مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2015-06-01

العلاقات الإماراتية – الأمريكية..الأبعاد ومحاور الاهتمام

شهدت العلاقات بين دولة الامارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الامريكية قوة دفعة جديدة خلال الفترة الأخيرة بزيارتين متعاقبتين قام بهما صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث أكدت هاتان الزيارتان عمق العلاقات الثنائية وتناميها على قاعدة المصالح المشتركة المبــادلة، وأهمـــية التنســيق والتشاور بين قيادتي البلدين، حيث أكدت تصريحات سموه أهميــة الدور المحوري الذي تلعبه الولايات المتحـــدة الأمريكيـــة في ترتيبات الأمن الاقليمي بمنطقــة الخليج العربي كما أكد الجانب الامريكي حرصه الشديد على بناء علاقات أكثر تطوراً وعمقاً مع دولة الإمارات العربية المتحدة. وفي هذا الملف تفتح ملف العلاقات الإماراتية ـ الأمريكية للتعرف على أبعاد هذه العلاقات ومرتكزاتها ومحاور الاهتمام المشتركة فيها.
 
 
إعداد: التحرير
 
تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة على توسيع وتنويع خيارات التحرك السياسي على الساحة الدولية، وهذا ما يتضح من تعزيز علاقاتها مع القوى الكبرى إضافة إلى القوى الإقليمية المؤثرة والناشئة مع الدول الآسيوية ودول إفريقيا وأميركا اللاتينية وغيرها. 
 
وتأتي الولايات المتحدة في طليعة القوى الكبرى التي تستهدف تعزيز العلاقات معها ، وإقامة شراكة استراتيجية معها في المجالات كافة، بالنظر لما تمثله من أهمية كبرى ، كونها تعد قوة دولية فاعلة في تفاعلات النظام الدولي من ناحية، وخاصة بالنسبة لقضايا منطقة الشرق الأوسط، كما تمتلك خبرات متقدمة في العديد من المجالات، التكونولوجية والنووية والفضاء، من ناحية ثانية وهي المجالات التي يمكن لدولة الإمارات العربية المتحدة الاستفادة منها وهي تمضي بخطى ثابتة نحو اقتصاد المعرفة.
 
ولا شك في أن الزيارة التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى الولايات المتحدة الأمريكية في شهر أبريل 2015، ثم مشاركة سموه في القمة الخليجية – الأمريكية في منتجع كامب ديفيد الرئاسي الأمريكي في الرابع عشر من مايو 2015 ، شكلت نقلة نوعية في مسار العلاقات الإماراتية – الأمريكية، كما أكدت في الوقت ذاته التقدير الأمريكي لدور الإمارات ومواقفها المسئولة والمتوازنة في منطقة الشرق الأوسط والعالم. 
 
وقد كان واضحاً الدور الإيجابي الذي لعبه سموه في التمهيد للقمة الخليجية- الأمريكية، خلال زيارته ، والتعبير عن الموقف الخليجي العام إزاء مجمل قضايا المنطقة، كما أن الرؤية التي عبر عنها سموه خلال مباحثات القمة الخليجية – الأمريكية في كامب ديفيد جسدت بوضوح الموقف الإماراتي الداعم لأمن واستقرار المنطقة، وإدراكها لأهمية التنسيق والتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة التحديات والمخاطر التي تواجه المنطقة والعالم.
 
زيارتي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد إلى الولايات المتحدة
جاءت الزيارة التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، إلى الولايات المتحدة الأمريكية في شهر أبريل 2015 في توقيت مهم، نظراً للأحداث والتطورات التي تشهدها المنطقة والعالم، وبالفعل شكلت هذه الزيارة فرصة لتبادل الآراء والمشاورات  مع الولايات المتحدة حول هذه التطورات، وخاصة تلك القضايا التي ترتبط بأمن المنطقة واستقرارها، وفي مقدمتها الحرب ضد تنظيم "داعش"، والأوضاع في اليمن ، وتطورات الأزمة الراهنة في كل من سوريا وليبيا، فضلاً عن تصاعد خطر التطرف والإرهاب في المنطقة؛ وذلك من أجل بلورة مواقف ورؤى مشتركة حول كيفية التعامل مع هذه القضايا.
 
كما جاءت هذه الزيارة قبل القمة التي جمعت بين قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والرئيس الأمريكي باراك أوباما، في 13 و14 مايو 2015، وكانت فرصة لتوضيح أبعاد الموقف الخليجي من الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة (5+1)، وما يثيره من مخاوف مشروعة لدول المنطقة، تنبغي مراعاتها في أي اتفاق نهائي بين الطرفين؛ تعزيزاً للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وأيضاً لتحديد الرؤية الخليجية إزاء مجمل قضايا المنطقة.
 
وقد كشفت نتائج المباحثات التي أجراها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال هذه الزيارة عن توافق وجهات نظر الدولتين إزاء هذه التطورات مجتمعة، حيث أكد الجانبان علي ضرورة أن يكون الاتفاق النهائي ملزمًا للجانب الإيراني، ويأخذ في الاعتبار القلق العالمي لمخاطر انتشار التسلح النووي والمخاوف من تقويض دعائم الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة والعالم ، وقد شدد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على أهمية منع انتشار الأسلحة النووية في المنطقة واهتمام بلاده بضمان الإجراءات والتدابير الصارمة للتحقق من سلامة البرنامج النووي عند إبرام الاتفاق النهائي. 
 
كما أعرب سموه عن شكره للرئيس الأمريكي باراك أوباما لالتزامه الشخصي (بضمان ألا يلحق الاتفاق النووي مع ايران أضرارا بدول الخليج المجاورة)، كما أثنى على الجهود الحثيثة التي بذلها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أثناء اجتماعات الدول الكبرى (مجموعة 5+1)مع إيران .  يذكر أن إيران  قد توصلت مع القوي الست في الثاني من ابريل 2015 إلى اتفاق على خطوط عريضة مع إيران يمهد لاتفاق نهائي، ويشمل رفع للعقوبات وتعليق عمل أكثر من ثلثي قدرات التخصيب الإيرانية الحالية ومراقبتها 10 سنوات .
 
كما ناقشا الجانبان خلال هذه الزيارة الأزمة في اليمن، حيث اتفقا على أهمية تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي ومبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في اليمن بصفتها مدخلاً لتسوية الأزمة فيها ودور التحالف العربي بقيادة السعودية والذي تشارك فيه الإمارات.  
 
يشار الي أن دولة الامارات العربية المتحدة تشارك  بفاعلية في عملية عصفة الحزم التي انطلقت منذ 26 مارس 2015 ، لضرب معاقل الحوثيين والمواقع العسكرية للقوات الموالية للرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح .وشملت المباحثات أيضا الضربات الجوية التي  تقودها الولايات المتحدة  الأمريكية ضد تنظيم "داعش" الإرهابي ، حيث تم التأكيد علي ضرورة مواصلة المجتمع الدولي ودول التحالف التزامها التصدي الفاعل للتنظيمات الإرهابية والحيلولة دون انتشار خطرها حفاظا على الأمن والاستقرار العالميين. 
 
وأعرب الجانبان عن التزامهما بأهمية التعاون والتنسيق بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية والولايات المتحدة الأمريكية، باعتباره من الركائز الأساسية للأمن والاستقرار في منطقة الخليج والشرق الأوسط. واتفقا على الحاجة لتعزيز التعاون الأمني بين مجلس التعاون والولايات المتحدة لمجابهة التهديدات والتطرف والعنف.
 
نقلة نوعية في مسار العلاقات الإماراتية- الأمريكية 
أكدت الزيارة التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، والمباحثات التي أجراها سموه في البيت الأبيض مع الرئيس باراك أوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية قوة العلاقات بين الدولتين، وتنوع أطرها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية والأمنية، حيث تناولت المباحثات سبل تعزيز علاقات الصداقة والتعاون المتميزة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية في مختلف المجالات وسبل تعزيزها وتطويرها في ظل ما يربط البلدين من روابط صداقة متينة ومصالح استراتيجية مشتركة.
 
 وفي الوقت الذي أكّد فيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان "أن دولة الإمارات العربية المتحـدة بقيـادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، تولي أهمية كبيرة لتعزيز علاقات التعاون المشترك مع الولايات المتحدة الأمريكية في مختلف المجالات وتعزيزها بما يحقق تطلعات قيادتي البلدين الصديقين وشعبيهما وفق أسس راسخة من الاحترام المتبادل والثقة والمصالح المشتركة"، فإن الرئيس باراك أوباما أعرب عن سعادته بلقاء سموه والتباحث معه حول القضايا والمسائل التي تهم الجانبين وفي مقدمتها التعاون المشترك والمستجدات والتطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي يعكس مدى التقدير الذي تحمله الإدارة الأمريكية لدولة الإمارات العربية المتحدة وقيادتها الحكيمة ومدى حرصها على التفاعل المباشر معها على أعلى المستويات.
 
والواقع أن هذا التقدير الأمريكي لدولة الإمارات العربية المتحدة إنما يرجع إلى الدور المسئول الذي تمارسه في محيطها العربي والإقليمي، وانخراطها الفاعل في حل أزمات المنطقة، فضلاً عن مواقفها المتوازنة إزاء القضايا ذات الصلة بالأمن والسلم الدوليين ، فبرنامجها النووي السلمي بات مضرب المثل في التعاطي الدولي مع هذه التكنولوجيا ذات الحساسية الاستثنائية بالنسبة للأمن والاستقرار العالميين. 
 
كما لعبت الدبلوماسية الإماراتية خلال الفترة الماضية دورا محوريا في العمل من أجل احتواء العديد من حالات التوتر والأزمات والخلافات الناشبة سواء على صعيد المنطقة أو خارجها، وسعت بشكل دؤوب مستمر لتعزيز مختلف برامج مساعداتها الإنسانية والاغاثية والإنمائية والاقتصادية المباشرة وغير المباشرة للعديد من الدول النامية خاصة تلك التي تشهد حالات نزاع أو كوارث طبيعية.
 
فضلا عن مساهماتها الأخرى الفاعلة في العديد من عمليات حفظ السلام وحماية السكان المدنيين وإعادة الإعمار في المناطق المنكوبة بعد انتهاء الصراعات وهو ما يجسد شراكتها المتميزة مع أطراف عدة ،  وفي مقدمتها الولايات المتحدة، وتفانيها من أجل تحقيق الأهداف النبيلة في صيانة واستقرار السلم والأمن الدوليين، ولهذا فإن الولايات المتحدة الأمريكية تعول دوماً على الدور الإماراتي الفاعل والبناء في مختلف القضايا الإقليمية والدولية، وتحرص على الاستماع لرؤيتها وتقديراتها لهذه القضايا وكيفية التعامل معها.
 
قمة كامب ديفيد ... رؤية إماراتية متوازنة لأمن المنطقة واستقرارها
انطوت مشاركة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة،  في القمة الخليجية- الأمريكية في منتجع كامب ديفيد الرئاسي في الرابع عشر من مايو 2015، على أهمية بالغة، خاصة أن هذه المشاركة جاءت بعد زيارته الناجحة للولايات المتحدة في شهر أبريل الماضي، والتي مهدت بنجاح لهذه القمة، وعبرت عن الموقف الخليجي من قضايا المنطقة المختلفة، وأهمية التحرك على إيجاد حلول لها بما يضمن مصالح الدول الخليجية.
 
وقد جاءت جاءت تصريحات صاحب السمو السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لدى مشاركته في اجتماعات كامب ديفيد لتعبر عن رؤية الإمارات المتوازنة لأمن المنطقة واستقرارها، حيث أكد على عدد من النقاط المهمة في هذا الشأن، لعل أبرزها:
 
أ- أن أمن منطقة الخليج العربي هو جزء أساسي من الاستقرار العالمي، لما تمثله هذه البقعة من العالم من أهمية اقتصادية وسياسية واستراتيجية تمس الأمن العالمي، حيث شدد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على أن دولة الإمارات العربية المتحدة ودول الخليج تمكنت من توظيف طاقاتها وإمكانياتها لمواجهة تحديات ومخاطر عديدة. كما أن دولة الإمارات العربية المتحدة ، مع شقيقاتها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، تدرك جيداً حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها للحفاظ على سلامة وحيوية المنطقة، وتمكنت عبر مراحل وفترات مختلفة من توظيف طاقاتها وإمكانياتها لمواجهة تحديات ومخاطر عديدة.
 
ب- أن الولايات المتحدة شريك استراتيجي أساسي لدول مجلس التعاون الخليجي، ولها دور حيوي في حفظ الأمن والاستقرار في المنطقة، بما تملكه من ثقل عالمي ودور محوري، وبما يربطنا معها من مصالح مشتركة وعلاقات تعاون وشراكة وثيقة. وفي هذا الجانب أشار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى أن هذه المرحلة التاريخية المهمة تتطلب منا جميعاً في دول الخليج، بالتعاون مع أصدقائنا، والعمل على ضع إطار تعاون يخدم المصالح المتبادلة، ويؤسس لمرحلة جديدة تأخذ في الاعتبارات التهديدات والتحديات الجديدة.
 
ج- التحرك الاستباقي لمواجهة التحديات والمخاطر التي تواجه أمن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث أشار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى أننا نجحنا معاً بالتعاون البناء في التحالف العربي وبمساعدة الأصدقاء من خلال عملية إعادة الأمل في اليمن التي استطعنا من خلالها وأد مشاريع إقليمية كانت تسعى لبث الفوضى والخراب والفتن في المنطقة. 
 
د- الارتباط بين أمن منطقة الخليج والأمن العالمي، حيث قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إن على المجتمع الدولي، وفي مقدمته الولايات المتحدة، أن يدرك أن أمن واستقرار الخليج العربي مرتبطان ارتباطاً وثيقاً بالأمن العالمي، لذلك فإن وضع رؤية شفافة وواضحة تخدم كل الأطراف من أجل السلام والاستقرار والتنمية والبناء لدول وشعوب المنطقة مطلب حيوي.
 
هـ- التأكيد على أهمية الشراكة الخليجية – الأمريكية باعتبارها حجر الأساس لأمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط برمتها، حيث أشار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى أن هذه القمة التاريخية غير المسبوقة تمثل إضافة نوعية حقيقية إلى مسيرة العلاقات الخليجية - الأمريكية، وهي تعكس حرصاً مشتركاً على تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والولايات المتحدة، منوهاً سموه بأن المحادثات تمثل مناسبة لتبادل الرأي ووجهات النظر والتشاور العميق حول التحديات والتهديدات الأمنية في منطقة الخليج العربي.
 
و- العمل على إبقاء منطقة الخليج بمنأى عن أية أخطار أو مهددات، وما يقتضية ذلك من ضرورة العمل على توفير ضمانات كي لا يتحول البرنامج النووي الإيراني إلى خطر محتمل لأمن دول الخليج والمنطقة بوجه عام، حيث شدد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على الموقف الخليجي بضرورة إبقاء منطقة الخليج العربي، بما لها من أهمية استراتيجية، بمنأى عن أي أخطار أو مهددات أمنية واستراتيجية محتملة، خاصة في حال عدم ارتكاز الاتفاق النووي النهائي على معايير واضحة، والتزام ما يعنيه ذلك من توافر ضمانات قانونية وتعهدات دولية كافية، تكبح الطموحات النووية في المنطقة والهيمنة الإقليمية، وتحول دون انتشار تسلح نووي. 
 
وأعرب صاحب الســمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عن ثقته بتفهم الإدارة الأمريكية بواعث القلق والمخاوف المشروعة لدى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وشعوبها حيال هذه الأخطار الاستراتيجية المحتملة، لا سيما في ظل تفاقم عوامل الاضطراب والنزاعات الطائفية والمذهبية وانتشار جماعات الإرهاب وتنظيماته.
 
قراءة في بيان قمة كامب ديفيد 
بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أكدت قمة كامب ديفيد في بيانها الختامي على  تعهد الولايات المتحدة بالدفاع عن الخليج عسكرياً، والتصدي الجماعي لأنشطة إيران التي تزعزع استقرار المنطقة، كما شددت على دعم الحكومة العراقية ضد الإرهاب، واستبعاد أي دور مستقبلي لرئيس النظام السوري بشار الأسد، وضرورة تشكيل حكومة وحدة في ليبيا قبل شهر رمضان، والتحول سريعاً إلى العملية السياسية في اليمن. وتضمن البيان الختامي عدداً من النقاط الرئيسية، أهمها: 
 
- أن الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لردع ومواجهة أي تهديد خارجي يهدد سلامة أراضي أي منها ولا يتفق مع ميثاق الأمم المتحدة.
 
- أن واشنطن ودول الخليج  تتفقان على أن إبرام اتفاق نووي شامل قابل للتثبت مع إيران يخدم المصلحة الأمنية لدول مجلس التعاون، وأن دول الخليج والولايات المتحدة  ستعمل معاً للتصدي لأنشطة إيران التي تزعزع استقرار المنطقة .
 
- أن الولايات المتحدة، في حالة حدوث عدوان في الخليج، ستبحث اتخاذ عمل جماعي بما في ذلك احتمال استخدام العمل العسكري للدفاع عن دول المجلس، وستضمن تسريع نقل السلاح لدول الخليج، وأن  دول الخليج ملتزمة ببناء قدرات دفاعية صاروخية في أرجاء المنطقة، تشمل نظاماً للإنذار المبكر، على أن تقدم الولايات المتحدة المساعدة الفنية.
 
- ضرورة التحول سريعاً من العمليات العسكرية في اليمن إلى عملية سياسية، وأن المبادرة الخليجية هي أساس حل الأزمة ، وفيما يتعلق بليبيا اتفق الجانبان على الضغط على كل الأطراف للتوصل إلى اتفاق سياسي وحكومة وحدة وطنية، كما أكد الجانبان على  تسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين. وشدد البيان في الملف العراقي على دعم بغداد والتحالف الدولي في مواجهة خطر تنظيم داعش، كما أكد أن رئيس النظام السوري بشار الأسد فقد شرعيته ولا دور له في مستقبل سوريا.
 
أسس قوية للعلاقات الإماراتية- الأمريكية
لا شك أن الواقع المتميز الذي تشهده العلاقات الإماراتية – الأمريكية يستند إلى مجموعة من الأسس والثوابت التي تضمن تطور هذه العلاقات باستمرار، لعل أبرزها هنا:
الميراث التاريخي: حيث تعود علاقات الصداقة بين الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية إلى عام 1971. وكانت الولايات المتحدة الدولة الثالثة التي تقيم علاقات دبلوماسية رسمية مع الإمارات العربية المتحدة، ولها سفارة فيها منذ عام 1974، وطيلة هذه الفترة شهدت العلاقات نقلة نوعية في مختلف المجالات، السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والعسكرية.
 
الإرادة السياسية القوية لقيادتي الدولتين نحو تطوير هذه العلاقات، فعلى  مدار السنوات الماضية تعززت العلاقات الثنائية بين الدولتين ، لأن هناك إدراكاً قوياً من جانب قيادتي الدولتين على تطوير هذه العلاقات وتعزيزها في المجالات كافة.
 
فدولة الإمارات العربية المتحدة تكتسي اهمية خاصة في الاستراتيجية الامريكية تجاه منطقة الشرق الاوسط، ليس فقط لأنها تلعب دوراً في إرساء عوامل الأمن والاستقرار في المنطقة، وإنما أيضاً لما تمثله من نموذج تنموي ناجح في المنطقة، حيث تنظر الولايات المتحدة بنوع من الإعجاب والتقدير إلى تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة في بناء مجتمع مزدهر ومستقر، وتعتبرها نموذجاً يحتذى به في المنطقة ككل. 
 
وفي المقابل تنظر الإمارات، مثلها في ذلك مثل باقي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، إلى الولايات المتحدة باعتبارها حليفاً استراتيجياً وطرفاً أساسياً في معادلة تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
 
قاعدة قوية من المصالح المشتركة: ترتكز الروابط الوثيقة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية على أساس المصالح والقيم المشتركة، حيث يعمل الطرفان على تعزيز الأمن الإقليمي وتحقيق الازدهار الاقتصادي ومجابهة التحديات الملحة في مختلف أرجاء العالم. 
 
وهناك العديد من المصالح المشتركة في هذا الشأن، كالتعاون الأمني والعسكري المشترك في ست من العمليات العسكرية للتحالف بدءا بحرب الخليج الأولى 1991، ومرورا بكوسوفو نهاية تسعينيات القرن الماضي وأفغانستان 2003 وحتى العمليات الحالية ضد تنظيم "داعش" عام 2014، إضافة للشراكات الاقتصادية القوية مثل العلاقة التجارية الوثيقة في مجال الطيران والتي توفر مئات الآلاف من الوظائف في مختلف أرجاء الولايات المتحدة إضافة إلى ذلك العلاقات الديناميكية التي تشجع التواصل بين المجتمعين الإماراتي والأمريكي مثل جامعة نيويورك أبوظبي.  
 
مجالات الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات والولايات المتحدة 
تتسم العلاقات الإماراتية- الأمريكية بالتنوع والشمول، ولا تقتصر على جانب دون الآخر، وإنما تتضمن أبعاداً سياسية واقتصادية وأمنية وعسكرية، ويمكن توضيح ذلك على النحو التالي:
1- التقارب السياسي بين الدولتين: حيث تتبنى الدولتان مواقف مشتركة إزاء العديد من قضايا المنطقة، كالأزمة في سوريا والحرب ضد تنظيم"داعش"، والأزمة في اليمن، وهذا ما أكده البيان المشترك في ختام زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى الولايات المتحدة في شهر أبريل الماضي، والذي شهد توافقاً إزاء هذه القضايا. 
 
كما أن التوافق الخليجي- الأمريكي في قمة كامب ديفيد في الرابع عشر من مايو 2015 أمر لا يمكن فصله عن هذه الزيارة الناجحة، والذي استطاع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلالها في في توضيح كافة أبعاد الموقف الخليجي إزاء قضايا المنطقة، وخاصة الملف النووي، للولايات المتحدة، وأهمية أن تبقى منطقة الخليج بمنأى عن أية أخطار أو تحديات تهدد أمنها واستقرارها.
 
ولعل تأكيد القمة الخليجية- الأمريكية على أهمية التثبت والتأكد من برنامج إيران النووي، يتوافق مع الموقف الذي أكد عليه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد خلال هذه الزيارة، والذي أعرب فيه عن أمله أن تتوج المفاوضات الحالية بين طهران ومجموعة(5+1) باتفاق نهائي ملزم للجانب الإيراني يأخذ في الاعتبار بواعث القلق الاستراتيجي المشروعة لدى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ويضع أسساً وركائز راسخة للأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ويجنبها المزيد من أسباب التوتر وعوامل الصراع. 
 
وأكد صاحب السمو الشـــيخ محمد بن زايد آل نهيان أن موقف دولة الإمارات حيال مسألة الانتشار النووي واضح وثابت وينطلق من ضرورة تصدي المجتمع الدولي ومؤسساته ومنظماته المعنية لخطر انتشار التسلح النووي وعدم التهاون في مواجهة هذا الخطر الذي يمثل أحد أبرز مهددات الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
 
2- التعاون في المجال الأمني : حيث تتبنى دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة مواقف مشتركة ضد التطرف والإرهاب، فالإمارات عضو  في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش التي تقوده الولايات المتحدة منذ العام 2014 .
 
وهذا الجانب كان أحد القضايا الرئيسية في مباحثات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع الرئيس باراك أوباما في شهر أبريل 2015، حيث تناول الجانبان الضربات الجوية التي يقوم بها التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش"، وضرورة مواصلة المجتمع الدولي ودول التحالف التزامها التصدِّي الفاعل للتنظيمات الإرهابية والحيلولة دون انتشار خطرها حفاظاً على الأمن والاستقرار العالميين. كما أكد الجانبان على أهمية تحقيق الأمن والاستقرار والسلام، وتكريس مبادئ التسامح والتعايش المشترك في المنطقة والعالم أجمع، ونبذ التطرف والتعصب والعنف والإرهاب لتحقيق التنمية التي تصب في مصلحة الشعوب وتعميق التعاون الدولي.
 
وشاركت دولة الإمارات بإيجابية في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب عام 2014 من خلال عضويتها في المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب وفي قمة مجلس الأمن الدولي في الأمم المتحدة التي ترأسها الرئيس الأمريكي باراك أوباما لبحث مسألة المقاتلين الإرهابيين الأجانب في صفوف المنظمات الإرهابية والاجتماع الإقليمي بجدة الذي خرج برؤية موحدة لمحاربة الإرهاب عسكرياً وأمنيا واقتصاديا وفكريا والمؤتمر الدولي حول السلام والأمن في العراق الذي عقد في باريس.
 
وأكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لدى استقباله في 29 من شهر أكتوبر 2014 في أبوظبي الجنرال جون ألن المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" موقف دولة الإمارات الواضح في مواجهة التنظيمات والأعمال الإرهابية بأشكالها وأنواعها كافة وتقديم الدعم اللازم للتصدي لها ومجابهتها فكريا وأمنيا في إطار التعاون والتنسيق مع المجتمع الدولي وبما يحقق السلم والأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
 
في هذا الشأن أيضاً ، فإن الولايات المتحدة تثمن دوماً المواقف الإماراتية الداعمة للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، فقد أثبتت الإمارات أنها قوة إقليمية ذات وزن عالمي، على المستويين السياسي والاقتصادي، خاصة عندما ترتبط ارتباطاً وثيقاً برسالة ديناميكية تحشد وتوجه وتجعل من الفعل تطلعاً إلى المستقبل،  وهذا لم يأتِ من فراغ؛ بل من خلال الدور الذي قامت- ولا تزال تقوم به- في التعاطي مع ملفات الأمن الدولي، والقضية الفلسطينية، والاستقرار في الخليج العربي، إضافة إلى دورها المحوري في محاربة الإرهاب الذي بات يتمدد وينفث شروره ليس على الدول العربية وحدها، وإنما على العالم أجمع .
 
3- التعاون العسكري: يعتبر أحد المؤشرات القوية في العلاقات بين الدولتين، وأصبحت هذه العلاقة مركزية في السياسة الخارجية الإماراتية بعد حرب الخليج الثانية وتحرير الكويت 1991، ووقعت الدولتان اتفاقية للتعاون العسكري عام 1994، تسمح ببقاء 1,800 جندي أمريكي، غالباً من القوات الجوية، على الأراضي الإماراتية، وبرسوّ سفن حربية أمريكية في جبل علي.  وهذا بالطبع بالإضافة إلى التعاون في مجال التدريب والمناورات العسكرية. 
 
حيث تحرص الدولتان على إجراء التمرينات العسكرية المشتركة، وذلك في إطار التعاون والتنسيق وتبادل الخبرات والمعلومات العسكرية والتخطيط المشترك بين الجانبين ، بما  يواكب الإمارات لتكنولوجيا العصر في مواجهة المستجدات والمتغيرات العسكرية الحديثة.
 
كما تمتلك دولة الإمارات سجلاً إقليمياً استثنائياً كمساهم قوي في المهمات العسكرية لحفظ السلام، بالمشاركة مع الولايات المتحدة في هذا الشأن، كقرار المغفــور له بإذن الله تعالى الشـــيخ زايد بن سلطان آل نهيان بالتدخل لحماية المسلمين في ألبانيا وكوسوفو في عام 1999، حيث تم نشر قوات مشاة تتكون من نحو ألف فرد، فضلاً عن نحو 250 فرداً مع طائرات هيلكوبتر أباتشي AH-64A وقوات خاصة، والتدخل العسكري الإنساني الإماراتي في أفغانستان في إطار عملية رياح الخير، حيث أرسلت الإمارات قوات لأفغانستان في عام 2006 لتوفير الحماية للمعدات وأعمال البناء في مستشفى كابول قرب قندهار، بينما قامت القوات الإماراتية بعمليات توزيع مساعدات إغاثية إنسانية وإزالة المتفجرات حول العاصمة كابول، كما قامت القوات الإماراتية بحماية مستشفى أشرفت على بنائه تقدم فيه طبيبات إماراتيات خدمات طبية للنساء والأطفال الأفغان، بالإضافة إلى تمويل محطة إذاعية تبث الأخبار والموسيقي بلغة الباشتون.
 
4- العلاقات الاقتصادية والتجارية المتنامية: ترتبط دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية بعلاقات تجارية واستثمارية قوية ، وتعتبر الشراكة الاقتصادية بين البلدين من أكثر الشراكات نموا ليس على مستوى الخليج وحده بل أيضا على مستوى العالم اذ يشير الفائض التجاري بين البلدين عبر السنوات العشر الاخيرة الى التنافسية القوية للولايات المتحدة في العديد من القطاعات .
 
وحسب تقرير لمجلس الأعمال الأمريكي الاماراتي فإن الصادرات الامريكية والاستثمارات المباشرة في الامارات ارتفعت في السنوات الاخيرة بصورة واضحة فيما توضح المؤشرات أن هذا النمو سيستمر في المستقبل مما يعكس التنوع الاقتصادي لدولة الامارات ودورها الرائد في العالم العربي .
 
وتوقع التقرير أن تشهد السنوات القليلة المقبلة المزيد من التطور في العلاقة الاقتصادية بين دولة الامارات والولايات المتحدة الأمريكية بالنظر الى الدور المتنامي للامارات كقوة اقتصادية إقليمية جاذبة والارتفاع المستمر للنفط الأمر الذي يزيد من معدلات التنمية بالإمارات فضلا عن الاستقرار السياسي الذي تشهده دولة الامارات بالاضافة الى السياسات الاقتصادية الحكيمة.
 
وحسب الإحصائيات الرسمية، فإن حجم التجارة الثنائية بين دولة الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية بلغ 91.3 مليار درهم في العام 2014 ولا تزال دولة الإمارات الوجهة التصديرية الرئيسية للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمنطقة بأكملها للسنة السادسة على التوالي. 
 
وشهد حجم الصادرات الإماراتية لأمريكا نموا قدره 22.3 في المائة في 2014 مقارنة بعام 2013 . وتعتبر دولة الإمارات أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة في الشرق الأوسط ، فحجم التبادل التجاري غير النفطي بين الدولتين وصل إلى أكثر من 27 مليار دولار أمريكي، وتعد الإمارات  من أكبر الدول المستوردة من الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، كما يصل حجم الاستثمارات الإماراتية في الولايات المتحدة إلى أكثر من 21 مليار دولار موزعة بين الاستثمار في أسواق المال الأمريكية والاستثمارات المباشرة في الاقتصاد الأمريكي. 
 
 فضلًا عن احتضان الإمارات لأكثر من 1000 شركة أمريكية، يعمل فيها 60 ألف أمريكي. وتصدر دولة الإمارات العربية المتحدة إلى الولايات المتحدة الحلي والمجوهرات وأجزاؤها من معادن ثمينة، الألواح والصفائح والأفلام والأشرطة وقطع اللدائن غير خلوية، والنسج من خيوط الشعيرات التركيبية. بينما تستورد الإمارات منها العنفات النفاثة والعنفات الدافعة، الذهب بما في ذلك الذهب المطلي بالبلاتين، السيارات السياحية وغيرها من السيارات المصممة بصورة رئيسية لنقل الأشخاص.
 
وهناك العديد من الاستثمارات الإماراتية في السوق الأمريكي الذي يعتبر بوابة نحو أسواق واعدة يمكن الترويج لها ، هذا بالإضافة إلى مستوى التقدم الذي شهدته البيئة الاستثمارية الجاذبة في الامارات وما تتمتع به من خصائص وميزات ومقومات في مقدمتها وجود بنية تحتية حديثة ومتطورة من طرق ومطارات وموانىء ووجود عشرات المناطق الحرة بأفضل المرافق والخدمات وأسهل الاجراءات الميسرة وتوفر منظومة تشريعية عصرية تحمي الاستثمارات والمستثمرين الاجانب وما تتمتع به الإمارات من أمن وأمان فريدين إضافة الى توفر فرص استثمارية مجزية في قطاعات كثيرة . 
 
وتمثل المشاريع المقامة حالياً في دولة الإمارات فرصة سانحة للشركات الأمريكية العاملة في قطاع البنية التحتية وبصورة خاصة في مجالات مثل إدارة وهندسة المشاريع " بما في ذلك الإنشاءات والهندسة المعمارية والتصميم " والطاقة المتجددة " الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتحويل النفايات إلى طاقة " والشبكة الذكية وكفاءة الطاقة والتقنيات البيئية.
 
5- التعاون في مجال الطاقة النووية السلمية: وقعت دولة الإمارات العربية المتحدة و الولايات المتحدة الأمريكية اتفاقية للتعاون في مجال الطاقة النووية للأغراض المدنية والسلمية، الذي يحمل رقم 123، نسبة للفقرة رقم 123 من القانون الأمريكي للطاقة الذرية، وذلك في أبريل من العام 2008، كما وقعا على البروتوكول الإضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية. 
 
ويستهدف هذا الاتفاق بالأساس العمل على تطوير طاقة نووية مدنية سلمية، من قبل بلدان تحتاج إلى الطاقة النووية من أجل تنميتها الاقتصادية. ويوفر الاتفاق الإطار القانوني المطلوب للتداول التجاري في مواد الطاقة النووية السلمية بين البلدين، كما يتيح الفرصة أمام الشركات الأمريكية للمشاركة الفاعلة في برنامج الطاقة النووية بدولة الإمارات.
 
ولا شك في أن التعاون في مجال الطاقة النووية مع الولايات المتحدة يخدم برنامج الإمارات النووي السلمي ، وتوجهاتها الهادفة إلى توفير طاقة نووية آمنة وفعالة وموثوقة وصديقة بيئياً ومجدية اقتصادياً لدعم النمو الاجتماعي والاقتصادي. كما أن المعايير التي وضعتها الإمارات لبرنامجها النووي السلمي تجعل الولايات المتحدة، وغيرها من الدول التي تمتلك خبرات في هذا المجال، تقدم مساعداتها لها، حيث تعتمد مؤسسة الإمارات للطاقة النووية أعلى معايير الأمان والسلامة والشفافية في عملياتها، بما يجعل دولة الإمارات نموذجاً يحتذى به عالمياً في مجال تطوير الطاقة النووية. 
 
وتركز سياسة المؤسسة على ستة مبادئ رئيسة وهي: الشفافية التشغيلية التامة وتنفيذ أعلى معايير حظر الانتشار النووي وأعلى معايير السلامة والأمن والتنسيق المباشر مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتقيد بمعاييرها وبناء الشراكات مع حكومات الدول المسؤولة والمؤسسات ذات الخبرة المناسبة وضمان استدامة الطاقة النووية على المدى البعيد. ومن الركائز الأساسية لهذه السياسة العزم على تطوير برنامج نووي يستند إلى السلامة وحظر الانتشار النووي، فضلاً عن الامتناع عن التخصيب المحلي واعادة معالجة الوقود النووي.
 
6- التعاون في المجال الفضائي: اتفقت الولايات المتحدة ودولة الإمارات العربية المتحدة في شهر مارس 2015 على العمل نحو زيادة التعاون الفضائي المدني وفي مجال الأمن الوطني. حيث تم الاتفاق على وضع منهج استراتيجي يركز على بناء الثقة والتفاهم المتبادلين للانظمة الفضائية تعتمد عليه الدولتان من أجل تحقيق الازدهار الاقتصادي والبيئي والأمني والاجتماعي. 
 
وحسب "جيف راتكي" المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فإن مجالات التعاون بين الجانبين تتضمن سياسة الفضاء والتطورات التنظيمية والأمن الفضائي والتعاون في علوم الفضاء ومتابعة الطقس واستخدام التطبيقات المعتمدة على الأقمار الصناعية.
 
ولا شك في أن التعاون الإماراتي الأمريكي في مجال الفضاء ينطوي على أهمية كبيرة، خاصة في ظل توجه دولة الإمارات إلى دخول مجال الفضاء، وسعيها إلى إرسال أول مسبار عربي وإسلامي لكوكب المريخ بقيادة فريق عمل إماراتي في رحلة استكشافية علمية تصل للكوكب الأحمر خلال السبع سنوات القادمة وتحديداً في العام 2021. ولهذا تحرص الإمارات على تعزيز تعاونها مع الدول الرائدة في هذا المجال، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي تمتلك خبرات متقدمة في هذا الشأن، ويمكن من خلالها مساعدة الإمارات على دخول قطاع صناعات الفضاء والاستفادة من تكنولوجيا الفضاء بما يعزز التنمية والعمل على بناء كوادر إماراتية متخصصة في هذا المجال. 
  
ويمثل دخول دولة الإمارات العربية المتحدة مجال استكشاف الفضاء نقلة نوعية على طريق اقتصاد المعرفة الذي يمثل أهم مراحل التطور العلمي والتكنولوجي والمعرفة، وهي المرحلة التي تقوم بالأساس على البنية التحتية المبنية على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتقنية الحديثة، ولكن هذه المرة في مجال استكشاف الفضاء، والذي بات ينطوي على أهمية كبيرة للدول والمجتمعات كافة، بعد أن خرج من مرحلة البحث العلمي البحت إلى مرحلة التطبيق الفعلي، ومن سرية المعامل إلى علانية التصنيع والتطبيقات التجارية، ومن كونه مجالاً ينتمي بأغلبيته إلى المجالات العسكرية والاستراتيجية إلى مجال تحتل منه التطبيقات المدنية السلمية التي تتصل برفاهية الإنسان النصيب الأكبر.
 
وتعتبر الولايات المتحدة من الدول الرائدة في مجال الفضاء، بل أنها صاحبة أكثر خبرات في هذا المجال، فبرنامج الفضاء الأمريكي انطلق بمهمة أبولو الناجحة في الوصول إلى القمر خلال ستينيات القرن الماضي، وكان الإطار الناظم له المنافسة المحتدمة مع الاتحاد السوفييتي لإثبات القدرة العلمية أولاً، ثم السيطرة على الفضاء ثانياً.
 
وفي ستينيات القرن الماضي، سارع الرئيس جون كينيدي إلى تأسيس برنامج الفضاء الأمريكي، معلناً في خطاب شهير أمام الكونجرس بأن أمريكا سترسل بعثة إلى الفضاء يقودها إنسان في السنوات الأخيرة للستينيات، وهو ما قوبل بحماس شديد في الكونجرس بالنظر إلى سباق التنافس الأيديولوجي السائد وقتئذ، لتُخصص له أموال طائلة ساهمت في إنجاح المشروع الأمريكي ووضع الولايات المتحدة على خريطة الفضاء العالمية. 
 
ولا شك أن التعاون الفضائي مع الولايات المتحدة يخدم أهداف الإمارات في هذا الشأن، خاصة أنها تولي أهمية متزايدة لدخول عصر الفضاء، فأحد الأهداف الرئيسية لبرنامج الإمارات الفضائي هو دعم الاقتصاد المستدام المبني على المعرفة، والإسهام في تنوع الاقتصاد الوطني، ونشر الوعي بأهمية القطاع الفضائي.
 
وقد أكد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أن هدف دولة الإمارات سيكون دخول قطاع صناعات الفضاء، والاستفادة من تكنولوجيا الفضاء بما يعزز التنمية والعمل على بناء كوادر إماراتية متخصصة في هذا المجال، وشدد سموه: إن "هدفنا أن تكون الإمارات ضمن الدول الكبرى في مجال علوم الفضاء قبل 2021".
 
خاتمة
تمثل الولايات المتحدة الأمريكية ضلعاً مهماً في أي ترتيبات للامن الاقليمي بمنطقة الخليج العربي، وفي ظل ماتشهده المنطقة من تطورات ومتغيرات وماتموج به من تحديات وتهديدات يصبح فتح قنوات الحوار معها بصفة مستمرة مسألة بالغة الحيوية بالنسبة للشركاء والحلفاء الخليجيين، وفي مقدمتهم دولة الإمارات العربية المتحدة، ومن هذا المنطلق يمكن فهم أهمية ملف العلاقات بين البلدين، خصوصا في ظل الحرص المتبادل على أن يكون الأمن والاستقرار الاقليمي هدفاً مشتركاً لهما يضمن مصالح ومكتسبات شعوب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره