مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2015-02-01

الإمارات ومصر... علاقات متطورة وآفاق واعدة

مؤشرات عدة للتعاون الثنائي المشترك في مختلف المجالات
تقدم العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية الشقيقة نموذجاً للعلاقات المتطورة باستمرار؛ لأنها تستند إلى مجموعة من المقومات والثوابت الراسخة التي تدفعها قدماً إلى الأمام في المجالات كافة، فثمة إدراك متبادل من جانب قيادتي الدولتين بأهمية هذه العلاقات، كما أن المصالح المشتركة تمثل عاملاً لاستمرار هذه العلاقات ونموها بشكل متواصل، فضلاً عن توافق رؤى الدولتين السياسية إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية وكيفية التعامل معها. وفي هذا العدد تفتح "درع الوطن" ملف العلاقات الإماراتية-المصرية وتسلط الضوء على مرتكزاتها وآفاقها المستقبلية الواعدة.
 
تعود العلاقات الإماراتية-المصرية إلى ما قبل عام 1971 الذي شهد التئام شمل الإمارات السبع في دولة واحدة هي دولة الإمارات العربية المتحدة تحت قيادة المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وكانت مصر من أوائل الدول التي اعترفت باتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة فور إعلانه، وقدمت لها أوجه الدعم المختلفة باعتبارها تمثل إضافة مهمة للأمن القومي العربي سياسياً واقتصادياً.
 
وعلى مدار العقود الماضية استطاعت العلاقات الإماراتية-المصرية أن تصمد أمام مختلف التحديات التي واجهتها، وخرجت أقوى بكثير عما كانت عليه، فحينما وصلت جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة في مصر بعد أحداث الخامس والعشرين من يناير 2011، وما صاحبها من فتور في العلاقات بين البلدين بسبب توجهات جماعة الإخوان السياسية، وميلها إلى التخلي عن دعائم العلاقات التاريخية لمصر في منطقة الخليج العربية، وما يرتبط بذلك من تقويض لعلاقات التعاون الاستراتيجية القائمة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية، لم يتوقف الدعم الإماراتي للشعب المصري، ولم تؤثر توجهات جماعة الإخوان المسلمين ولم تنجح في تحويل دفة السياسة الخارجية المصرية كما كان يريد قادة الجماعة، الذين لم يكفوا عن محاولات الإساءة والإضرار بهذه العلاقات المصيرية بين الشعبين والدولتين، ثم جاءت ثورة الثلاثين من يونيو 2013 لتطيح حكم الإخوان المسلمين، وتنهي عاماً من القلق والغموض الذي خيم على علاقات أبوظبي والقاهرة ، وما لبثت الأمور أن عادت إلى مجراها الطبيعي، حيث أكدت دولة الإمارات انحيازها التام لإرادة الشعب المصري، ومنذ ذلك التاريخ والعلاقات بين الدولتين تشهد تطوراً مستمراً على المستويات كافة.
 
 
العلاقات الإماراتية المصرية من منظور قيادتي الدولتين
لعل إحدى الركائز القوية التي تستند إليها العلاقات الإماراتية-المصرية تتمثل في الإدراك المتبادل لقيادتي الدولتين لأهمية هذه العلاقات وضرورة تطويرها في المجالات كافة، هذا ما عبر عنه بوضوح موقف المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في حرب أكتوبر 1973 باتخاذه قراره التاريخي بدعم مصر في حربها على إسرائيل حتى آخر فلس في خزينته، وقال كلمته المشهورة: «النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي ولكل شيء قلب، وقلب الأمة العربية هو مصر».
 
 
وإذا كان المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد وضع منذ البداية دعم مصر والوقوف بجوارها مبدأ ثابتاً لسياسة الإمارات الخارجية، فإن القيادة الرشيدة برئاسة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تسير على هذا النهج، وتدعمه، وهو ما عبر عنه بوضوح صاحب السمو رئيس الدولة خلال استقباله في نوفمبر 2013 الرئيس المصري السابق عدلي منصور رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة، حينما أكد «أن مصر بثقلها الحضاري والسياسي تمثل ركيزة أساسية من ركائز الاستقرار في المنطقة». 
 
 
وتمنى صاحب السمو رئيس الدولة لمصر دوام التقدم والأمن والاستقرار. كما بعث صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، برقية تهنئة إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة بمناسبة ذكرى انتصارات حرب أكتوبر المجيدة في أكتوبر 2014، أكد فيها أن «هذه الذكرى المجيدة رسمت طريقا مفعماً بالأمل والروح الوطنية العالية للشعب المصري، والشعوب العربية تستلهم منها دروساً وعبراً أمام التحديات الراهنة التي تحيط بأمتنا العربية التي تستدعي منا جميعاً الالتفاف والتآزر والوقوف صفاً واحداً لمواجهتها، وفي مقدمتها الإرهاب الذي أصبح اليوم ظاهرة دولية، ولحفظ عالمنا العربي من الأطماع المحيطة بمقدراته وشعوبه». وثمّن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان الدور المحوري لجمهورية مصر العربية في رفع راية العرب خفاقة ومواجهة التحديات التي تشهدها الأمة. وأشار صاحب السمو رئيس الدولة إلى أن مصر تعود بقوة إلى مكانها الطبيعي، في زخم تصدي الأمة العربية لجميع التحديات التي تواجهها، وأضاف سموه «أن مصر القوية المزدهرة تمثل المخزون الاستراتيجي الأكبر للعرب ونهضتهم». 
 
وبدوره أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشـــد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، خلال استقباله حازم الببلاوي رئيس الوزراء المصري السابق في شهر أكتوبر 2013 أن «مؤازرة مصر وشعبها اقتصادياً وسياسياً هو خدمة للوطن العربي ككل، كون مصر تشكل قلب الوطن العربي، إذ من دون هذا القلب لا يتعافى الجسم»، مستذكراً سموه مواقف المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد، طيب الله ثراه، الذي أصر في الثمانينيات على عودة مصر إلى الأمة العربية، إيماناً منه، رحمه الله، بأن مصر قلب العروبة النابض ومن دونها لا تستوي أمور الأمة العربية وقضاياها. 
 
فيما أكد الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، خلال لقائه الوفد الشعبي المصري الذي يمثل القوى السياسية والثقافية والاجتماعية والإعلامية والفنية الذي قدم الشكر لدولة الإمارات، وثمّن لها قيادة وشعباً المواقف الأصيلة والداعمة لمصر وشعبها في نوفمبر 2013 قائلاً «إن وقفة دولة الإمارات مع مصر وقفة أخ لأخيه، وهي نابعة من محبتنا لمصر وليس كرهاً في أحد، مصر غالية علينا، مصر مهمة لنا جميعاً، وهي نقطة اتزان في العالم العربي، ومهمتنا ومهمة إخواننا وأشقائنا، بل ومهمة العاقل في العالم العربي هي الحفاظ على هذا البلد». وتمنى سموه خلال اللقاء أن تصل إرادة الشعب المصري إلى غاياتها ويحقق أبناء الشعب المصري الشقيق تطلعاته نحو الأمن والاستقرار والتقدم.
 
 
وإذا كانت القيادة الرشيدة في الإمارات تدرك أهمية مصر وضرورة الوقوف بجانبها حتى تعود إلى ممارسة دورها الطبيعي، فإن القيادة المصرية هي الأخرى تثمن هذا الموقف الإماراتي، وتؤكد أهمية مبادرات الإمارات في دعم أواصر التضامن العربي، وهذا ما عبر عنه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال استقباله وفداً إعلامياً موسعاً من دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك بحضور الدكتور سلطان الجابر، وزير الدولة الإماراتي، و محمد بن نخـيرة الظاهـري، سفير دولة الإمارات بالقاهرة في شهر نوفمبر 2014، حين أكد «أن العلاقات المصرية-الإماراتية تعد نموذجاً لنجاح العمل العربي المشترك في التصدي للأخطار المحدقة بالمنطقة».
 
وبدوره أكد المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، خلال اللقاء الذي نظمه نادى دبي للصحافة، بحضور نخبة كبيرة من الصحفيين المصريين والإماراتيين، في نوفمبر 2014 أن العلاقات المصرية-الإماراتية ليست وليدة اليوم، فمصر كانت في مقدمة المعترفين بنشأة اتحاد الإمارات في عام 1971، وبالمثل كانت في مقدمة الداعمين لثورة 30 يونيو، تلك الثورة التي أعلنت زوال ليل الجهل والتخلف والرجعية، وبزوغ فجر التقدم والاعتدال والحداثة.
 
وشدد محلب على أن نصر أكتوبر المجيد، سيظل أحد الشواهد العظيمة، لمساندة دولة الإمارات العربية الشقيقة لمصر، وهو خير دليل لما يجب أن تكون عليه العلاقات بين الدول الشقيقة. فالمصريون سيظلون يُقّدرون - جيلاً تلو جيل - بكل اعتزاز وتقدير، الدور العظيم الذي قام به المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طَيّب الله ثراه، في مساندة جيش مصر في تحريرِ الأرض، واستردادِ الحق المغتصب. وقال: لن ننسى جُملته الشهيرة: إن «النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي ولكل شيء قلب، وقلب الأمة العربية هو مصر»، ولن ننسى قراره برهن نفط دولته لتوفير السلاح للجيش المصري، كما لن ننسى دعمه التنموي بعد الحرب، ولسوفَ تظلُ مدينة الشيخ زايد في مصر، وغيرها من المشروعات العملاقة كترعة الشيخ زايد، خير شاهد على حبِّ الفقيد لمصر وشعبها. 
 
 
مجالات التعاون الثنائي بين مصر والإمارات
إذا كانت قيادتا دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية الشقيقة تؤمنان بأهمية العلاقات الثنائية، ليس لشعبي الدولتين فقط، وإنما لمجمل شعوب الدول العربية والإسلامية، فمن الطبيعي أن تشهد هذه العلاقات تطوراً ملموساً في المجالات كافة، وهذا ما يمكن توضيحه على النحو الآتي:
 
-1العلاقات السياسية والتوافق بين الدولتين إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية: كما سبقت الإشارة فإن مصر كانت من أوائل الدول التي اعترفت بدولة الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسها في الثاني من ديسمبر عام 1971، واعتبرت وقتها أنها تمثل رصيداً إضافياً للأمة العربية، وفي المقابل فإن دولة الإمارات كانت من أكثر الدول دعماً لمصر في أوقات المحن والصعاب، ولعل موقفها من دعم الجيش المصري في حرب أكتوبر عام 1973 خير مثال على ذلك، حين أطلق المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ مقولته الشهيرة التي تعبر أصدق تعبير عن جدية الدعم والأخوّة والاصطفاف إلى جانب الشعب المصري في معركته ضد إسرائيل وقتذاك قائلاً: «النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي، وإننا على استعداد للعودة إلى أكل التمر مرة أخرى، فليس هناك فارق زمني كبير بين رفاهية البترول وبين أن نعود إلى أكل التمر». وخاض المعركة بسلاح النفط الاستراتيجي الذي لعب دوراً استراتيجياً مؤثراً حين تم قطع النفط على الدول المساندة لإسرائيل، ما أفرز ضغوطاً استراتيجية هائلة على عواصم القرار العالمية. وربما كان التاريخ يعيد نفسه بعد نحو أربعين عاماً تقريباً، حين أطلق الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مقولة مشابهة ودعماً قوياً للشعب المصري عقب إطاحة حكم جماعة الإخوان المسلمين، حين قال خلال لقاء سموه مع وفد القوى السياسية المصرية منتصف مايو الماضي، إنه لو كانت هناك «لقمة حاف» لاقتسمتها الإمارات مع مصر.
 
 
وفي سياق العلاقات السياسية، تحرص الدولتان على تبادل وجهات النظر إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية، بل تعملان على تنسيق المواقف العربية إزاء هذه القضايا، وقد ترجم ذلك في يوليو 2008 حينما وقعت الدولتان مذكرتَي تفاهم بشأن المشاورات السياسية بين وزارتي خارجية البلدين. تنص مذكرة المشاورات السياسية على أن يقوم الطرفان بعقد محادثات ومشاورات ثنائية بطريقة منتظمة لمناقشة جميع أوجه علاقتهما الثنائية وتبادل وجهات النظر بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، كما تنص مذكرة التفاهم بشأن الإعفاء المتبادل من تأشيرة الدخول المسبقة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة، حيث يسمح كل طرف لرعايا الطرف الآخر الحاملين جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة الدخول إلى أراضيه والخروج منها والمرور عبرها من دون تأشيرة دخول، ومن دون رسوم، والبقاء في أراضي الطرف الآخر لمدة أقصاها 90 يوماً.
 
وشهدت العلاقات السياسية بين الدولتين دفعة قوية عقب ثورة الثلاثين من يونيو 2013 حيث أيدت دولة الإمارات تولي عدلي منصور رئاسة مصر في المرحلة الانتقالية التي أعقبت تلك الثورة، وأكدت دعمها الكامل والمستمر للشعب المصري في تنفيذ خريطة الطريق، التي أعلنتها القوات المسلحة المصرية بمشاركة القوي السياسية والدينية، وتبادل الطرفان الزيارات الرفيعة المستوى. كما لعبت الدبلوماسية الشعبية المصرية دوراً في دعم العلاقات مع أبوظبي، حيث أعربت عن تقديرها وشكرها لموقف الإمارات الداعم للقاهرة.
 
وقد شهدت السنوات الماضية تنسيقاً وثيقاً بين البلدين على الصعيد السياسي، وخاصة في القضايا الرئيسية، مثل: القضية الفلسطينية والعراقية واللبنانية وغيرها. وتعددت لقاءات قيادتي البلدين والمسؤولين على جميع المستويات للتنسيق في تلك المواقف، وهو ما أظهر نجاحاً كبيراً في العديد من الملفات التي تحظى باهتمام الجانبين، وكان استثمار تلك العلاقات السياسية المتميزة نصب عيني قيادة البلدين بهدف الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية والثقافية والعلمية بين البلدين.
 
 
2 - الزيارات المتبادلة بين قيادات ومسؤولي الدولتين تعزز التعاون الثنائي في المجالات كافة: تعتبر الزيارات المتبادلة أحد المؤشرات المهمة على قوة العلاقات المصرية-الإماراتية وتطورها، ولاسيما أنها تشمل القيادات السياسية العليا والمسؤولين في مختلف المجالات، ويمكن الإشارة إلى ذلك على النحو الآتي:
 
أ-فيما يتعلق بالزيارات على مستوى القيادة العليا، قام الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في سبتمبر 2013، بزيارة لمصر، التقى خلالها بالرئيس المصري السابق عدلي منصور ورئيس الوزراء السابق حازم الببلاوي وكبار المسؤولين في القاهرة، في زيارة لدعم مصر. وتناول ولي عهد أبوظبي مع الرئيس السابق عدلي منصور مختلف أوجه التعاون بين الإمارات ومصر، وسبل دعمها وتعزيزها في جميع المجالات، بما يخدم مصالح البلدين وتطلعات الشعبين الشقيقين. وأكدا أهمية توسيع نطاق التعاون بينهما من خلال تعزيز الشراكات الثنائية القائمة بين البلدين، وخاصة فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية والاستثمارية والتنموية، وكذلك التنسيق المتبادل في القضايا التي تهم الطرفين. 
 
وأكد سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في ختام هذه الزيارة «أن دولة الإمارات العربية المتحدة ماضية في تقديم أشكال الدعم كافة لمصر التي من شأنها خدمة خطط التنمية وأهدافها، والدفع بعملية التحول والنمو الاقتصادي والمعيشي إلى الأمام، وبما يمكن الأشقاء في مصر من تجاوز هذه المرحلة ومواجهة التحديات المقبلة لمواصلة مسيرتها في البناء والتنمية»، مشدداً على «أن وقوفنا مع الأشقاء في مصر هو واجب أخوي يستهدف مصلحة الشعب المصري».
كما قام سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في السابع من شهر يونيو 2014، بزيارة إلى مصر لحضور حفل تنصيب الرئيس عبدالفتاح السيسي عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية. وقد تقدم سموه للرئيس السابق عدلي منصور بأسمى آيات الشكر والتقدير على قيادته الحكيمة للمرحلة الانتقالية، وعبوره الآمن بمصر، الذي اعتبره مكسباً حقيقاً للوطن العربي بأسره. وفي شهر سبتمبر من العام نفسه قام ولي عهد أبوظبي بزيارة لمصر، حيث استقبله الرئيس عبدالفتاح السيسي في مقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة. وقام ولي عهد أبوظبي بزيارة النصب التذكاري لشهداء القوات المسلحة بمدينة نصر، ووضع إكليل من الزهور على النصب التذكاري للجندي المجهول. وقد شهد اللقاء توافقاً في الرؤى حول أهمية دور الإعلام في التوعية والتنوير ونقل الحقائق للشعوب العربية، وكذا أهمية التركيز على القضايا المعاصرة التي تثير الخلاف، وأن يكون لعلماء الدين الأجلاء دورهم الإعلامي لتوضيح الحقائق لمواطني الشعوب العربية، مما يزيد من قدرتهم على التمييز بين ما هو من صحيح الدين وبين الأقاويل المكذوبة والملفقة.
 
 
أما من الجانب المصري، فقد حرصت القيادة السياسية العليا على زيارة دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث قام الرئيس السابق المستشار عدلي منصور في أكتوبر 2013، بزيارة رسمية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث استقبله صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وجاءت هذه الزيارة تقديراً لما تكنه مصر حكومة وشعباً من شكر وتقدير للموقف التاريخي للقيادة الإماراتية الرشيدة، والداعم سياسياً واقتصادياً لمصر بعد ثورة 30 يونيو، ومساندة إرادة الشعب المصري ومؤازرته في مواجهة ما يمر به من صعوبات اقتصادية مختلفة. كما أسست هذه الزيارة لأطر استراتيجية ثابتة على طريق دفع العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، إلى آفاق مستقبلية تضمن الحفاظ على أمنهما ومصالحهما المشتركة، خاصة في ظل ما تموج به المنطقة من مخاطر داخلية وإقليمية ودولية، تستوجب حتمية العمل في هذه المرحلة على ترسيخ أركان وركائز التعاون العربي الثنائي والمشترك. كما قام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في مارس 2014 (حينما كان وزير الدفاع والإنتاج الحربي) بزيارة إلى الإمارات التقى خلالها كبار المسؤولين في دولة الإمارات الشقيقة، وشهد المرحلة النهائية للمناورة المصرية-الإماراتية «زايد 1» والتي شاركت فيها عناصر من القوات البحرية والجوية والقوات الخاصة من البلدين الشقيقتين.
 
 
وفي أكتوبر 2013 قام الدكتور حازم الببلاوي رئيس الوزراء الأسبق، بزيارة إلى الإمارات التقى خلالها والوفد المرافق له كلاً من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ومحافظ المصرف المركزي الإماراتي، ورجال الأعمال والمستثمرين الإماراتيين، وأجرى خلالها مباحثات مهمة حول دعم علاقات البلدين الشقيقين والتعاون الاقتصادي والدعم النقدي الإماراتي لمصر الذي يتجاوز 3 مليارات دولار لتمويل عدد من المشروعات الخدمية. كما جرى بحث تدعيم العلاقات السياسية والاستثمارية وتركيز المشروعات الإماراتية في مصر على مساندة محدودي الدخل ورفع كفاءة الاقتصاد المصري، والتركيز على المشروعات التي بدأتها مصر بغرض الاستفادة السريعة منها، ولاسيما أن أغلب هذه المشروعات لم يتبق على استكمالها سوى 20%. ووقع الببلاوي اتفاقية لدعم البرنامج التنموي المصري، تقدم بموجبها دولة الإمارات مبلغ 4.9 مليار دولار لتنفيذ عدد من المشاريع لتطوير القطاعات والمرافق الخدمية والارتقاء بالأوضاع المعيشية والحياتية والتنمية البشرية للشعب المصري.
 
 
وفي 18 يناير 2015 قام فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي بزيارة لدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث ألقى الكلمة الرئيسية في القمة العالمية لطاقة المستقبل بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي. ولقي فخامة الرئيس السيسي حفاوة كبيرة في دولة الإمارات، وشهدت الزيارة لقاءات على أعلى مستوى، حيث استقبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، الرئيس المصري في قصر المشرف، وتم بحث سبل عم الاقتصاد المصري، وإقامة شراكة استراتيجية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية، وتعزيز التحالف المصري الخليجي في مواجهة الإرهاب، وإيقاف انهيار الدول العربية أو سقوطها في هوة الحرب الأهلية.
 
ب- على مستوى المسؤولين (الوزراء والخبراء والوفود): شهدت السنوات الماضية زيارات كثيفة بين مسؤولي الدولتين في مختلف المجالات، السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية، وهي الزيارات التي أسهمت في تعزيز مسيرة العلاقات الإماراتية-المصرية، وفيما يأتي إشارة إلى أمثلة لهذه الزيارات وما أسفرت عنه من نتائج، في يونيو 2009، فقد قام سمو الشيخ عبد الله بن زايد، وزير الخارجية، بزيارة لمصر، حيث رأس الوفد الإماراتي المشارك في الاجتماع الثاني للجنة التحضيرية الدولية للطاقة المتجددة «إيرينا»، والذى عقد بشرم الشيخ يومي 29 و30 يونيو 2009، والذى تم خلاله إعلان فوز الإمارات باستضافة مقر الوكالة، فضلاً عن حرص سموه الدائم على المشاركة في كل اجتماعات وزراء الخارجية العرب العادية والاستثنائية في القاهرة. وفي أكتوبر 2014 قام معالي سلطان الجابر وزير الدولة الإماراتي بزيارة لمصر، استقبله خلالها وزير الخارجية سامح شكري، حيث تناول اللقاء العلاقات الثنائية وسبل تطويرها في المجالات كافة، وخاصة في المجالات الاقتصادية، وكذلك التحضيرات الجارية الخاصة بمؤتمر دعم الاقتصاد المصري عام 2015. وفي ديسمبر 2010، قام معالي سلطان المنصوري وزير الاقتصاد ووفد من كبار المستثمرين الإماراتيين بزيارة إلى مصر تمّ خلالها بحث فرص الاستثمار الإماراتية في مصر‏، كما وقع الجانبان خلالها اتفاقيتين، تتعلق الأولى منهما بقرض من صندوق أبوظبي للتنمية بقيمة تصل إلى 285‏ مليون جنيه مصري للمساهمة في تمويل مشروع محطة توليد كهرباء مدينة بنها بمحافظة القليوبية بقدرة ‏750‏ ميجاوات.‏ وتتعلق الثانية بمذكرة تفاهم بين البلدين لتشكيل فريق عمل برئاسة وزير التجارة والصناعة المصري، ومعالي سلطان المنصوري وزير الاقتصاد لمتابعة الاستثمارات المشتركة‏.‏
 
 
أما على الجانب المصري، ففي نوفمبر 2014، فقد قام وزير الخارجية المصري سامح شكري بزيارة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة لمدة يومين شارك خلالها في أعمال منتدى «صير بني ياس»، حيث التقي سمو الشيخ عبدالله بن زايد وزير الخارجية وبحثا معاً العديد من الموضوعات في العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية. وصرح شكري بأن هناك قضايا وتحديات عدة، تشترك فيها مصر والإمارات والسعودية والبحرين والأشقاء العرب، لابد من مواجهتها في هذه الآونة، وخاصة الأوضاع في العراق وسوريا وليبيا والتطورات الجارية في اليمن، ونتائج الانتخابات في تونس، وكان هناك تطابق في وجهات النظر بين الجانب المصري والإماراتي، وتم وضع خطة لمعالجة هذه القضايا. وفي مارس 2014، شارك الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية في المنتدى العالمي «تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة» بالعاصمة الإماراتية أبوظبي تحت رعاية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، وبمشاركة عدد من العلماء والمفكرين المسلمين من مختلف أنحاء العالم. وأكد مفتي الجمهورية أن هذا المنتدى يأتي تأكيداً لضرورة نشر ثقافة السلم المجتمعي في ظل ما تعيشه بعض المجتمعات من أحداث جسيمة وانقسامات وأفكار متطرفة أدت إلى أعمال عنف في بعض الأحيان.
 
 
3 -التعاون الاقتصادي والتجاري: تعتبر العلاقات الاقتصادية والتعاون التجاري من أهم مظاهر العلاقات الثنائية بين الدولتين، والتي كان لها عظيم الأثر في تعزيز هذه العلاقات وتوثق عراها من يوم إلى آخر، الأمر الذي أدى إلى ازدياد حجم الاستثمارات الإماراتية بحيث أصبحت الإمارات من كبرى الدول المستثمرة في مصر. وخلال عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ارتبط البلدان بعلاقات تجارية واستثمارية متبادلة حيث وقعا 18 اتفاقية تنظم العلاقات الاقتصادية والتجارية بينهما، كما بلغ حجم التبادل التجاري بينهما ‏1.4 مليار دولار. كما بلغ حجم الاستثمارات الإماراتية في مصر 10 مليارات دولار عام 2010 في قطاعات الزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والعقارات والخدمات المصرفية، بحيث أصبحت الإمارات المستثمر الأول في مصر.
 
وقبيل اندلاع أحداث «25 يناير 2011» في مصر بأسابيع قليلة قام معالي سلطان المنصوري وزير الاقتصاد ووفد من كبار المستثمرين الإماراتيين بزيارة إلى مصر تمّ خلالها بحث فرص الاستثمار الإماراتية في مصر‏، كما وقع الجانبان خلالها اتفاقيتين، تعلقت إحداهما بقرض من صندوق أبوظبي للتنمية بقيمة 285 مليون جنيه مصري لتمويل مشروع محطة توليد كهرباء بمدينة بنها بمحافظة القليوبية.
 
 
وبعد ثورة الثلاثين من يونيو 2013، كانت دولة الإمارات على رأس الدول العربية التي مدت يد العون لمصر لمساعدتها على تجاوز الأزمات الاقتصادية التي كانت تواجهها آنذاك، فبادرت بتقديم مساعدات مالية وعينية بقيمة ثلاثة مليارات دولار في إطار حزمة مساعدات خليجية لمصر بلغت اثني عشر مليار دولار.
 
 
وإضافة إلى المنح والمساعدات التي تقدمها الإمارات لمصر، فإن هناك تعاوناً بين الدولتين في العديد من المجالات الاقتصادية، حيث تأتي الإمارات في المرتبة الرابعة ضمن قائمة الدول العربية المستوردة للمنتجات الغذائية المصرية، لما تتمتع به المنتجات المصرية من مزايا تفضيلية عند تصديرها للسوق الإماراتية وفقاً لاتفاقية تنمية وتيسير التبادل التجاري بين الدول العربية. وتحتل السلع تامة الصنع نسبة تزيد على 57% من إجمالي الصادرات المصرية إلى الإمارات، وتشمل قطاعات البطاقات الذكية وصناعات الحديد المدرفل والملابس والرخام. كما أن أهم الصادرات الإماراتية للسوق المصرية خلال الفترة الماضية هي: العصائر والأدوية والورق ومنتجات الطباعة والصابون.
 
 
وقد وقعت الدولتان خلال السنوات القليلة الماضية العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية التي تؤطر هذه العلاقات وتنظمها، لعل أبرزها الاتفاقيات التي تم توقيعها في أكتوبر 2013 وتشمل مشروعات تنموية بمبلغ 4.9 مليار دولار، ومن هذه المشروعات بناء 25 صومعة لتخزين القمح والحبوب بسعة 60 ألف طن للصومعة الواحدة، حيث يسهم هذا المشروع في حماية المحاصيل، والحد من إمكانية تعرضها للتلف، بما يعزز الأمن الغذائي. كما تشمل المشاريع بناء 79 وحدة للرعاية الصحية الأساسية (طب الأسرة) في مناطق لا تتوافر فيها حالياً هذه الخدمات، وذلك لتوسيع نطاق تقديم الخدمات الصحية للشعب المصري، إضافة إلى إنشاء خطين لإنتاج أمصال اللقاحات، بما يرفع الاكتفاء الذاتي ضمن هذا المجال الحيوي إلى نسبة 80%. كما تشمل أيضاً إنشاء 50 ألف وحدة سكنية مع البنية التحتية والخدمات التابعة، وذلك على مراحل بدأت بالفعل من خلال إطلاق العمل لتنفيذ 13 ألف وحدة سكنية في مدينة 6 أكتوبر. وسيتم أيضاً توفير خدمات الكهرباء من خلال مشاريع الطاقة المتجددة إلى مجموعة من القرى والمناطق والتجمعات السكنية غير المرتبطة بالشبكة الكهربائية للمساهمة في إنعاش الريف وتوفير الخدمات الأساسية للمناطق النائية، إضافة إلى استكمال شبكات الصرف الصحي في مجموعة من القرى بما يسهم في الحد من انتشار الأمراض وتأمين بيئة صحية للعيش.
 
 
وفي إبريل 2014 وقعت مصر والإمارات اتفاقاً للبدء في مشروع للتدريب من أجل التشغيل لتدريب أكثر من مئة ألف شاب وفتاة لتأهيلهم وتدريبهم على أحدث البرامج الفنية والتقنية وفقاً لاحتياجات مختلف القطاعات الصناعية ومتطلباتها بتمويل من الجانب الإماراتي بقيمة تصل إلى250 مليون جنيه، ويتيح ذلك تيسير وتسهيل التحاق هؤلاء الشباب بسوق العمل وتوفير فرص عمل مناسبة لهم.
 
4 -التعاون في المجالات الثقافية والعلمية
تحظى العلاقات الثقافية بين البلدين باهتمام كبير في السياق الشامل لدعم العلاقات بينهما، ولا شك أن القبول الإماراتي بما تحمله الثقافة المصرية من مضامين حضارية وفنية مختلفة قد ساعد على أن تصل هذه الرسالة الثقافية المصرية إلى المواطن الإماراتي. وفى هذا الإطار يتم سنوياً تنظيم العديد من الفعاليات والأنشطة الثقافية المصرية في دولة الإمارات العربية المتحدة، سواء على صعيد الفرق الفنية أو المشاركة في معارض الكتب، فضلاً عن تبادل الزيارات الرفيعة المستوى بين البلدين في المجال الثقافي.
 
وفي إطار تزايد العلاقات الثقافية يحظى الأزهر الشريف بتقدير المسؤولين والمواطنين الإماراتيين كمرجع ديني معتدل، كما يرسل الأزهر كل عام في شهر رمضان عشرات من الأئمة والوعاظ لإحياء ليالي الشهر في مختلف إمارات الدولة.. إضافة إلى وجود تعاون بين الأزهر وجامعته ووزارتي الأوقاف في كلا البلدين لإصدار الكتب الدينية والمطبوعات للأزهر الشريف بدعم من الجانب الإماراتي.. كما قامت مؤسسة زايد للأعمال الخيرية بإقامة مركز ثقافي إسلامي في مصر تحت مسمى «مركـز زايد للثقافـة والتكنولوجيـا» تابـع لجامعة الأزهر الشريف، بخلاف موافقة المؤسسة أيضاً على ترميم عدد من المعاهد الأزهرية، إضافة إلى قيام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بتمويل مشروع إنشاء مكتبة للأزهر الشريف يتم بثها على الإنترنت، وترميم وحفظ المخطوطات الإسلامية القديمة الموجودة بجامعة الأزهر.. إلى جانب قيام صاحب السمو الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة، بتقديم الدعم لعدد من المشروعات البحثية والعلمية في مصر، منها: مبنى دار الوثائق المصرية، والمركز العلمي، ومكتبة كلية الزراعة بجامعة القاهرة.
 
 
أما على صعيد التعاون والبحث العلمي بين الجامعات والمراكز العلمية، فثمة اتفاقيات للتعاون بين جامعة الإمارات وبعض الجامعات الحكومية المصرية وجامعة الأزهر، كما تم توقيع بروتوكول للتعاون بين «مركز بحوث الصحراء المصري» و»المركز الدولي للزراعة الملحية والصحراوية» بدولة الإمارات بهدف التعاون في مجال تطوير وإدارة الموارد المائية الطبيعية، وكذا إجراء الدارسات وتنفيذ المشروعات التنموية في مجالات الزراعة الصحراوية. وفقاً للاتفاقية التي تم توقيعها بين الدولتين في أكتوبر 2013، والتي يتم بمقتضاها تمويل مشروعات تنموية بمبلغ 4.9 مليار دولار، يحتل قطاع التعليم جانباً منها، حيث سيتم بناء 100 مدرسة موزعة على مختلف مناطق جمهورية مصر العربية وتشمل التعليم العام والمهني، بما يسهم في خفض مستوى الأمية وتخفيف الضغط عن المدارس الحالية وإعداد أجيال متمكنة وقادرة على شغل مهن مستقبلية واعدة. 
كما تم توقيع اتفاقية تعاون رباعية بين وزارة التربية والتعليم وبرنامج محمد بن راشد للتعلم الذكي وشبكة الإمارات المتقدمة للبحوث والتعليم (عنكبوت) ومنظومة جاما التعليمية في شهر مارس 2014 لتوفير خدمات تعليمية وتدريبية للمؤسسات التعليمية في مصر، فضلاً عن موافقة الإمارات على بناء 800 مدرسة مصرية على نفقة الحكومة الإماراتية، وتم بناء الـ100 مدرسة الأولى منها، وجاري البدء في الـ 100 الثانية، وذلك في إطار بروتوكول موقع بين البلدين لبناء هذه المدارس بمواصفات متطورة.
 
5 -التعاون في المجالات الإعلامية: ترتبط مصر والإمارات ببروتوكول تعاون إعلامي وقع عام 1988 بغرض تعميق التعاون الإعلامي وتطويره بينهما، يشتمل على تبادل الرسائل الإذاعية والتلفزيونية، والتسويق الإعلامي التجاري، والإنتاج البرامجي المشترك في مجالي الإذاعة والتلفزيون، وتشجيع الزيارات المتبادلة للإعلاميين في البلدين والتنسيق في المؤتمرات والاتحادات، وتبادل الخبرات التدريبية، وإقامة الأسابيع والمعارض الإعلامية، فضلاً عن تشجيع التعاون وتطويره بين المؤسسات الصحفية في البلدين.
 
وفي نوفمبر 2014، وقَّعت دولتا الإمارات العربية المتحدة (المجلس الوطني للإعلام) وجمهورية مصر العربية (الهيئة العامة للاستعلامات) في القاهرة، مذكرة تفاهم للتعاون في المجال الإعلامي، والتي تنص على: «يعمل الطرفان على تبادل الأبحاث والدراسات لوضع السياسات وإصدار التشريعات المنظمة للعمل الإعلامي، والاستفادة من التجارب الإعلامية الناجحة في البلدين (المنطقة الإعلامية الجديدة توفر 54 والتي تم افتتاحها في أبوظبي 12 أكتوبر 2008، ومدينة الإنتاج الإعلامي المصرية)، وتبادل تقديم الدعم الفني والتقني اللازم لتيسير الأداء الإعلامي لكلا الطرفين». وتنص المادة الثالثة على أنه «يشجع الطرفان تبادل زيارات المسؤولين الإعلاميين سنويا؛ بهدف تبادل ونقل الخبرات في مجالات التوثيق الإعلامي، وقياس الرأي العام المحلي والدولي، وتحليل المضمون، والإخراج الفني للإصدارات والدوريات، مع تقديم جميع التسهيلات للمراسلين المقيمين والموفدين في مهام رسمية في البلدين». فيما تنص المادة الرابعة على أن «يشجع الطرفان توثيق التعاون بينهما؛ من خلال المشاركة الفاعلة في جميع المحافل الإقليمية والدولية والتشاور بشأن القضايا الإعلامية ذات الاهتمام المشترك». وتنص المادة السادسة على أن «يشجع الطرفان تبادل الخبرات والمتخصصين الإعلاميين لنقل خبراتهم في المجالات المختلفة في ظل التغيرات الإقليمية والدولية والتحديات التي تواجه المنطقة وسبل التعامل معها إعلامياً». كما تنص على أن «يعمل الطرفان على الربط الإلكتروني بين المواقع الرسمية لكل من «الهيئة العامة للاستعلامات» و»المجلس الوطني للإعلام» على شبكة المعلومات الدولية؛ ضماناً لدقة ومصداقية المعلومات التي تنشر عن البلدين، وتحقيقاً للتقارب بين الشعبين الشقيقين».
 
 6 -التعاون في المجالات الدفاعية والعسكرية: تؤكد القيادة المصرية دائماً أن أمن مصر القومي مرتبط بأمن منطقة الخليج العربي عامة وبالإمارات خاصة، وهو ما ظهر جلياً في تصريحات القادة العسكريين في مصر أو مؤسسة الرئاسة، إذ طفت أهمية مناقشة سبل دعم العلاقات الثنائية في مجال التعاون العسكري، وتطويرها خلال زيارات متبادلة بين وفدي البلدين في العديد من المجالات، و»إحداث نقلة نوعية في العلاقات العسكرية» بين مصر والإمارات.
 
وشهد عام 2014، إجراء التدريبات العسكرية بين الجيشين المصري والإماراتي، بهدف تعزيز العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين البلدين وكذلك تعزيز الجهاز التشغيلي لمختلف وحدات الجيشين. وقد تضمنت المناورات المشتركة ثلاث مراحل بدءاً من وصول القوات المصرية إلى الإمارات العربية المتحدة، ويليها التدريب المتخصص والتدريبات العملية، التي أجريت بالذخيرة الحية، وطائرات ميراج 2000 ومقاتلات وسفن حربية، كما تم نشر وحدات مدفعية ومروحيات هجومية بالإضافة للمشاة البحرية والقوات الخاصة والمظلات. 
 
 
وخلال عام 2014 أيضاً، نفذت القوات البحرية للبلدين تدريباً واسعاً في مصر، أمام سواحل البحر الأحمر باسم «خليفة 1»، بمشاركة عناصر القوات الجوية والوحدات الخاصة اشتمل على أعمال الاستطلاع البحري للأهداف المعادية وتنفيذ تشكيلات بحرية عدة أظهرت مدى قدرة الوحدات البحرية لكلا البلدين على اتخاذ أوضاعها بدقة وسرعة عالية، والاستعداد القتالي المستمر لخوض المعارك البحرية والتعامل مع الأهداف البحرية المعادية بكفاءة عالية.
وفي نوفمبر 2014، عقدت لجان التنسيق والتعاون العسكري الإماراتية المصرية مؤتمر التخطيط النهائي للتدريب الإماراتي-المصري المشترك «سهام الحق»، والذي يندرج ضمن خطة التدريبات المشتركة بين البلدين، بعد نجاح تمريني «زايد 1» بدولة الإمارات، و»خليفة 1» بمصر. وأشارت القوات المسلحة المصرية إلى أن «سهام الحق» يعد أحد أهم التدريبات المشتركة في المنطقة، والذي يهدف إلى دعم وتعزيز مجالات التعاون العسكري والتنسيق المشترك بين البلدين، وقياس مدى جاهزية القوات واستعدادها لتنفيذ المهام كافة، تحت مختلف الظروف، ونقل وتبادل الخبرات، وتوحيد المفاهيم بين جميع العناصر المشاركة.
 
وتضمنت مراحل الإعداد لهذا التمرين رفع معدلات الكفاءة الفنية والقتالية للعناصر المشاركة، والإعداد الجيد للتمارين والمشروعات التدريبية المطلوب تنفيذها لصقل مهارات القوات المشاركة من كلا الجانبين، والتدريب على تخطيط وتنفيذ وإدارة المعارك الهجومية والدفاعية المشتركة، وأعمال تأمين ونجدة الأهداف الحيوية. ويرفع التمرين كفاءة القتال وأعماله لدى المشاركين في المناطق المبنية مع التدرج في تنفيذ الأنشطة التدريبية المتنوعة وصولاً إلى تنفيذ مشروع تدريبي بالذخيرة الحية تجريه عناصر مشتركة من قوات البلدين في ظل ظروف جغرافية ومناخية متدرجة الصعوبة، بما يسهم في تحقيق أعلى معدلات الكفاءة والاستعداد القتالي للقوات المسلحة لكلا البلدين.
 
ثوابت ومنطلقات الدعم الإماراتي لمصر
يعبر الدعم الإماراتي لمصر عن موقف ثابت وتوجه أساسي وأصيل في السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة، منذ عهد المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي كان مؤمناً بأهمية التعاون والتكامل والتعاضد بين العرب، وخاصة في أوقات المحن والأزمات. ولهذا فقد وقفت دولة الإمارات العربية المتحدة خلال المراحل المختلفة التي مرت بها الساحة المصرية في السنوات الأخيرة إلى جانب استقرار مصر وإرادة شعبها الشقيق وقدمت، ولا تزال تقدم، الكثير من جوانب الدعم، حتى تتجاوز الأوضاع الصعبة التي تواجهها.
 
 
وقد أكدت القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة خلال السنوات الماضية في العديد من المناسبات أن دعم مصر ينطلق من الثوابت والاعتبارات الآتية:
 
1 -مبادئ سياسة الإمارات العربية بشكل عام، والتي تحرص دائماً على كل ما يحقق أمن الدول العربية ووحدتها واستقرارها، وتعزيز التعايش بين أبنائها، وهذا ما أكدته وتؤكده بجلاء مواقفها وتوجهاتها تجاه ما تشهده المنطقة العربية من تغيرات وتوترات واضطرابات منذ نهاية عام 2010 حتى الآن، وهو نهج ثابت تتبناه دولة الإمارات العربية المتحدة منذ عهد المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله.
 
 
2 - الميراث التاريخي المشترك بين الدولتين، فقد كانت مصر من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال الإمارات منذ إعلانها عام 1971، فيما وقفت الإمارات بكل قدراتها وراء مصر في حرب أكتوبر عام 1973، وقدمت لها بعد ذلك العديد من المساعدات الإنمائية والاقتصادية. ولهذا فإن أهم ما يميز علاقات الدولتين أنها تستند إلى أسس صلبة من الأخوة والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل على مدى سنوات طويلة من التفاعل والتعاون المشترك في كل المجالات، فضلاً عن الإرادة القوية لدى قيادتي الدولتين نحو تطوير هذه العلاقات في مختلف المجالات. كما أنه طوال العقود الماضية جمعت الدولتين مقاربات سياسية مشتركة عدة في إطار من التوافق على نبذ العنف وحل الخلافات بالطرق السلمية وفقاً لمبدأ الشرعية الدولية.
 
3 -إدراك الإمارات أهمية مصر سياسياً واستراتيجياً، باعتبارها رصيداً وزخماً للأمن القومي العربي، وللدول العربية جميعاً. ولهذا تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة دوماً على أن تظل خير سند ومؤازر لمصر حتى تنهض وتنطلق من جديد، وتتمكن من مواجهة مختلف التحديات بروح وطنية جديدة تواصل من خلالها مسيرتها التنموية نحو تحقيق تطلعات الشعب المصري في مستقبل يسوده الخير والتقدم والنماء. 
 
4 - يتصل بالدور الإماراتي-المصري في التصدي للتطرف والإرهاب في المنطقة وما تواجهه مصر بشكل خاص من تحديات في هذا الشأن وما تقوم به من دور وصفه الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بـ»البناء» في دعم الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة ومكافحة الإرهاب والعنف.
 
5 -يتسم الدعم الإماراتي لمصر بأنه شامل ومدروس، ولا يقتصر على الدعم الاقتصادي فقط، وإنما يشمل الدعم السياسي والدبلوماسي والأمني أيضاً، كما أن هذا الدعم يعبّـر عن نفسه في العديد من التحركات والمبادرات التي قادتها الإمارات في الآونة الأخيرة، بما يؤكد التزام الإمارات بالوقوف إلى جانب مصر وشعبها في هذه المرحلة المهمة ومساعدتها على تجاوز المرحلة الانتقالية الحساسة التي تمر بها، حتى تنطلق مسيرة البناء والتنمية، وتعود إلى ممارسة دورها الطبيعي في محيطها العربي والإقليمي والدولي، وبما يخدم قضايا الأمة العربية.
 
الشواهد والمؤشرات جميعها تؤكد عمق العلاقات الإماراتية-المصرية، كما تعكس تنامياً ملحوظاً للتعاون الثنائي في المجالات كافة، حيث جمعت التحديات الاستراتيجية الراهنة التي تواجه الأمن القومي العربي مصر والإمارات، وجسدت كل مشاعر التعاون والأخوة وترجمتها إلى سلوكيات وخطط للتعاون والتآخي والتعاضد والمساندة بما يضمن مصالح الشعبين الشقيقين وأمنهما واستقرارهما في مواجهة قوى الإرهاب والظلام التي تضمر الشر للدول العربية والإسلامية، ما يجعل الحديث عن آفاق واعدة ومبشرة للعلاقات بين البلدين الشقيقين مسألة مؤكدة، ولاسيما في ظل توجهات القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وفخامة عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-02-26 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره