مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2015-11-01

العلاقــات الإماراتيـة-الفرنسية شراكة استراتيجيـة ومصالح مشتركة وتفاهم سياسي

استطاعت دولة الإمارات العربية المتحدة خلال السنوات الماضية أن تعزز علاقاتها مع العديد من القوى الإقليمية والدولية في المجالات المختلفة، كما نجحت في توظيف هذه العلاقات بشكل فاعل في تحقيق مصالحها الوطنية، وتنمية اقتصادها في القطاعات الرئيسية. والأهم من ذلك أن دولة الإمارات العربية المتحدة استطاعت أن تقدم النموذج للدولة العصرية، لما تمتلكه من سمات فريدة خاصة بنموذجها التنموي والسياسي، والتي جعلتها في قلب دائرة اهتمامات القوى الكبرى في العالم. وفي هذا العدد تسلط “درع الوطن» الضوء على العلاقات الإماراتية-الفرنسية لما تمتلكه من تميز وفرص للتطور خلال السنوات المقبلة.
 
إعداد: التحرير
 
يلحظ المتابع لخريطة العلاقات الإماراتية مع الدول الكبرى، كيف نجحت الإمارات في بناء شراكات ناجحة مع العديد من هذه القوى، وأصبحت الموضوعات الاقتصادية والتنموية هي الركائز الأساسية في علاقاتها الخارجية لتتواكب مع الخطط التنموية للدولة. وتقدم فرنسا واحدة من هذه الدول التي استطاعت دولة الإمارات العربية المتحدة تعزيز علاقاتها معها على المستويات كافة، فالعلاقات بين الدولتين تقدم نموذجاً للعلاقات المتميزة التي تتطور باضطراد في المجالات المختلفة، الاقتصادية والتجارية والثقافية والفنية والدفاعية وفي مجالات الفضاء والطاقة، وينتظرها الكثير في المستقبل، لأن هناك إدراكاً مشتركاً من جانب قيادتي الدولتين على تطويرها بشكل مستمر لتحقق مصالح الشعبين.
 
العوامل الدافعة للعلاقات الإماراتية-الفرنسية
لا يخفى على أحد أن العلاقات بين الدولتين شهدت في السنوات الأخيرة قفزات نوعية في العديد من المجالات، السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية والعلمية، ما جعلها تعد في نظر كثيرين ترقى إلى الشراكة الاستراتيجية الكاملة، وهذا يعود إلى مجموعة من العوامل المهمة، لعل أبرزها:
 
1- العامل التاريخي: لا شك أن العلاقات القوية الراهنة بين الإمارات وفرنسا لها جذورها التاريخية العميقة، التي تعود قبل قيام دولة اتحاد الإمارات، إذ إن بعض الشركات الفرنسية النفطية مثل «توتال» كانت تمارس أعمالها في التنقيب عن النفط في الإمارات. وحينما قام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1971 بدأت العلاقات الثنائية بين الدولتين، فقد أرسى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ‹›طيب الله ثراه›› والرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جيسكار ديستان لبنات قوية لعلاقات صداقة متينة بين البلدين، وتعززت هذه العلاقات بعد الزيارة الأولى للشيخ زايد لفرنسا في العام 1976.
 
 ومنذ ذلك التاريخ والعلاقات بين الدولتين تقوم على أساس السلام والحوار والتعاون والانفتاح، وهي منظومة المبادئ التي أرسى دعائمها، الـمغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ثم شهدت هذه العلاقات تطوراً نوعياً فيما بعد تحت قيادة صاحب السمو رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي ، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله.
 
2- توافر الإرادة السياسية لتطوير هذه العلاقات: إذا كانت القيادة تمثل الدور الحاسم في تطور العلاقات بين أي دولتين، استناداً إلى رؤيتها لطبيعة هذه العلاقات والعائد المتوقع منها، يمكن القول إن القيادة في كل من دولة الإمارات العربية المتحدة وفرنسا حريصة على تطوير هذه العلاقات، وهذا ما تعبر عنه تصريحات قيادات الدولتين خلال الزيارات المتبادلة وفي مختلف المناسبات؛ إذ إن جميع رؤساء فرنسا بدءاً من فاليري جيسكار ديستان ومروراً بفرنسوا ميتران وجاك شيراك ونيكولا ساركوزي، ونهاية بفرانسوا هولاند قد زاروا دولة الإمارات وأكدوا جميعهم العناية الكبيرة والاهتمام البالغ الذي توليه فرنسا للصداقة والتعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة. كما أشادوا بنموذج دولة الإمارات في التنمية. 
 
وحرصت القيادة الرشيدة في الإمارات على تعزيز أواصر العلاقات مع فرنسا، فقد أكد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، خلال زيارته إلى فرنسا في 14 يونيو من عام 2003 للرئيس الفرنسي آنذاك جاك شيراك أن العلاقات بين الإمارات وفرنسا علاقات استراتيجية قوية وعميقة ولابد من تدعيمها من أجل الحفاظ على الاستقرار والأمن في المنطقة. في السياق ذاته، أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، خلال زيارته لفرنسا في فبراير عام 2015، وخلال مباحثاته مع الرئيس فرانسوا هولاند «أن دولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، حريصة على إقامة علاقات قوية ومتينة مع فرنسا والتنسيق معها بشأن القضايا التي تهم البلدين».
 
وترجمة لقوة هذه العلاقات، فقد منح صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، فرانسوا هولاند «وسام زايد» الذي يعد من أعلى الأوسمة التي تقدم عادة لرؤساء وزعماء الدول فيما قدم الرئيس الفرنسي لصاحب السمو رئيس الدولة «وسام الشرف الفرنسي» الذي يعتبر من أعلى الأوسمة في بلاده والذي يقدم عادة لرؤساء الدول. كما منح الرئيس الفرنسي “وسام الاستحقاق الوطني” لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، تجسيداً وتقديراً لمتانة علاقات التعاون والصداقة بين الإمارات وبلاده والتي تشهد تطوراً ونمواً مستمرين في مختلف المجالات.
 
3- المصالح المشتركة: لا شك أن العلاقات القوية بين الدولتين تستند على قاعدة من المصالح المشترك، وعلى إدراك متبادل بأهمية هذه المصالح وضرورة الحفاظ عليها، وتتنوع هذه المصالح ما بين الاقتصادية والتجارية والتي تشهد تنامياً مضطرداً، والمصالح السياسية والتي تترجم في توافق وجهات نظر الدولتين إزاء العديد من قضايا المنطقة، فضلاً عن اتفاق الدولتين على ضرورة التصدي لخطر الإرهاب والجماعات المتطرفة التي تهدد الأمن والاستقرار في دول المنطقة والعالم بأسرها. وقد كشفت الزيارة التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى فرنسا في فبراير عام 2015، ومباحثاته التي أجراها مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند عن عمق التقارب الإماراتي-الفرنسي من القضايا الإقليمية والدولية. حيث ناقشت هذه المباحثات مجمل التطورات في المنطقة، وساد الاجتماع توافق في الرؤى بشأن القضايا السياسية في المنطقة.
 
وأعرب سموه عن سعادته بالمستوى الذي وصل إليه العمل المشترك مع فرنسا، مشدداً على أهمية تدعيمه وتعزيزه بإجراء المزيد من اللقاءات التشاورية للمضي بالعلاقات المتميزة بين البلدين إلى آفاق أرحب وأوسع. كما أكد سموه تضامن دولة الإمارات مع فرنسا في أعقاب الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها، وجدد التزام دولة الإمارات بدورها كشريك فاعل ضد التطرف والإرهاب في المنطقة. 
 
وعبر الجانبان عن تطلعهما لمزيد من النمو والتطور في العلاقات في القطاعات الاقتصادية والاستثمارية والثقافية والحضارية والتطلع قدماً لافتتاح المشاريع الحضارية والثقافية في مقدمتها متحف اللوفر-أبوظبي. ورحب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان باختيار شركة «توتال» الفرنسية وفوزها بحصص امتياز نفطية في أبوظبي، معرباً عن تطلعه إلى مزيد من المشاريع الاستراتيجية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وفرنسا. ومن جهته، أعرب الرئيس الفرنسي عن عميق شكره لوقوف دولة الإمارات مع فرنسا، ووصف دولة الإمارات بـ»الصديق الوفي والحليف القوي»، مبدياً شكره لمنح شركة توتال دوراً في قطاع الطاقة في أبوظبي. كما أعرب عن تطلعه لمشاريع حيوية واستراتيجية كبيرة بين البلدين.
 
وفي محاولة لتعميق البعد الاقتصادي بين فرنسا ودولة الإمارات العربية المتحدة، قام الرئيس الفرنسي في العام 2014 بتعيين آن ماري أيدراك ممثلة خاصة لشؤون المبادلات الاقتصادية مع الإمارات، في اعتراف فرنسي بموقع الإمارات كمحور للاستثمارات الاقتصادية والتبادلات التجارية مع باقي الدول العربية وغير العربية.
 
4- تمثل دولة الإمارات العربية المتحدة أهمية خاصة في السياسة الفرنسية تجاه منطقة الشرق الأوسط: ليس لأنها تلعب دوراً في إرساء عوامل الأمن والاستقرار في المنطقة فقط، وإنما لما تمثله من نموذج تنموي ناجح في المنطقة أيضاً، حيث تنظر فرنسا بنوع من الإعجاب والتقدير إلى تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة في بناء مجتمع مزدهر ومستقر، وتعتبرها نموذجاً للتعايش والانفتاح على الثقافات يحتذى به في المنطقة ككل، ولهذا تأمل فرنسا أن يشكل متحف اللوفر-أبوظبي بوتقة لانصهار الثقافات بين الشرق والغرب. 
 
كما تنظر فرنسا إلى الإمارات باعتبارها بوابة الدخول إلى المنطقة العربية وغير العربية، إلى الهند والصين والدول الإفريقية عامة، وليس دول شمال إفريقيا فقط. وفي المقابل فإن الإمارات تعتبر فرنسا طرفاً مهماً في معادلة الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، ويمكن أن يؤدي تعزيز التعاون والعلاقات معها إلى خدمة المصالح الوطنية لدولة الإمارات، وكذلك القضايا العربية، وخاصة القضية الفلسطينية، لتبني فرنسا موقفاً متقارباً مع الدول العربية في ضرورة حل هذه القضية، وإعادة عملية السلام مرة أخرى.
 
مجالات العلاقات الإمارات-الفرنسية 
لعل أهم ما يميز العلاقات الإماراتية-الفرنسية أنها علاقات شاملة لا تقتصر على مجال بعينه، وإنما تسير بالتوازي على جميع المسارات، السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية والعلمية، ما جعلها تعد في نظر كثيرين ترقى إلى الشراكة الاستراتيجية الكاملة، ويمكن تناول مؤشرات قوة العلاقات بين الدولتين في المجالات الآتية:
 
1- التوافق السياسي إزاء قضايا المنطقة والعالم: فالتفاهم السياسي بين الدولتين إزاء قضايا المنطقة والعالم يعزز من وتيرة العلاقات الثنائية، ولا شك في أن هذا التفاهم يبدو واضحاً في رؤية الدولتين إزاء جملة من القضايا، في مقدمتها عملية سلام الشرق الأوسط وضرورة التوصل إلى حل سياسي للصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين يضمن قيام دولة فلسطينية، والعمل على إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.
 
وفي هذه القضية كان واضحاً أن فرنسا من أكثر الأطراف تفهماً للموقف الإماراتي والخليجي بوجه عام بضرورة منع انتشار الأسلحة النووية في المنطقة وضمان التأكد من الإجراءات والتدابير الصارمة للتحقق من سلامة البرنامج النووي الإيراني، وضرورة وضع ضمانات تجبر إيران على تنفيذ التزاماتها كافة في بنود الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه مع مجموعة (5+1) في شهر يوليو 2015، كما ينعكس هذا التوافق في رؤية الدولتين لضرورة التصدي لخطر التطرف والإرهاب، ومشاركتهما في التحالف الدولي ضد «تنظيم داعش»، الذي بدأت عملياته العسكرية في العام 2014.
 
وهذا التوافق والتفاهم السياسي إزاء قضايا المنطقة المختلفة، ينطلق من إيمان الدولتين بضرورة إقامة العلاقات الدولية على قاعدة الاحترام المتبادل وتحقيق المصالح المشتركة لجميع الدول في العالم، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى تحت أي ذريعة أو مبرر لما يمثله ذلك من انتهاك لمبدأ مستقر في مجال العلاقات الدولية، وضرورة تعزيز السلام والاستقرار والأمن والعدل على الساحتين الإقليمية والدولية، وقد عبر عن ذلك بوضوح صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الرئيس الفرنسي لدى زيارة هولاند للإمارات في يناير 2013، حينما أكدا ضرورة تعزيز التفاهم والتعاون الدولي لترسيخ الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط والعالم في إطار القرارات الدولية واحترام سيادة الدول وتعزيز السلم العالمي. 
 
2- ملتقى الحوار الاستراتيجي: يعتبر إحدى الآليات التي تم تأسيسها لتعزيز مسار العلاقات بين الدولتين، وانطلقت أعمال الملتقى الدوري لأول مرة في عام 2008 بهدف تعزيز العلاقات الثنائية، ويتناول الملتقى العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، والتعاون بين البلدين، وتشمل جوانب سياسية، وثقافية، وأيضاً اقتصادية تتعلق بالتجارة والاستثمارات والطاقة بمختلف مجالاتها، الهيدروكربونية، والنووية، والمتجددة. كما تشمل قضايا التعليم والدفاع والأمن، بالإضافة إلى بحث التعاون في القضايا الدولية والإقليمية والعالمية. وخلال اجتماعات ملتقى الحوار الاستراتيجي خلال الأعوام الماضية، أكدت الدولتان ضرورة بحث سبل تحقيق الأهداف المشتركة، وتعزيز التعاون في قطاع النقل الجوي، والمشاريع الصناعية والنقل التجاري والسياحة والتعاون الحكومي، وتعزيز الشراكة بينهما في قطاع الطاقة وضرورة متابعتها من أجل تحقيق مزيد من التقدم والتطور.
 
وفي عام 2013، وخلال حضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وفخامة الرئيس فرانسوا هولاند رئيس الجمهورية الفرنسية ملتقى الحوار الإماراتي الفرنسي الاستراتيجي للأعمال، الذي عقد في قصر الإمارات، أشاد سموه بعمق العلاقات الثنائية المتميزة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية فرنسا، وما وصلت إليه من مستوى متطور بفضل حرص قيادتي البلدين الصديقين وتطلعاتهما المشتركة، لترسيخ علاقات استراتيجية قائمة على الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة. 
 
وقد أكد الرئيس الفرنسي حرص بلاده على الدفع بمستوى علاقاتها الثنائية مع دولة الإمارات، إلى آفاق أوسع لتصل إلى مستويات رفيعة من التعاون الاستراتيجي في المجالات كافة، تلبية لتطلعات البلدين. ومن جانبه، قال معالي آرنواد مونتيبورج، وزير النهوض بالإنتاج الفرنسي، إن دولة الإمارات تتمتع بحالة اقتصادية قوية، وهي أيضاً من الدول الملتزمة بتنويع اقتصادها، ولذلك فإن الدولتين تطمحان إلى تحديد أهداف ملموسة فيما يتعلق بمؤشرات التجارة العالمية والشراكة الصناعية والاستثمار المشترك المباشر. وكان الحوار الاستراتيجي للأعمال، أحد أهم المواضيع التي تضمنتها أول زيارة رسمية للرئيس الفرنسي هولاند لدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث اتفق الجانبان على إيجاد فرص جديدة للشراكة التجارية في كثير من القطاعات.
 
3- المجال الاقتصادي: تتميز العلاقات الاقتصادية بين دولة الإمارات وفرنسا بالديناميكية والحيوية والتنوع، ولاسيما بعد أن باتت الإمارات الشريك التجاري الرئيسي لفرنسا في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي عام 2011 ، ولعل من المؤشرات المهمة التي تعكس قوة العلاقات الاقتصادية بين الدولتين:
 
*وصل إجمالي التبادل التجاري بين البلدين 5.2 مليارات يورو في عام 2014 بنمو 11% مقارنة بالعام 2013، حيث بلغت التجارة بين البلدين 4 مليارات يورو.
* تشير التقديرات إلى أن إجمالي الاستثمارات الإماراتية المباشرة في فرنسا وصلت إلى 4.9 مليارات يورو حتى عام 2013، مما يمثل أكثر من 50% من إجمالي الاستثمارات الواردة من منطقة الشرق الأوسط. وهناك أكثر من 50 شركة إماراتية في فرنسا، تصل استثماراتها إلى المليار يورو.
 
* مع نهاية عام 2014 تم إطلاق منصة الاستثمارات المشتركة بين شركة مبادلة الإماراتية، وصندوق الضمان والمستودعات الفرنسي برأس مال ابتداء من 300 مليون يورو. هذا وتتوزع الاستثمارات الفرنسية في دولة الإمارات بين شركات النفط الفرنسية والبنوك الفرنسية والاستثمارات في برنامج الأوفست ‘’المبادلة’’ بالإضافة إلى مشاريع عديدة كشركة أبوظبي لبناء السفن ومزارع وصناعة الأسماك ومزارع الزهور وتطوير زراعة النخيل وغيرها، كما أن هناك استثمارات إماراتية في فرنسا تتركز في قطاعات المصارف والعقارات والفنادق.
 
* وفقاً لقنصل عام فرنسا في دبي، فإن دولة الإمارات تحتضن أكبر عدد من الشركات الفرنسية مع ما يقارب من 600 شركة بزيادة مطردة بنسبة 10% سنوياً، وتعد الإمارات موطناً لأكبر جالية فرنسية في الشرق الأوسط، حيث يعيش 25 ألف فرنسي. كما أن شركاتنا حاضرة في جميع القطاعات الحيوية للاقتصاد المحلي.
 
*مساهمة الشركات الفرنسية في العديد من المشروعات الكبرى في الإمارات، حيث فازت شركة “جي دي إف سويز” في العام 2014 بعقود بناء مفاعل مرفأ للماء والكهرباء، كما افتتحت شركة “اير ليكيد” في رأس الخيمة مصنعاً كبيراً لأعمدة تسييل الغاز لتزويد المصانع في أرجاء العالم كافة.كما توسعت علامة مجموعة أكور للفنادق وكارفور وجيان لمراكز التجزئة في إمارات الدولة، كما جددت شركة توتال الفرنسية شراكتها مع شركة أبوظبي للعمليات البترولية البرية المحدودة (أدكو) لمدة أربعين عاماً، وبذلك فهي الآن المستثمر الفرنسي الأول.
 
*توقيع الدولتين للعديد من الاتفاقيات التي تعزز التعاون الاقتصادي بينهما، ودعم الاستثمارات المباشرة، كاتفاقية منع الازدواج الضريبي الموقعة في عام 1989، واتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات في البلدين. فضلاً عن التسهيلات التي تقدم للمستثمرين الإماراتيين في فرنسا، فالمكتب الإقليمي للوكالة «Business France» في دبي، يقدم الدعم الكامل لجميع المستثمرين في فرنسا بما فيه الربط مع المؤسسات والأطراف المعنية بذلك في فرنسا.
 
4- التعاون في المجال الدفاعي: واصلت العلاقات الثنائية نموها ضمن إطار اتفاقية الدفاع المبرمة بين الدولتين في عام 1995. ووقعت دولة الإمارات في 18 نوفمبر 1998 صفقة أسلحة مع شركة ‹›داسو›› الفرنسية بقيمة 3.2 مليار دولار أمريكي لشراء 30 طائرة من طراز ‹›ميراج - 9ـ 2000» وتشمل الصفقة كذلك تطوير 33 طائرة أخرى من طراز ‹›ميراج - 5ـ 2000» لرفع كفاءتها إلى››ميراج-9ـ 2000»، كما تعاقدت دولة الإمارات مع شركة ‹›جيات›› الفرنسية لتزويد قواتها المسلحة بأكثر من 400 دبابة من طراز ‹›لوكليرك›› المتطورة بقيمة 3.5مليار دولار. وتوج التعاون الدفاعي بين الدولتين، بإنشاء القاعدة العسكرية الفرنسية عام 2009. وهذه القاعدة تضم نحو 700 جندي فرنسي.
 
وضمن التعاون الدفاعي والعسكري بين الدولتين، تشارك الجمهورية الفرنسية بأجنحة كبيرة في معرض الدفاع الدولي ‹›آيدكس›› منذ انطلاقته في عام 1993 وحتى الدورة الأخيرة التي عقدت في فبراير 2015 كما تشارك دولة الإمارات بصورة دورية في معرض ‹›يوروسا توري›› بباريس. وتم خلال هذه المعارض إبرام العديد من الصفقات ومذكرات التفاهم للتعاون العسكري والعلمي والتقني بين البلدين. وتعاقدت القوات المسلحة الإماراتية في 20 مارس1997 خلال معرض ‹›آيدكس1997» في دورته الثالثة مع شركة «يوروكبتر›› الفرنسية على شراء خمس طائرات ‹›غزال›› وطائرتي ‹›بانثر›› بقيمة 151 مليوناً و255 ألف فرنك فرنسي. كما وقعت شركة أبوظبي لبناء السفن والحكومة الفرنسية خلال هذه الدورة للمعرض عقداً لمدة ثلاث سنوات لصيانة وتصليح البواخر البحرية التي تزور موانئ الدولة إضافة إلى جميع البواخر العسكرية الفرنسية المتواجدة في المنطقة. وتلقت قوة من الإمارات تدريبات نوعية في أحد المعسكرات بجنوب فرنسا على الجغرافيا الأوروبية وظروفها استعدادا لمشاركتها في قوات حفظ السلام الدولية بالقطاع الفرنسي شمال شرق كوسوفا.
 
وتم على هامش معرض ‹›آيدكس -1999›› التوقيع على اتفاقية مشتركة بين القوات المسلحة وجامعة الإمارات وكليات التقنية العليا وشركتي «داسو›› و››طومسون›› الفرنسيتين تقضي بتدريب طلاب الإمارات في المجالات العلمية والبحثية والتكنولوجية.
 
وأبرمت القوات المسلحة على هامش معرض ‹›آيدكس 2003» عقداً مع شركة ‹›جيات›› الفرنسية لشراء قطع غيار لدبابات ‹›لوكليرك›› بقيمة 33 مليون دولار ومع شركة ‹›تاليس›› الفرنسية لشراء ست معدات استطلاع إلكترونية من نوع ‹› آي إس أم›› لزوارق 54 متراً بقيمة 14 مليون دولار. كما أبرمت القوات المسلحة في معرض ‹›آيدكس 2005» عقداً مع شركة «روكويل كولينز» الفرنسية لتوفير أجهزة ملاحية للطائرات المروحية بقيمة 12 مليوناً و773 ألف دولار وعقداً مع شركة ‹›داسو أفييشن›› الفرنسية بقيمة 135 مليون درهم لإسناد ودعم فني لطائرات ‹›ميراج 2000» ونفذت في إطار الاتفاقية الدفاعية بين دولة الإمارات وفرنسا العديد من المناورات العسكرية المشتركة باستخدام أحدث الأسلحة المتطورة وضمن استراتيجية موحدة لتعزيز التعاون العسكري بين البلدين.
 
وشاركت فرنسا بجناح كبير في آيدكس 2011 ضم ما يزيد على 62 شركة متخصصة في الصناعة العسكرية. وتضمنت قائمة الشركات الفرنسية المشاركة في المعرض شركات للطيران مثل شركة داسو وشركات لتصنيع السفن والزوارق البحرية مثل شركة سي إم إن، وشركات لأعمال البنية التحتية العسكرية مثل «جيكات»، وشركات لأدوات واحتياجات الميدان العسكري من ملابس وحوذ وشركات لتدريب الضباط والجنود مثل شركة دي سي إي. وضم الجناح الفرنسي مدرعات حربية وقاذفات لهب عسكرية وقناصات ومدافع وذخائر حية وغواصات ومقاتلات هيلوكوبتر ودروعاً واقية للرصاص، وملابس عسكرية وتكنولوجيا وتقنيات ونظم تحكم آلية ورادارات.
 
وشاركت فرنسا في معرض آيدكس 2015، وقال وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان إنه حضر المؤتمر والمعرض لأن «هذه التظاهرة في غاية الأهمية للإمارات التي تريد أن تظهر قدرتها على التحرك، وكذلك لفرنسا أيضا التي يمكنها أن تعرض أفضل قدراتها». وشملت الصفقات التي تم إبرامها في آيدكس 2015 التعاقد مع شركتي إيرباص للدفاع وتاليس ألينا الفرنسية لشراء قمرين صناعيين مع محطات أرضية للتحكم بقيمة ثلاثة مليارات و750 مليون درهم.
 
والتقى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، معالي جان إيف لودريان وزير الدفاع الفرنسي، ضمن فعاليات معرض ومؤتمر الدفاع الدولي «آيدكس 2015» الذي انطلقت أعماله في شهر فبراير 2015. ورحب سموه بمشاركة فرنسا في المعرض، واستعرض معه علاقات التعاون المتميزة التي تربط دولة الإمارات العربية المتحدة بفرنسا ذات الصلة بالشؤون العسكرية والدفاعية، وسبل تعزيزها وتنميتها بما يخدم المصالح المشتركة. 
 
وتم خلال اللقاء تبادل الأحاديث حول أوجه التعاون في مجالي الدفاع والأمن الإقليمي، إضافة إلى بحث التنسيق والتعاون وتبادل الخبرات في مجال الدفاعات العسكرية في ظل الحرص المشترك على تعزيز العلاقات بين دولة الإمارات وفرنسا إلى آفاق أوسع. وتطرق الحديث إلى الأهمية التي يمثلها معرض ومؤتمر الدفاع الدولي «آيدكس 2015» للدول والمؤسسات والهيئات في تطوير وتحديث العلوم والصناعات العسكرية من خلال تبادل المعلومات والخبرات والاطلاع على أحدث ما أنتجته التقنيات الدفاعية.
 
5 -التعاون في المجال العلمي: يندرج التعاون بين البلدين في هذا المجال إطار اتفاق التعاون الثقافي والفني الموقع بتاريخ 03 يوليو 1975، والذي يتضمن المجالات الثقافية والجامعية واللغوية والعلمية والفنية، ويسعى البلدان إلى تعزيز الشراكة بينهما في هذا المجال. 
 
وتحرص دولة الإمارات العربية المتحدة على الاستفادة من التجربة الفرنسية في تطوير منظومتها التعليمية، سواء تعلق الأمر بالتعليم الثانوي أو الجامعي. ويشكل تطوير تعليم اللغة الفرنسية إحدى الأولويات، لاسيما بعد التحاق الإمارات بالمنظمة الدولية للفرانكفونية، بصفة مراقب، في أكتوبر 2010، فضلاً عن أن زيادة عدد الطلاب الإماراتيين الذي يتعلمون اللغة الفرنسية يعرف تزايداً واضحاً منذ سنوات عدة.
 
وتعتبر جامعة باريس-السوربون أبوظبي (UPSAD)الجامعة الفرانكفونية الوحيدة في الخليج العربي، وتم افتتاحها في العام الجامعي 2006 -2007، كأول فرع للجامعة الفرنسية العريقة خارج فرنسا بعد أن خصصت حكومة أبوظبي نحو100 مليون دولار لتأسيس الجامعة. وأصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بصفته حاكماً لإمارة أبوظبي، حفظه الله، في 29 مايو 2006 قانوناً بإنشاء وتنظيم جامعة باريس-السوربون أبوظبي.
 
وتهدف الجامعة إلى الإسهام في تعزيز فرص التعليم العالي وتنوعها في الدولة ودول الخليج ومنطقة الشرق الأوسط بوجه عام، وتمنح الجامعة الشهادات العلمية وفقاً للأنظمة الفرنسية والتنظيمات الأكاديمية لدى جامعة باريس السوربون. ويتمحور تعليم جامعة باريس السوربون أبو ظبي (UPSAD) على العلوم الإنسانية والاجتماعية، لكنها تعطي تكوينات أيضاً في القانون والإدارة، وتتعاون مع جامعة باريس. وتسعى الجامعة إلى إدخال تخصصات جديدة في مجال العلوم والتكنولوجيا. 
 
وشهدت علاقات التعاون الإعلامي والثقافي بين الدولتين نشاطاً متميزاً، حيث شاركت دولة الإمارات في العديد من الفعاليات الثقافية التي نظمها معهد العالم العربي في باريس، كما أقامت الجمهورية الفرنسية العديد من المعارض الثقافية والمسرحية والسينمائية بالدولة. وتعززت علاقات التعاون في مجال الآثار والتنقيب عنها والحفاظ على التراث على الصعيدين الوطني والعالمي.
 
6- في المجال الثقافي: شهدت العلاقات الثقافية بين الدولتين قفزات نوعية خلال السنوات الماضية، وخاصة منذ توقيعهما في مارس 2007 اتفاقاً ينص على افتتاح متحف دولي في أبوظبي، يقدم له متحف اللوفر الفرنسي، لمدة عشرين سنة، اسمه وخبرته، وتعيره متاحف فرنسية أخرى مجموعاتها خلال مدة عشر سنوات.
 
وتأسست وكالة متاحف فرنسا في 11 يوليو 2007 في باريس، وعهد إلى وكالة متاحف فرنسا أساساً هيكلة خبرة المؤسّسات الثقافية الفرنسية المشاركة في مشروع اللوفر أبوظبي في المجالات الآتية: تحديد المشروع على الصعيدين العلمي والثقافي، والمساعدة في الاضطلاع بإدارة المشروع، وإعارة المجموعات الفنّية الفرنسية وتنظيم المعارض المؤقتة، وتكوين مجموعة دائمة، وتقنيات المتاحف في إبراز المجموعات والإشارات التوضيحية والمشاريع الرقمية، وسياسة جماهير المتاحف. وتصم وكالة متاحف فرنسا 12 مؤسسة ثقافية فرنسية لتطوير اللوفر أبوظبي.
 
وفي عام 2009 نظم معرض “اللوفر أبوظبي” احتفالاً بوضع حجر الأساس لـ “اللوفر أبوظبي”، وقدم المعرض نظرة على المتحف المستقبلي، واتخذ شكل عرض تعريفي لمدة 90 دقيقة تضمن الكشف عن المقتنيات الأولى للمجموعة الدائمة إلى جانب أعمال فنية معارة من المتاحف الفرنسية، وتم عرض فيلم قصير يحكي عن تصميم مبنى المتحف للمعماري جان نوفيل الحائز على جائزة “بريتزكر”.
 
ويقع اللوفر أبوظبي، المتحف العالمي الأول في العالم العربي الذي يقدم تاريخ الفن من خلال إطلاق حوار الحضارات، في المنطقة الثقافية في جزيرة السعديات في مدينة أبوظبي. واللوفر أبوظبي هو مشروع ثقافي عملاق وجزء من استراتيجية تنموية شاملة يجسد بلا شك علاقات الصداقة التاريخية المتينة والتعاون الوثيق والشراكة العميقة التي تربط دولة الإمارات العربية المتحدة بفرنسا في جميع المجالات الحيوية. ويتوقع أن يساهم معرض لوفر أبوظبي بشكله المعماري الفريد في جلب مزيد من السياح إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.
 
7- التعاون في مجال الطاقة: يعتبر أبرز مؤشرات قوة العلاقات بين الإمارات وفرنسا، فهناك شراكات مميزة بين شركات بين الدولتين، متخصصة في صناعات منها النفط والغاز وتقنية المعلومات والطاقة والمياه. كما أن هناك اتفاقية تعاون نووي بين البلدين تم توقيعها في عام 2008. 
 
وبموجب هذه الاتفاقية تقوم كل من دولة الإمارات وفرنسا بتشكيل لجنة مشتركة رفيعة المستوى لمراقبة تنفيذ التعاون في مجالات توليد الطاقة النووية وتحلية المياه والبحوث الأساسية والتطبيقية، فضلاً عن التعاون في مجالات العلوم الزراعية وعلوم الأرض والطب والصناعة. وترى فرنسا أن البرنامج النووي الإماراتي يمثل نموذجاً يحتذى من قبل بلدان أخرى تسعى إلى الحصول على الطاقة النووية للأغراض السلمية لما يتسم به من شفافية واحترام قواعد الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
 
كما استطاعت شركة توتال الفرنسية الفوز بأولى حصص امتياز «أدكو» البري العملاق في أبوظبي. وذلك بعد توقيعها اتفاقاً مع شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) تحصل بموجبه على حصة 10% من الامتياز، ولمدة 40 عاماً، وقالت أدنوك التي كانت تسيطر على حصة 60% من امتياز «أدكو» السابق، قبل أن تمتلك 100% في بداية العام الماضي، إن توتال قدمت أفضل العروض الفنية والمالية من بين تسع شركات آسيوية وغربية.
 
وإضافة إلى ما سبق، فإن الدولتين يتعاونان في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة، ويأتي توقيع الإعلان المشترك بين فرنسا والإمارات بتاريخ 16 يناير 2013، بين كل من “مصدر” ووزارة البيئة والتنمية المستدامة الفرنسية ليعزز التعاون الثنائي بينهما في هذا المجال، وينص على العمل من أجل التطوير المشترك لتقنيات جديدة في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة تكون مجدية اقتصادياً وتجارياً، وتبادل الخبرات في مجال السياسات العامة والقوانين، فضلاً عن تنمية رأس المال البشري، وإجراء بحوث مشتركة حول مشاريع الطاقة المتجددة وتقنيات الاستدامة، مع تعزيز التعاون بشأن الأطلس العالمي للطاقة المتجددة. 
 
ولا شك في أن التعاون في مجال الطاقة المتجددة يعزز توجه دولة الإمارات العربية المتحدة بالانخراط في حقبة ما بعد النفط، مع الاحتفاظ بإمكانية مواصلة توفير الطاقة بكلفة بسيطة بفضل تكنولوجيا واعدة. وتعتبر دولة الإمارات العربية إحدى أكبر الدول المنتجة للنفط، كما أنها تمتلك احتياطات كبيرة من الغاز الطبيعي، إلا أنها - وبفضل بُعد نظر قيادتها الحكيمة ونظرتها الثاقبة للمستقبل - أدركت أن مصادر الطاقة الطبيعية مثل الغاز والفحم والنفط والحديد وغيرها سيأتي يوم وتنضب، بينما الطاقة المتجددة باقية لا تنضب، هذا بالإضافة إلى ما يعانيه العالم اليوم من مشاكل في البيئة. 
 
لقد استوعبت قيادة دولة الإمارات دروس العيش في الصحراء؛ حيث الممارسات المستدامة والمحافظة على الموارد ليست مجرد شعارات، بل سبلاً أساسية للمحافظة على الحياة في بيئة مماثلة. لذا فمن البديهي أن تكون الإمارات اليوم هي الرائدة للطاقة المتجددة النظيفة؛ وذلك انطلاقاً من وعيها البيئي، وتسخير التقنيات المتقدمة في سبيل الحصول على طاقة نظيفة مستدامة، كالطاقة الشمسية والنووية.
 
8- التعاون في مجال الفضاء: في ظل توجه دولة الإمارات إلى دخول مجال الفضاء، وسعيها إلى إرسال أول مسبار عربي وإسلامي لكوكب المريخ بقيادة فريق عمل إماراتي في رحلة استكشافية علمية تصل للكوكب الأحمر خلال السنوات السبع القادمة وتحديداً في العام 2021. فإنها تحرص على تعزيز تعاونها مع الدول الرائدة في هذا المجال، ومن بينها فرنسا التي تمتلك خبرات متقدمة في هذا الشأن، ويمكن من خلالها مساعدة الإمارات على دخول قطاع صناعات الفضاء والاستفادة من تكنولوجيا الفضاء بما يعزز التنمية والعمل على بناء كوادر إماراتية متخصصة في هذا المجال. وفي هذا السياق، وقعت وكالة الإمارات للفضاء والوكالة الفرنسية الوطنية للفضاء في أبريل 2015 مذكرة تفاهم لبناء شراكة وتعاون استراتيجي في مجال قطاع الفضاء.
 
وتنص مذكرة التفاهم على التعاون في إجراء وتطبيق دراسات مشتركة ومشاريع وتبادل للمعلومات العلمية والتدريب المتبادل لفرق العمل والمتخصصين بين الوكالتين ودعم العمليات في المراكز الأرضية بالإضافة إلى نشاطات الحكومة المتعلقة بسياسات الفضاء والتوعية العامة والتطوير البشري. كما تتضمن الشراكة التعاون المشترك في تطوير البرامج العلمية وبرامج التوعية المجتمعية. 
 
ولا شك أن هذا الاتفاق ينطوي على أهمية بالغة، سواء لجهة تطوير الموارد البشرية المواطنة واكتساب الخبرة القيمة في هذا القطاع الحيوي. كما يعد توقيع هذه الوثيقة خطوة مهمة لدولة الإمارات للدخول في نادي الدول المستكشفة للفضاء كشريك ودولة تساهم في تعزيز الاستكشاف العلمي الذي من شأنه أن يعمل على خدمة الإنسانية. 
 
خلاصة 
تتسم العلاقات الإماراتية-الفرنسية بالعديد من السمات التي تكسبها أهمية خاصة، وتدفعها باستمرار إلى الأمام، أولها أنها علاقات شاملة ومتنوعة فبالإضافة إلى جانبها السياسي الفاعل فإن هناك علاقات اقتصادية وثقافية متميزة، كما أن هذه العلاقات تتطلع دائماً إلى المستقبل، ومن ثم تتسم بالتطور المستمر على المستويات كافة في إطار من الاحترام المتبادل والتقارب في وجهات النظر. ثانيها أنها علاقات تقوم على قاعدة صلبة من المصالح المشتركة، وهذه سمة أساسية من سمات العلاقات الخارجية لدولة الإمارات مع القوى الدولية المختلفة في الشرق والغرب. 
 
ثالثها أن العلاقات القوية مع فرنسا في المجالات كافة تكشف بوضوح عن ديناميكية وواقعية السياسة الخارجية الإماراتية، التي تسعى إلى توظيف العلاقات مع الدول الكبرى في خدمة أهدافها الداخلية والخارجية على حد سواء، حيث تحرص الدولة في تحركاتها الخارجية أن تنعكس إيجاباً على الأهداف الوطنية في الداخل، وبالشكل الذي يلمسه أبناء الوطن جميعاً، وذلك من خلال الاطلاع على تجارب التنمية الناجحة في كل مكان، واختيار الأفضل منها وتطويعها لخدمة الأهداف التنموية في مختلف المجالات، وهذا الأمر يعكس بدوره الرؤية بعيدة المدى، التي ترى في الانفتاح على دول العالم أجمع، والاستفادة من خبراتها المختلفة، استثماراً مهماً للحاضر والمستقبل، من أجل تعزيز مكانة الدولة وموقعها على خريطة الاقتصادات المتقدمة.


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره