مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2022-09-05

الإمارات وفرنسا... علاقات تاريخية استراتيجية شاملة

قراءة للزيارة التاريخية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان:
 
 مثّلت زيارة الدولة التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ إلى باريس في يوليو الماضي، والتي وصفها الرئيس ماكرون بـ”التاريخية”، علامة بارزة في مسيرة العلاقات الاستراتيجية المتنامية بين الإمارات وفرنسا، ومنحت هذه العلاقات قوة دفع نوعية كبرى. وفي هذا العدد تسلط “درع الوطن” الضوء على ركائز العلاقات بين البلدين الصديقين، وصولاً إلى استشراف آفاقها وتحليل أبعادها وتأثيراتها الايجابية المتوقعة.
 
إعداد: هيئة التحرير
في إطار علاقات التحالف الوثيقة، والتعاون المستمر والمتواصل بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية فرنسا، استقبلت باريس في منتصف يوليو الماضي، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ في زيارة دولة (تعد الأعلى مستوى بين أنواع الزيارات التي تتم بين قادة الدول ورؤساء الحكومات) هي الأولى له خارجياً عقب تولي سموه منصب الرئاسة، بكل ما يعنيه اختيار فرنسا محطة أولى للتحركات الدولية للسياسة الخارجية الإماراتية، من معان ودلالات استراتيجية عميقة ومتعددة. ولأن الزيارة تعد، كما وصفها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، «تاريخية» بكل المعايير التي تنطوي عليها أدبيات العلاقات الدولية، فإن من المهم تناول ومناقشة أبعاد هذه العلاقات وتحليل نتائجها وتأثير كل ذلك في مسيرة هذه العلاقات على المديين القريب والبعيد، وفي هذا الإطار يمكن مناقشة النقاط التالية:
 
شمولية العلاقات الثنائية: تتسم العلاقات الإماراتية ـ الفرنسية بالشمول والتنوع، وتختلف في ذلك عن علاقات الإمارات مع حلفاء استراتجيين دوليين آخرين، حيث لا تقتصر مجالات التعاون على الجوانب السياسية والعسكرية والاقتصادية، بل تمتد لتشمل الجانب الثقافي، حيث التعاون العميق بين الجانبين من خلال انشاء متحف «لوفر أبوظبي» وجامعة «سوربون أبوظبي»، وهي كلها أصبحت علامات محفورة تعكس اتساع هذه العلاقات وتوفر لها ركائز قوية ومقومات الاستمرارية والتواصل. ومن أهم دلائل شمولية العلاقات كذلك أن الإمارات وفرنسا قد وقعا في عام 1995، اتفاقية أمنية أنشأت بموجبها باريس قاعدة عسكرية لها على الأراضي الإماراتية عام 2009، كما كان لأبوظبي دور جوهري في دعم حرب فرنسا في مالي منذ عام 2011، في أول تعاون عسكري من نوعه بين البلدين. كما وقع البلدان خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يوم 3 ديسمبر 2021، إلى الإمارات، اتفاقية لشراء 80 طائرة مقاتلة من طراز رافال و12 طائرة مروحية «كاراكال». ووصفت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي، الصفقة بـأنها «عقد تاريخي» بلغت قيمته عدة ملايين يورو، فيما رأت الرئاسة الفرنسية أن هذا إنجاز كبير للشراكة الاستراتيجية بين البلدين الحليفين؛ حيث تعد تلك الصفقة أكبر طلبية خارجية للطائرات الفرنسية المقاتلة منذ دخولها الخدمة في عام 2004.
 
 
 
المرونة والتفاهم: يتمتع الجانبين الإماراتي والفرنسي بمرونة وديناميكية واضحة في فهم وإدارة القضايا الخلافية بين البلدين، وهي مسألة لا تتوافر في ملفات أخرى من العلاقات الدولية، ففرنسا، على سبيل المثال، تقف موقفاً حاداً يعارض العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، ويتخذ حيالها مواقف متشددة ولاسيما على صعيد فرض عقوبات على روسيا سواء بشكل فردي، أو في إطار السياسات الجماعية الأطلسية (حلف الأطلسي) أو الأوروبية (الاتحاد الأوروبي)، ومع ذلك تبدي باريس تفهماً ملموساً لوجهة نظر دولة الإمارات بشأن الأزمة الأوكرانية، حيث تحاول أبوظبي البقاء في موقع حيادي بين طرفي الأزمة بما يحافظ على مصالحا الاستراتيجية الكبرى مع الجانبين (روسيا والغرب)، وهنا توفر باريس مساحة من المرونة وهامشاً للحركة بما يسمح للشركاء والحلفاء بالتعامل فرادى وحسب مصالهم الاستراتيجية في مثل هذه الملفات، وهي الميزة التي لا تتوافر بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية، التي تبدي عدم رضا عن سياسات حلفائها وشركائها الخليجيين بشأن الوضع أوكرانيا، وتطالبهم بتبني مواقف وقرارات معاكسة لمصالح وغايات هذه الدول، وهو ماأسهم ـ إلى جانب خلفيات وأسبابا أخرى عديدة ـ في مفاقمة التوتر الذي يخيم على علاقات التحالف التقليدية بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون، رغم كل محاولات رأب الهوة بين وجهات النظر.
 
 
العلاقات القوية بين القيادتين: لا خلاف على أن وجود قدر عال من التفاهم والتقاء وجهات النظر بين القادة السياسيين يسهم كثيراً في تقارب الدول، حيث تلعب الكيمياء الشخصية دوراً مؤثراً على الأقل في تسريع وتيرة التقارب وإزالة أي رواسب أو التخلص من أي عراقيل تحول دون بلوغ علاقات البلدين مستويات التحالف والشراكة الاستراتيجية. وفي هذا الصدد، فإن العلاقات الشخصية القوية بين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، تمثل هذه العلاقات رافعة قوية لعلاقات الشراكة بين البلدين. وقد أضفي التعاون والتشاور المستمر بين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس ماكرون منذ تولي الأخير منصبه في عام 2017، عمقاً متزايداً على العلاقات الثنائية، حيث تعاونت الإمارات وفرنسا في معالجة العديد من الأزمات الاقليمية بمنطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة، وانعكس ذلك في منح ماكرون صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد شارة الصليب الأكبر من وسام جوقة الشرف الوطني، وقدم له هدية عبارة عن نسخة تعود إلى عام 1535 لخريطة عالم الجغرافيا الألماني لورنز فرايز لشبه الجزيرة العربية. وفي المقابل، منح الرئيس الإماراتي نظيره الفرنسي «وسام زايد»، وهو أعلى وسام مدني في دولة الإمارات يقدم للرؤساء والملوك.
 
 
علاقات متجذرة ودعائم مختلفة
تقدم المؤشرات الاحصائية الخاصة بالعلاقات الإماراتية الفرنسية أبلغ صورة لعمق وتطور العلاقات الإماراتية ـ الفرنسية، حيث بلغ عدد الزيارات الرسمية المتبادلة التي تمت بين فرنسا والإمارات خلال الأربعة أعوام الأخيرة منذ بداية عام 2015 وحتى العام الجاري نحو 34 زيارة، والأهم من ذلك أن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ لفرنسا منتصف يوليو الماضي كانت  الثانية لسموه خلال 10 شهور، بعد الزيارة التي قام بها منتصف سبتمبر الماضي، والتقى خلالها الرئيس ماكرون، واللقاء الذي جمعهما خلال الزيارة الأخيرة هو الرابع خلال الفترة نفسها، بعد لقائهما خلال زيارتين أجراهما ماكرون لدولة الإمارات إحداهما رسمية في 3 ديسمبر الماضي، والأخرى في 15 مايو لتقديم التعازي في وفاة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.
 
 
وبشكل عام، فإن للعلاقات الإماراتية ـ الفرنسية عمق تاريخي كبير، ولها جذور تسبق حتى تأسيس دولة اتحاد الإمارات، فبعض الشركات الفرنسية مثل «توتال» كانت موجودة في هذه المنطقة قبل ذلك بكثير، تحت اسم «الشركة الفرنسية للبترول» (CFP)، ثم توطدت علاقات البلدين منذ بداية تأسيس اتحاد دولة الإمارات على يد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ـ طيب الله ثراه ـ واتسمت العلاقات منذ بدايتها بالاحترام المتبادل والتعاون على أساس المصالح المشتركة، ولم تشهد أي أزمات أو توترات عابرة منذ بدايتها، ما يجعلها نموذجاً في علاقات الصداقة القائمة على التفاهم والإحترام المتبادل. وتشير التقارير الفرنسية إلى أن الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك كان ينظر بتقدير خاص لمؤسس دولة الإمارات المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد آل نهيان ـ طيب الله ثراه ـ كما أكد قصر الإليزيه أن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، تعتبر ثاني زيارة دولة إماراتية لفرنسا بعد زيارة الراحل الشيخ زايد عام 1991، في ظل رئاسة الراحل فرانسوا ميتران.
 
 
وقد أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثناء حضوره افتتاح متحف «لوفر أبوظبي»، أكد في كلمته التي ألقاها بهذه المناسبة أن كل من فرنسا والإمارات شركاء في تعزيز روح التسامح والمساواة بين الشعوب وتعملان معاً من أجل تعزيز مفهوم التقارب الثقافي والإنساني بين مختلف الحضارات. كما أشاد الرئيس الفرنسي بكلمة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي،رعاه الله، في تلك المناسبة، والتي تطرق فيها إلى الأبعاد الثقافية والإنسانية وعناصر الابتكار والإبداع من أجل إسعاد البشرية ونبذ الحروب والصراعات والتطرف والارهاب. ومن الواضح أن أحد دعائم العلاقات الثنائية يأتي تبني الدولتين التوجهات ذاتها في محاربة التشدد والتطرف والإرهاب، وهذا ما اشار إليه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في كلمته خلال افتتاح متحف اللوفر، حيث قال إن «فرنسا شريكنا الثقافي والحضاري، نشاركهم الانفتاح والتسامح والروابط الاقتصادية والسياسية العميقة». وما يضيف لهذه العلاقات الإستراتيجية قوة ومتانة أنها تتسع لتشمل قطاعات مختلفة تتكامل فيما بينها لتصنع نموذجاً في العلاقات الدولية، حيث شهدت العلاقات الإماراتية ـ الفرنسية في السنوات الأخيرة تطوراً كبيراً في مختلف القطاعات الاقتصادية والتبادل التجاري والاستثمارات والطاقة المتجددة والنووية والنفطية والدفاع والأمن والتربية والثقافة.
 
 
وفي المجال الاقتصادي تعد دولة الإمارات المنفذ التجاري الرئيسي بالنسبة إلى فرنسا في منطقة الخليج العربي، حيث يوجد في دبي ما يزيد عن 600 شركة فرنسية من الشركات المتوسطة التي تقدم مثالاً ساطعاً على تنوع التعاون الإماراتي الفرنسي، ولا يقتصر الأمر على الشركات المتوسطة فقط وإنما تلعب الشركات الصغيرة دوراً حيوياً هي الأخرى في تعزيز التواجد الفرنسي في السوق الإماراتية. ومن حيث حجم التبادل التجاري مع فرنسا تأتي الإمارات في المرتبة الثانية في دول المنطقة بعد المملكة العربية السعودية التي وصلت فيها قيمة المبادلات التجارية إلى 9,4 مليارات يورو في ذلك العام، وتتصدر دولة الإمارات دول مجلس التعاون الخليجي بالنسبة للمبيعات الفرنسية، حيث تحتل الحيز الأكبر بنسبة 42 في المئة متفوقةً بذلك على جميع دول المجلس الأخرى. وسجل إجمالي التبادل التجاري غير النفطي بين الإمارات وفرنسا في 2017 نحو 7.3 مليارات دولار، فيما تشكل الاستثمارات الفرنسية نحو 4.5% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية الواردة إلى الإمارات. وتمثل دولة الإمارات وحدها 45 في المئة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة لدول الشرق الأوسط في فرنسا، علماً بأن حوالي خمسين شركة في فرنسا مملوكة بشكل كلي أو جزئي من قبل رؤوس أموال إماراتية. كما شهدت العلاقات بين الإمارات وفرنسا في مجال الدفاع والتعاون العسكري تطوراً ملحوظاً، وذلك ضمن مرجعية اتفاقيات الدفاع والتعاون المبرمة بين البلدين.
 
 
 
حصاد الزيارة التاريخية
شهدت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ إلى فرنسا، التوقيع على عدد من الاتفاقيات، أهمها توقيع «اتفاقية شراكة استراتيجية عالمية حول التعاون في مجال الطاقة»، وقالت الحكومة الفرنسية في بيان إن الشراكة تهدف لتحديد مشاريع استثمارية مشتركة في فرنسا أو دولة الإمارات أو أماكن أخرى في قطاعات الهيدروجين والطاقة المتجددة والطاقة النووية، وأضاف البيان الفرنسي: «في السياق غير المؤكد حالياً للطاقة، سيمهد هذا الاتفاق الطريق إلى إطار عمل مستقر في الأمد الطويل للتعاون، ويفتح المجال أمام عقود صناعية جديدة». الاتفاقية الاستراتيجية وقعها وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي برونو لو مير، ووزير انتقال الطاقة أنييس بانييه روناتشر، مع وزير الصناعة والتكنولوجيات المتقدمة بدولة الإمارات معالي د. سلطان الجابر. وستساعد الاتفاقية على “إنشاء إطار عمل مستقر طويل الأجل لهذا التعاون، لتمهيد الطريق لعقود صناعية جديدة وتحديد مشاريع الاستثمار المشتركة المستقبلية”، بما يشمل “إمكانية إنشاء صندوق ثنائي لتمويل المشاريع الخضراء». ومن جانبه، قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إن “الطاقة بكل أنواعها تمثل أحد أهم مجالات التعاون بين البلدين، والإمارات حريصة على دعم أمن الطاقة في العالم عامة وفي فرنسا الصديقة خاصة».  وقد أعلنت شركة توتال إنرجيز الفرنسية يوم التاسع عشر من يوليو عن توسعة تحالفها الاستراتيجي مع شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) وتفقد مجالات جديدة منها إمداد فرنسا بوقود الديزل من الإمارات.
 
 
حققت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ لفرنسا، أحد أبرز مستهدفاتها، وهو ترسيخ موقع الإمارات الجيوسياسي كأحد ركائز أمن الطاقة العالمي، حيث تشكل الضمانات التي قدمتها دولة الإمارات خلال زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ بشأن كميات إمدادات المحروقات (الديزل) لفرنسا، برهاناً كاشفاً على ما تتمتع به الإمارات من مسؤولية دولية، وبما يعكس تصميم الإمارات على أن تبقى شريكاً عالمياً موثوقاً في مجال الطاقة، وهو مايفسر حرصها على دعم الطلب الأوروبي المتزايد على المحروقات لمواجهة أزمة غير مسبوقة تعانيها دول الاتحاد الأوروبي.
 
 
تضمنت أجندة زيارة صاحب السمو رئيس الدولة لقاءات مع إليزابيث بورن، رئيسة الوزراء الفرنسية، وجيرالد لارشيه، رئيس مجلس الشيوخ (الغرفة العليا في البرلمان) ويائيل برون بيفي، رئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية ( البرلمان)، بالإضافة إلى لقاءاته مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وشهدت الزيارة إطلاق مجلس الأعمال الإماراتي - الفرنسي والذي يهدف إلى فتح آفاق جديدة ورفع مستوى التعاون الثنائي في عدد من القطاعات ذات الاهتمام المشترك، بالإضافة إلى توقيع 12 اتفاقية ومذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتنمية آفاقها في مختلف المجالات، بينها اتفاقية بشأن شراكة إستراتيجية شاملة في مجال الطاقة.
 
 
الاتفاقيات الثنائية التي تعبر عن تفرد واستثنائية العلاقات بين البلدين، لم تكن الانجاز الوحيد خلال الزيارة؛ بل كانت هناك مظاهر ودلائل أخرى تشهد بعمق وتطور هذه العلاقات، فاللافتات الترحيبية عُدت أحد مظاهر احتفاء فرنسا بضيف البلاد الكبير، بالإضافة إلى استقبال سموه في 4 قصور عريقة هي: الإنفاليد، الإليزيه، فرساي وقصر لوكسمبورج. ومنذ أن حلّ صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ضيفاً على باريس، قوبل سموه باحتفاء ملحوظ ومنقطع النظير من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي لم يكتفِ باستقباله بمقر الرئاسة المعروف بـقصر “الإليزيه”، بل كان محل احتفاء آخر بـ 3 قصور تاريخية عريقة، وهو أمر له دلالته في بروتوكول تكريم الضيوف الكبار.
 
 
منح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان “وسام جوقة الشرف” من طبقة الصليب الأكبر والذي يعد أعلى وسام وطني فرنسي، تقديرا لدوره في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين دولة الإمارات وفرنسا على مختلف المستويات ،فيما منح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الرئيس إيمانويل ماكرون “وسام زايد” وهو أعلى وسام مدني في دولة الإمارات يمنح للرؤساء والملوك الذين أسهموا بأدوار بارزة في خدمة علاقات البلدين وازدهارها.
 
 
مؤشرات نوعية
  • تستضيف دولة الإمارات العربية المتحدة أكبر جالية فرنسية في بلدان الخليج العربي، وتضمّ أكثر من 25 ألف فرنسي مسجّلين في سجل الفرنسيين المقيمين في الخارج. 
  • تشكل المدارس الثانوية الفرنسية السبع المعتمدة في الإمارات العربية المتحدة سادس أكبر شبكة مدارس فرنسية في العالم من حيث عدد الطلاب، وتضم أكثر من 10 آلاف. بالاضافة إلى جامعة السوربون أبوظبي وإنسياد، وباريس 2، وإيكول 42 أبوظبي  وهي مؤسسات فرنسية لها فروع في الإمارات العربية المتحدة. وتم تنفيذ برنامج المرحلة التجريبية لإدخال اللغة الفرنسية في جميع المدارس الحكومية في الإمارات في عام 2018.. والآن يتعلم أكثر من 60 ألف تلميذ اللغة الفرنسية في المدارس الحكومية والخاصة في الإمارات، ويشكلون 12% من مجموع طلبة المدارس. 
  • تأتي فرنسا في المرتبة الرابعة من حيث استقبال الطلبة الإماراتيين للدراسة في جامعاتها ومعاهدها. 
  • تضم دولة الإمارات العديد من المنظمات المجتمعية والمدارس والمطاعم والأكاديميات الفرنسية في جميع أنحاء الدولة. 
  • يمكن لمواطني دولة الإمارات دخول فرنسا بدون تأشيرة ويسمح لهم بالبقاء فيها لمدة تصل إلى 3 أشهر.
  • في 8 نوفمبر 2017، شارك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في افتتاح متحف اللوفر في أبوظبي والذي تجاوزت تكلفته مليار دولار، وقد وصفه الرئيس الفرنسي ماكرون بأنه “جسر بين الحضارات”، واستعانت الإمارات بالمهندس الفرنسي جان نوفيل لتصميم لوفر أبوظبي. وتم افتتاح متحف اللوفر أبوظبي، الذي يعد أول متحف عالمي في العالم العربي، وأكبر مشروع ثقافي تروج له فرنسا في الخارج، مع مجموعة فنية تغطي جميع الحضارات والفترات، من العصر الحجري إلى العصر الحديث، ما يجعله رمزا للانفتاح على العالم ونشر التسامح. كما يعد مشروعاً ثنائياً استثنائياً من حيث هندسته المعمارية ومشروعه العلمي والثقافي، وله أهمية استراتيجية بالنسبة لفرنسا والإمارات.
  • تأسست جامعة باريس - السوربون أبوظبي عام 2006، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة  ـ حفظه الله ـ كجزء من رؤية الإمارة لتعزيز القطاع الأكاديمي والثقافي، وهي جزء من استراتيجية “رؤية أبوظبي 2030”. وتهدف الجامعة إلى الإسهام في تعزيز فرص التعليم العالي وتنوعها في الإمارات ودول مجلس التعاون ومنطقة الشرق الأوسط بوجه عام. 
  • جرى في أكتوبر 2018، الإعلان عن عام التعاون الثقافي الإماراتي الفرنسي في باريس.ونتيجة لذلك، تم إطلاق إذاعة باللغة الفرنسية في دولة الإمارات تبث برامجها بمعدل 3 مرات في الأسبوع، وفي ديسمبر/ كانون الأول 2018، أصبحت دولة الإمارات عضواً منتسباً في المنظمة الدولية للفرنكوفونية.
  • ألقت الآثار المكتشفة من قبل البعثات الفرنسية منذ عام 1997 الضوء على أهمية تاريخ الإمارات، باعتبارها مركز الطرق التجارية عبر التاريخ الممتد منذ 7500 سنة، ويعكس ذلك بالضرورة مشروعاً ثقافياً وعلمياً طموحاً في مجال فهم التاريخ الإماراتي، وهو تاريخ حافل بعصور من الحضارات المتواكبة وإنجازات وإبداع الإنساني حتى وقتنا هذا.
  • في 3 ديسمبر 2021، زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إكسبو 2020 دبي وأشاد بالتنظيم الناجح للحدث العالمي الضخم على الرغم من التحديات التي مر بها العالم بسبب كوفيد-19.
مؤشرات رقمية
  • بحسب بيانات حكومية، بلغ إجمالي تدفقات الاستثمار الإماراتي في فرنسا نحو 172.9 مليون دولار بين عامي 2016 و2020، بينما بلغ إجمالي تدفقات الاستثمار الفرنسي في دولة الإمارات نحو 3.123 مليار دولار بين عامي 2016 و2020.
  • بلغ عدد الشركات الفرنسية التي تستثمر في دولة الإمارات 207 شركات حتى عام 2019، فيما بلغ إجمالي عدد الشركات الإماراتية التي استثمرت في فرنسا 21 شركة.
  • أقر البلدان في عام 2020، خلال الحوار الاستراتيجي الإماراتي الفرنسي السنوي، خارطة الطريق للعقد الحالي 2020-2030 من خلال تحديد الطموحات والمبادرات المشتركة، لا سيما في القطاعات الرئيسية للتعاون الثنائي، مثل (الاقتصاد والتجارة والاستثمار، والنفط والغاز والطاقة النووية والمتجددة والتعليم والثقافة والصحة والفضاء والأمن.
استشراف الفرص
  • يشير الاستقبال والحفاوة الكبيرة التي قوبل بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ خلال زيارته لفرنسا إلى رغبة الدولة الفرنسية في ترسيخ العلاقات مع الإمارات ومنحها قوة دفع جديدة، حيث شهدت المحادثات التي جرت في قصر الاليزيه مع الرئيس ايمانويل ماكرون نقاشاً حول سبل تطوير الصداقة التاريخية الراسخة والفرص الواعدة لتطوير التعاون الثنائي وتوسيع آفاقه. وفي هذا الإطار قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إن علاقات الصداقة بين دولة الإمارات وفرنسا قويةٌ وراسخةٌ منذ عهد الأب المؤسس، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ،وأشار إلى أن الطاقةَ بكل أنواعها تمثل أحد أهم مجالات التعاون بين البلدين، مؤكدًا حرص دولة الإمارات على دعم أمن الطاقة في العالم عامة وفي فرنسا الصديقة خاصة .ومن جانبه أعرب الرئيس الفرنسي عن سعادته بزيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى بلاده، مثمناً اختياره فرنسا لتكون وجهة لأول زيارة دولة له بعد انتخابه رئيساً لدولة الإمارات، ووصف زيارة الدولة التي يقوم بها رئيس الإمارات إلى فرنسا بأنها تاريخية.
  • وقد صدر في ختام الزيارة بيان مشترك تضمن رؤية البلدين لتطوير الشراكة الإستراتيجية القائمة بينهما، وسبل مواجهة التحديات الدولية والإقليمية القائمة. وقد أثنى الرئيسان على عمق الشراكة الإستراتيجية بين البلدين، مؤكدين الالتزام المشترك تجاه توسيع آفاق التعاون الثنائي في جميع المجالات والعمل معاً في مواجهة التحديات العالمية والإقليمية. وفيما يتعلق بالأزمة في أوكرانيا، شدد الرئيسان على الضرورة الملحّة لتكثيف الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى حل للأزمة. وبشأن التعاون لمكافحة الإرهاب، أكدت دولة الإمارات وفرنسا بصفتهما عضوين مؤسسين في التحالف الأمني الدولي منذ عام 2017، التزامهما بمكافحة التطرف والجريمة العابرة للحدود، من خلال تبادل الخبرات ومواصلة تعزيز الجهود المشتركة مع بقية الدول الأعضاء. ويشير ما سبق كله إلى أن مواقف وسياسات البلدين تتسم بالمرونة والقدرة على بناء التوافق المشترك تجاه مجمل القضايا الدولية، وهذا بحد ذاته يوفر أرضية خصبة للتقدم والتطور في ترسيخ العلاقات الثنائية في مختلف المجالات.
  • والمؤكد أن اتفاق الشراكة الاستراتيجية في مجال الطاقة يمثل استشرافاً مهماً للمستقبل، حيث يهدف إلى «تعزيز أمن الطاقة وتوفيرها بتكاليف مقبولة والحد من الانبعاثات إضافة إلى دفع العمل المناخي الفاعل استعداداً للدورة الـ28 لمؤتمر الأطراف COP28 التي تعقد في دولة الإمارات عام 2023»، وتستند الاتفاقية على “العلاقات الثنائية الوثيقة والراسخة والشراكات طويلة الأمد بين دولة الإمارات وفرنسا، وتستفيد من مكانة دولة الإمارات الرائدة عالمياً مورداً مسؤولا وموثوقاً للطاقة، حيث تمتلك الدولة سادس أكبر احتياطي نفطي في العالم وتلتزم بالمساهمة في ضمان أمن الطاقة العالمي” وحيث تتبنى الإمارات نهجاً متوازناً لمواكبة التحول في الطاقة يستند على رفع طاقتها الإنتاجية من النفط الخام إلى 5 ملايين برميل يومياً، وزيادة القدرة الإنتاجية لمحفظة مشاريعها العالمية للطاقة المتجددة من 23 غيغاواط إلى أكثر من 100 غيغاواط بحلول 2030. كما تستثمر الإمارات من خلال شركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر) وغيرها من المنصات “أكثر من 50 مليار دولار أمريكي في مشاريع لإنتاج الطاقة النظيفة في 6 قارات من بينها 27 دولة جزرية تعد أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ. وقال الدكتور سلطان بن أحمد الجابر إن بلاده “تواصل ترسيخ مكانتها مزوداً موثوقا للطاقة ومساهماً رئيسا في ضمان أمن الطاقة العالمي مع التركيز على تعزيز العمل المناخي الفعال”، وأوضح أن هذه الشراكة الاستراتيجية الشاملة في مجال الطاقة “تتيح منصة فاعلة لتعزيز التعاون مع الجمهورية الفرنسية التي تعد شريكاً استراتيجياً وثيقا لدولة الإمارات، لتوفير طاقة آمنة ومستدامة بأسعار مناسبة تسهم في دفع النمو الاقتصادي والازدهار والتقدم لبلدينا الصديقين وجميع دول العالم”. وتوفر الشراكة الاستراتيجية الشاملة في مجال الطاقة “منصة مثالية لاستكشاف مجالات التعاون الثنائي في تطوير وإنتاج الوقود الهيدروكربوني والغاز الطبيعي المسال، وإقامة وتطوير سلاسل توريد مرنة، وتقنيات التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه وإنتاج الهيدروجين منخفض الانبعاثات وتطوير البنية التحتية للهيدروجين إضافة إلى مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح حول العالم». كما يشمل هذا التعاون ـ بحسب تقرير نشرته «وام»: «الاستفادة من خبرات فرنسا التي اكتسبتها بعد استضافة الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر الأطراف COP21، في الاعداد لاستضافة الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف COP28 المقرر استضافتها في دولة الإمارات العام المقبل، إضافة إلى التعاون في مجالات التكنولوجيا وإنتاج وقود الطيران المستدام والتمويل الأخضر لمشاريع الطاقة، إضافة إلى إمكانية التعاون في مجالات أخرى يتم الاتفاق حولها لاحقا»، وأضافت الوكالة أنه “سيتم تأسيس مجموعة عمل مشتركة تعمل على تسهيل تنفيذ شراكة الطاقة الاستراتيجية الشاملة وتنسيق جميع الأنشطة التي تنص عليها الاتفاقية ومتابعة التقدم الذي يتم إحرازه”.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره