مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2013-07-01

البطولات الرياضيـة.. سيـاسة واقتصاد.. وأبعد أخرى

لم تعد البطولات الرياضية مجرد تعبير عن انتصار في منافسات مناطقية أو قارية أو دولية، بل باتت انعكاس للتخطيط والتنمية والأداء الاقتصادي للدول، كما أن الرياضة باتت بمنزلة "واجهة" لعرض الإنجازات الحضارية للدول من خلال التغطيات الإعلامية لهذه البطولات، كما أن البطولات الرياضية تمثل فرصة للترويج السياحي والاقتصادي والاستثماري سواء عبر استضافة هذه البطولات أو عبر المنافسة القوية فيها، ناهيك عن الفوز بها وماينطوي عليه من فرص دعائية وتسويقية وترويجية كبيرة.
 
إعداد: التحرير
تلعب الرياضة والفوز بالبطولات دوراً بارزاً في إذكاء الروح الوطنية ودعم الولاء والانتماء لدى الشعوب، وشريحة الشباب على وجه التحديد، وقد تابع الجميع كيف أن فوز "الأبيض الإماراتي" بكأس "خليجي 21" بكرة القدم بمملكة البحرين قد لفت الانتباه بقوة إلى نموذج العلاقة التفاعلية الفريدة بين القيادة الرشيدة في دولة الإمارات العربية المتحدة والشعب الذي انتهز هذه الفرصة ليعبر عن التفافه حول قيادته، التي بادلته حباً بحب.
 
سياسات واستراتيجيات رياضية
 تبلورت في السنوات الأخيرة معالم استراتيجية رياضية واضحة في بعض دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وفي مقدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة، وركيزة هذه الاستراتيجية هي الرهان على الرياضة كقطاع تنموي منتج قادر على ضخ شرايين اقتصادية أخرى مثل السياحة والاستثمار بمزيد من الاستثمارات، والمؤكد أن الرهان على الرياضة ينطوي على جوانب مختلفة منها مايتعلق بالفوز بالبطولات الرياضية الإقليمية والدولية، أو إعداد أجيال من الناشئين لخوض غمار المنافسات الدولية في الرياضات المختلفة، وكذلك الاستثمار في شراء الأندية الأوروبية الشهيرة كخطوة ذات مردود استثماري عال.
 
ولاشك أن الحديث عن العلاقة بين الرياضة والسياسة قديم لدرجة أن هناك استراتيجيات وخطط سياسية تعتمد على أفكار رياضية مثل "دبلوماسية البينج بونج" التي اتبعها وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسنجر في إذابة الجليد الذي كان يخيم على العلاقات بين واشنطن وبكين، حيث لا يزال الجانبان الأمريكي والصيني يحتفلان بهذه الخطوة وتأثيرها، حيث يجري سنوياً الاحتفال بذكرى دعوة 9 لاعبين أمريكيين لتنس الطاولة إلى بكين في عام 1971 للمشاركة في مباريات والمساعدة في كسر الجليد بين الولايات المتحدة والصين، ثم قام الرئيس الأمريكي وقتئذ ريتشارد نيكسون بزيارة للصين في عام 1972، ثم في الأول من يناير 1979 أقامت الصين والولايات المتحدة رسمياً العلاقات الدبلوماسية.
 
وليس ببعيد عن السياسة وتجلياتها تلك الروح الوطنية الطاغية التي غطت المشهد الإماراتي عقب فوز المنتخب الوطني لكرة القدم (الأبيض) بكأس خليجي 21 التي أقيمت بمملكة البحرين، وهو الفوز الثاني في تاريخه بعد انتصار مستحق على نظيره العراقي بهدفين لهدف في مباراة امتدت إلى الأشواط الإضافية، حيث مثل هذا الحدث الكروي الرياضي في ظاهره محطة سياسية لا يمكن القفز عليها سواء لجهة مظاهرة الالتفاف والتلاحم والانسجام الوطني بين الشعب وجماهيره والقيادة السياسية التي حضرت وشاركت وأسهمت في تعبير الجمهور عن فرحته وولائه وانتمائه لبلده ومنتخبه، إذ لا يغفل المراقب السياسي رمزيات السياسة في مناسبة رياضية كهذه، فالشعور الوطني الجارف كان استثنائياً ليس في التعبير عن مظهر من مظاهر التعصب للمنتخب الوطني كما يحدث في حالات كثيرة، بل في التعبير عن الحب والالتفاف وتبني المنتخب كرمز للوطنية والالتفاف الشعبي حول قيم الولاء والانتماء والتماسك الوطني، ومايضاعف هذه الرمزية ودلالاتها من وجهة نظر التحليل السوسيولوجي أن البطولة تواكبت زمنياً مع اكتشاف مخطط للتآمر على أمن الدولة واستقرارها من جانب عناصر تنتمي إلى جماعة متطرفة، وإذ بهذه الروح الوطنية الوثابة تجد متنفساً واسعاً لها في مدرجات وشوارع العاصمة البحرينية لترسم لوحة حب وعشق من الجمهور الإماراتي المتنوع لبلده وقيادته.
 
الرياضة العسكرية في قواتنا المسلحة
تحرص القوات المسلحة على تأهيل أفرادها وتطويرهم وإعدادهم بدنياً وجسدياً وذلك من خلال توفير مراكز رياضية تدريبية تقوم بتأهيل الفرد للوصول إلى أهم البطولات الرياضية العربية والعالمية، وكان إنشاء مركز للتربية الرياضية العسكرية عام 1974 تأكيداً لهذه الرغبة، وقد حققت الرياضة العسكرية في قواتنا المسلحة العديد من النجاحات والانجازات الرياضية المشهودة سواءً على صعيد تنظيم وإقامة البطولات والمسابقات الرياضية العسكرية المتنوعة، أو على صعيد إعداد الخطط والبرامج التدريبية الرياضية والعسكرية على مستوى الوحدات العسكرية أو الفرق الرياضية والتي كان لها حضور مميز في كافة الفعاليات والمنافسات الرياضية العسكرية المحلية منها والخارجية، وسجلت الرياضة العسكرية العديد من الألقاب والإنجازات في جميع المحافل الدولية المختلفة على صعيد البطولات الدولية والإقليمية في مختلف الأنشطة الرياضية.
 
ومنها ما كان لمشاركة مركز التربية الرياضية العسكري من أنشطة رياضية في الفعاليات التي نظمتها اللجنة التنظيمية للرياضة العسكرية لدول مجلس التعاون الخليجي والتي استضافت دولة الإمارات العربية المتحدة مقرها عام 2002، حيث شارك المركز في العديد من الدورات كدورة الإدارة والتنظيم للضباط، دورة التحكيم للألعاب الجماعية ( قدم، طائرة، سلة)، دورة تحكيم الرماية الدولية لأسلحة الرصاص وضغط الهواء، بطولة مجلس التعاون الخليجي العسكري الدولى للرماية، ندوة الطب الرياضي، البطولة العسكرية للتايكواندو، الدورة التدريبية الأولى للتوجه بالبوصلة، البطولة العسكرية الأولى لألعاب القوى، الدورة التدريبية والتحكيمية الأولى للخماسي العسكري لدول مجلس التعاون الخليجي.
 
كما شارك المركز في الأنشطة التي نظمها الاتحاد العربي للرياضة العسكرية من خلال عدّة بطولات منها: البطولة العربية الأولى للضاحية العسكرية، البطولة العسكرية الأولى لكرة السلة، البطولة العسكرية الأولى للتوجه بالبوصلة، البطولة العسكرية الأولى للإعداد البدني، والبطولة العسكرية الأولى للهبوط بالمظلات، ومن جهة أخرى شارك المنتخب العسكري للقفز الحر في العديد من البطولات الدولية والعسكرية في العديد من بلدان العالم كالمملكة المتحدة، ألمانيا، النمسا، أسبانيا، فرنسا، سويسرا، المغرب، البرازيل، كما شارك المنتخب في بطولة السيزم في تركيا، وشارك في مهرجان المحبة والسلام في سوريا، بطولة الجيش البريطاني وبطولات الراين في ألمانيا، وبطولة العالم العسكرية في سلوفينا. 
 
وقد أنشأ المركز وبناءاً على التوجيهات العليا الصادرة عام  2006، بضرورة إدخال نظام تدريبات التحدي ضمن التدريبات العسكرية للقوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة قسماً سمي بقسم " المغامرة والتحدي"، حيث بدأ العمل على وضع القواعد والأسس التي تسير عليها التدريبات والسياسة العامة والخطط التدريبية التي يقوم عليها هذا النظام، وفي عام 2009 تم البدء في تطبيق وتنفيذ أولى دورات تدريبات المغامرة والتحدي، ومن ثم تم إدخال تدريبات هذا النظام ضمن البرامج التدريبية لمرشحي الكليات العسكرية والمستجدين الأغرار، وطلاب المدرسة الثانوية العسكرية، وقد تم تنفيذ البرامج التدريبية في المعسكر القائم بمنطقة الجزيرة الحمراء في إمارة رأس الخيمة، بواسطة مدربين مؤهلين من شركة الشاهين أدفنتشر، في حين أوكلت مهمة الإشراف والمتابعة لمركز التربية الرياضية العسكري.
 
وعلاوة على الأنشطة التدريبية الداخلية للقسم ، تم تنفيذ رحلات استكشافية ناجحة خارج الدولة كانت أولها في شهر أبريل 2010 لتسلق قمة جبل "أيلاند بيك" من سلسلة جبال الهيمالايا في جمهورية النيبال، تلتها رحلة استكشافية في شهر مارس 2011 لتسلق أعلى قمة في العالم العربي وهي قمة جبل طوبقال بالمملكة المغربية، وفي سبتمبر 2011 نظمت رحلة أخرى لركوب الدراجات في المسالك والمعابر الجبلية لجبل أنابورنا، أما في مارس 2012 فكانت هناك رحلة استكشافية للمسير على الزلاجات الجليدية بمملكة النرويج، وفي شهر سبتمبر 2012 تمكن فريق المغامرة والتحدي من تسلق أعلى جبل في كينيا والذي يبلغ ارتفاعه (5199م)، وتسلق أعلى قمة أفريقية في كينيا وتنزانيا وهي قمة كليمنجارو والتي يبلغ ارتفاعها (5895 متر).
 
وتكمن فائدة هذا النوع من الرحلات الاستكشافية الرياضية في تحقيق عدد كبير من الفوائد للمشاركين فيها منها اكتساب كماً هائلاً من الخبرات العملية التي تنعكس على الأداء الفردي والجماعي هذا بالإضافة إلى تنمية عدد من الصفات الشخصية التي لا غنى عنها في الحياة العسكرية منها مواجهة التحديات والمخاوف والتغلب عليها، وخوض التجارب الحية مع الزملاء كفريق واحد، واتخاذ القرارات الصائبة في ظل الضغوط البدنية والنفسية التي يتعرض لها الفريق أثناء قيامه بالمهمة وعمله في بيئات جديدة وغير معتادة.
 
إن الهدف من الرحلات الاستكشافية تكوين النواة الأولى لفريق التحدي للتسلق والمسير الجبلي استعداداً لتسلق جبل إيفرست الأعلى في العالم والبالغ ارتفاعه 8848 متر وذلك عام 2016 حيث يتطلب تحقيق هذا الهدف الكثير من التدريب العملي في البيئات الجبلية المرتفعة ودرجات الحرارة شديدة البرودة.
 
بطولة "خليجي 21"... معان ودلالات
لابد أن يتوقف المراقب الموضوعي أمام حالة الفرحة الوطنية العارمة بفوز دولة الإمارات العربية المتحدة ببطولة كأس الخليج الأخيرة في نسختها الحادية والعشرين، التي أقيمت في مملكة البحرين الشقيقة خلال الفترة من 5 إلى 18 يناير 2013، حيث شهدت هذه البطولة تحديداً فرحة تفوق فوز المنتخب الوطني الإماراتي بالبطولة ذاتها حين أقيمت في أبوظبي (بطولة كأس الخليج 2007 أو خليجي 18 رغم أن فوز الأبيض بتلك البطولة كان للمرة الأولى في تاريخه، إلا أن روح الاتحاد والتحام القيادة بالشعب وسط الظروف الإقليمية المضطربة التي تسود العديد من الدول العربية قد أضفت على الفوز ببطولة خليجي 21 في المنامة مذاقاً مختلفاً، حيث تحول الفوز إلى "أيقونة" ذات رمزية عالية لتجسيد عمق الولاء للقيادة الرشيدة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة حفظه الله، وإخوانه أعضاء المجلس الأعلى أصحاب السمو حكام الإمارات، وولي عهده الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وتحول العرس الكروي إلى احتفالية وطنية تزخر بمعاني الحب والتماسك والوحدة والانتماء، وكانت مسيرات الفرح والفوز، واحتفالات التتويج والتكريم، مناسبات ومحطات مهمة للتعبير عن عمق الولاء، وتجسيد معاني الانتصار لهذا الوطن الذي لم يبخل على أي من أبنائه، ووفر للجميع سبل الرفاه والأمن والاستقرار، وماسبق يؤكد أن حالة الانتشاء الوطني التي تعقب الفوز بالبطولات الرياضية، تسهم في رفع الروح المعنوية لدى الشعوب، وتعزز قيم المواطنة والفخر بالوطن، وهي في مجملها مقومات وطنية يمكن أن تعد لها الخطط وينفق عليها مليارات الدولارات من دون الوصول إلى نتيجة تعادل مايتحقق عقب الفوز ببطولات كبرى، والأمر لا يقتصر على الدول العربية فقط كما يحاول البعض أن يردد بل إن فرنسا على سبيل المثال احتفلت كما لم يحتفل أحد بفوز منتخبها لكرة القدم بكأس العالم عام 1998، وترصد الدراسات الاجتماعية التي أعقبت هذا الحدث تراجع هائل في النعرات العنصرية تجاه المهاجرين، بحكم مشاركة العديد من اللاعبين الفرنسيين ذوي جنسيات افريقية ضمن الفريق الفائز بكأس العالم، أي أن البطولة أسهمت في تغيير في الاتجاهات النفسية وأعادت تشكيل الصور الذهنية للرأي العام أو لشريحة ليست بسيطة منه على الأقل تجاه المهاجرين ونظرة المجتمع المحلي لهم.
 
محمد بن زايد: دعم خليفة للرياضة حقق إنجازات ومكتسبات مهمة
أكــد الفريـــق أول سمو الشــيخ محمد بن زايـــد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة أن الإمارات لن تدخر جهداً في دعم الأنشطة والفعاليات الرياضية التي تسهم في رفع اسم الإمارات عالياً في المحافل الرياضية الإقليمية والدولية. وأكد سموه أن اهتمام صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة حفظه الله، ودعمه للرياضة والرياضيين حقق إنجازات ومكتسبات مهمة على الساحة الرياضية، وأسهم في تعزيز وتطوير المجالات الرياضية، وحقق لها مزيداً من التقدم والريادة مع بقية القطاعات الحيوية في الدولة، مشيراً سموه إلى حرص صاحب السمو رئيس الدولة الدائم على الالتقاء بأبنائه اللاعبين ودعمهم ومساندتهم في كافة المناسبات الرياضية وتهنئتهم بما يحققونه من انتصارات وإنجازات. 
 
خطوة إماراتية رياضية مهمة
شهد الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس نادي بني ياس، يوم الثالث والعشرين من شهر مايو 2013، توقيع اتفاقية شراكة بين معهد أبوظبي للتعليم والتدريب المهني ونادي بني ياس، تقضي بإنشاء أكاديمية رياضية، تتبع المنهج العلمي الأكاديمي تمنح خريجيها شهادة تخصصية في العلوم الرياضية تعادل الثانوية العامة، ويمكن للخريجين استكمال مسيرة الدراسة الجامعية في الكليات العادية، ويعد هذا المشروع الأول من نوعه في الشرق الأوسط، لا سيما أن دراسة الرياضة بشكل أكاديمي، بداية من المرحلة الثانوية لم توجد في أي من المنشآت التعليمية على مستوى المنطقة، وتأتي الخطوة المشتركة بين نادي بني ياس ومعهد أبوظبي للتعليم والتدريب المهني، تماشياً مع رؤية أبوظبي 2030، الرامية للاعتماد على التعليم الأكاديمي في شتى مجالات الحياة، لا سيما أن الهدف الأساسي منها هو تخريج كوادر مواطنة قادرة على قيادة دفة الرياضة بشكل يقوم على أساس علمي دقيق، فضلاً عن السعي لتخريج ممارسين رياضيين محملين بثقافة الوعي الفكري، كل في لعبته التي يحترفها، وسيتخذ المشروع من معهد أبوظبي للتعليم والتدريب المهني مقراً له في البداية، على أن يتم نقل الأكاديمية لمقر نادي بني ياس فور الانتهاء من بناء المقر الذي سيتم تشييده في الفترة المقبلة، وتبدأ الدراسة في الأكاديمية من الصف العاشر، على أن يكون الالتحاق بها للحاصلين على الشهادة الإعدادية، وأقرت اللجنة التعليمية القائمة على المشروع عدداً من التخصصات الرياضية، منها التخصص في كرة القدم، وكرة السلة وكرة اليد، فضلاً عن الإدارة الرياضية والتدريب، على أن تكون دراسة كل تخصص باستفاضة واسعة، من خلال دراسة أقسام اللعبة كافة، من ممارسة وتدريب واطلاع على الأمور كافة التي من شأنها أن تسهم في تخريج طالب ملم بكل ما يتعلق بمجال تخصصه، وستكون الدراسة على ثلاث مراحل، يتم تقسيمها على العام الدراسي بشكل عام، وتقدر ساعات الدراسة التخصصية للألعاب الرياضية بـ 360 ساعة، بمعدل ساعتين يومياً على صعيد التطبيق العملي، أما التطبيق النظري فهناك ساعات دراسة خاصة بكل فئة وكل لعبة، ولن تقتصر الدراسة في أكاديمية بني ياس التعليمية على المواد الرياضية، فهناك مواد علمية أساسية تدخل ضمن المنهج الدراسي لضمان التوازن والالتزام بمناهج وزارة التعليم، وأسس اعتماد الشهادة من قبل الجهات المعنية. 
 
أهمية استضافة البطولات الرياضية
تستضيف دولة الإمارات العربية المتحدة على أراضيها بطولة كأس العالم لكرة القدم تحت 17 سنة، وهي إحدى أكبر فعاليات كرة القدم الدولية، وتقام كل عامين، وتعد أحد أكبر الأحداث الدولية لكرة القدم في العالم، حيث تجري خلال الفترة بين 17 أكتوبر و8 نوفمبر 2013، وتضم ما مجموعه 52 مباراة على مدى 3 أسابيع في 6 من أهم وأكبر الملاعب الرياضية في الإمارات العربية المتحدة، كما نجحت الدولة من قبل في استضافة كأس العالم للشباب 2003 وكأس العالم للأندية عامي 2009 و2010، كما نظمت أيضاً العديد من البطولات الدولية في ألعاب رياضية مختلفة مثل الفروسية والجوجيتسو، كما تنظم بطولات رياضية دولية في جميع الألعاب والرياضات على مدار العام، وفي ظل الطفرة التنموية الحاصلة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فإن العديد من دول المنطقة تتنافس على تقاسم كعكة استضافة البطولات الدولية الكبرى من أجل الاستفادة من العائد الترويجي والاقتصادي والاستثماري لهذه البطولات، فعلى سبيل المثال، نجد أن دولة قطر الشقيقة  قد سعت إلى استضافة وتنظيم العديد من البطولات والأحداث الرياضية الدولية، وينتظرها في عام 2022 حدث رياضي عالمي بالغ الأهمية وهو تنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم للمرة الأولى في الشرق الأوسط، كما تستعد لاستضافة بطولة العالم لكرة اليد مطلع 2015، وقد أكد أمين عام اللجنة الأولمبية القطرية الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني في تصريح صحفي بقوله "وضعنا هدفاً حتى 2020 بأن نستضيف 50 بطولة دولية سنوياً، الآن وصلنا إلى 40 بطولة دولية سنوياً، بما يحقق السياحة الرياضية والالتزام بالرؤية الاستراتيجية التي وضعناها، هذا بالإضافة إلى البطولات القارية والعربية والخليجية، إذ أن سياستنا تقضي بأن نجعل من قطر مركزاً للتميز الرياضي في جميع النواحي ليس في استضافة البطولات بل في الاستثمار الرياضي وغيره من الأمور"، وكانت اللجنة الأولمبية القطرية قد أعلنت إن قطر ستنظم 81 بطولة وحدثاً في الموسم الرياضي الجديد من 1 ابريل 2013 حتى 31 مارس 2014، وتتضمن أجندة الأحداث تنظيم 78 بطولة، منها 40 بطولة على المستوى الدولي، و11 بطولة على المستوى الآسيوي، و8 بطولات على المستوى العربي، ومثلها على المستوى الخليجي، و11 بطولة محلية، إلى جانب عقد 3 مؤتمرات، وحسب هذه الروزنامة، فإن عدد البطولات والفعاليات والأحداث الرياضية التي تستضيفها قطر ارتفع بواقع 23 حدثاً وبطولة مقارنة بالعام الماضي، وأبرز البطولات الدولية والعالمية التي تستضيفها دولة قطر  خلال الفترة المقبلة هي بطولة العالم للأندية في كرة اليد السوبر غلوب (27 أغسطس حتى 1 سبتمبر)، وبطولة قطر الدولية لقفز الحواجز في الفروسية المؤهلة إلى كأس العالم عن المجموعة العربية (من 19 إلى 22 ديسمبر)، وبطولة قطر الدولية للرجال في كرة اليد (من 27 إلى 29 ديسمبر)، ودورة قطر الدولية للرجال في كرة المضرب (30 ديسمبر حتى 4 يناير 2014)، ودورة قطر ماسترز للغولف (من 22 إلى 26 يناير 2014) ودورة قطر الدولية للسيدات في كرة المضرب (من 10 إلى 16 فبراير 2014).
 
وعلى صعيد الاستثمار الرياضي تشارك كل من دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر في رعاية أندية أوروبية كبيرة سواء من خلال شرائها أو الرعاية التي تضمن لها دعاية توصف ب "الثمينة" من خلال تلك الأندية، حيث برزت الاستثمارات الخليجية في السنوات الأخيرة بقوة على المستوى الأوروبي، من صفقات أبرمت مع أندية كبيرة مثل نادي باري سان جرمان الفرنسي، وفرق ارسنال، ومانشستر سيتي، وبورتسموث الانجليزية، وملقا وبرشلونة الأسبانيين، ميونيخ الألماني، باليرمو وأيه سي ميلان الإيطاليين وغيرها ما فتح شهية مستثمرين عرب وخليجيين آخرين بالاستثمار في هذا المجال، ولقيت الصفقات العربية مع الفرق الأوروبية اهتماماً إعلامياً دولياً واسعاص خاصة عندما انتقلت ملكية نادي "مانشستر سيتي" إلى سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، فضلاً عن رعاية "طيران الإمارات" لنادي ارسنال الإنجليزي، وشراء مؤسسة قطر للاستثمارات الرياضية 70 بالمائة من أسهم نادي "باري سان جرمان" الفرنسي.
 
بين الرياضة والاقتصاد والسياسة
لم تعد الرياضة بحسب جميع الخبراء والمتخصصين مجرد وسيلة للترفيه بل تحولت على صناعة عملاقة وقاطرة للتنمية في العديد من مناطق العالم، بل أصبحت موضع اهتمام الساسة والقادة ليس فقط لكونها انعكاس لمستويات التقدم والتطور التنموي في بلادهم، ولكنها أيضاً باتت وسيلة للتشارك مع الرأي العام في اهتماماته وميوله الرياضية، ودعم الصور الذهنية للساسة عبر وجودهم في مواقف ومناسبات تبدو قريبة عاطفياً من الشعوب، كما أن تنظيم البطولات الرياضية الضخمة والعالمية بات مناسبة لاختبار واستعراض قدرات الدول سواء على مستوى تخطيط وتأهيل الكوادر البشرية أو على صعيد استعراض مدى كفاءة وتقدم البنى التحتية وقطاعات السياحة والخدمات والفندقة ومقدرتها الاستيعابية، فضلا عن توفير فرصاً هائلة لترويج المنتج والمقومات السياحية لأي دولة عبر استضافة عشرات الآلاف من المشجعين الذين ينقلون المشاهد والصور إلى بلادهم ويمثلون قنوات ترويج مجانية لا يمكن توافرها بأي حال في ظروف أخرى بالقدر ذاته من الكفاءة والفاعلية والمصداقية، وهناك من المراقبين والخبراء من يرى في إسناد تنظيم كأس العالم للكبار في عام 2022 إلى دولة قطر دلالات سياسية مشيرين إلى أن النظام العالمي الجديد يسعى إلى ترسيخ مفاهيم وقيم مستحدثة مستخدماً واحدة من أبرز أدوات القوة الناعمة في العصر الحديث، وهي الرياضة بصفة عامة وكرة القدم بصفة خاصة، والاستعانة بأقوى الاتحادات الرياضية العالمية، وهو الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" والذي تفوق قوته ونفوذه أكبر وأقدم المؤسسات السياسية الدولية، ومبرهنين على ذلك باختيار روسيا لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2018، يليها قطر لاستضافة البطولة التالية وهو مايعتبره بعض المراقبين إشارة لا تخطئها العين على إعادة النظر في خارطة تنظيم البطولات العالمية ومنح وزن نسبي لمناطق جغرافية، مثل الشرق الأوسط، لم تكن تحظى بالاهتمام ذاته من جانب الاتحادات الدولية، فضلاً عن أن حجم الاستثمارات الهائل في المنشآت الرياضية لاستضافة بطولة كأس العالم بقطر والمقدر بنحو 20 مليار دولار تقريباً يعكس مدى تداخل الرياضة بالاقتصاد بما تعنيه هذه الميزانية الهائلة التي تسعى الشركات الكبرى في مختلف أرجاء العالم للفوز بنصيب منها عبر الفوز بمناقصات للبناء والإنشاء في قطاع الرياضة والسياحة والبنى التحتية القطرية خلال السنوات القليلة المتبقية على البطولة.
 
اقتصاد الرياضة وصناعة البطولة
من أجل التعرف على البعد الاقتصادي في صناعة الرياضة في العصر الراهن، نشير إلى بعض الإحصاءات التي تقول أن هناك نحو ملياري نسمة (حوالي ثلث عدد سكان الأرض) قد تابعوا المباراة النهائية لكأس العالم الأخيرة في كرة القدم، التي أقيمت منتصف عام 2010 في جنوب إفريقيا، ووصل ثمن نصف الدقيقة الإعلانية في التليفزيون الفرنسي على سبيل المثال خلال المباراة النهائية إلى 255 ألف يورو، وحصل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) على ما لا يقل عن 1.172 مليار يورو مقابل حقوق النقل التليفزيوني والرعاية الإعلانية في ألمانيا، في حين قدرت الاستثمارات الإعلانية المرتبطة بالتصفيات بما يزيد عن ثلاثة مليارات يورو، وهذه الأمثلة القليلة من الأرقام تعكس حجم اقتصاد كرة القدم وحجم الاستثمارات الهائلة في هذه الصناعة الضخمة؛ كما يشير تطور مشاركات الدول في الدورات الأولمبية أيضاً إلى مدى اهتمام الدول بالرياضة كرمز للقوة الناعمة ومكون من مكونات القوة الشاملة للدولة في القرن الحادي والعشرين على الأقل باعتبارها مرآة للتقدم والتطور التنموي، ففى الدورة الاولمبية الأولى التي عقدت في أثينا عام 1896 لم تشارك سوى 13 دولة ولم يشارك سوى 285 رياضيا في تسع رياضات، بينما في أثينا 2004 بلغ عدد اللجان الأولمبية المشاركة نحو 201 لجنة وشارك أكثر من 10500 رياضي وشاهدها نحو ثلاثة مليارات نسمة، ما يؤكد أن الرياضة بشكل عام تحولت إلى مظهر اجتماعي عالمي يتجلى فيه الإنتماء والهوية والمكانة السياسية والاقتصادية والتنموية للدول كافة، وتنظر الدول المتقدمة إلى الرياضة ليس فقط باعتبارها نشاط استثماري واقتصادي متنامي بل أيضا باعتبارها محفز ايجابي للشعوب على التطور والرقي من خلال ماتبثه الفعاليات الرياضة من قيم أخلاقية ايجابية مثل التنافس الشريف واحترام الآخر والتزام القوانين وغير ذلك، كما أن هذه البطولات تلعب دور العنصر المحفز على نشر السلوك الرياضي وبالتالي خفض المخصصات المالية اللازمة للإنفاق على الصحة وزيادة معدلات الرفاه الاجتماعي ما يعزز بالتبعية معدلات التنمية البشرية والارتقاء بترتيبها وتصنيفها وفقا للمعايير الدولية في هذا الشأن.
 
الرياضة والشباب
لاشك أن الاهتمام بالرياضة يلعب دوراً ايجابياً في المجتمعات على كافة الصعد، الأمنية والاجتماعية والعسكرية وغير ذلك، فنشر الرياضة يؤدي بالضرورة إلى دعم خطط مكافحة انتشار المخدرات والإدمان بأشكاله كافة بين شريحة الشباب والمراهقين، ويعزز جهود الدول في هذا الشأن، وهي جزئية تبدو على درجة عالية من الأهمية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بشكل عام، ودولة الإمارات العربية المتحدة بشكل خاص، كما يسهم أيضا في تعظيم فرص الاستفادة من دور شريحة الشباب ضمن الهرم السكاني ودعم هذا الدور عبر مشاركة مزيد من الشباب في العمل الوطني، كما أن الرياضة تؤهل الشباب أيضا للالتحاق بالخدمة الوطنية وتوفر قاعدة اختيار واسعة من الشباب الذين تحتاجهم الأكاديميات والمعاهد العسكرية التي تضع شروطاً ومعايير جسمانية محددة عند اختيار دارسي بعض التخصصات العسكرية الدقيقة مثل الطيران والقوات الخاصة وغير ذلك، وبالتالي فإن الرياضة لم تعد مجرد قطاع ترفيهي بل أصبحت قطاعات استثمارية مهمة للأمن الوطني ولكل خطط التنمية البشرية في الدول المتقدمة، بما توفره للاقتصادات من مزايا نسبية داعمة للنشاط الاقتصادي بشكل عام وللأنشطة السياحية والخدمية بشكل خاص.
 
وقد انتبه المتخصصون إلى علاقة الرياضة بالاقتصاد عقب نشر أول دراسة في هذا المجال عام 1956 في مقال نشرته جريدة "الإيكونومست"، ثم توالت فيما بعد الدراسات، ومع التحولات الاقتصادية الكبرى التي شهدها العالم والتحول نحو اقتصاد السوق أصبحت الرياضة أحد المجالات الأكثر جاذبية لرؤوس الأموال ولاهتمام القوى الاقتصادية، حيث تحولت الرياضة من فن يمارسه الهواة وتستمتع به الشعوب إلى صناعة تقوم على أسس علمية متخصصة في علوم الرياضة والسياسة والاقتصاد والإعلام، وتدر مئات المليارات من الدولارات، بل وأصبحت تمثل قوة دفع لاقتصاديات بعض الدول الفقيرة، ولذا فقد أصبح اختيار دولة ما لتنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم أو تنظيم دورة الألعاب الأوليمبية الدولية يخضع للاعتبارات الاقتصادية أكثر مما يخضع لأي اعتبار آخر مما يدفع مجموعات الضغط الاقتصادية إلى التأثير بشكل مباشر في قرارات المؤسسات والاتحادات الرياضية الدولية الفاعلة، ففي مجال تنظيم كأس العالم لكرة القدم تحديدا تشير التقديرات إلى أن كبريات الشركات المتخصصة تتنافس على سوق يقدر بثلاثة مليارات يورو، وفى مجال النقل التليفزيوني وهو المجال الأكثر نشاطاً وتأثيراً في الاقتصاد الجديد تظهر تقديرات صادرة عن الاتحاد الدولي لكرة القدم أن قرابة ثلاثة ونصف مليار شخص يتابعون المباراة النهائية لمنافسات كأس العالم على الهواء مباشرة وهى مناسبة لاقتصاد الإعلانات وتقنيات السوق للمزيد من التأثير في عادات المستهلكين وجذب الجمهور لمنتجاتها والترويج لها في مختلف أرجاء العالم، إذ يكفي أن تضع إعلاناً لمنتج ما وسط استاد لمباراة في نهائي كأس العالم لتتيقن أن ثلث سكان العالم على الأقل قد سمعوا بهذا المنتج ولنا أن نتخيل في ضوء ذلك كم تبلغ تكلفة وضع هذا الإعلان وشراسة التنافس السعري على الفوز به، في ضوء ماسبق ذهب بعض الخبراء إلى أن  دورة بكين الأوليمبية التي أقيمت عام 2008 قد حملت "رأسمالاً مستقبلياً" غير محدود وأسهمت بقوة في دفع اقتصاد الصين لتحقيق ماوصلت إليه بكين الآن بعد تلك السنوات القلائل، وقال نائب رئيس جمعية بحوث اقتصاد دورة بكين إن تمائم الدورة عامل مهم لاستكشاف أسواق الاوليمبياد مؤكداً أن إعلان التمائم وبيعها في السوق يجعل الدولة شيئاً ملموساً في متناول اليد، وأضاف أن التمائم الثلاث لأولمبياد سيدنى 2000 حققت 213 مليون دولار أمريكي، وتمائم دورة أثينا حققت 201 مليون دولار أمريكي، فيما تجاوزت أرباح تمائم بكين 300 مليون دولار أمريكي. 
 
كما بلغ عدد السياح الذين استقبلتهم بكين عام 2008 ستة ونصف مليون سائح منهم نحو مليون خلال فترة البطولة فقط، وقال شياو هوان يوى بمعهد الرياضة البدنية بشنغهاى: هناك علاقة وثيقة بين الرياضة والاقتصاد وأنهما يرتبطان ويكملان بعضهما البعض فلا تقدم وتطور للأندية الرياضية بدون المال، وتوصل المسئولون إلى أن العلاقة بينهما اتخذت جوانب أخرى لا تقل أهمية للطرفين مثل النقل التليفزيوني ومصالح تجارية وصناعية وسياحية أيضاً. 
ولذا من الصعب أن يخلو مجال اقتصادي أو إعلامي من تأثير مباشر أو غير مباشر بقطاع رياضي ما، فالشركات الكبرى وجدت في مشجعي الرياضة بصفة عامة وكرة القدم بصفة خاصة العملاء الحقيقيين لبضائعها وحرصت الأقطاب التجارية في العالم على رعاية مصالحها التجارية عبر توسيع أسواقها من خلال استقطاب الجماهير.
 
لقد أدرك الغرب المتقدم أهمية الرياضة كعامل في تفعيل الاقتصاد، فهى كفيلة بالمساهمة في دفع الاقتصادات إذا ما أحسن التخطيط لها والاستفادة منها كوسيط بين باقي مكونات الاقتصاد، فالاستثمار في المجال الرياضي أثبت نجاح تجربته، وفى العالم المتقدم أصبحت الأندية الرياضية تعمل كمؤسسات اقتصادية وفق برامج وسياسات ممنهجة، ولذا فهي لا تتردد في صرف ملايين الدولارات من أجل إنجاح برامجها، بحيث تشترى لاعباً بمبلغ 50 مليون يورو وتمنحه مرتباً خيالياً، ليس فقط من أجل كسب بطولة ولكن لأن المكاسب المالية المحققة تتعدى ذلك المبلغ بكثير. 
 
قطر والاستثمار الرياضي
لقد شهد الإعلام الأوروبي جدلاً واسعاً عقب استحواذ مؤسسة قطر للاستثمار على نادي باريس سان جيرمان الفرنسي بنسبة 70%، وما أحدثته صفقات النادي الباريسي من ضجة عالمية واسعة بسبب الأرقام الخيالية التى دفعتها الإدارة القطرية من أجل استقدام أسماء لامعة على الساحة الكروية العالمية، وذكرت صحيفة "تليجراف" البريطانية في تقرير لها أن العوائد التي تنتظرها قطر من ضخ كل هذه الاستثمارات في الملاعب الأوروبية، لاسيما وأن هذه الاستثمارات امتدت إلى أندية أوروبية أخرى كرعاية نادى برشلونة وملكية نادى ملقا، بالإضافة إلى امتلاك قناة "الجزيرة الرياضية" التابعة لحكومة قطر حقوق أغلب وأقوى الدوريات والبطولات الأوروبية، هذه العوائد ترتكز بشكل أساسي على إيجاد بديل للسلعة الإستراتيجية التي يعتمد عليها الاقتصاد القطري بشكل أساسي وهو النفط. 
 
اقتصاد الرياضة ... طفرة علمية
لعل من الشواهد الدالة على تحول الرياضة نحو الدراسة والعلم والتخصصية هو أن المؤتمرات التي تعقد في هذا المجال لم تعد تقتصر على دراسة التدريب والتطوير الرياضي بل باتت تدرس في جوانب أخرى للرياضة، ومنها مؤتمر "سبورت اكورد" الدولي الذي استضافت مدينة دبي نسخته الثامنة خلال عام 2010 ، وهو يعد أكبر تجمع للشخصيات الرياضية في العالم ونظم للمرة الأولى في الشرق الأوسط، حيث شارك في المؤتمر شخصيات رياضية تمثل مؤسسات واتحادات وهيئات دولية وقارية، في مقدمتهم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جوزيف بلاتر، وقد انطلق هذا المؤتمر للمرة الأولى عام 2002 ويتخذ من مدينة لوزان السويسرية مقرا له، بعد مدريد ولوزان وبرلين وسيول وبكين واثينا ودنفر.
وعقد المؤتمر في نسخته الثامنة تحت عنوان "التحول الجغرافي للرياضة العالمية والدور الرئيسي للرياضة في الأجندة العالمية"، وشهد محاور عدة منها جلسة تتناول اتجاهات الأسواق العالمية و"منتدى المدن" الذي يركز على احتياجات ومخاوف المدن العالمية التي تتقدم لاستضافة النشاطات الرياضية، كما ناقش المشاركون في المؤتمر والبالغ عددهم قرابة 1500 شخص وأكثر من 70 عارضا من 60 دولة، دور الرياضة في التغيير الاجتماعي والرياضة في الشرق الأوسط، والدور الذي تلعبه الرياضة في التنمية المستدامة واستقلالية الرياضة ودور الرعاية، وتتضمنت الفعاليات أيضا معرضاً، وحفلات استقبال ومؤتمرات رفيعة المستوى، إضافة للاجتماعات السنوية العامة للهيئات الرياضية.
 
الألعاب الأولمبية
يقول "روبرت بولاند"، أستاذ اقتصاد الرياضة في جامعة نيويورك تعليقاً على البعد الاقتصادي للألعاب الأولمبية أنه "لم يعد من حدود أمام الألعاب الأولمبية التي وصلت إلى قطاعات اقتصادية متعددة"، معتبراً أن الحدث الرياضي الدولي يمثل منصة عالمية لتسويق المنتجات المختلفة والترويج لها، بالإضافة إلى كونه فرصة للتواصل غير مسبوقة عدا في كأس العالم لكرة القدم، وهو ما يؤكده الخبير في التسويق "روب برازمارك"، الذي ساعد اللجنة الأولمبية الدولية في استحداث برنامج لاجتذاب الرعاة خلال ثمانينيات القرن الماضي، مشيراً إلى أن الألعاب الأولمبية في لندن درت تقريباً سبعة مليارات دولار من مداخيل الرعاة وحقوق البث التلفزيوني، بالإضافة إلى بيع التذاكر وباقي الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالتظاهرة، وهذا دون احتساب القيمة الاقتصادية غير المباشرة مثل الترويج لاسم لندن كمدينة عالمية للجذب السياحي مرتبطة بالألعاب الرياضية التي تابعها أربعة مليارات شخص حول العالم، ويضيف "برازمارك" قائلاً "إن صناعة الألعاب الأولمبية باتت اقتصاداً قائماً بذاته"؛ وفي هذا السياق أيضاً يقول "بولاند" إن التسويق التجاري للألعاب الأولمبية واجتذاب المداخيل لم يعد قاصراً على الرعاة الذين يضعون أسماءهم جنبا إلى جنب مع الرياضيين المشهورين، بل امتد أيضاً إلى المتقاعدين من الرياضيين الذين يُحتفل بمشوارهم الرياضي في محاولة لاستقطاب المشاهدين، ويؤكد "بولاند" أنه في السابق كان أقصى ما يطمح له الرياضي في الألعاب الأولمبية أن يشارك مرة، أو مرتين ليختفي بعد ذلك، "لكن اليوم هناك ما يكفي من المال لدعم الرياضي وضمان بقائه لمدة أطول على الساحة الرياضية من خلال تمويل التدريبات وغيرها، وهو ما يفيد الرياضي والقطاع التجاري في نفس الوقت".
 
ويشير تقرير كتبه جون بودرو في خدمة "إم. سي. تي. إنترناشونال" إلى أنه فيما كان اعتماد الألعاب الأولمبية على المعلنين والرعاة جارياً به العمل منذ مدة، شكلت الألعاب الأولمبية لبكين في 2008 نقطة تحول أساسية بعدما ارتقى الجانب التجاري والاقتصادي للألعاب إلى مستويات غير مسبوقة، إذ في الوقت الذي سلطت فيه تلك الألعاب الضوء على المكانة المهمة للصين كقوة عالمية صاعدة، إلا أنها أيضاً منحت فرصاً هائلة للشركات الغربية والعالمية للتواجد على الساحة الصينية ودخول سوقها الكبيرة؛ أما في لندن فإن الألعاب الأولمبية استخدمت لإنعاش اقتصاد المدينة المتداعي من خلال استكمال بعض المشاريع الكبرى مثل المرافق الرياضية الراقية وبناء أكبر مركز تجاري في أوروبا، بالإضافة إلى إقامة بنية تحتية جديدة في مجال النقل، وذلك كله بكلفة تتراوح بين 15 و20 مليار دولار، وسعت لندن أيضاً إلى الترويج لمنطقتها التكنولوجية الجديدة الشبيهة بوادي السيلكون في الولايات المتحدة، ومع أن لندن قد لا تتمكن في المدى المنظور على الأقل من تعويض تلك الكلفة الباهظة التي أنفقتها على الألعاب الأولمبية، إلا أنها تشكل في المقابل دفعة نفسية قوية لمدينة تعيش على وقع المصاعب الاقتصادية وتعاني على غرار باقي أوروبا من ركود اقتصادي مستفحل، وتسعى شركات التكنولوجيا من تعظيم استفادتها هي الأخرى من الأجواء الاحتفالية وأخذ حصتها من الكعكة، وهو ما تحاول القيام به شركة "سيسكو" على سبيل المثال التي ستتولى إعداد الشبكات الضرورية لنقل المعلومات والمعطيات المتدفقة عبر أجهزة الحاسب إلى المتابعين، وإلى جانب "سيسكو" سيستفيد أيضاً موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" دون أن ينفق سنتاً واحداً، فالموقع ومن خلال شراكته مع محطة "إن. بي. سي" التلفزيونية التي ستنفق 4.4 مليار دولار على حقوق البث الحصري للتظاهرة الرياضية حتى عام 2020 سيحدث صفحة تعرض آخر الأخبار المتعلقة بالتطورات الجارية في المضمار، بالإضافة إلى تنزيل صور وغيرها من جوانب المحتوى التفاعلي، كما ستقوم المحطة بعرض شريط صغير يتابع النقاش الجاري على صفحة "الفيسبوك".
 
وفي أعقاب دورة بكين الأولمبية ذكر تقرير نشرته صحيفة "الشعب" الصينية اليومية إلى أن عبارة "الاقتصاد الأوليمبي" باتت شائعة الاستخدام عقب دورة بكين الأولمبية، ونقلت الصحيفة عن شخصيات في الأوساط الاقتصادية قولها أن بكين استفادت كثيراً من عملية استضافة الأولمبياد. ونقلت وكالة "رويترز" عن أندي روثمان الاقتصادي لشركة ليون المحدودة للأوراق المالية في شنغهاي قوله إن بكين قد أنفقت كثيرا من الأموال من أجل الأولمبياد، مما قد فاد تنميتها الاقتصادية،
وأشار روثمان إلى :" أن معظم النفقات المذكورة تم استثمارها في منشآت البنية التحتية، ومن الناحية البعيدة المدى، نرى أن هذه المشاريع مفيدة للاقتصاد الصيني"، فيما نشرت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" الهونغ كونغية تعليقاً قالت فيه أن الاقتصاديين قلما يتوقعون أن يظهر في بكين انحطاط اقتصادي بعد الأولمبياد، بل يعتقدون أن الأولمبياد قد حفز تنمية البناء الأساسي والخدمات المالية وشبكة الاتصالات والسياحة والفندقة ومن شأنه أن يأتي بمنافع طويلة المدى لتحديث بكين، كما أشارت الصحيفة إلى أن الأولمبياد تساعد الدولة المضيفة في الارتقاء بصورتها، وأن الارتقاء بهذه " التأثيرات الناعمة " سوف يجتذب مزيداً من السياح والاستثمارات إلى المنطقة.
 
من جانبها رأت مجلة "فوربس" الاقتصادية المتخصصة أن  الفعالية الاقتصادية لأولمبياد بكين تتمثل في تعزيز تحول الصين إلى دولة مستهلكة كبيرة، ونقلت المجلة عن ماساكي ياماقوتشي رئيس شعبة التحقيق الآسيوية لمعهد البحوث المالية والاقتصادية لشركة نامورا للأوراق المالية قوله إن الصين اتخذت الأولمبياد فرصة لتعميم الرياضة البدنية وسط الجماهير، وأن السوق الصيني للوازم الرياضية اتتسع إلى حد أكبر، وأن القطاعات الأخرى مثل البيع بالمفرق ومنشآت البنية التحتية للاتصالات استقبل أيضاً مرحلة من التنمية السريعة، وبالنسبة إلى كثير من الماركات المشهورة الصينية، كان الأولمبياد " فترة ذهبية " لتوسيع تأثيراتها الدولية، ونشر موقع صحيفة "فايننشال تايمز" مقالاً أشار فيه إلى أن شركات صينية مثل لينوفو وهاير تبحث عن فرص لاستخدام صفتها كمؤيدي الأولمبياد إلى أقصى حد بهدف رفع مكانتها على الصعيد الدولي ورفع سمعة ماركاتها المشهورة وحصصها السوقية في الصين وسائر أنحاء العالم. 
 
وبشكل عام، فإن هناك الكثير من المعاني التي تتجاوز البطولات والعامل الاقتصادي لتطال جوانب أخرى، فمن خلال تنظيم حفلي الافتتاح والختام توجه الدول المضيفة رسائل مهمة للعالم ذات بعد سياسي لا يمكن تجاهله، فالتنافس على المكانة والنفوذ يبدو حاضراً في مثل هذه المناسبات، إضافة إلى هذا المعنى السياسي فإن هناك معنى آخر له طابع ثقافي حيث كان الأولمبياد بمنزلة جسر ثقافي مفتوح بين الحضارات والثقافات المختلفة في العالم التي التقى أصحابها وتنافسوا في جو رياضي بعيداً عن مشاحنات السياسة ومشكلاتها، ناهيك عن أن البعد الخاص بالصورة النمطية للدولة المضيفة باعتبار أن الإنجازات الرياضية العالمية لأية دولة لا تأتي من فراغ وإنما تكون ترجمة لعوامل القوة الأخرى في مجالات الاقتصاد والإدارة وغيرهما وهذا له دلالته المهمة في النظر إلى عناصر القوة الشاملة للدول.
 
السياحة الرياضية
باتت السياحة الرياضية مكوناً رئيسياً من مكونات قطاع السياحة في العالم، خصوصا بالنسبة إلى الدول المنظمة للمهرجانات الرياضية المحلية أو الدولية كرالي السيارات، أو رياضة الرمال،أو تنظيم الاولمبياد،أو كأس العالم في كرة القدم أو البطولات القارية وغير ذلك، كونها تؤمن موارد مالية إضافية للسكان في البلد المنظم وتعمل على تحسين ميزان المدفوعات، وهي بذلك تمثل إحدى الصادرات الهامة غير المنظورة وعنصراً أساسياً من عناصر النشاط الاقتصادي، وترتبط بالتنمية ارتباطاً كبيراً، كما تعمل على حل بعض المشكلات الاقتصادية التي تواجهها تلك الدول ومنها على سبيل المثال مشكلة البطالة التي تعمل التنمية السياحية الرياضية على تخفيف حدة نسب تفاقمها وذلك بقدرتها على خلق فرص عمل جديدة، سواء في الموسم الرياضي أو خارجه، علاوة على دورها في تطوير المناطق والمدن التي تتمتع بإمكانات سياحية، من خلال توفير مرافق البُناء الأساسية والتسهيلات اللازمة لخدمة السائحين والمواطنين على حد سواء، ويترتب على السياحة الرياضية مجموعة من التأثيرات التنموية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والسياسية في المقصد السياحي أي الدول المنظمة، ويؤثر رواج السياحة الرياضية بشكل مباشر على اقتصاد ورواج الصناعات والأنشطة الناجمة عنها، فالإنفاق على الخدمات والسلع المرتبطة بالحدث الرياضي يؤدي إلى زيادة الإنفاق من خلال الإقامة بالفنادق للفرق الرياضية المشاركة والجماهير، ولا شك أنه كلما زاد تدفق حجم الحركة السياحية الرياضية خاصة أثناء البطولات الرياضية الدولية زاد الإنفاق العام على السلع الاستهلاكية والخدمات المتصلة بصناعة السياحة سواء بالطريق المباشر أو غير المباشر، ومن المسلم به في نظرية الاقتصاد أن كل استثمار جديد يولد عنه إنفاق جديد فينشئ دخولاً جديدة.
 
البطولات الرياضية ... أبعاد سياسية
تعتبر الألعاب الرياضية من الأنشطة الاجتماعية المؤثرة فى العلاقات الدولية وتنبع تلك الأهمية من طبيعة الألعاب الرياضية ذاتها كظاهرة اجتماعية تتسم باتساع قاعدتها الجماهيرية، وبإمكانية متابعتها دون الحاجة إلى قدر كبير من التعمق، وبتضمنها قدراً كبيراً من المنافسة مما يشبع لدى الجمهور النزعة البشرية نحو الصراع والانتصار.
وقد شهدت العقود الأخيرة تزايداً ملحوظاً في أهمية البطولات الرياضية وفى طبيعة الدور الذي تلعبه كعامل مؤثر في العلاقات الدولية ويرجع هذا التزايد إلى تفاعل عاملين أولهما تطور تكنولوجيا الاتصال الدولي، مما أتاح للجمهور فرصة متابعة الأنشطة الرياضية في مختلف أنحاء العالم في الوقت ذاته، وثانيهما تطور ورسوخ التنظيمات الدولية العاملة في ميدان الألعاب الرياضية، ونجاح تلك التنظيمات في وضع قواعد محددة لممارسة تلك الألعاب تطبق في كل دول العالم، مما أدى إلى بروز ظاهرة ـ وحدة الأنشطة الرياضية عبر الحدود السياسية الدولية كان من المتصور أن يؤدى تعاظم أهمية الألعاب الرياضية إلى اتسام العلاقات الدولية بطابع أكثر تعاونية، وأقل صراعاً، فالمفهوم الأصلي للألعاب الرياضية كما حدده كوبر، مؤسس الحركة الأولمبية الدولية، هو أنها أداة لتحقيق السلام الدولي من خلال التعارف بين الشعوب ولكن تعاظم أهمية الألعاب الرياضية صحبه في أن واحد تحول في وظيفتها بحيث أصبحت الألعاب الرياضية ظاهرة مؤثرة في النظام السياسي الدولي، وتحولت لتصبح ساحة من ساحات الصراع الدولي، وأداة من أدوات تنفيذ وتأكيد السياسة الخارجية، حتى اعترف اللورد كيلانين رئيس اللجنة الأولمبية الدولية السابق، بأن التداخل بين السياسة والألعاب الرياضية أمر حتمى.
 
ويشير الدكتور محمد السيد سعيد في دراسة له نشرتها مجلة "السياسة الدولية" إلى أن الألعاب الرياضية باتت أداة تستخدمها الدول لتحقيق أهدافها. وتؤكد الدراسة أن تأثير البطولات الرياضية امتد إلى ساحة العلاقات الدولية وقد بدأ هذا التأثير بالظهور منذ انعقاد الدورة الأولمبية الأولى في أثينا سنة 1896 وازداد هذا التأثير بعد نهاية الحرب العالمية الثانية فقد كان التصور السائد عند انعقاد دوره أثينا سنة 1896 أن الأولمبياد سيكون ساحة من ساحات التنافس الحر بهدف الارتقاء بمستوى الألعاب الرياضية والتقارب بين شباب العالم، وقد عبر دى كوبرتان عن هذا التصور بقوله: " تنشأ الحروب لأن الدول تسئ فهم بعضها البعض ولن نحصل على السلام ما لم يتم القضاء على التعصب الذي يفصل بين مختلف الأجناس ولكي نحقق هذا الهدف ينبغى أن نجمع شباب كل الدول معاً في فترات دورية لكي يقدموا عروضاً ودية للقوة البدنية والإتقان".
 
وترصد الدراسة بعض العوامل التي أدت إلى الربط بين السياسة والرياضة أهمها أن البطولات الرياضية تتضمن بالضرورة عنصر التنافس والفوز والخسارة ولذلك فإنها حين تكون بين فرق رياضية تنتمي إلى دول مختلفة ترتبط بمشاعر الكبرياء الوطني، بحيث تصبح قدرة الفريق الرياضي بمثابة فوز للدولة ذاتها، ثم طبيعية العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية، حيث أن تزايد الدور الذي تلعبه البطولات الرياضية في العلاقات الدولية يرجع إلى تغير طبيعة العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية، ويمكن أن نشير بالتحديد إلى بروز ظاهرة الصراع الأيديولوجي بين المعسكرين الشيوعى والرأسمالى وظاهرة ـ الحرب الباردة ـ بينهما فقد وجد المعسكران والألعاب الرياضية الدولية ميدانا مناسبا للتعبير عن الصراع الأيديولوجي بتوظيف تلك الألعاب لإظهار تفوق أيديولوجية كل معسكر ولذلك شهدت دورة هلسنكى للألعاب الأولمبية سنة1952 (وهى أول دورة يشارك فيها الاتحاد السوفيتى) صراعا شديدا بين الفريقين الأمريكي والسوفيتى، كذلك يمكن الإشارة إلى ظهور الدول الإفريقية والآسيوية الجديدة، ودخول تلك الدول معترك الألعاب الرياضية الدولية فنظرا لمحدودية أدوات السياسة الخارجية المتاحة لتلك الدول، وبالذات تلك الأدوات المتعلقة بالموارد، فقد وجدت في الألعاب الرياضية أداة سهلة نسبيا للتعبير عن سياساتها الخارجية ومحاولة تنفيذها، ولاشك أن البطولات الرياضية أداة للدعاية السياسية الدولية، فمن خلال توظيفها سياسياً وإعلامياً تستطيع أي دولة أن تظهر لباقي دول العالم مهارة مواردها البشرية، ورسوخ الأيديولوجية السياسية التى تنظم تلك الموارد طبقا لها، وبالتالي تروج الدولة، من خلال الألعاب الرياضية لمجموعة من القيم السياسية في الميدان الدولي وكانت اليونان أول من وظف الألعاب الأولمبية لأغراض الدعاية السياسية حينما نظمت دول أولمبياد في التاريخ المعاصر سنة 1896، وقد كانت اليونان آنذاك مشتبكة في صراع سياسي وعسكري مع الدولة العثمانية ومن ثم حولت اليونان الأولمبياد إلى ساحة للدعاية السياسية على أساس أنها مهد الحضارة القديمة وأنها متفوقة ثقافياً على الشعوب السلافية والعثمانية التي تعيش في ظل الاستبداد ولذلك، فقد قاطعت الدولة العثمانية أولمبياد أثينا سنة 1896 كذلك، فقد حشدت الولايات المتحدة كل مواردها لإثبات إنها ـ كسبت ـ دورتى 1904، 1932 من الأولمبياد، كما أن الاتحاد السوفيتي السابق اعتبر مشاركاته في المباريات الرياضية الدولية بمثابة عامل هام في سياســته الخارجية،وأداة ناجحة للدعاية في الدول الرأسمالية.


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره