مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2013-03-01

الاتفـاقيــة الأمنيـة الخليجية..تمتـين الروابــط وتعميـق الأواصــر

رغم أن اتفاقية التعاون الأمني بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي قائمة منذ عام 1994، وشهدت أطر التعاون في هذا المجال تطورات عديدة على مدى السنوات الفائتة، فإن توقيع أصحاب السمو والمعالي وزراء داخلية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على تعديلات الاتفاقية في منتصف نوفمبر 2012، يعد تطوراً مهماً لمسار هذا التعاون، كون هذه التعديلات حظيت بموافقة جميع دول مجلس التعاون، فضلاً عن عامل التوقيت الذي يضفي المزيد من الأهمية والأبعاد على مجالات التعاون الأمني بين الدول الست، حيث تتزايد التحديات الأمنية على الصعيدين الإقليمي والدولي، وتتطلب إطاراً قوياً وفاعلاً للتعاون بما يكفل ضمان الأمن والاستقرار لجميع شعوب "التعاون".
 
إعداد: التحرير
 
وقع وزراء داخلية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في منتصف نوفمبر 2012، في العاصمة السعودية الرياض، وبمشاركة الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، الاتفاقية الأمنية بين دول المجلس؛ وجرى التوقيع بحضور رئيس الدورة الحالية لمجلس وزراء الداخلية بدول المجلس صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية السعودي، ووزراء داخلية دول المجلس، والدكتور عبداللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون، وذلك على هامش مشاركتهم في الاجتماع الـ31 لوزراء الداخلية بدول المجلس.
وقال الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية في كلمته بهذه المناسبة "حين أطلع على الأرقام والتقارير الإحصائية التي يعدها العاملون في وزارة الداخلية الإماراتية حول مختلف مجالات التعاون الأمني والشرطي بين دول المجلس يساورني الشعور بالبهجة والرضا لما وصلنا إليه من صلابة في التعاون بين وزارات الداخلية الخليجية تضمن لنا جميعاً الاستمرار بقوة في العمل المشترك لمواجهة مختلف التحديات"، وقال سموه: "إن هذا التفاؤل هو ما يجعلني أقول اليوم إن اجتماعنا الحادي والثلاثين ليس اجتماعاً دورياً يخرج بتوصيات دورية، بل هو ورشة عمل بين أشقاء عقدوا العزم على وضع سياسات أمنية موحدة عبر خطط وبرامج تواكب مستجدات الحياة فتسهم في تعزيز مسيرة الأمن والاستقرار ومعها مسيرة النهضة والبناء، التي تطمح إليهما بلادنا على حد سواء".
وتعتبر الاتفاقية التي وقع عليها مؤخراً وزراء داخلية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تعديلاً للاتفاقية الموقعة في هذا الشأن، والتي أقرت عام 1994، بهدف الاستجابة لمتطلبات المرحلة الراهنة التي تهدف إلى توفير الأمن والحماية لمكتسبات دول مجلس التعاون وفقاً لما أعلنه عبد اللطيف بن راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وأضاف الزياني أن "توقيع الاتفاقية الأمنية بين دول المجلس يمثل خطوة مهمة من شأنها أن تسهم في تعزيز جهود دول المجلس لتوسيع آفاق التعاون والترابط والتكامل بينها في كافة المجالات الأمنية" سيما وأنها تواجه مشاكل أمنية وأعمال عنف خصوصاً في البحرين حيث قتل آسيويان مطلع نوفمبر 2012 في المنامة.
وأوضح أن "الوزراء أدانوا بشدة التفجيرات الإرهابية التي وقعت في مملكة البحرين مؤخراً، وراح ضحيتها عدد من الأبرياء من المدنيين ورجال الأمن"، مجددين "تضامنهم مع مملكة البحرين وشعبها الشقيق في كافة الإجراءات التي تتخذها المملكة لحماية أمنها واستقرارها والحفاظ على مكتسبات شعبها". وأضاف أن "الوزراء أكدوا على أهمية استمرار التعاون والتنسيق المشترك بين الأجهزة الأمنية في دول المجلس" كما أنهم "ناقشوا مشروع إنشاء جهاز للشرطة الخليجية لدول المجلس".
كما ناقش وزراء الداخلية لدول مجلس التعاون مشروع إنشاء جهاز للشرطة الخليجية لدول المجلس، واستكمال دراسة هذا المشروع الحيوي من جميع جوانبه القانونية والفنية، بالإضافة إلى دراسة الرؤية المقدمة من وزارة الداخلية بمملكة البحرين والمتعلقة بأحداث "العنف والإرهاب والمخاطر والتهديدات الأمنية".
 
تاريخ التعاون الأمني الخليجي
يشير موقع الأمانة العامة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى أنه إدراكاً من أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس بأن النمو والازدهار الاقتصادي الذي تنعم به دول المجلس لا يمكن أن يتحقق ويتطور إلا في ظل بيئة آمنة ومستقرة، وانطلاقاً من المبدأ الراسخ بأن أمن دول المجلس كل لا يتجزأ، صدرت التوجيهات السامية لأصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية بدول المجلس بالاتصال والتنسيق لعقد لقاء لهم للتباحث وتدارس متطلبات وآليات التنسيق والتعاون الأمني بين الدول الأعضاء، وبهدف التهيئة والتحضير للاجتماع، تشكل فريق عمل من الخبراء الأمنيين في وزارات الداخلية، لإعداد مشروع جدول أعمال للاجتماع الأول لأصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية، تناول إرساء أسس وقواعد تنسيق وتعاون أمني هادف بين الدول الأعضاء يحقق الأهداف السامية لقيام المجلس. وقد عقد الاجتماع الأول لأصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية بدول المجلس في الرياض يومي 29 ربيع الأول و1 جمادى الأولى 1402هـ الموافق 23 و 24 فبراير 1982م، وكان هذا الاجتماع بداية انطلاقة التنسيق والتعاون الأمني بين دول المجلس، حيث تشكلت العديد من اللجان الأمنية المتخصصة في مختلف مجالات التنسيق والتعاون الأمني.
ولقد حدد الاجتماع الأول منطلقات ومبادئ وأهداف التعاون الأمني بين دول مجلس التعاون في الاتفاق على توقيع إتفاقية أمنية شاملة بين الدول الأعضاء، وأكد البيان الصادر عن الاجتماع على وحدة وترابط أمن دول مجلس التعاون، ومبدأ الأمن الجماعي، بالنص على "أن أمن دول المجلس كل لا يتجزأ وأن أي اعتداء على أية دولة من الدول الأعضاء هو اعتداء على الدول الأخرى واعتبار مسؤولية مواجهة الاعتداء على أية دولة مسؤولية جماعية يقع عبؤها على جميع الدول الأعضاء" وأضاف "إن التدخل من قبل أية جهة كانت في الشؤون الداخلية لإحدى الدول الأعضاء هو تدخل في الشؤون الداخلية لجميع دول المجلس".
وتواصلت اجتماعات أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية بشـكل دوري (سنوي) تسبقها اجتماعات اللجان الأمنية المتخصصة، وتحضّر للاجتماعات السنوية لوزراء الداخلية لجنة تحضيرية مكونة من أصحاب المعالي والسعادة وكلاء وزارات الداخلية، وقد تخلل مواعيد اجتماعات وزراء الداخلية عقد اجتماعات استثنائية لمواضيع أمنية يتطلب الموقف التنسيق والتشاور حولها، كما اتفق وزراء الداخلية على عقد لقاءات تشاورية بدون جدول أعمال محدد وليوم واحد في منتصف فترة عقد اجتماعاتهم الدورية السنوية، كما تم إقرار عقد إجتماع سنوي لأصحاب المعالي والسعادة وكلاء وزارات الداخلية لبحث الأمور الطارئة والمستجدة، يسبق عقد اللقاء التشاوري.
وتشير الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في موقعها الإلكتروني إلى أن الاتفاقية الأمنية لدول مجلس التعاون هي عبارة عن مواد قانونية تعالج قضايا التعاون الأمني بين دول المجلـس، وتصبح هذه الإتفاقية سـارية المفعول بعد مضي شـهر من تاريخ إكتمال تصديق ثلثي الـدول الموقعـة، وفق نصوص موادها، وقد وقع عليها أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية في كل من دولة الإمارات العربيـة المتحدة، ومملكة البحرين، والمملكة العربية السـعودية، وسـلطنة عمان، ودولـة قطـر، وبموجب قرار أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية في اجتماعهم التاسع والعشرين (الكويت - نوفمبر 2010 م) تم تحديث وتطوير الاتفاقية الأمنية، ووافق عليها، في صيغتها المعدّلة، وبصورة مبدئية أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية في اجتماعهم التشاوري الثالث عشر (الرياض - 2 مايو 2012). وسترفع الاتفاقية لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس لمباركتها، ثم سيتم التوقيع عليها خلال الاجتماع القادم لأصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية، وبتوقيع أصحاب السمو والمعالي وزراء داخلية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على الاتفاقية المعدلة في منتصف نوفمبر 2012 تكون هذه الاتفاقية هي الخطوة الأكثر تقدماً في مسيرة التعاون الأمني بين دول مجلس التعاون بعد أن صادقت عليها دولة الكويت التي لم تكن قد صادقت على الاتفاقية قبل التعديل الأخير؛ الأمر الذي يشير إلى دخول التعاون الأمني بين دول مجلس التعاون مرحلة متقدمة وأكثر اقتراباً وتماساً مع الأهداف المتوخاة من التنسيق والتعاون بين الأشقاء الست.
 
أبعاد التعاون الأمني وأهميته
تمثل الاتفاقية الأمنية المشتركة بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لبنة إضافية وركيزة جديدة من ركائز التعاون بين دول المجلس الست، وتتوج مسيرة طويلة من العمل المشترك في مختلف المجالات، وتكتسب هذه الاتفاقية تحديداً أهميتها من اعتبارات عدة يمكن إيجازها فيما يلي:
ـ يلعب التوقيت دوراً حيوياً في إضفاء قدر استثنائي من الأهمية على هذه الاتفاقية كون دول مجلس التعاون باتت بحاجة متزايدة إلى "مأسسة" التعاون الأمني لمواجهة الأخطار والتحديات الأمنية المتزايدة سواء على الصعيد الإقليمي أو العالمي، حيث شهدت السنوات الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في التهديدات الإرهابية والجريمة المنظمة وتهريب المخدرات وعصابات الاتجار بالبشر، ناهيك عن تهديدات أمنية أخرى لا تقل خطورة وتأثيراً مثل التنظيمات المؤدلجة عابرة الحدود التي تتناقل فكراً متجاوزاً للحدود الوطنية والسيادية للدول.
ـ هناك حاجة ماسة لتعميق أطر التعاون الأمني بين جميع دول مجلس التعاون الخليجي لمواجهة الأنشطة الإجرامية، وما يتطلبه ذلك من تعاون وتنسيق أمني ومعلوماتي بين مختلف الأجهزة الأمنية، حيث أصبحت دول المنطقة محطة استهداف للعصابات والتنظيمات باعتبار ذلك فاتورة غير مباشرة للنجاح التنموي والاقتصادي الذي تشهده المنطقة ما يجعلها بالتبعية ضمن بؤرة استهداف عصابات الجريمة.
ـ أصبح التنسيق الأمني الإستراتيجي بين مختلف الدول محوراً مهماً من محاور إدارة العلاقات الدولية، تحت وطأة تزايد التهديدات وعوامل اختراق السيادة الوطنية سواء من خلال المهددات التقليدية أو الأطر المستحدثة مثل التهديدات المعلوماتية والحروب الإلكترونية وغير ذلك.
ـ تسهم الاتفاقيات الأمنية في تعزيز قدرات الأمن الوطني لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مواجهة التطورات المتسارعة التي تشهدها مجالات الجريمة المنظمة وقطاعات المعلوماتية وغير ذلك، ولعل هذه النقطة تحديداً تسهم في بناء القدرات الوطنية لجميع دول المجلس بإستفادة الدول الست من بعضها البعض، وتقديم المشورة والدعم الفني والعلمي، خصوصاً أن بعض دول مجلس التعاون قطعت شوطاً هائلاً في مجالات مواجهة الجريمة، ووضع آليات وقائية تشبه حوائط الصد المنيعة في مواجهة الأنشطة غير القانونية جميعها، وبلورة آليات إنذار مبكر متقدمة في هذا الإطار، ومن هذه الدول على سبيل المثال دولة الإمارات العربية المتحدة، التي شهدت في السنوات الأخيرة تطورات هائلة وقفزة نوعية كبيرة في أداء الأجهزة الأمنية على المستويين الاتحادي والمحلي.
ـ يمثل التعاون الأمني مدخلاً حيوياً للتعاون في مختلف مجالات عمل هذا القطاع الإستراتيجي، حيث يفتح باب التعاون بين الأكاديميات والمعاهد الأمنية في مختلف دول مجلس التعاون، كما يعزز آليات التعاون البحثي والعلمي لمناقشة التهديدات المشتركة وسبل مواجهتها، ووضع إستراتيجيات خليجية وطنية مشتركة للتعامل مع المتغيرات الأمنية كافة، وتقديم المشورة والدعم الفني للأجهزة الأمنية في مختلف دول المجلس بما يصب بالنهاية في سلة تعزيز الأمن الجماعي المشترك لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
ـ توفر الاتفاقات الأمنية البدائل والحلول المسبقة لأزمات حدودية محتملة أو قد تطرأ على خلفية الممارسات الأمنية السيادية للدول على حدودها، مثل المطاردات والملاحقات الأمنية وتعقب الأشخاص المطاردين في حال اجتيازهم الحدود وغير ذلك.
- في ظل ثورة المعلومات والاتصالات واتفاقيات التجارة الحرة بين الدول والتجمعات والكتل الاقتصادية، وما يرتبط بها من ارتفاعات قياسية في معدلات التبادل التجاري والاعتماد المتبادل وغيرها من صور التعاون الدولي، بات العالم عبارة عن شبكة عنكبوتية من المصالح المشتركة التي تتعدى كافة الحدود الوطنية للدول Transnational ما يجعل التنسيق الأمني مسألة ملحة للحفاظ على الأمن القومي للدول من ناحية، والحفاظ على هذه المصالح الإستراتيجية الحيوية للدول والتكتلات الإقليمية.
 ـ لا تتوقف أهمية التعاون الأمني والاتفاقات في هذا الشأن عند حد مواجهة التحديات والأخطار، بل أيضاً تشمل استثمار الفرص التنموية وتعظيم المكتسبات المحققة لشعوب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث تمثل الاتفاقية المعنية غطاء حيوياً للتنسيق والتضامن الخليجي في مجالات عدة للتعاون الأمني، تتعلق بتسهيل حياة المواطنين من مثل التأشيرات وعبور الحدود ونقل البضائع والسيارات وتنظيم حركة الدخول والخروج والتجارة بين دول المجلس ما يعمق أطر التعاون، ويترجم رغبة وطموحات شعوب الدول الست في مزيد من الاندماج والوحدة والمصالح المشتركة وتقوية أواصر المحبة التي تجمع هذه الشعوب، ولاشك أن أي مستوى مستهدف من مستويات التقارب والاندماج السياسي بين الشعوب يتطلب ركيزة أساسية قوية من التعاون على مستوى الاجراءات التي تصنف تقليدياً ضمن مهام الأجهزة الأمنية، وبالتالي فإن وجود اتفاقات أمنية منظمة للعلاقات تمثل قاعدة أساسية وبنية تحتية تشريعية وتنظيمية وإجرائية لا غنى عنها لتعميق التعاون بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
 
أهمية استثنائية ومنعطف حيوي
يكتسب التوقيع على تعديلات الاتفاقية الأمنية في نوفمبر 2012 بعداً بالغ الأهمية، كون هذه التعديلات التي أقرت على الاتفاقية الأولى الموقعة عام 1994، قد نالت موافقة دولة الكويت بعد تحفظات دستورية حالت دون انضمام الكويت إلى اتفاقية التعاون الأمني بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية طيلة السنوات الماضية منذ توقيعها للمرة الأولى، ورغم التخوفات التي أثيرت في بعض التقارير الإعلامية حول تطبيق بنود الاتفاقية، وما يمكن أن يسفر عنه من تحفظات في بعض دول مجلس التعاون، لاسيما فيما يتعلق بالتعاطي مع شبكات التواصل الاجتماعي، فإن أولوية الحفاظ على الاستقرار الأمني والاجتماعي والأسري في دول المجلس الست ينبغي أن تفوق ما عداها من اعتبارات أخرى يجري تداولها من جانب بعض المحللين والمراقبين، خصوصاً أن تجارب التغيير السائدة في كثير من دول الإقليم الشرق أوسطي تدعو إلى ضرورة منح الأمن والاستقرار في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أولوية قصوى ليس فقط من جانب حكومات دول المجلس، ولكن أيضاً من جانب القوى العظمى والدول الكبرى بحكم الأهمية الإستراتيجية لمنطقة الخليج العربي في حسابات الأمن والاستقرار العالميين.
 
أبرز مصادر التهديد الأمني في دول مجلس التعاون
تتنوع التهديدات الداخلية والخارجية قريبة المدى وبعيدة المدى، والمحتملة بنسب ضعيفة والمحتملة بنسبة أكبر، ويمكن إيجازها في التالي:
ـ امتداد الاضطرابات السياسية والأمنية الحاصلة في المنطقة إلى دول مجلس التعاون، وما يرتبط بذلك من ضرورات الحفاظ على الاستقرار في مواجهة التدخلات الخارجية المحتملة في شؤون دول مجلس التعاون.
ـ خطر التمدد الإقليمي للجماعات والتيارات الدينية المتشددة، أو التي تمتلك مشروعات مناهضة للأمن والاستقرار في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وسعي بعض هذه التنظيمات إلى تصدير أفكارها وممارساتها وتوظيف الثقل السياسي الذي حصلت عليه في بعض دول المنطقة من أجل انتزاع مكاسب سياسية موازية في بعض دول مجلس التعاون، أو ابتزاز السلطات سياسياً والضغط عليها.
ـ  تدخلات محتملة من قوى أجنبية لتحريض فئات أو مجموعات داخل بعض دول مجلس التعاون لإثارة الاضطرابات الداخلية، والقيام بأعمال عنف من شأنها زعزعة استقرار دول مجلس التعاون والتأثير سلباً في الثقة العالمية بأجوائها الاقتصادية ومناخها الاستثماري.
ـ تزايد احتمالات اندلاع حرب إقليمية، وما ينتج عن ذلك من تأثيرات سلبية على الاقتصادات الوطنية لدول مجلس التعاون، وحركة السياحة والاستقرار الداخلي.
ـ تفاقم خلل التركيبة السكانية في بعض دول مجلس التعاون وما يفرزه ذلك من تأثيرات سلبية على المجتمعات، وما يتطلبه من آليات لمواجهة تبعات هذا الوضع، إذ يعد الخلل في التركيبة السكانية أحد المشكلات الأساسية التي تعاني منها دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يترتب على الاعتماد المكثف على العمالة الوافدة من دول مختلفة ارتفاع نسبة الوافدين إلى عدد السكان، ومثل هذا الخلل يولد أعباء وضغوطاً أمنية وثقافية وسياسية واقتصادية واجتماعية، وعلى الرغم من أن العمالة الوافدة قد لعبت دوراً مهماً في عملية البناء والتنمية والتحديث في دول المجلس، إلا أنها أخذت مع مرور الزمن تشكل عبئاً واضحاً على اقتصاديات دول الخليج، وأدى الاعتماد عليها منذ منتصف سبعينات القرن الماضي حتى الآن إلى خلق سلسلة من الاختلالات تمخض عنها عدد من الآثار السلبية والخطيرة في مختلف المجالات، ما يتطلب تعاوناً أمنياً رفيع المستوى بين جميع دول مجلس التعاون لمواجهة إفرازات هذا الواقع.
ـ التهديدات المتزايدة التي تواجه الهوية الثقافية للأجيال الناشئة في دول مجلس التعاون.
ـ الهجمات الإلكترونية التي يمكن أن تتعرض لها البنى التحتية والمنشآت النفطية والإستراتيجية في مختلف دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
ـ  بيئة الاضطراب الإقليمي الناجمة عن تنامي الطموحات النووية لبعض القوى الإقليمية، وما ينتج عن ذلك من تفاعلات أمنية من شأنها التأثير سلباً في مناخ الأمن والاستقرار بدول مجلس التعاون.
ـ غياب الاستقرار الأمني والاجتماعي عن دول إقليمية عدة بما يؤثر سلباً في أجواء الاستقرار الداخلي بدول مجلس التعاون، وما يتطلب تنسيقاً أمنياً رفيع المستوى بين دول المجلس لمواجهة تبعات مثل هذا الوضع.
ـ التأثيرات المحتملة في حال نشوب أي أزمات داخلية من أي نوع في أي من دول مجلس التعاون.
ـ تأثيرات تفاقم الأزمة المالية العالمية، وما يرتبط بذلك من تأثيرات اجتماعية جراء تراجع البورصات وأسواق المال وانتقال عدوى هذه الأزمات للأسواق الخليجية.
ـ مواجهة التحالفات الإقليمية الجديدة خصوصاً بين دول ما يعرف بالربيع العربي وقوى إقليمية تقليدية.
ـ نشوب صراعات محتملة في الجنوب الآسيوي بما يؤثر في بيئة الاستقرار داخل أي من دول مجلس التعاون في ظل وجود أعداد مليونية من العمالة الوافدة من الدولتين تقيم في دول مجلس التعاون.
ـ استمرار خطر تنظيم القاعدة الإرهابي، وفروع التنظيم مثل "القاعدة في شبه الجزيرة العربية"، حيث يلاحظ تزايد العمليات الإرهابية في بعض دول مجلس التعاون بعد الحرب الأمريكية على العراق في العام 2003 م، وكانت بعض هذه العمليات تهدف إلى الضغط على الحكومات في دول مجلس التعاون لتغيير سياساتها تجاه كل ما يجري في العراق والمنطقة، فقد استهدفت المراكز التجارية والتجمعات السكنية والشعبية، وحتى المدارس الأجنبية لحقتها بعض العمليات التفجيرية والتخريبية لإثارة الذعر والخوف بين المواطنين، فقد تعرضت على سبيل المثال عدة مدن في المملكة العربية السعودية، لسلسلة من التفجيرات التي أصابت عدداً من التجمعات السكنية والصناعية التي يقطنها أجانب، وغيرها، وأدت هذه العمليات إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى، وامتدت هذه الظاهرة إلى باقي دول الخليج حيث شهدت الكويت حوادث عنف وعمليات تفجير منذ عام 2001 م، وتعرضت كذلك قطر إلى هجوم في مارس 2005 بسيارة مفخخة استهدفت مدرسة بريطانية في الدوحة،  ومن الواضح أن الجماعات الإرهابية وضعت الأمن الوطني هدفها الاستراتيجي الذي تعمل على ضربه نظراً لمعرفتها بقيمة وحجم التأثير الذي يمكن أن يحدثه ذلك، فقد تنوعت أهداف العمليات الإرهابية من منشآت وأهداف اقتصادية وتجارية كبيرة، كمناطق إنتاج وتكرير النفط، ومصانع تنتج سلعاً إستراتيجية، وخبراء عاملين في مجال الصناعة، باعتبار أن ضرب هذه الأهداف يكون له آثار سلبية على الإنتاج القومي في هذه الدول، وآثار الإرهاب السلبية لا تقتصر على زعزعة الأمن والاستقرار فقط، وإنما تنعكس على جميع جوانب الحياة في المجتمع، لأن الأمن هو عماد وأساس كل جهد تنموي، وشرط ضروري لاستقرار المجتمعات وأعمارها، وتبرز آثار الإرهاب على الاقتصاد والتنمية في الكثير من المجالات من خلال ضياع الأموال التي تخصص لمكافحة الإرهاب، وإتلاف المنشآت والممتلكات، وزعزعة ثقة أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين، وهروب الاستثمارات المحلية والأجنبية، ولا شك أن الإرهاب يشكل تحدياً رئيساً لدول مجلس التعاون الخليجي، لأن الإرهاب لا يقتصر على دولة يعنيها، بل إن انعكاساته وتأثيره يطال جميع دول مجلس التعاون، وخصوصاً في حال استهداف المنشآت النفطية، وهي الحلقة الأخطر في نظام الأمن الخليجي، كونها تشكل بؤرة المصالح الاقتصادية لدول مجلس التعاون.
ـ تحديات مجتمعية تقليدية تهدد الأمن المجتمعي في دول مجلس التعاون، مثل الإدمان وتهريب المخدرات والاتجار بالبشر، وعصابات ممارسة الدجل والشعوذة، والنصب والاحتيال، وكذلك العنوسة والطلاق والزواج من أجنبيات، وتزايد الاعتماد على الخادمات وغير ذلك.
 
مفهوم الأمن .. وتطور مراحله
يعد السعي نحو الحفاظ على الأمن سلوكاً قديماً أرتبط بوجود الإنسان، وانتباهه إلى الأخطار الوجودية على حياته، والتهديدات التي تواجه بقاءه من جوانب شتى، ما حفزه إلى البحث عن سبل ووسائل للدفاع عن أمنه، والحفاظ عليه بطرق وقائية وأخرى علاجية، وجميعها تستهدف الوصول إلى مستوى الاحساس بالأمان الذاتي، وإبعاد شبح الخوف ودرء مصادر التهديد والخطر، أو على الأقل السيطرة عليها أو الحد منها إلى أدنى المستويات الممكنة، وسعى الإنسان باستمرار لتحقيق الاستقرار والأمن، وتحصين البيئة التي يعيش فيها بالتعاون مع غيره ممن يشتركون معه بصلات القرابة والجوار، سواء داخل المجتمع المحلي الواحد أو على مستويات أكثر اتساعاً.
ومع تطور الحياة، بات طبيعياً أن تتطور بشكل مواز آليات ووسائل الحفاظ على الأمن حيث انتقلت المهمة من الفرد والجماعة إلى الدولة التي اتجهت إلى منح هذا البعد أهمية متزايدة، وبات أحد مهامها الرئيسة ضمن ركائز العقد الاجتماعي، وقد انعكس ذلك بطبيعة الحال على الصعيد التعليمي والتثقيفي من خلال اهتمام المؤسسات والجامعات والمعاهد الأكاديمية، بتدريس الجوانب الأمنية والبحث فيها، ولذا يؤكد الكثير من الباحثين أن مفهوم الأمن بشكله المعاصر ارتبط بظهور الدولة الحديثة، والحكومات المركزية وما ارتبط بها من أمور سيادية في الشأن العام من مثل قرارات السياسة والحرب والحفاظ على الأمن.
وهناك وجهات نظر وآراء عدة في مناقشة ماهية ومفهوم الأمن القومي، ولكنها باختصار تنقسم وفقاً للزاوية التي ينظر بها إلى المتغير الأمني، الذي يبقى بالأخير موضع اتفاق بين مختلف المدارس الفكرية والبحثية كونه أحد أهم الاحتياجات والمطالب الأساسية للمجتمعات البشرية كافة، وعلى هذا الأساس هناك مدارس فكرية تنظر إلى الأمن من منظور عسكري بحت يركز على الجوانب والأطر العسكرية للمفهوم، وهو مفهوم أو زاوية ارتبطت بحقبة زمنية محددة طغى عليها التوجه العالمي للأحلاف العسكرية، لاسيما إبان حقبة الحرب العالمية الثانية حيث غلب على معظم دول العالم السعي نحو بناء تحالفات عسكرية تستهدف حماية تلك الدول، والحفاظ على مصالحها وأمنها القومي في مواجهة تمدد قوى عسكرية معادية، أو تتبنى فكراً أيديولوجياً مغايراً، ويلاحظ أن هذا المفهوم ارتبط بالمتغيرات المؤثرة في الأمن القومي للدول وقتها، بمعنى أن مصادر التهديد آنذاك تكاد تنحصر في كونها مصادراً عسكرية من خلال تهديد الأمن والمصالح عن طريق الحروب والممارسات الاحتلالية لدول ضد أخرى، ومن ثم طغى هذا البعد العسكري بشكل فاق ماعداه، ومع استبعاد أي مؤثرات أخرى في الأمن القومي للدول بشكله المتكامل الذي هو بالأخير نتاج تفاعلات شتى بين مؤثرات مختلفة تتراوح بين الداخلي والخارجي ولكن معظم هذه المؤثرات لم تكن فاعلة بالدرجة ذاتها التي اتضحت في سنوات تالية لانتهاء حقبة الحرب العالمية الثانية.
وظهرت خلال تلك الفترة في الأدبيات السياسية والإستراتيجية تعريفات عدة للأمن لعل من أهمها تعريف موسوعة العلوم الاجتماعية للأمن القومي، الذي يركز على الناحية العسكرية "وينظر إلى الأمن من منطلق قدرة الأمة على حماية قيمها الداخلية من التهديدات الخارجية"، وتعرف دائرة المعارف البريطانية الأمن القومي على أنه "حماية الأمة من خطر السيطرة بواسطة قوة أجنبية"، ويرى الكاتب الأمريكي والتر لمان أن الدولة تكون آمنة طالما أنها ليست في خطر التضحية بالقيم الأساسية إذا اضطرت إلى تجنب حرب ما، وأنها قادرة إذا تم تحديها على صيانتها بالانتصار في تلك الحرب.
 
الأمن ... سمات ونماذج
ومع تطور المجتمعات وتبدل الرؤية لمفهوم الأمن وتزايد الانتقادات الموجهة إلى النظرة الواقعية التي غلبت البعد العسكري في تعريف الأمن، ظهرت تعريفات تأخذ في الاعتبار مختلف الأبعاد الاجتماعية المؤثرة أمنياً، وقد أبرز كتاب روبرت مكنمارا وزير الدفاع الأمريكي الأسبق "جوهر الأمن" The Essence Of Security الصادر عام 1968، المفهوم الاجتماعي للأمن، مركزاً على البعد التنموي كركيزة لتحقيق الأمن، بل يربط بين التنمية والأمن ويجعلهما وجهان لعملة واحدة، حيث يقول"الأمن ليس هو المعدات العسكرية وأن كان يتضمنها، والأمن ليس هو النشاط العسكري وأن كان قد يشمله، إن الأمن هو التنمية، وبدون التنمية لا يمكن أن يوجد الأمن، والدول النامية التي لا تنمو في الواقع، لا يمكن ببساطة أن تظل آمنة".
وتلاحقت بعد ذلك التعريفات التي ربطت بين الأمن والجوانب الاجتماعية المختلفة ليأخذ هذا المفهوم بعداً متكاملاً صار معتمداً وجوهرياً في مختلف الأدبيات البحثية، وقد ذهب أحد أبرز فقهاء العلوم السياسية العرب وهو د.علي الدين هلال إلى القول بأن الأمن القومي عبارة عن "تأمين كيان الدولة والمجتمع ضد الأخطار التي تهددها داخلياً وتأمين مصالحها وتهيئة الظروف المناسبة اقتصادياً واجتماعياً لتحقيق الأهداف والغايات التي تعبر عن الرضا العام في المجتمع".
ويلاحظ أن هذا المفهوم الأشمل للأمن ارتبط بالطفرات الاقتصادية والتكنولوجية التي حققتها المجتمعات، ولاشك أن مناقشة مفهوم الأمن في إطاره الخليجي ربما يبدو نموذجاً مثالياً للتداخل في الحسابات والاعتبارات التي يرتكز عليها أمن الدول والمجتمعات، حيث يرتبط الأمن في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على وجه التحديد بروزنامة معقدة ومتداخلة ومتشابكة من التفاعلات والارتباطات العسكرية والسكانية والجغرافية والاقتصادية والتكنولوجية.
ويتفق الخبراء على أمن دول مجلس التعاون يتوقف على مقدرة هذه الدول على تحصين نفسها في مواجهة مختلف مصادر الخطر والتهديد، وتنمية قدراتها بشكل جماعي في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية، وهنا يمكن القول بأن الاتفاقية الأمنية الموقعة بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تعتبر الآلية التي تضمن تحقيق الهدف الخاص بتحقيق الأمن الجماعي للمجتمعات الخليجية.
ومع تطور التكنولوجيا وتجسيد ما بات يعرف اصطلاحاً بالقرية الكونية الصغيرة، ظهر إلى الوجود تعريف الخبير الأمريكي توماس بارنت القائم على مرادفة الأمن القومي للدول بالعولمة، معتبراً أنه إذا أردنا معرفة سمات نموذج الأمن القومي الجديد فلا ينبغي أن نذهب لكي نتناقش مع خبراء الدفاع، ولكن لنذهب ونتناقش مع خبراء التكنولوجيا والاتصال، وهو نموذج يبدو بالفعل متماهياً مع تحولات العصر التقنية، ولكنه يمايز بين الدول المنخرطة بقوة في موجات العولمة، وتدور ضمن تروسها وفلكها، والدول التي  تدور ضمن ما يعرفه بارنت بدول الهامش التي لا تزال تمضي بعيداً عن تأثيرات العولمة وموجاتها وتجلياتها في شتى المجالات.
وقد طرح وزير الدفاع الأمريكي إبان حرب فيتنام روبرت ماكنمارا تعريفاً متكاملاً للأمن، وهو أن الأمن ليس هو المعدات العسكرية وأن كان يتضمنها وليس هو القوة العسكرية وأن كان يحتويها وليس هو النشاط العسكري وأن كان يشمله؛ فالمشكلة العسكرية ليست الا وجه ضيق لمشكلة الأمن.
 
ركائز الأمن القومي للدول
- البعد العسكري:
رغم تداخل عناصر رئيسة أخرى في تكوين منظومة الأمن القومي للدول، فإن البعد العسكري لا يزال يحتل موقع الصدارة ضمن أولويات الترتيب والاهتمام ضمن ركائز الأمن القومي للدول، فهو البعد الذي يقيس مؤشرات القوة والضعف، وفي حال تعرضه لأي اهتزاز أو تأثير سلبي واضح ربما يؤدي مباشرة إلى اضمحلال الدول وتراجع قوتها الشاملة، وتعرضها إلى تهديدات وأخطار وجودية قد تسفر عن تقويض سيادة الدولة على مقدراتها وأراضيها، ومع ذلك يرتبط هذا البعد بباقي أبعاد الأمن القومي ارتباطاً وثيقاً، حيث أن ضعف أي من الأبعاد الأخرى يؤثر سلباً بالتبعية في القوة العسكرية ويتسبب في تدهورها، بينما قوة هذه الأبعاد تزيد من القوة العسكرية للدولة.
- البعد السياسي:
تمثل السياسات الداخلية والخارجية للدول ركيزة مهمة من ركائز أمنها القومي، حيث تلعب السياسات الداخلية وما يرتبط بها من أمور هيكلية وتنظيمية من مثل النظام السياسي وشكل نظام الحكم وغير ذلك، دوراً حيوياً في الأمن والاستقرار، كما أن السياسات الداخلية المتبعة تلعب دوراً محورياً في تماسك الجبهة الداخلية، وتفتح قنوات التواصل والرضا المجتمعي بين الشعب وقيادته، ما يصب بالتبعية مباشرة في سلة تعزيز الأمن القومي للدولة، أما السياسة الخارجية فهي تمثل كيفية ترجمة مكونات القوة الشاملة للدولة بمختلف مرتكزاتها (القوة الناعمة والصلبة أو الخشنة) في رسم وصياغة سياسات الدولة حيال العالم الخارجي، ومن ثم تحديد مقدرة الدولة على تحقيق مصالحها وأهدافها المبتغاة من التحركات الدبلوماسية والعلاقات السياسية مع مختلف دول العالم.
- الركيزة الاقتصادية:
يلعب الاقتصاد دوراً لا يقل أهمية ولا تأثيراً عن العاملين السابقين في تأمين الاستقرار الداخلي ومواجهة مصادر التهديد القائمة والمحتملة للأمن القومي للدول، حيث يمثل تطوير الخطط والسياسيات الاقتصادية بما يحقق القدر المستهدف من الأمن الاقتصادي والمعيشي والاجتماعي للدول، يمثل أولوية قصوى كون الأمن والتنمية وجهان لعملة واحدة طبقاً لما استقرت عليه الأدبيات السياسية في فترة من الفترات التاريخية، ولأن تحقيق هذا الهدف يضمن للدولة ما ترجوه من السيادة الوطنية، ويجنبها أي ضغوط خارجية وتدخلات أجنبية مباشرة أو غير مباشرة في إدارة شؤونها، أو تحقيق مصالح الآخرين مقابل الحصول على مساعدات ومنح وهبات مادية.
- العوامل الجيوسياسية:
تلعب الجغرافيا السياسية في كثير من الأحيان الدور الأبرز في تحديد قوة الدول، أو على الأقل تعزيز هذه القوة بعامل إضافي نوعي يسهم في تمتينها وتدعيمها، حيث يمثل التكوين الجغرافي للدولة عاملاً مهماً يسهم في رسم سياسات الدفاع العسكري، وبناء شبكات الطرق والمواصلات، ويحدد مكانة الدولة على خارطة الطرق والمواصلات العالمية، وبالتالي تحديد مواردها الاقتصادية من التجارة العالمية، وعلى خارطة السياحة والطيران، كما يسهم في تحديد مكانتها الإستراتيجية ضمن حسابات القوى العظمى، ويحدد تأثيراً في معادلة القوة، وبالتالي فإن مختلف المظاهر الجيوبوليتيكية قد تحدد مواطن القوة والضعف في الدول، إذ أن هناك كثير من الدول تكتسب أهمية استثنائية في الحسابات الإستراتيجية فقط لكونها تحتل موقعاً جغرافياً متميزاً على الخارطة، وبالتالي يصبح الرهان الحقيقي متوقفاً على مقدرة هذه الدولة على توظيف هذه الورقة الحيوية كي تصبح نقطة قوة نوعية لمكانتها، بدلاً من أن تصبح نقطة ضعف وتتحول الدولة إلى موضع نزاع لاحتلالها أو السيطرة على مقدراتها للاستفادة من موقعها الجغرافي.
- العامل الديموجرافي:
رغم تراجع أهمية عدد السكان في حسابات القوة الشاملة للدول، فإن بإمكان الدول ذات العدد السكاني الكبير نسبياً تحويل هذا العدد إلى قيمة نوعية مضافة، وتعزيز هائل للقوة المركزية للدولة في حال نجحت في وضع السياسات والخطط الكفيلة بالاستفادة من الطاقات والموارد البشرية التي تمتلكها لزيادة الدخل القومي، وبالتالي تمتين الاقتصاد والجيش، وتحصين الدولة في مواجهة أي مصادر تهديد محتملة، ويتصل بالعامل الديموجرافي أيضاً اعتبارات عدة تحدد أهميته وحدود الاستفادة منه، حيث لا يقتصر الأمر على التعداد الإجمالي للسكان، ولكن يتوقف بالأخير على عوامل من مثل معدل النمو السكاني، وتوزيع السكان على البقعة الجغرافية، وإمكانية الاستفادة من هذا التوزيع، وتأثير ذلك في قدرات الدولة للدفاع عن حدودها الجغرافية، والمعدلات العمرية ومعدلات الوفاة والفئات العمرية للسكان، حيث يختلف تقييم المعدلات التي تطغى عليها شريحة كبار السن عن تلك المناظرة التي تطغى عليها شريحة الشباب من صغار السن.
- القوة المعلوماتية:
ظهر في السنوات الأخيرة من القرن الفائت مفهوم تكنولوجيا المعلومات، والتي تعني الزيادة المطردة في حجم المعلومات إلى حد تضاعفها مما أدى بها إلى أن أصبحت ثروة قومية، وأصبحت السيطرة عليها وتوظيفها لمصلحة التنمية قضية هامة تشغل بال الخبراء، خاصة وأن الإنتاج بمختلف أنواعه أصبح يعتمد على المعلومات، وبالتالي تم تصنيفها كسلعة اقتصادية، لذلك ظهرت صناعة جديدة تسمى صناعة المعلومات، وقد أصبحت تكنولوجيا المعلومات أحد ركائز القوة للدول، بل قد تصبح في المستقبل الركيزة الأهم لهذه القوة في حال تحول الحروب السيبرانية إلى واقع أكثر خطورة على الأمن القومي للدول، وتلعب المعلوماتية دوراً حيوياً سواء على صعيد الدخل القومي للدول، أو على مستوى تحديد مقدرة الدول على مواجهة الأخطار المماثلة على الصعيد ذاته، والتصدي لها بالكفاءة المرجوة، كما أن القدرات المعلوماتية تمكن الدولة من حماية أسرارها الدفاعية والإستراتيجية، بل والصناعية، خصوصاً في ظل انتشار موجات التجسس الصناعي الذي يستهدف تتبع أسرار التقدم الصناعي والتقني في الدول المتقدمة، كما أن التقدم في قطاع المعلوماتية يوفر النطاق للدول، ويفتح المجال أمامها للتقدم في مجالات أخرى منها مجال الصناعات العسكرية، وفي هذا الإطار يبرز النموذج الإسرائيلي الذي يستغل التقدم في صناعة المعلوماتية الإسرائيلية لتحقيق تقدم مواز في صناعات عسكرية تتطلب تقدماً تقنياً هائلاً مثل صناعة الطائرات من دون طيار، وبرامج الصواريخ الذكية، وغير ذلك من صناعات تعتمد بشكل كبير على برامج إلكترونية بالغة التقدم، قالت نشرة "فورين ريبورت" البريطانية المتخصصة في الشؤون العسكرية: أن أقمار إسرائيل يمكنها بفضل أجهزة الاستطلاع والاستشعار المتطورة والدقيقة التجسس على كل شبر داخل الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط.
 
مصادر الأمن القومي
وقد اختلفت مصادر تهديد الأمن القومي في ظل عصر المعلومات، حيث أنها لم تعد مقصورة على الجواسيس الذين يجري نشرهم هنا وهناك، أو الأجهزة والمؤسسات التي تتلقف المعلومات المنشورة وتخضعها للبحث والتحليل أو غيرها من وسائل تهديد أمن المعلومات العتيقة المتعارف عليها، بل أصبح لها مظاهر رقمية إلكترونية غير مسبوقة في شمولها وعمقها واختلافها واتساع نطاق تغطيتها وأضرارها وذكاء منفذيها وتعقد آلياتها وتواصل هجماتها، فقبل ظهور الأدوات الحديثة المعتمدة على تكنولوجيا المعلومات والالكترونيات والاتصالات كانت هناك الوسائل التقليدية لجمع المعلومات التي تعتمد بشكل كبير على العناصر البشرية من الجواسيس ومجموعات الاستطلاع من عناصر المخابرات الذين يعملون داخل صفوف العدو من أجل نقل المعلومات اللازمة، ومع تطور تكنولوجيا المعلومات أصبح العملاء يقومون ليس فقط بإرسال معلومات، ولكن بمهام أخرى منها مثلاً وضع مستشعرات وأجهزة متقدمة جداً في الأماكن الحيوية والإستراتيجية، كما تساهم في تحديد الأهداف والتصويب تجاهها بشكل أدق، كما أن هناك أيضاً تتبع المعلومات العلنية المتاحة من قبل العدو، وهي أداة تقوم على عناصر بشرية مدربة تستعين بالحاسبات وتكنولوجيا المعلومات في رصد ما تنشره هيئاته ومؤسساته المختلفة، ويشير بعض الخبراء أن نسبة كبيرة من المعلومات المخابراتية المستخدمة عسكرياً تأتي من مصادر علنية، ولعل من أبرز وسائل الاستطلاع الحديثة الأقمار الصناعية والرادارات التي يمكنها التجسس على الاتصالات والتحركات المعادية، كما تشمل المستشعرات وأدوات التصوير الجوي والطائرات بدون طيار.
تزايدت العلاقة ما بين التكنولوجيا والأمن لإرتباط الدول بها في عمليات الاتصال والإنتاج والخدمات، بما يجعلها في ذات الوقت تعتمد على أنظمة معلومات قد تكون هدفاً سهلاً للهجمات الإرهابية، ويتزامن هذا مع محاولة الإرهابيين المستمرة في الحفاظ على تحديث أسلحتهم وإستراتيجياتهم، كما ظهرت الحروب الجديدة في سياق دولي يغلب عليه الطابع التكنولوجي، وذلك بخلاف الحروب القديمة بين الدول والتي كان هدفها تحقيق أكبر درجة من الضرر للخصم، والاستخدام المنظم للقوة في مواجهة قوة أخرى، وهذه الحروب تتم داخل شبكات متعدية الحدود، والتي قد تشمل دولاً وأطرافاً من غير الدول، ويكون هناك عدم اعتماد كامل على المعارك العسكرية التقليدية، بل تأخذ صوراً للتنافس والصراع على المعطيات التكنولوجية، وباختصار فقد أدت ثورة المعلومات إلى جعل تكنولوجيا المعلومات بمثابة الجهاز العصبي للأجهزة الأمنية والأجهزة المعنية بالأمن القومي، الأمر الذي أدى إلى تغير في شكل ونمط التهديدات.
وفي ظل انتشار ظاهرة الإرهاب وتمددها وخطر التنظيمات المتشددة يصبح التنسيق الأمني بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في غاية الإلحاح والأهمية، حيث تستخدم هذه التنظيمات شبكات المعلومات وأجهزة الكمبيوتر والإنترنت من أجل نشر أفكارها، وتجنيد الأنصار والأتباع، ومحاولة تغيير القناعات، وتشكيل اتجاهات الجمهور لمصلحتها، خصوصاً أن غالبية مرتادي المواقع الالكترونية من فئة الشباب والمراهقين صغار السن الذين يسهل استهواؤهم واستمالتهم ولو لفترات زمنية محدودة، ويمثل الإرهاب الإلكتروني أحد مظاهر توظيف التقنيات الحديثة في مجالات الاتصالات، والمعلوماتية في مجال نشر الفكر المتطور، وهي ظاهرة تعد أبرز التجليات السلبية التي يصعب تفاديها للعولمة، حيث أصبحت التكنولوجيا من الوسائل الداعمة للعمل الإرهابي، والمساهمة في زيادة ديناميكيته، وسهولة انتشار وتعاظم أثره، كما أن التأثير الإيجابي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات من حيث تقصير المسافة وتقليل الزمن أعطى الفرصة للإرهابيين لتحسين اتصالهم ببعضهم البعض بهدف تدفق الدعم والتنسيق مع الأتباع، والوصول إلى جمهور ضخم، وتجنيد أعضاء جدد، وقد طرحت وزارة الدفاع الأمريكية تعريفاً للإرهاب الإلكتروني مفاده "أنه عمل إجرامي يتم الإعداد له باستخدام الحاسبات ووسائل الاتصالات، ينتج عنه عنف أو تدمير أو بث الخوف تجاه تلقي الخدمات بما يسبب الارتباك وعدم اليقين، وذلك بهدف التأثير على الحكومة أو السكان لكي تمتثل لأجندة سياسية أو اجتماعية أو فكرية معينة"، وقد وفرت شبكة الانترنت ساحة بديلة لأتباع وأنصار تنظيم القاعدة لتبادل المعلومات والروايات، وخوض الحرب النفسية ضد محاولات نشر فكر الاعتدال وكشف التطرف، حيث نجحت القاعدة في تطوير قدراتها الأمنية وأدواتها التقنية على الانترنت عبر عشرات المواقع التابعة أو المتعاطفة مع التنظيمات المتطرفة، وساهمت تلك المواقع المنتشرة على شبكة الانترنت في بناء مخازن من الذخائر والأسلحة الفكرية والخبرية والإعلامية للقاعدة، وقد بلورت تلك العمليات نموذجاً جديداً غير تقليدياً للإرهاب يرهق أقوى الأجهزة الاستخباراتية التي اعتادت أن تتعامل مع عدو واضح المعالم، وتنظيمات محددة وقيادات ورموز واقعية، وعلى النقيض لا يقوم النموذج الجديد على الجماعات المنظمة ولا على القيادات الواقعية، ولذا يبرز دور التنسيق والتعاون الأمني في مواجهة هذا التحديد المتنامي الذي يتكاثر عنقودياً بشكل يصعب على أي جهاز استخبارات ملاحقته بشكل منفرد، ومن دون دعم معلوماتي من شبكات التعاون الإستراتيجي عبر الأجهزة المناظرة الداعمة له.
 
مظاهر التعاون الأمني الخليجي
ـ أقرت الإستراتيجية الأمنية الشاملة لدول مجلس التعاون في الاجتماع الاستثنائي الثاني لوزراء الداخلية الـذي عقد في مسقط بتاريخ 15 فبراير 1987، وصادق عليها المجلس الأعلى في دورته الثامنة في الرياض، وهي عبارة عن إطار عام للتعاون الأمني بين الدول الأعضاء بمفهومه الشامل، ولهذه الإستراتيجية أهداف عامة، كما حددت وسائل تنفيذها، وتعزيزاً للتنسيق والتعاون في المجال الأمني، ولتحديث الآليات والتدابير المشتركة للأجهزة الأمنية بالدول الأعضاء، ولمواكبة التطور المتنامي للجريمة بمختلف أنواعها، والتي أصبحت عابرة للحدود الوطنية، وجّه أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية في لقائهم التشاوري الثامن (الرياض - مايو 2007) بمراجعة الإستراتيجية الأمنية الشاملة لدول المجلس بهدف تحديثها من قبل لجنة مختصة، وقد أقرّ أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية في لقائهم التشاوري التاسع (الدوحة - مايو 2008) مشروع تحديث وتطوير الإستراتيجية الأمنية الشاملة، ورفعه إلى المجلس الأعلى لاعتماده، حيث قرر المجلس الأعلى الموقر، في دورته التاسعة والعشرين (مسقط - ديسمبر 2008) اعتماد وتحديث وتطوير الإستراتيجية الأمنية الشاملة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، كما تم إقرار لجنة التخطيط الإستراتيجي بحيث تجتمع سنوياً لمتابعة تنفيذ الإستراتيجية الأمنية الشاملة.
ـ التصدي لظاهرة الإرهاب من خلال الجهود الإقليمية والدولية أقرت دول مجلس التعاون الإستراتيجية الأمنية لمكافحة التطرف المصحوب بالإرهاب في عام 2002 م، وأصدرت في العام ذاته إعلان مسقط بشأن مكافحة الإرهاب، ولقد توصلت دول المجلس في العام 2004 م إلى التوقيع على اتفاقية دول مجلس التعاون لمكافحة الإرهاب، كما تم في العام 2006 تشكيل لجنة أمنية دائمة مختصة بمكافحة الإرهاب تعقد اجتماعاتها بشكل دوري (سنوي) كإحدى اللجان الأمنية المتخصصة، وفي مجال تعزيز التعاون والجهود بين دول المجلس مع حالات النزوح البشري عند الحروب أو الكوارث الطبيعية فقد تم في الاجتماع السابع والعشرين لأصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية بدول المجلس (الدوحة - 2008) إقرار الخطة المشتركة لمواجهة حالات النزوح البشري الطارئة.
ـ الموافقة على مشروعي "النظام الموحد للدفاع المدني"، و"النظام الموحد للتطوع والمتطوعين" كنظامين استرشاديين وذلك في الاجتماع الثاني عشر لأصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية (أبوظبي - نوفمبر 1993 م)، حيث يعني "النظام الموحد للتطوع والمتطوعين" بالشروط والواجبات والحقوق للمتطوعين بأجهزة الدفاع المدني عند حدوث الطوارئ أو الكوارث، وتعزيزاً للتعاون في هذا الجانب أقرّت خطة تنفيذ تمارين وهمية مشتركة لمواجهة حالات الطوارئ، وتم وضع بنود دائمة على جداول أعمال اجتماعات المديرين العامين للدفاع المدني تُعنى بوضع دورات تدريبية مشتركة، ولتوحيد شروط السلامة والإشراف الوقائي.
ـ  الموافقة على التشريع النموذجي الموحد لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في عام 1998 م، لكي تستفيد منه الدول عند تحديث أنظمتها، ويتضمن التشريع مواداً مشددة العقوبة على مهربي ومروجي المخدرات، وفي عام 2005 م تم اتخاذ قرار الاستمرار في العمل بالنظام لمدة خمسة أعوام قادمة.
بالإضافة إلى ذلك أقرّت خطة التدريب المشتركة للعاملين في مجال مكافحة المخدرات، كما أنهى الفريق المكلف بإعداد دراسة عن تدابير خفض الطلب على المخدرات والمؤثرات العقلية أعماله.
ـ  اعتماد النظام الأساسي لمركز المعلومات الجنائية لمكافحة المخدرات لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، من قبل المجلس الأعلى في دورته التاسعة والعشرين (مسقط - ديسمبر 2008 م)، وتمت المصادقة عليه من قبل جميع الدول الأعضاء ودخل حيز النفاذ بتاريخ 23 أبريل 2010 م.
ـ حماية دول المجلس ومواطنيها من مخاطر الكوارث الإشعاعية والنووية، تم التوصل إلى ما يلي:
* تم تحديد متطلبات الخطة الاسترشادية المشتركة لدول المجلس لمواجهة المخاطر الإشعاعية والنووية.
* العمل على ربط غرف العمليات الخاصة بمواجهة الطوارئ الإشعاعية والنووية في دول المجلس. 
* توحيد أساليب التعامل مع الكوارث الإشعاعية والنووية قدر الإمكان في دول المجلس.
* التدريب لتأهيل الكوادر لمواجهة الكوارث الإشعاعية والنووية.
* إنشاء ونشر برامج وقائية لثقافة وطنية وخليجية في مجال الوقاية من المخاطر الإشعاعية والنووية.
* إنشاء لجان طوارئ وطنية في دول المجلس للحوادث الإشعاعية والنووية.
- في مجال التحقيقـات و المباحث الجنائيـة، توصلت دول مجلس التعاون إلى ما يلي:
* إقرار الصيغة النهائية للقانون (النظام) الاسترشادي الموحد لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بشأن ذوي الخطورة الإجرامية والمشبوهين والمتشردين.
* التدريب في مجال المراقبة والبحث والمكافحة للجرائم الاقتصادية وضرورة التنسيق بين المعاهد المصرفية ومؤسسات النقد بالدول الأعضاء مع وزارة الداخلية في كل دولة.
* هناك دراسة لإنشاء قاعدة معلومات أمنية تحقق الربط الآلي بين دول المجلس في مجال التحقيقات والمباحث الجنائية.
* يجري العمل على تمكين دول المجلس من استخدام المنظومة (7 ـ 24 I) المعمول بها في المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول)، فيما بين دول المجلس فقط.
* العمل على إيجاد، واشتراط، أفضل المواصفات لحماية المركبات والتقليل من جرائم سرقتها، بما في ذلك تركيب (شريحة) يتم من خلالها تحديد موقع المركبة.
* دراسة مشروع الاستمارة الخليجية الموحدة للمركبات.
* يجري العمل على إيجاد قانون استرشادي لدول المجس لمكافحة الجرائم الإلكترونية.
ـ في مجال حرس الحدود وخفر السواحل فقد أقرّ أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العديد من القرارات من أبرزها ما يلي:
* خطة التدريب التي أعدتها المديرية العامة لحرس الحدود في المملكة العربية السعودية لتدريب منسوبي حرس الحدود وخفر السواحل في دول المجلس.
* نماذج موحدة خاصة بتبادل المعلومات بين غرف عمليات أجهزة حرس الحدود وخفر السواحل في دول المجلس.
* القواعد والإجراءات الموحدة لمعالجة تجاوزات قوارب الصيد والنزهة العائدة لمواطني دول المجلس للمياه الإقليمية بين الدول الأعضاء والتي أعدتها الأمانة العامة.
* الضوابط الموحدة للتفتيش والمراقبة على السفن الخشبية بدول المجلس.
* الاستعانة بخطة البحث والإنقاذ البحري كأساس للإجراءات التي تحقق التنسيق والتعاون بين الدول الأعضاء لعمليات المساندة والمساعدة في حالات البحث والإنقاذ البحري.
* أعدت وزارة الداخلية بدولة الكويت دراسة حول ظاهرة التسلل وكيفية معالجتها.
* تم تطبيق تمارين بحرية ثنائية مشتركة بين كل من المملكة العربية السعودية ودولة الكويت، وكذلك بين مملكة البحرين ودولة قطر، وبين دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، ويجري العمل حالياً على تطبيق تمارين بحرية ثلاثية مشتركة، بعدها سيتم عمل تمرين بحري مشترك لجميع دول مجلس التعاون.
ـ  تطوير الرياضة الشرطية وصقل المواهب الرياضية، قرر أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية استحداث لجنة أمنية تعنى بكل ما يتعلق بعمل الاتحادات الرياضية الشرطية بدول المجلس، تعقد اجتماعاتها سنوياً.
 
رؤية مستقبلية
يشير استقراء مستوى التعاون الأمني بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال المرحلة الأخيرة، لاسيما بعد توقيع تعديلات الاتفاقية الأمنية بين دول المجلس إلى دخول هذا التعاون إلى مستويات حقيقية أكثر عمقاً تتناسب وطموحات شعوب دول التعاون الست في بناء منظومة خليجية واحدة قادرة على تحقيق الأمن والاستقرار لشعوبها، وترجمة آمال هذه الشعوب في التقارب والانصهار، فضلاً عن أن تعاظم التحديات الأمنية التي تواجه الدول الست في هذه المرحلة التاريخية على وجه التحديد يضاعف المردود الإيجابي المتوقع من توقيع هذه التعديلات، حيث تشهد المنطقة تحديات غير مسبوقة تاريخياً، وتتطلب استجابة مدروسة وسريعة ودقيقة، وبموازاة ذلك تتطلب أيضاً تنسيقاً إقليمياً مشتركاً حيث أثبتت التجربة أن الإمكانات والقدرات الذاتية للدولة الواحدة قد لا تسعفها في بعض الأحيان في مواجهة تحد أمني ما، ليس لضعف في الإمكانات والقدرات بل لحاجة ملحة إلى جوانب داعمة قد لا تتوافر لدى أي دولة بمفردها مهما بلغت إمكانياتها مثل المعلومات المتكاملة من مصادر عدة حول تنظيم ما أو نشاط إرهابي يتم التخطيط له، حيث يلعب التنسيق وتبادل المعلومات وتعاون الأجهزة الأمنية في معظم الأحيان الدور الأبرز في وضع تقييم دقيق للموقف والتعاطي معه بما يتناسب مع خطورته وأهميته والنتائج المترتبة عليه، ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن الاتفاقية الأمنية بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية هي ترجمة حقيقية لمسيرة التعاون المشترك بين الدول الست، حيث يعتبر التعاون الأمني انعكاساً مباشر لعمق العلاقات والثقة المتبادلة والحرص المشترك على ضمان الأمن والاستقرار والتفرغ للتنمية بما يحقق طموحات الشعوب الخليجية في استدامة الرفاه الاجتماعي للأجيال المقبلة.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره