الآتي:
 
فعلى الصعيد الإقليمي، يعتبر البعد الخليجي والعربي محوراً أساسياً في استراتيجية دولة الإمارات العربية المتحدة لمواجهة الإرهاب، فقد تعاونت بشكل واضح مع باقي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مواجهة الإرهاب، ففي قمة مجلس التعاون التي جرت في مسقط في أواخر ديسمبر 2001 ضمت دولة الإمارات العربية المتحدة صوتها إلى بقية الدول الأعضاء في المجلس للموافقة على تشكيل "مجلس أعلى للدفاع المشترك" ووضع استراتيجية مشتركة لمكافحة الإرهاب. كما واصلت دولة الإمارات العربية المتحدة تنسيق جهودها وتعاونها في هذا المجال إقليمياً في إطار عضويتها في اتفاقية مجلس التعاون لدول الخليج العربية لمكافحة الإرهاب الموقعة في 4 مايو 2004. 
 
وتتبنى هذه الاتفاقية رؤية مشتركة وشاملة لكيفية استئصال ظاهرتي التطرف والإرهاب، استناداً إلى الأبعاد السياسية والأمنية والثقافية للظاهرة. وهذه الاتفاقية تعتبر تتويجاً للاستراتيجية الخليجية الموحدة لمكافحة التطرف والإرهاب التي تم إقرارها في أكتوبر 2001، والتي ترتكز على مبادئ عدة، أهمها: تبادل المعلومات، والتنسيق في مجال مكافحة التطرف والإرهاب، وتعزيز جهود توفير التدريب المشترك للعاملين في أجهزة الأمن، والأخذ بأحدث التقنيات، وتطوير الأساليب التدريبية وتبادل الخبرات بين دول المجلس، واتخاذ الخطوات المناسبة وتعزيز الإجراءات الوقائية وتطوير الوسائل المتعلقة بالمواجهة التشريعية والأمنية للإرهاب بما يتماشى مع الظروف والتحولات المستجدة، ويكفل حماية دول المجلس وشعوبها من المخاطر الإرهابية، وتأييد التحرك والتعاون الدولي لمكافحة الإرهاب، وقطع الطريق على مصادر التمويل.
 
وتنبع أهمية هذه الاتفاقية، من كونها لم تقف عند حد النصوص المكتوبة، بل امتدت إلى تحويل تلك النصوص إلى آليات وإجراءات ملموسة تجسدت في إنشاء قاعدة للبيانات المتعلقة بعناصر متطرفة يكون مقرها الأمانة العامة للمجلس وترتبط بكل الدول الأعضاء عبر شبكة إلكترونية تتيح للأجهزة الأمنية الخليجية فرصة تبادل المعلومات المتعلقة بمكافحة المجرمين والمخدرات وقضايا الإرهاب. 
 
وعلى الصعيد العربي: جاء دعم دولة الإمارات العربية المتحدة للاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب التي دخلت حيز النفاذ اعتباراً من مايو 1999، ومشاركتها الأساسية في صياغتها، وبموجب هذه الاتفاقية تتعهد الدول المتعاقدة بعدم تنظيم أو تمويل أو ارتكاب الأعمال الإرهابية أو الاشتراك فيها بأي صورة من الصور، والتزاماً منها بمنع الجرائم الإرهابية ومكافحتها طبقاً للقوانين والإجراءات الداخلية. 
 
ولا شك في أن تعاون دولة الإمارات العربية المتحدة خليجياً وعربياً في التصدي للإرهاب، يجسد قناعتها بأن الأمن القومي العربي كل لا يتجزأ، وأن تهديد أي دولة عربية هو بالضرورة تهديد للدول الأخرى، كما يعكس إدراكها القوي بأن من الصعوبة بمكان على أي دولة بمفردها مواجهة الإرهاب.
 
وعلى الصعيد الإسلامي، صادقت دولة الإمارات العربية المتحدة على معاهدة منظمة المؤتمر الإسلامي لمكافحة الإرهاب، والتي بموجبها تتعهد الدول الأطراف بعدم القيام أو الشروع أو الاشتراك بأي شكل من الأشكال في تنظيم أو تمويل أو ارتكاب أو التحريض على ارتكاب الأعمال الإرهابية أو دعمها بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
 
وعلى الصعيد الدولي، تنوعت الإجراءات التي اتخذتها دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا الخصوص، سواء في الانضمام إلى التحالف الدولي ضد الإرهاب أو في التعاون في مجال تبادل المعلومات والخبرات مع الدول والمنظمات الإقليمية والدولية ذات الصلة، كما درجت دولة الإمارات العربية المتحدة أيضاً على تقديم تقاريرها الوطنية الخاصة بمكافحتها للإرهاب إلى الأمم المتحدة وفي مواعيدها المحددة، وتعاونت أيضاً مع لجان مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن لضمان معالجة كل الثغرات المحتملة في تشريعاتها ونظمها الوطنية ذات الصلة، بما في ذلك القرارات القاضية بملاحقة أموال الجماعات الإرهابية أو الداعمة لها وتجميدها.
 
كما دعمت دولة الإمارات العربية المتحدة جميع المبادرات الرامية إلى وضع اتفاقية دولية شاملة لمكافحة الإرهاب يتم بموجبها وضع تعريف دولي واضح لمصطلح الإرهاب، وكانت من ضمن الدول الموقعة على "ميثاق روما الأساسي" في شأن إنشاء "المحكمة الجنائية الدولية"، وحرصت على المشاركة في حضور اجتماعات الدول الأطراف في المحكمة.
 
5. تنظيم الفاعليات الكبرى وإطلاق المبادرات الرائدة لمواجهة التطرف والإرهاب، ولعل أبرزها في هذا الخصوص:
- استضافت أبوظبي في شهر مارس 2014 المنتدى العالمي "تعزيز السلام في المجتمعات المسلمة"، الذي خرج بمجموعة من التوصيات المهمة، التي من شأنها تصحيح المفاهيم المغلوطة التي تعمل بعض قوى العنف والتعصّب والتطرف على إشاعتها ولصقها بالدين الإسلامي الحنيف، وتصحيح المفاهيم الخاطئة المتعلقة بالجهاد ودور الفتاوى وشروط وقيود إصدارها، وإعطاء الأولوية لنشر ثقافة السلام، وبث قيم الوئام للناشئة وللشباب، ودعوتهم إلى الانخراط الفعلي في نشر ثقافة السلم في المجتمعات المسلمة.
 
- شهدت أبوظبي في يوليو عام 2014 إعلان إطلاق "مجلس حكماء المسلمين"، ليصبح أول هيئة دولية مستقلة تهدف إلى تعزيز السلم في العالم الإسلامي، وستدعمه دولة الإمارات العربية المتحدة بالمقر والتمويل. ويترأس المجلس فضيلة الإمام الأكبر الشيخ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ومعالي العلامة الشيخ عبد الله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة. وأكد نص البيان التأسيسي اتفاق المشاركين على أن جسد الأمة الإسلامية لم يعد يتحمل حالة الاقتتال والاحتراب بين مكونات المجتمعات المسلمة، وعلى حاجة الأمة إلى تدخل عاجل وضروري لحقن دم الإنسان، مؤكدين أن غاياتهم هي غايات ومقاصد الشارع التي تتمثل في تأمين الناس على أنفسهم ودمائهم وأديانهم، وأن ما يعطيه السلم لا يساويه ما تنتجه الحروب.
 
ويهدف المجلس إلى توحيد الجهود في لمّ شمل الأمة الإسلامية وإطفاء الحرائق التي تجتاح جسدها، ومبادئ الإسلام السمحة، وتشييع شرور الطائفية والعنف التي تعصف بالعالم الإسلامي منذ عقود. وتتمثل رؤية المجلس في إيجاد مجتمعات آمِنة تُوقِّر العلمَ والعلماء، وتُرسِّخ قيمَ الحوار والتسامح واحترام الآخَر، وتَنعمُ بالسلام، كما تقوم رسالته على إحياء دور العُلَماء واستثمار خِبراتهم في ترشيد حرَكة المجتمعات المسلمة، والإسهام في إزالة أسباب الفُرقة والاختلاف، والعمل على تحقيق المصالحة.
 
- قامت دولة الإمارات العربية المتحدة في ديسمبر 2012 بافتتاح المركز الدولي للتميز لمكافحة التطرف العنيف "هداية"، الذي يعتبر أول مركز دولي للتميز لمكافحة التطرف العنيف. وجاء تأسيس مركز "هداية" استجابة للرغبة المتنامية لدى المجتمع الدولي وأعضاء المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب في وجود مؤسسة مستقلة ومُكرسة للحوار والتدريب والتعاون والبحوث في مجال مكافحة التطرف العنيف بكافة أشكاله ومظاهره، بحيث تجمع الخبراء والخبرات والتجارب من جميع أنحاء العالم. ويؤمن مركز "هداية" بالحل الوقائي عبر منع الأفراد من الانحدار في طريق الراديكالية واعتناق مذهب العنف ودعم الإرهاب، لذلك يسعى المركز إلى التعاون مع دول العالم في جهودها لإثناء بعض الأفراد الذين وطأت أقدامهم هذا الدرب المنحرف وردهم عنه قبل تورطهم فيه بالكامل.
 
هذه الإجراءات والمبادرات النوعية تعكس استراتيجية دولة الإمارات العربية المتحدة الشاملة لمواجهة الفكر المتطرف والإرهاب، وهي استراتيجية تأخذ في الاعتبار الأبعاد الفكرية والثقافية التي تغذيهما، والعمل على مواجهة مسبباتهما، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، ولهذا فإنها تبرز دائماً باعتبارها قوة رئيسية في جهود مكافحة التطرف والإرهاب على الصعيدين الإقليمي والعالمي. 
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره