مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2021-11-02

اكسبو 2020: الامارات منارة ابداع عالمي في صناعة المعارض

يمثل وجود معرض «اكسبو 2020» على أرض الامارات نقلة نوعية هائلة لدور ومكانة الدولة ليس في مجال صناعة المعارض فقط، ولكن أيضاً باعتبارها أيقونة عالمية ومنصة حيوية لاستعراض مستويات التطور والابتكارات التي ستقود ركب التطور في القرن الحادي والعشرين، باعتبار أن المسيرة التاريخية لمعارض «اكسبو» الدولية التي تمتد لنحو 170 عاماً، كانت ولا تزال منصة تنطلق منها أبرز الابتكارات في العالم، وفي هذا العدد تسلط «درع الوطن» الضوء على أبرز دلالات ومعاني أول اكسبو دولي يقام في منطقة الشرق الأوسط وافريقيا وجنوب آسيا.
 
 
إعداد: هيئة التحرير
في السابع والعشرين من نوفمبر 2013، احتفلت دولة الامارات العربية المتحدة بالفوز باستضافة أول اكسبو عالمي يقام في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا، وفي مساء يوم الثلاثين من سبتمبر عام 2021، تابع العالم أجمع بانبهار شديد حفل الافتتاح الرسمي لمعرض «اكسبو 2020 دبي»، الذي تستضيفه دولة الإمارات بمشاركة 192 دولة، حيث حضر الافتتاح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ويمتد المعرض، الأكبر والأعرق من نوعه في العالم، على مدار ستة أشهر تحت شعار «تواصل العقول وصنع المستقبل وبالتركيز على ثلاثة محاور أساسية هي «الاستدامة» و«التنقل» و«الفرص» من أجل رسم ملامح مستقبل العالم عبر حوار ثقافي وإبداعي هدفه تقديم الحلول والابتكارات والأفكار التي تعين على تحقيق طموحات شعوبه وإيجاد آليات أكثر كفاءة لتفعيل العمل المشترك نحو غد أفضل للجميع. ويستهدف “إكسبو 2020” في دبي جذب 25 مليون زائر خلال فترة انعقاده التي تنتهي في 31 من مارس 2022. 
 
 
وقد أقيم المعرض العالمي الأول في لندن في عام 1851 في كريستال بالاس الذي بني خصيصا لهذا الغرض، ومنذ  أول معرض اكسبو في العام 1851 والذي عُرف باسم “المعرض العظيم”، لا تزال معارض اكسبو من أكبر وأهم الأحداث الدولية. وفي الامارات، تم بناء موقع “إكسبو” من الصفر على مساحة تتجاوز أربعة كيلومترات مربعة، أي ما يوازي نحو 600 ملعب لكرة القدم. ويشكل المعرض تتويجاً لجهود نحو عشر سنوات من التخطيط والإعداد لاستضافة أول إكسبو دولي في المنطقة (سبق اختيار ملف دبي جهود دؤوبة ومكثفة للدراسة والتخطيط والاعداد)، وهو الأكثر تنوعاً على الإطلاق في تاريخ هذا الحدث الدولي. ويُقام «إكسبو 2020» في الفترة من 1 أكتوبر 2021 إلى 31 مارس 2022، ليتزامن انعقاده مع الذكرى الـ50 لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، ويسلط الضوء على دور الدولة بوصفها ملتقى عالمياً للأفراد والأفكار والابتكارات.
 
 
ويمتلك معرض «اكسبو» تاريخ عريق، حيث لعب دوراً حيوياً على مدى نحو 170 عاماً كحاضنة عالمية للتعاون وتوطيد العلاقات بين الدول في المجالات العلمية والتجارية والثقافية، حيث ظل طيلة هذه العقود الطويلة منصة عالمية بارزة للتعرف على أهم ابداعات العقل الانساني في المجالات كافة، حيث تعرض أكثر من 190 دولة ثقافاتها وابتكاراتها، داخل أجنحة مدهشة من الناحية المعمارية. ويسعى المشاركون جميعاً للاسهام في صنع عالم جديد خلال 6 أشهر من الاحتفال بالإبداع والابتكار والتقدم والثقافة.
 
 
رؤية القيادة الرشيدة
مثلما اعتادت القيادة الرشيدة في دولة الامارات، يمثل النجاح والتفوق والتميز عناصر رئيسية في انجاز أي تحد تسعى الدولة إلى تحقيقه، وفي سبيل تحقيق ذلك هناك رهان أساسي وثقة مطلقة في قدرة الكفاءات المواطنة على تحقيق ماتطمح إليه وتخطط له القيادة، وهذا يفسر هذه الثقة الواضحة في تأكيد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أن معرض إكسبو 2020 دبي سيبقى في ذاكرة العالم، مؤكدين سموهما أن الإمارات ستقدم للعالم نموذجاً ملهماً في الإرادة والعزيمة والإنجاز. وفي جولة تفقّد خلالها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم موقع إكسبو 2020 دبي قبل شهر واحد من انطلاق الحدث الكبير، أشاد سموه، بجهود كافة فرق العمل في إكسبو 2020 دبي، وبالدعم الذي تقدمه مختلف الجهات الحكومية المحلية والاتحادية لإنجاح حدث هو الأهم من نوعه في الدولة والمنطقة بشكل عام، وتقديم دورة استثنائية ستمثل علامة فارقة في تاريخ المعرض العريق، وبما يليق بمكانة دولة الإمارات كشريك في صنع المستقبل. وقال سموه وقتذاك: «نتطلع لاستقبال وفود 191 دولة ومنظمات ومؤسسات دولية وشركات عالمية للعمل معاً لغد أفضل للإنسانية.. إكسبو منصة ملهمة تدعم تبادل الأفكار الخلاقة والرؤى المبدعة من أجل تمهيد الطريق أمام العالم ليستأنف مسيرة التقدم.. الحدث سيمنح الطاقات المبدعة فرصة المشاركة في اكتشاف وتفعيل مسارات جديدة للنمو والازدهار.. والهدف صياغة مستقبل يمكّن الشعوب من بلوغ ما تنشده من رقي ورخاء بأسلوب يعالج التحديات القائمة والمحتملة. واطلع سموه على معلمين رئيسيين جديدين تم تشييدهما في إطار البنية التحتية رفيعة المستوى لمقر إكسبو، إيذاناً بانضمامهما إلى مجموعة المعالم الحضارية الفريدة في دبي ودولة الإمارات، وشملا «شلالات إكسبو»، التي تقدم للزائرين تجربة إبداعية بالغة التميز من خلال تكوين مبتكر يمزج بين تدفق مياه الشلالات وتشكيلات تتم باستخدام النار ومقطوعات موسيقية مصاحبة، قام بتأليفها خصيصاً للشلالات مجموعة من المؤلفين الموسيقيين العالميين، و»حديقة الثريا» بتصميمها الخاص المشيد على برج للمراقبة يرفع الحديقة إلى ارتفاع يصل إلى 55 متراً ليمكن الزوار من مشاهدة إطلاله بانورامية لكافة معالم إكسبو بما يضمه من أجنحه، وكذلك المناطق المحيطة بمقر الحدث.
 
 
كما تفقد سموه عدداً من المعالم الرئيسية في مقر إكسبو ومنها “ساحة الوصل”، التي تمثل قلب إكسبو وتصل بين مناطق الموضوعات الثلاثة التي يركز عليها الحدث وهي: الفرص والتنقل والاستدامة، بتصميمها المميز الذي يغطيه قبة فولاذية ضخمة تصل مساحتها إلى 724 ألف متر مكعب والمزود بأحدث أجهزة العرض لتصبح أكبر شاشة في العالم بزاوية 360 درجة. وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، على “تويتر”: “بعد شهر تبدأ دولة الإمارات باستضافة أحد أكبر الأحداث الثقافية والحضارية على مستوى العالم “إكسبو 2020 دبي”.. قدرات فريقنا الوطني وكفاءتهم، بقيادة أخي محمد بن راشد ستقدم للعالم نموذجاً ملهماً في الإرادة والعزيمة والإنجاز، مستلهمين من إرثنا العريق في التواصل والتبادل الثقافي”. والمؤكد أن القيادة الرشيدة تخطط لمستقبل الامارات بشكل شمولي متكامل، وهذا يفسر أهداف أكسبو المرتبطة بشكل واضح بجهود الامارات في نشر ثقافة التسامح والتعايش، فشعار “تواصل العقول وصنع المستقبل” يتضمن محورين رئيسيين لتنافسية الامارات ورؤيتها الاستراتيجية، وهما التواصل والمستقبل، حيث سعت القيادة الرشيدة لحشد الجهود، الرسمية والشعبية، وراء تحقيق هذين الهدفين المتراطبين خلال فعاليات “اكسبو 2020 دبي” انطلاقاً من ان الحدث العالمي الفريد يوفر دفعة قوية لجهود الامارات لإكمال مسيرة ازدهارها للخمسين عاماً المقبلة، وقد لا تتوافر فرصة لإظهار قيم الامارات ومبادئها للعالم أكثر من مشاركة نحو 192 دولة في المعرض على أرض الامارات طيلة ستة أشهر، كما يتيح “اكسبو 2020 دبي” أجواء مثالية لانطلاق الجهود الاماراتية نحو مرحلة جديدة من البناء والتنمية في إطار مبادىء وثيقة الخمسين التي تم اعلانها مؤخراً، وصولاً لتحقيق أهداف مئوية الامارات 2071.
 
 
ولاشك أن “اكسبو 2020 دبي” يحقق أحد أهم أهداف القيادة الرشيدة، وهو إبراز قدرة الامارات على تنظيم الفعاليات والأحداث الدولية الكبرى، والتأكيد على قدرتها على أن تكون ملتقى عالمياً للتسامح والتعايش من خلال إبراز قدرتها على جمع العالم على أرض الامارات في توقيت واحد ومكان واحد وفي إطار شعار واحد وأهداف واحدة، بما يعزز فرص تعزيز القيم الانسانية المشتركة ودعم التعاون بين الدول والشعوب في مواجهة التحديات.
 
 
اكسبو 2020: رسائل ودلالات مهمة
لاشك أن انعقاد اكسبو 2020 في دولة الامارات يكتسب أهمية استثنائية ليس فقط من أهمية الحدث ودوره الحيوي الكبير كونه المعرض الأبرز عالمياً، ولكن أيضاً لأنه الحدث العالمي الأول الذي ينعقد في شكل عادي منذ تفشي جائحة «كورونا» قبل عام ونصف تقريباً، حيث كان أكبر حدث تم تنظيمه خلال جائحة «كوفيد-19»، هو دورة الألعاب الأولمبية التي اقيمت في طوكيو الصيف الماضي، إنما من دون متفرجين للحد من انتقال الفيروس. 
 
 
تتوج استضافة “اكسبو 2020” مسيرة تفوق دولة الامارات بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء ـ وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وريادتها اقليمياً في مجال تنظيم المعارض، فالامارات التي فازت بتنظيم معرض “اكسبو 2020” الذي تم في فرنسا في إطار منافسة مع دول كبرى عديدة وتفوقت على عروض ساوباولو البرازيلية وإيكاترنبزغ الروسية وإزمير التركية (حصلت الامارات على تأييد 116 من أصوات أعضاء المكتب الذين لهم حق التصويت، والبالغ عددهم 164 في جولة إعادة نهائية أمام يكاترينبرغ) تؤكد للعالم مجدداً كفاءة قدراتها البشرية والتنظيمية الهائلة وخبراتها التراكمية الكبيرة، من خلال تنظيم الحدث الأضخم عالمياً في مجال المعارض بكفاءة تفوق الكثير من الدورات السابقة للمعرض، وتبعث برسالة قوية تعكس ثقلها وتثبت جدارتها بالثقة التي حظيت بها في استضافة هذا المعرض.
 
 
كان أساس نجاح دولة الامارات في انجاز افتتاح معرض “اكسبو 2020” رغم استمرار تفشي جائحة “كورونا” وقيود السفر والاجراءات الاحترازية المرتبطة بذلك، هو في نجاح خطط تعامل الدولة مع تفشي الجائحة؛ فمنذ بدايات التفشي العالمي لجائحة فيروس “كوفيد ـ 19” في شهر فبراير 2020، تجلى بوضوح دور القيادة الرشيدة في دولة الامارات في إدارة الأزمة ليس على الصعيد الوطني فقط، بل أيضاً في تعزيز التعاون والتضامن العالمي والسعي لتوحيد الجهود الدولية من أجل التصدي لتداعيات الوباء على مختلف الأصعدة، وذلك من خلال رؤية واعية تدرك قيمة التماسك والتعاون والتنسيق وتضافر الجهود في مواجهة مثل هذه الأزمات؛ فالأزمة العالمية الناجمة عن جائحة»كورونا» تعد أكبر من كونها أزمة صحية لما لها من تأثيرات ممتدة وعميقة في كافة القطاعات والمجالات، حتى أن الأزمة قد سيطرت على أولويات اهتمام العالم ابتداء منذ بدايتها وحتى الآن، وتراجعت أمامها كل الأحداث والقضايا والموضوعات أياً كان حجمها وأولويتها، حتى أن استحقاقات عالمية مهمة في مجالات السياسة والاقتصاد والرياضة قد تأجلت بسبب الخوف من تفشي الفيروس الخطير، ويكفي للبرهنة على حجم تداعيات الأزمة، الإشارة إلى أن صندوق النقد الدولي قد اعتبر أن العالم لم يواجه أزمة اقتصادية، أسوأ منها منذ الكساد الكبير، الذي وقع في ثلاثينيات القرن الماضي، إذ أجبرت الإجراءات الاحترازية، التي فرضتها الحكومات، العديد من الشركات على الإغلاق وتسريح الموظفين. وفي هذا الإطار، قالت دراسة للأمم المتحدة إن 81 في المئة من القوى العاملة في العالم، التي تقدّر بنحو 3.3 مليارات شخص، قد أُغلقت أماكن عملهم، بشكل كامل أو جزئي، بسبب تفشي الوباء، كما حذرت منظمة العمل الدولية، وهي إحدى الوكالات التابعة للأمم المتحدة، من أن الوباء يمثل «أشد أزمة» منذ الحرب العالمية الثانية. وفي مواجهة هذا الخطر والتحدي العالمي، برز بقوة دولة الامارات من خلال ما اتسم به من سرعة استجابة وقرارات مدروسة وحرص على التمسك بالقيم والمبادىء الانسانية والحضارية الأصيلة رغم ما يشهده العالم من انحسار للقيم الانسانية في التعاطي مع هذه الأزمة المعقدة، كما تجلت كفاءة القيادة وفاعلية دورها في وضوح الرؤية والوعي الشديد بأهمية دورها في بناء إجماع وطني حول استراتيجيات التصدي للأزمة، كما برز بقوة التأثير الايجابي للتلاحم والترابط بين القيادة الرشيدة والشعب، والمخزون الكبير والرصيد المتراكم من الثقة الشعبية الجارفة في حكمة القيادة ورشادة قرارها.
 
 
 وقد اتسمت سياسة دولة الامارات منذ بداية تسجيل إصابات بالفيروس التاجي في البلاد بالجدية والصرامة ومن خلال تطبيق خطط جاهزة لإدارة الأزمات والطوارىء والكوارث، فجاء التحرك سلساً وسريعاً والاستجابة واعية ومدروسة ووفق خطط مدروسة استطاعت بث الثقة والطمأنية بسرعة بين السكان والمقيمين،الأمر الذي أسهم بقوة في احتواء خطر الوباء في دولة الامارات وسرعة خروجها من دائرة هذا التهديد الصحي العالمي، فعل الإدارة الفاعلة للأزمة والمبادرة بطرح اللقاحات بوتيرة سريعة، إذ تم تلقيح أكثر من 62٪ من السكان، حيث تحتل الامارات المرتبة الثانية عالميا بعد إسرائيل من حيث الجرعات التي تُعطى لكل مئة شخص.
 
 
يلفت نجاح دولة الامارات في تنظيم معرض اكسبو 2020 رغم التحديات العالمية المتعلقة بتفشي فيروس “كورونا”، عمق التصميم الذي تتمتع به الدولة، فالمعروف أن جميع المعارض الدولية قد الغيت خلال الفترة السابقة، وكانت البداية في أكبر معرض لوسائل الاتصال في برشلونة ثم لحقت به معارض السفر والسياحة مثل “معرض السياحة الدولي في برلين”، ومعارض السيارات مثل “معرض السيارات في جنيف” ومعارض للكتب في بولونيا وباريس ثم لايبزغ وغيرها. وفي بداية مارس الماضي وصل عدد المعارض التي أُلغيت في مختلف أنحاء العالم إلى نحو 400 معرض، وكان اكسبو 2020 دبي من بين معارض قلائل تم تأجيله انعقادها، والحفاظ على دوريتها. وقد بلغ عدد المعارض التي تم الغائها في أوروبا أكثر من مائة،  وفي ألمانيا التي تحتل المرتبة الثانية في مجال استضافة المؤتمرات بعد الولايات المتحدة ويوجد فيها نحو 185 معرضاً متخصصاً ، تم الغاء الكثير من المعارض، وهذا يعني خسائرة باهظة ولاسيما على صعيد العائدات المتوقعة، ففي عام 2019 على سبيل المثال تم إبرام صفقات بحجم 7 مليارات يورو في معرض السياحة الدولي في برلين الذي ألغي العام الماضي.
 
 
لاشك أن نجاح دولة الامارات في استضافة “اكسبو 2020” وسط هذه الظروف العالمية الصعبة للاقتصادات كافة، يمثل رسالة أمل مهمة يحتاجها العالم لتحفيزه على سرعة الخروج من آثار وباء “كورونا”، حيث تعتبر صناعة المعارض والمؤتمرات عالمياً من أكثر القطاعات تأثيراً على أعمال وتجارة الدول، وتكاد تكون الصناعة الوحيدة ذات التأثير المباشر وغير المباشر على جميع قطاعات الاقتصاد العالمي.
 
 
يأتي “اكسبو 2020 دبي” في توقيت مهم للغاية للعالم أجمع حيث يمثل محركاً رئيسياً لاستئناف مسيرة الاقتصاد العالمي والخروج من أزمة “كورونا” وتوابعها التي تسببت في خسائر باهظة للكثير من الاقتصادات، ويعزز هذه القناعة أن المعرض ينعقد في دولة الامارات بما تمتلك من مكانة اقتصادية وتجارية واستثمارية عالمية، وبما لديها من قدرة على القيام بدور حيوي في تحفيز حركة التجارة والاستثمارات العالمية، لاسيما أن مشاركة أكثر من 190 دولة رقم لم يتحقق من قبل في تاريخ إكسبو الدولي منذ انطلاقه لأول مرة في لندن عام 1851.
 
 
على الرغم من أن اكسبو حدث عالمي يمتد تاريخه على مدار 169 عاماً، فإن تنظيمه في الإمارات هو محطة استثنائية، لاعتبارات متنوعة، أهمها حرص الإمارات على دعوة كل دول العالم بلا استثناء، وذلك بما ينسجم مع توجهات السياسية الإماراتية، التي تسعى إلى تحويل المعرض إلى منصة إنسانية تتلاقى فيها الثقافات على اختلاف توجهاتها واتجاهاتها، لترسيخ سياسة التعايش والتسامح، التي تمثل ركيزة أساسية في صلب السياسة الإماراتية، حيث سيتم الاحتفال لأول مرة في المعرض بعيد الحب، والهالوين، ويوم اللغة العربية، ويوم الشعر العالمي، وعيد الأم، وستتمكن كل دولة مشاركة في المعرض من الاحتفال بيومها الوطني -أو يوم شرف- خلال الحدث، الذي يستمر ستة أشهر.
 
 
أهمية صناعة المعارض عالمياً
تشير الاحصاءات إلى أن حجم صناعة المعارض والمؤتمرات عالمياً ما يقارب من تريليوني دولار موزعة تقريباً على 10 آلاف معرض عالمي متفاوت الحجم والأهمية، ويبلغ عدد الجهات المنظمة لها في العالم حوالي 2863 جهة منظمة، كما يشير تنامي عدد هذه المعارض الى أهميتها.
وتقوم هذه الصناعة بدور كبير في اقتصادات العديد من الدول. فتنظيم المعارض يوجد استثمارات جديدة، كما هو الحال بالنسبة لألمانيا التي تعتمد بشكل كبير اقتصادياً على تنظيم المعارض والقطاعات المرتبطة بها بشكل مباشر وغير مباشر. وتشير تقارير متخصصة إلى أن صناعة المعارض قد أصبحت من القطاعات الحيوية في الصين، حيث سجل معدل نمو قطاع المعارض أكثر من سنوياً، والنسبة كذلك في تزايد واضح في كوريا الجنوبية واليابان وسنغافورة.
 
 
وتلعب صناعة المعارض دوراً مهماً في إطار خطط التنمية الشاملة للدول وزيادة الاستثمارات كونها تنطوي على رسالة ذات مصداقية عالية المستثمرين على أن الدول المستضيفة للمعارض الكبرى تنعم بالأمن والاستقرار، وتمتلك بنية تحتية متطورة تؤهلها لاستضافة مثل هذه الأحداث العالمية الكبرى، لذا فقد أصبحت صناعة استراتيجية مهمة لأنها قناة وصل بين السوق المحلية لأي دولة تستضيف معارض كبرى والشركات المشاركة، بما يجعل الدولة المنظمة على تواصل اتصال مع مسيرة التطورات العالمية في مختلف مجالات العلم والمعرفة والتقنيات والاقتصاد والزراعة وغيرها.
وتنبع أهمية صناعة المعارض من تأثيرها القوى على باقى القطاعات، مثل السياحة والخدمات بشكل عام، التى قد تصل لأقصى طاقاتها التشغيلية بفضل تلك الصناعة، كما تنبع أهميتها أيضاً من كونها محفزاً لا يستهان به للاقتصاد،  ووفقاً لتقارير جمعية المؤتمرات الدولية، بلغ عدد المؤتمرات والمعارض التى يتم تنظيمها سنوياً على مستوى العالم نحو 400 ألف مؤتمر ومعرض، بإجمالى نفقات نحو 280 مليار دولار.
 
خلاصة
قد يكون من باب المفارقة أن ينعقد الحدث العالمي الأهم «اكسبو 2020» على أرض الامارات بالتزامن مع احتفالات الدولي بيومها الوطني الخمسين، ولكنه تزامن لا يخلو من دلالات وأبعاد تؤكد على أن الامارات في غضون خمسة عقود قد أصبحت مركزاً للإبداع العالمي وملتقى للأفكار وحاضنة للعالم أجمع على أرض التسامح والتعايش، حيث يتحقق حلم القائد المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حيث حلم دوماً منذ تأسيس دولة الاتحاد على أن تتبوأ الامارات مكانة متميزة، وأن تكون جسراً للتواصل والتقارب بين الأمم والشعوب، معتبراً أن «أفضل استثمار للمال هو استثماره في بناء أجيال من المتعلمين والمثقفين، علينا أن نسابق الزمن وأن تكون خطواتنا نحو تحصيل العلم والتزود بالمعرفة أسرع من خطانا في أي مجال آخر». وإلى جانب ماسبق  ينطوي «اكسبو 2020» إلى جانب أهميته الاقتصادية والدفاعية، على أبعاد سياسية مهمة، إذ يعد التصويت لمصلحة استضافة الامارات للحدث العالمي الأكبر انعكاساً للثقة في قدراتها وتقديراً لسياساتها ودبلوماسيتها الفاعلة، ودورها في تعزيز أسس الأمن والسلام على الصعيدين الإقليمي والدولي، كما يعد في الوقت ذاته مظهرًا من مظاهر قوّتها الناعمة. 
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره