مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2015-05-01

القوات المسلحة.. دور فاعل في تعزيز دور الإمارات اقليمياً ودولياً

تلعب القوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة، دوراً حيوياً في تحقيق أهداف سياسة الإمارات الخارجية، وخاصة ذلك الهدف المتعلق بالمساهمة في حفظ الأمن والسلم والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي، كما أنها تمثل طرفاً فاعلاً في مواجهة مصادر التهديد الرئيسية التي تواجه أمن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، كالمشاركة في عملية “عاصفة الحزم” في مارس 2015، والتحالف الدولي ضد “داعش” في عام 2014 تجسيداً لمواقف الإمارات الثابتة تجاه أشقائها في دول مجلس التعاون والعالم العربي والإسلامي، وإعلاء لقيم التضامن في مواجهة التحديات التي تواجه الأمن الخليجي والعربي.
 
وقد كان لمشاركة القوات المسلحة في مهام خارجية، خليجياً وعربياً ودولياً، دور في تعزيز مكانة الإمارات عالمياً، وبات ينظر إليها على أنها طرف فاعل في تعزيز السلام والاستقرار العالميين. وفي هذا العدد تسلط “درع الوطن” الضوء على الدور الفاعل لقواتنا المسلحة في الدفاع عن مكتسبات التنمية الوطنية، وبسط الأمن والاستقرار، وترجمة مبادئ السياسة الخارجية الإماراتية.
 
إعداد: التحرير
 
عمليات التحديث
تدرك دولة الإمارات العربية المتحدة أن البيئة الإقليمية والدولية المضطربة تفرض العديد من التحديات والمخاطر، ما يتطلب معها تحديث وتطوير قواتها المسلحة ورفع كفاءتها القتالية وجاهزيتها للتعامل مع مختلف هذه التحديات، وقد سارت عملية التحديث هذه في اتجاهين: 
 
الاتجاه الأول تزويد أفرع القوات المسلحة البرية والبحرية والجوية كافة بأحدث الأسلحة المتطورة. وقد حظيت القوات الجوية والدفاع الجوي بالنصيب الأكبر من الاهتمام في عمليات التحديث والتطوير؛ حيث شهدت نقلات عملاقة مكنتها من الوصول إلى أعلى درجات التأهيل والتسليح عبر الحصول على أحدث تقنيات العصر في مجال قدرات التسليح الجوي والطائرات متعددة الاستخدام والطائرات المقاتلة ومنظومات الدفاع الجوي المتطورة، فأصبحت قوة قادرة على ردع أي تهديدات أو مخاطر تواجه الدولة، وفي الوقت نفسه المساهمة الفاعلة في مواجهة مصادر التهديد التي تواجه دول المنطقة، كالمشاركة في عملية “عاصفة الحزم” ضد الحوثيين في اليمن في مارس 2015، والتحالف الدولي ضد “داعش” في عام 2014.
 
أما الاتجاه الثاني فيتمثل في العمل على تأهيل الكوادر العسكرية الوطنية وصولاً بها إلى أعلى درجات الكفاءة القتالية. وقد تعددت الخطوات والمبادرات التي اتخذتها دولة الإمارات بهدف رفع الكفاءة القتالية لقواتها المسلحة؛ فمن ناحية عمدت إلى إنشاء المعاهد والمدارس والكليات العسكرية التي تقوم بتدريب المنتسبين إليها، وتأهيلهم عسكرياً وتزويدهم بجميع العلوم والخبرات التي تؤهلهم لكي يكونوا قادرين على استيعاب ما يسند إليهم من مهام مستقبلاً. كما تحرص القوات المسلحة على إجراء المناورات والتمارين والتدريبات العسكرية بشكل متواصل بهدف رفع قدرات عناصرها القتالية والتنظيمية، وتأهيل الكوادر الوطنية، وإعدادها للتعامل مع التقنيات الحديثة والاستراتيجيات العسكرية المتقدمة.
 
وعلى الرغم من أن العقيدة الرئيسية للقوات المسلحة هي عقيدة دفاعية بالأساس تستهدف مواجهة أي أخطار تتهدد الدولة، ولا ينظر إليها على أنها تهديد مباشر لأحد، فإنها تعتبر من الأدوات الرئيسية والفاعلة في تنفيذ سياسة الإمارات الخارجية، وخاصة لجهة المشاركة في العمليات العسكرية خارج الدولة، وبما يخدم المصلحة العالمية لدولة الإمارات العربية المتحدة، ويعزز من صورتها باعتبارها قوة أمن واستقرار وسلام على الصعيدين الإقليمي والعالمي. وقد عبر عن ذلك المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عن ذلك بقوله: «لقد عمدنا لبناء جيش قوي ذي كفاءة قتالية عالية لا عن رغبة في غزو أحد أو قتال، وإنما ليحمي الأرض ويصون العرض ويذود عن حياض الوطن الذي حقق لأبنائه العزة.. إننا دولة تسعى إلى السلام وتحترم حق الجوار وترعى الصديق، ولكن حاجتنا إلى الجيش القوي القادر تبقى قائمة ومستمرة.. ونحن نبني مثل هذا الجيش القوي لا رغبة في غزو أو قتال وإنما للدفاع عن أنفسنا». 
 
ثم أعاد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، في كلمته بمناسبة الذكرى الـ37 لتوحيد القوات المسلحة، تأكيد هذه العقيدة، بقوله «إيماننا راسخ بأن بناء القوة هو بناء للسلم، وأن أفضل توظيف للقوة يكون في تحقيق الأمن والعدالة والاستقرار السياسي والمجتمعي داخلياً، ومد يد العون والنجدة للأشقاء والأصدقاء خارجياً. ومن هذا المنطلق كانت مشاركة قواتنا المسلحة في قوات حفظ السلام الدولية وحملات إغاثة المناطق المنكوبة في عدد من الدول، وإن التمكن من تكوين قوة رادعة مجهزة بأحدث المعدات والأنظمة العسكرية وتقنياتها كان نتيجة إعداد وتنفيذ برامج تحديث دفاعية شاملة أهل القوات المسلحة لصون تراب الوطن ووحدة المجتمع». وأشار سموه إلى أن منظومة دولة الإمارات الدفاعية تتكامل مع منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربي، والمنطقة العربية، وتتوافق معها في كل أهدافها. 
 
طبيعة مشاركة القوات المسلحة الإمارتية وأهدافها
حرصت القوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة على المشاركة في العديد من العمليات العسكرية الخارجية، التي تعكس مسؤولية الإمارات في محيطيها الإقليمي والدولي، ويمكن تناول هذه المشاركات على النحو الآتي:
 
الإمارات وعملية “عاصفة الحزم”.. تأكيد الدفاع عن الأمن الخليجي
تشارك القوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة بفاعلية في عملية “عاصفة الحزم” التي ينفذها تحالف دعم الشرعية في اليمن، وهي عملية انطلقت في السادس والعشرين من شهر مارس 2015، ضد الحوثيين المتمردة على شرعية الرئيس عبد ربه هادي منصور. وتعتبر دولة الإمارات هي الدولة الثانية في هذه العملية من حيث قوة المشاركة والتأثير السياسي والعسكري، فقد دمرت المقاتلات الإماراتية في ضربات جوية ناجحة، مواقع عدة للمتمردين ”الحوثيين” في اليمن، حيث استهدفت منظومات الدفاع الجوي في صنعاء وصعدة والحديدة إضافة إلى منظومة صواريخ “أرض- أرض”، ومراكز للقيادة والسيطرة ومستودعات إمداد ومركز إمداد فني بمنطقة مأرب، كما قامت باستهداف عدد من المواقع التي يسيطر عليها الحوثيون، حيث استهدفت الضربات الجوية الإماراتية مباني مطار صنعاء، وأهدافاً عدة لمواقع رادار الدفاع الجوي، ومركز الدفاع الجوي، ومخازن إمداد الدفاع الجوي، وموقعين لمضادات الطائرات، ومخزناً للذخائر وآخر للصواريخ البالستية. 
 
وفي مدينة تعز، شمل القصف مخزناً للأسلحة وموقع رادار. وما زالت الإمارات ملتزمة بالمشاركة في هذه العملية حتى تحقق أهدافها كاملة، وهذاما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، خلال مباحثاته مع الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية السعودي في شهر إبريل 2015، حيث أكدا تصميم تحالف “عاصفة الحزم”، على تنفيذ أهدافه في عودة الاستقرار لليمن، ومساندة حكومته الشرعية، ووقف الانتهاكات التي تقوم بها جماعة اتخذت من السلاح لغة للعنف والإرهاب في الاستيلاء على المؤسسات الوطنية اليمنية، وتهديد الأمن الاستراتيجي للمنطقة وتحقيق أجندات وأهداف قوى إقليمية.
 
وتنطلق المشاركة الإماراتية في عملية “عاصفة الحزم” من اعتبارات رئيسية عدة، تتمثل في الآتي:
أ-التزام الإمارات بأمن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فالتمدد الحوثي وسعيهم إلى الإطاحة بالرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي، وتوجههم نحو السيطرة على المحافظات الجنوبية كان يشكل تهديداً صريحاً ومباشراً لأمن المملكة العربية السعودية وبقية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، لهذا فإن مشاركة الإمارات تجسد تضامنها مع المملكة في مواجهة هذا الخطر، وهذا ما عبر عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بقوله “إن دولة الإمارات العربية المتحدة تمثل جزءاً من منظومة العمل الخليجي المشترك، وتعمل مع أشقائها جنباً إلى جنب لحماية أمنها ومكتسباتها ضد كل ما يشكل خطراً عليها”.
 
وأضاف سموه بشأن مشاركة الإمارات في عملية “عاصفة الحزم” في اليمن: “أن الإمارات وأشقاءها في دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي ككل لا يقبلون كل ما من شأنه أن يهدد التراب العربي ومكتسبات شعوبه، ونأمل أن يخرج اليمن وشعبه من هذه المحنة كما عهدناه، وأن تعود كل الأطراف للعمل والتنمية والاستقرار”. وهذه حقيقة مؤكدة، فاليمن لديه حدود مشتركة مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، وتجاهل أحداث اليمن يعتبر أحد مصادر الخطر المحدقة بالمنطقة الخليجية؛ لذلك كانت عاصفة الحزم ضرورة للحفاظ على الأمن الخليجي.
 
ب- الحفاظ على وحدة اليمن واستقراره، إذ إن المعطيات على الأرض كانت تشير إلى أن المخطط الحوثي الذي يستهدف على مقدرات الدولة اليمنية، كان سيذكي المطالب الانفصالية، ومن ثم يدمر وحدة التراب اليمني، ولهذا فقد حذرت دولة الإمارات العربية المتحدة مراراً من خطورة التمدد الحوثي على وحدة اليمن واستقراره، وشاركت بفاعلية في عملية عاصفة الحزم، بل ودعت الدول الأخرى للانضمام إليها، وقد عبر عن ذلك بوضوح سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية في مؤتمر صحفي مع نظيره اليمني رياض ياسين بأبوظبي في التاسع من إبريل 2015، حين دعا الأشقاء والأصدقاء إلى الانضمام إلى تحالف “عاصفة الحزم” الذي يدعم الشرعية، ويستهدف بصورة كاملة أهدافاً عسكرية، ويتفادى أهداف البنية التحتية والتجمعات المدنية.
 
ج- الحفاظ على الشرعية السياسية والدستورية في اليمن، التي يمثلها الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي في مواجهة انقلاب الحوثيين، المدعومين من الخارج، وينفذون أجندة لا تخدم مصالح الشعب اليمني، وقد كان سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، صريحاً في التعبير عن هذه الرؤية بقوله في المؤتمر المشار إليه سابقاً: إن “التحالف العربي يهدف إلى الحفاظ على الشرعية الدستورية وصيانة المسار السياسي المعترف به دولياً ومكوناته الأساسية، وعلى رأسها المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار وما يتفق عليه الشعب اليمني، إلا أن المليشيات الحوثية وجماعة الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح وقفوا ضد هذه المساعي، وأصروا على اللجوء إلى العنف وإغلاق الأبواب أمام الجهود السياسية كافة”. وقال سموه إن “المسؤولية على مجلس الأمن في هذه اللحظات الحرجة تحتم دعم الشرعية والعملية السياسية التي تستهدف الحفاظ على اليمن، وتؤدي دول مجلس التعاون دورها السياسي بفاعلية، من خلال عملها على مشروع قرار يغطي الجانب السياسي والإنساني”.
 
د- تخفيف معاناة الشعب اليمني، لأنه منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر2014، هناك تردٍّ واضح في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، يدفع ثمنها الملايين من أبناء الشعب اليمني، ولهذا فإن مشاركة الإمارات في عملية عاصفة الحزم كانت تستهدف في جانب منها إعادة الأمن والاستقرار إلى الدولة اليمنية، والبدء في إعادة البناء والإعمار، وقد أكد على هذا المعنى سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، بقوله إن “دولة الإمارات تقف مع الشعب اليمني في معاناته تجاه الأوضاع الإنسانية والأمنية والسياسية المتزعزعة”، وشدد على “أهمية تيسير وصول المساعدات الإنسانية إلى الشعب اليمني على نحو آمن ومن دون عوائق لتجنب المزيد من التدهور”. وأضاف سموه: “يشهد التاريخ بأن دولة الإمارات وقفت على مر الأزمان إلى جانب اليمن الشقيق، ولم تتخلف يوماً عن دعم الشعب اليمني في كل الظروف من إحساسها الكبير بالمسؤولية تجاه أشقائها والمنطقة وأمنها واستقرارها”. وهذه حقيقة مؤكدة، فالإمارات كانت دائماً في طليعة داعمي الشعب اليمني الشقيق، كما لعبت دوراً في تحقيق التوافق السياسي والذي عبرت عنه المبادرة الخليجية أبلغ تعبير في إطار جامع يعبر باليمن من أزمته السياسية وعبر توافق يضمن المشاركة لجميع المكونات وعبر حوار وطني وانتقال سياسي سلمي.
 
ه- وقف الاختراق والتمدد الخارجي من جانب قوى إقليمية تحاول العبث بأمن الدول العربية واستقرارها، مستغلة الأوضاع الأمنية والاقتصادية الصعبة التي تواجهها في النفاذ إليها، واليمن كانت إحدى الحلقات الخطيرة في هذا الشأن، فالحوثيون تأكد، وبما لا يدع مجالاً للشك، أنهم يرتبطون بصلة وثيقة بإيران، ويتحركون بأوامر منها، ولهذا كانت مشاركة الإمارات في عملية عاصفة الحزم ضرورة لمواجهة المخططات التي تستهدف اختراق اليمن، وإذكاء الصراع الطائفي والمذهبي فيه بين السنة والشيعة، وتحويله إلى منطقة نفوذ جديدة لإيران، خاصة وكما هو معروف أن الحوثيين يتبنون المذهب الاثني عشري بنسخته الإيرانية التي تعتمد نظرية الولي الفقيه الخمينية بعيداً عن أصول المذهب الزيدي التقليدية المحترمة من الجميع.
 
الإمارات والتحالف الدولي ضد “داعش”.. وتأكيد الالتزام بمحاربة الإرهاب
انضمت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى التحالف الدولي ضد “داعش” في عام 2014، وشاركت بفاعلية في العمليات العسكرية الموجهة ضد عناصر هذا التنظيم في سوريا مع مجموعة من الدول بما فيها دول خليجية كالسعودية والبحرين وقطر. واستهدفت الطائرات المقاتلة الإماراتية والمتمركزة في إحدى القواعد الجوية بالمملكة الأردنية الهاشمية مصافي النفط الخاضعة لسيطرة تنظيم “داعش” بهدف تجفيف منابع تمويله. يذكر أن سرب الطائرات المقاتلة «إف 16» لدولة الإمارات كان قد وصل إلى المملكة الأردنية الهاشمية تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأوامر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
 
وقد حظي الدور الذي قامت به المقاتلات الإمارتية في استهداف مواقع تنظيم “داعش” بتقدير واسع من جانب الخبراء العسكريين والاستراتيجيين، حتى إن صحيفة “الجارديان البريطانية” خصصت مقالاً لها حول أهمية الدور الذي تلعبه دولة الإمارات العربية المتحدة بالمشاركة مع باقي دول التحالف بقيادة الولايات المتحدة في الحرب ضد تنظيم داعش. وأشادت الصحيفة بالمقاتلين الإماراتيين، وذكرت أن الإمارات أكثر من أي دولة أخرى في التحالف قد أرسلت قواتها لشن الغارات على معاقل داعش. وذهبت الصحيفة إلى أنه وبالرغم من بطء نتائج غارات التحالف، فإن وجود الإمارات في المواجهة يعطي أملاً متجدداً للعالم بأنه سيتم القضاء على تنظيم داعش بالتعاون مع الدول المشاركة. 
 
وأشارت الصحيفة أيضاً إلى أن دور الإمارات هو الأكثر فاعلية، لما تشهده المنطقة من حروب واضطرابات طائفية وهجمات انتحارية وعمليات إرهابية، في حين تتمتع الإمارات بالأمن والاستقرار، وهي بين الأكثر تماسكاً في المنطقة. ولفتت الصحيفة إلى الاستراتيجية التي تلعبها دولة الإمارات واصفة إياها بـ”الذكية”، من حيث تعاونها مع الدول الشقيقة والصديقة كالولايات المتحدة، وأيضاً الإمكانات الكبيرة التي تتوافر للمقاتلين الإماراتيين، واستعدادها الدائم لتحديث أسلحتها وطائراتها القتالية. 
 
ونقلت الصحيفة عن أحد الخبراء في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، قوله: إن “الإمارات أثبتت وجودها على خارطة العالم، وذلك من خلال تطوير قدراتها العسكرية والحربية”، وأضاف “هناك جهد كبير مبذول في النظام الأمني الإماراتي ما جعل هذه الدولة في المراتب الأولى عالمياً”. وأنهت الصحيفة مقالها بالإعراب عن مدى أهمية موقف الدول العربية المسلمة تجاه التطرف والإرهاب اللذين يجتاحان المنطقة، منادية بالمزيد من التعاون لشلّ حركة التنظيمات الإرهابية في العالم وأهمها تنظيم داعش. وعلى الرغم من أن مشاركة الإمارات في التحالف الدولي الذي تم تشكيله لمحاربة داعش عام 2014 تأتي انطلاقاً من مواقفها المسؤولة، وترجمة لسياستها الخارجية الداعمة للأمن والسلم الدوليين،فإن ثمة عوامل رئيسية وراء هذه المشاركة، لعل أبرزها:
 
أ-أن تنظيم داعش كان يمثل تهديداً، ليس للعراق فقط، وإنما لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية كلها أيضاً في حال واصل تمدده، ونجح في السيطرة على العاصمة بغداد، ففي شهر يونيو من العام 2014 سيطر تنظيم “داعش” على ثاني كبرى المحافظات العراقية، وهي محافظة الموصل، إضافة إلى سيطرته على أماكن أخرى، وكان قاب قوسين أو أدنى من العاصمة العراقية، وما يعنيه ذلك من السيطرة على بلد بأكمله تنطوي على أهمية كبيرة للأمن القومي العربي والخليجي خاصة، لهذا كانت مشاركة الإمارات في الحملة ضد داعش لوقف تمدد داعش وسيطرته على مناطق جديدة من الدولة العراقية. 
 
ب- أن ممارسات داعش في العراق كانت تنطوي على تهديد بالغ لأمن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، على أكثر من صعيد، فمن ناحية تثير النعرات الطائفية والمذهبية في بعض الدول، خاصة البحرين والسعودية، وتلعب على هذا الجانب، ولهذا فإن أحد أهداف مشاركة الإمارات في التحالف ضد داعش كان الحفاظ على مقتضيات الأمن الوطني الخليجي.
 
ج- أن تنظيم داعش كانت لديه أطماع واضحة في بعض دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهذا ما أظهرته الخرائط التي نشرها بعد سيطرته على محافظة الموصل العراقية، والتي تضمنت أجزاء من دولة الكويت يسعى إلى السيطرة عليها، مما دفع وزارة الخارجية الكويتية إلى التحذير آنذاك من مخاطر داعش على المنطقة بأكملها، ودعت إلى ضرورة التحرك بشكل جيد على مستوى التنسيق الأمني بما يحصن الجبهة الداخلية في دول مجلس التعاون الخليجي؛ ولهذا يمكن القول إن مشاركة الإمارات في الحرب ضد داعش، كانت تستهدف الحفاظ على وحدة الدول الخليجية وسيادتها في مواجهة أية أطماع من جانب تنظيم “داعش”.
 
د- دعم الإمارات للجهود الدولية الرامية لمكافحة الإرهاب، من منطلق إدراكها البالغ بأنها جزء لا يتجزأ من المجتمع الدولي ولا يمكن أن تنعزل عن الجهود الإقليمية والدولية لمكافحة هذه الظاهرة، كما أن مشاركة الإمارات في الحرب ضد داعش، تعزز مكانتها كشريك محوري في المنطقة يساهم بفاعلية في حفظ الأمن والاستقرار، كما أن المشاركة تعكس التزام القيادة الإماراتية بالحرب ضد الإرهاب.
 
ه- أن تنظيم “داعش”، ومحاولاته لنشر الفكر المتطرف بين الشباب والنشء في الدول الخليجية والعربية والإسلامية كان يمثل تهديداً للتعايش والسلم المجتمعي داخل هذه الدول، ومن ثم كان من الضروري التحرك لوقف هذا الخطر، وقد عبرت كلمة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي في الخطاب الذي أدلى به أمام الدورة الـ69 للجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر 2014 عن ذلك بوضوح، فقد أكد سموه “أن الإرهاب إلى جانب كونه انتهاكاً لحقوق الإنسان فهو يهدد كيان الدول وقيمها، ويمزق أنسجتها الاجتماعية، ويسلب أمن شعوبها، ويدمر إنجازاتها التنموية وإرثها الإنساني والحضاري”. وقال سموه: إن ما تقوم به هذه التنظيمات الإرهابية من قتل عشوائي وإعدام جماعي واختطاف وترويع للآمنين الأبرياء من النساء والأطفال، ما هي إلا أعمال إجرامية بشعة تدينها دولة الإمارات العربية المتحدة بشدة، وتستنكر الأساليب الوحشية التي تنتهجها باسم الدين الإسلامي وهو بريء منها، والتي تخالف نهج الوسطية في الدين والتعايش السلمي بين الشعوب كافة.
 
ودعا سموه - في ظل الأحداث الراهنة التي تمر بها المنطقة - المجتمع الدولي والدول الأعضاء إلى التعاون للتصدي لهذه الجماعات الإرهابية واتخاذ تدابير شاملة لمحاربتها من خلال استراتيجية واضحة وموحدة، وألا تقتصر هذه الجهود على العراق وسوريا فحسب، بل يجب أن تشمل مواقع الجماعات الإرهابية أينما كانت، منوهاً بأن التدرج في اتخاذ التدابير لن يعالج هذه التحديات، بل يتعين مضاعفة الجهود للتصدي لها بشكل فوري وفعال.
 
مشاركة الإمارات ضمن قوات درع الجزيرة لإعادة الأمن والاستقرار إلى مملكة البحرين 
شاركت الإمارات بفاعلية في مهام حفظ السلام والأمن في مملكة البحرين بعد اندلاع حركة الاحتجاج فيها في مارس عام 2011، انطلاقاً من مبدأ وحدة المصير وترابط أمن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على ضوء المسؤولية المشتركة لدول المجلس في المحافظة على الأمن والاستقرار التي هي مسؤولية جماعية باعتبار أن أمن دول مجلس التعاون كلٌّ لا يتجزأ، وذلك وفقاً لما ذكرته وكالة أنباء البحرين وقتذاك.
 
وقام صاحـب السمو الشيخ محمــد بــن راشــد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، في نهاية ديسمبر 2012 بزيارة إحدى وحدات قوات “درع الجزيرة” المشتركة التابعة للقوات المسلحة في مملكة البحرين، يرافقه الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، وكان في استقبال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ومرافقيه لدى وصوله الموقع، القائد العام لقوة دفاع البحرين، المشير الركن الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة، ثم تحدث سموه إلى ضباط الوحدة العسكرية وأفرادها، مؤكداً سموه خلال كلمته التوجيهية لإخوانه أن “مملكة البحرين دولة شقيقة وعزيزة علينا، ملكاً وحكومة وشعباً، فهم أهلنا وإخواننا. وفقكم الله لما فيه خدمة وطنكم ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وخدمة الاستقرار والسلام لدولنا وشعوبنا وللمنطقة والعالم”. 
 
وجاءت مشاركة الإمارات ضمن تحرك عام لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بإرسال قوات “درع الجزيرة” إلى مملكة البحرين، وقد حظي هذا التحرك بدعم عربي عبر عنه الاجتماع الطارئ لمجلس “جامعة الدول العربية” على مستوى المندوبين الدائمين الذي عُقد في القاهرة حول الأحداث في مملكة البحرين، حيث أكد مجلس الجامعة العربية أموراً عدة على درجة كبيرة من الأهمية، أهمها الرفض التام لأي تدخل أجنبي في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين، كما أكد مجلس الجامعة شرعية دخول قوات “درع الجزيرة” إلى مملكة البحرين انطلاقاً من الاتفاقيات الأمنية والدفاعية الموقعة بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. 
 
ولا شك في أن مشاركة الإمارات في مهام إعادة حفظ الأمن والاستقرار إلى مملكة البحرين، يعكس إدراكها لخطورة المسار الذي كانت تسير فيه الأمور على الساحة البحرينية وتداعياته السلبية المؤثرة في سلامة النسيج الاجتماعي للمملكة.
 
 مشاركة الإمارات في عملية تحرير الكويت عام 1991، وعملية الصمود بالكويت 2003
شاركت دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن قوات درع الجزيرة في عمليـة تحريـر الكويت مع دول مجلـس التعـاون الخليجـي عام 1991 ضمـن قوات التحالف الدولي انطلاقاً من وفـاء الدولـة بعهودها والتزاماتهـا المؤيدة لقضايا الحق والعدالة بعد المحاولات السلمية التي قام بهـا المغفور له الشيـخ زايـد بن سلطان آل نهيـان، طيـب الله ثـراه، مـع زعمـاء دول الخليـج العربـي والدول العربـية وتكونت مشاركة الإمارات من ثلاث مراحل، هي:
- المرحلة الأولى: مرحلة عملية درع الصحراء وبدأت بتاريخ 2/8/1990 وانتهت بتاريخ 23/2/1991.
- المرحلة الثانية: مرحلة عاصفة الصحراء وبدأت بتاريخ 24/2/1991 وانتهت بتاريخ 27/2/1991.
- المرحلة الثالثة: مرحلة (وداعاً أيتها الصحراء) من 3/3/1991م إلى شهر يونيو 1992م.
 
 كما شاركت الإمارات في الدفاع عن دولة الكويت وشعبها ضمن قوات درع الجزيرة، ضمن ما يسمى “عملية الصمود بالكويت” خلال الفترة من 9/2/2003 وحتى15/5/2003 بقوة واجب، وذلك للدفاع عن أراضي دولة الكويت الشقيقة مع قوات دول مجلس التعاون الخليجي وذلك التزاماً بالقرارات التي انبثقت عن اجتماع وزراء الدفاع والخارجية لدول المجلس الذي عقد في جدة في الثامن من فبراير 2002، واستجابة لطلب دولة الكويت، وكانت القوات المسلحة لدولة الإمارات في طليعة القوات التي توجهت إلى الكويت الشقيقة، حيث شاركت القوات المسلحة بـلواء مشاة آلي.
 
مشاركة الإمارات في مهام حفظ السلام في الدول العربية الشقيقة
أ-قوات الردع العربية بلبنان: شاركت قوة من الإمارات ضمن قوات الردع العربية في الجمهورية اللبنانية بموجب قرار مؤتمر القمة العربي الاستثنائي الذي عقد في القاهرة، وتكونت القوة من خمس دفعات بدأت من تاريخ 10/11/1976م وحتى نهاية مهمة القوة عام 1979م، وشكلت القوة المشاركة في هذه العملية، من سريتي مشاة وسرية مدرعات وسرية إسناد وفصيلة هندسة ميدان وفصيلة دفاع جوي وفصيلة إشارة ووحدات الإسناد الإداري ومستشفى ميداني.
 
فحينما كانت لبنان على وشك الدخول في حرب أهلية عام 1975، اعتبر الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أن هذه الحرب تفرق بين العرب، وفي يونيو من عام 1976، قال إن “هذا القتال ضد مصالح الأمة العربية، ودعا الجامعة العربية إلى إيجاد حل لهذه الأزمة، كما دعا جميع الأطراف المتصارعة إلى وقف إراقة الدم العربي، وقال بأن جهودهم يجب أن تنصب على تحرير الأراضي العربية التي احتلتها إسرائيل. وفي عام 1976 شاركت الإمارات بوحدة من قواتها ضمن قوات الردع العربية لدرء مخاطر تفجر حرب أهلية، وفي محاولة لحفظ السلام في لبنان.
 
وكانت هذه أول مرة تشارك فيها وحدات من دولة الإمارات العربية المتحدة في نشر قوات عسكرية خارج حدود البلاد. وعادت القوات المسلحة الإماراتية إلى لبنان عام 2001 لتخوض غمار تحد جديد تمثل في تطهير الأرض في الجنوب اللبناني من الألغام وتخفيف معاناة السكان، حيث سعت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى المساهمة في تخفيف المعاناة عن الشعب اللبناني من آثار الألغام التي زرعها الإسرائيليون في جنوب لبنان بالمساهمة في مشروع التضامن الإماراتي لنزع الألغام، حيث وقعت دولة الإمارات والجمهورية اللبنانية في 25 أكتوبر عام 2001 في بيروت على الاتفاقية الخاصة بتنفيذ المشروع بتكلفة قدرها 50 مليون دولار أمريكي، وقد تم إنجاز المشروع بنجاح نتيجة التعاون المشترك بين البلدين.
 
ب -عملية إعادة الأمل في الصومال: ترجمة لالتزام الإمارات بمد يد العون لإعادة بناء ما دمرته الصراعات ومن أجل وحدة شعب الصومال واستقراره، تقرر إرسال كتيبة من قواتنا المسلحة إلى الصومال للمشاركة في “عملية إعادة الأمل” ضمن نطاق الأمم المتحدة بناء على قرار مجلس الأمن الدولي رقم (814) بتاريخ 4 مايو 1993 تحت اسم عملية الأمم المتحدة بالصـومال (UNOSOM). فحينما انهارت الدولة في الصومال عام 1992 ودخلت البلاد في دوامة الحرب الأهلية، دعت دولة الإمارات العربية المتحدة القادة العرب إلى تحرك فوري وفاعل لإنقاذ الصومال ومساعدته على الخروج من محنته، وقال المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “إنه لا يجوز لنا كأخوة وأشقاء أن نظل متفرجين على ما نراه في الصومال من تدمير وسفك للدماء”. 
 
وعندما قرر مجلس الأمن الدولي إرسال قوات إلى الصومال في مجهود إغاثة تحت اسم عملية إعادة الأمل، وافق الشيخ زايد لأسباب إنسانية على مشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا الجهد بقوة عسكرية صغيرة. وفي السادس من ديسمبر 1992 أمر الشيخ زايد بإرسال كتيبة من القوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة للانضمام إلى القوة الدولية متعددة الجنسيات، ووصلت الكتيبة الإماراتية إلى الصومال في يناير عام 1993. وفي إبريل من العام نفسه أرسلت الإمارات الدفعة الثانية من قواتها المسلحة للمشاركة في تعزيز القوة الأولى. وظلت هذه القوات في الصومال لمدة عام، وعندما قررت الولايات المتحدة الأمريكية والأطراف الأخرى الانسحاب من الصومال، قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بالخطوة نفسها وأعلنت في إبريل 1994 أنها قررت استدعاء قواتها من الصومال بعد أن أدت واجباتها على أكمل وجه.
 
مشاركة الإمارات في قوات حفظ السلام في أفغانستان “إيساف”
شاركت القوات المسلحة الإماراتية ضمن قوات حفظ السلام في أفغانستان “إيساف”، منذ بداية العام 2003، وبلغ عدد أفراد القوات المسلحة الإماراتية المشاركة في قوة إيساف أكثر من 1200 عنصر. ولعبت هذه القوات دوراً حيوياً في تأمين وإيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب الأفغاني، فضلاً عن قيامها بدور موازٍ في خطط إعادة الإعمار والحفاظ على الأمن والاستقرار هناك.
 
ومن خلال عملها في أفغانستان سعت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى توسيع نطاق الحماية التي توفرها لمواطنيها في مجال الأمن القومي في هذا البلد إلى المواطنين الأفغان عند الحاجة وتسهم القوات المسلحة الإماراتية بشكل مباشر في نشاطات التنمية الثقافية للمجتمع وذلك بمشاركة المنظمات الإنسانية البارزة كالهلال الأحمر. وتمثل المهارات اللغوية والوعي الثقافي الذي تتميز به القوات المسلحة الإماراتية ميزتين مهمتين في تنفيذ مبادرات التنمية الفعالة لمجتمع مسلم كالمجتمع الأفغاني.
 
وقد أوضح سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية أمام قمة لشبونة التي تضم قادة دول حلف الناتو في نوفمبر 2010 طبيعة الدور الذي قامت به القوات المسلحة الإماراتية ضمن “إيساف”، مؤكداً أن الهدف الأول هو مساعدة أفغانستان على ارتقاء سلم الاستقرار والأمن والازدهار الاقتصادي، مشدداً على أن التنمية المستدامة هي صمام الأمان والضمانة الأساسية لخروج القوات الأجنبية التي تضطلع بالدفاع عن أفغانستان. وأضاف سموه، “نحن في الإمارات العربية المتحدة ملتزمون لآخر الشوط في أفغانستان بيد أننا ما برحنا نستهدف غاية واحدة محددة وهي انتقال السلطة بأكملها للأيدي الأفغانية وقوات أمنها”. 
 
وأضاف سموه قائلاً: “إننا نرى أن الأمن يبدأ بالجبهة الداخلية، ومن ثم تنداح دوائره خارج الحدود، ونعني تحديداً أن الأمن والاستقرار في أفغانستان هو كالنواة التي ينطلق منها أمن المنطقة واستقرارها، والإمارات جزء من هذه المنطقة؛ لذا فإن أمن أفغانستان يكمن في صميم المصالح الإماراتية... وهكذا فإن مساهمتنا في الجهود الدولية المعنية بأفغانستان تكتسب أهمية خاصة بما في ذلك مشاركتنا الفعالة في “إيساف”.. وهمنا الأول هو مساعدة أفغانستان على ارتقاء سلم الاستقرار والأمن والازدهار الاقتصادي”.
 
مشاركة الإمارات في قوات حفظ السلام في كوسوفا
  عندما تفجر الصراع بين البوسنيين والصرب وقفت دولة الإمارات العربية المتحدة بصورة واضحة إلى جانب البوسنة، وأعربت للعالم عن قلقها العميق لما يجري للمسلمين في البوسنة. وفي يناير 1994 أعرب المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، عن قلقه العميق لما سماها “مجازر بشرية لم يسبق لها مثيل في البوسنة”، قائلاً إن الجهود التي بذلت لإيقافها لم تحقق أي نتيجة، وإن بقية دول العالم لا تفعل شيئاً وتقف متفرجة. وقال، رحمه الله، إنه ليس من المعقول ألا تساعد هذه الدول الطرف المظلوم وتحميه، بل تحظر عليه الحصول على السلاح للدفاع عن نفسه. وفي نهاية عام 1996 قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بإرسال بعض المعدات والعتاد العسكري إلى المسلمين في البوسنة، ووفرت التدريب على هذه المعدات العسكرية على أرضها لجنود من القوات المسلحة البوسنية بهدف مساعدتهم على الدفاع عن أنفسهم ضد صرب البوسنة. 
 
وقالت حكومة الإمارات إنها قدمت هذه المساعدات؛ لأن الطرف الصربي يتفوق بقدر كبير في الأسلحة الثقيلة، كما أسهمت الإمارات في العديد من المشروعات الإنسانية بهدف المساعدة على إعادة الإعمار في البوسنة، وأعطت الأولوية لمساعدة الطلاب وفتح المدارس وإعادة بناء المساجد.
 
وفي أول مبادرة لها في أوروبا عام 1999 أقامت القوات المسلحة الإماراتية معسكراً لإيواء آلاف اللاجئين الكوسوفيين الذين شردتهم الحروب في مخيم “كوكس” بألبانيا، كما شاركت في عمليات حفظ السلام في كوسوفا، وفي عام 1999 كانت دولة الإمارات العربية المتحدة هي أول دولة غير عضو في حلف الأطلسي تعبر عن تأييدها لقصف الأهداف الصربية بواسطة القوات الجوية التابعة لحلف الناتو، بالإضافة لذلك فإن دولة الإمارات العربية المتحدة هي الدولة المسلمة الوحيدة التي قامت بإرسال قوات لتنضم إلى القوات الدولية لحفظ السلام في كوسوفا ضمن قوات الـ(KFOR) بموافقة قيادة حلف شمال الأطلسي. 
 
وكانت المشاركة الإماراتية تتكون من مرحلتين سبقتها مراحل تحضيرية خمس مراحل: “التخطيط، والتنسيق، والاستطلاع، وإعداد الخطط، وتجميع الوسائل والقوات”، والجدير بالذكر أن منطقة كوسوفا قسمت إلى خمس مناطق أمنية هي: منطقة القوات الأمريكية التي ضمنها قوة صقر الإمارات، ومنطقة القوات البريطانية، ومنطقة القوات الألمانية، ومنطقة القوات الفرنسية التي تقع ضمنها قوة مجموعة المعركة لدولة الإمارات العربية المتحدة.
 
دلالات مشاركة القوات المسلحة الإماراتية في الخارج 
تنطوي مشاركة القوات المسلحة الإماراتية في مهام خارجية متعددة على العديد من الدلالات والمعاني المهمة، لعل أبرزها في هذا الشأن:
 1-الالتزام بثوابت العقيدة العسكرية الإماراتية وأسسها القائمة على صون الحق واحترام القانون والشرعية الدولية والالتزام الثابت بالمبادئ والقوانين، وانطلاقاً من أن عمليات حفظ السلام تعد بالأساس من أبرز أدوات حفظ الأمن والسلم الدوليين، ولهذا تحرص الإمارات على المشاركة في أي جهود إقليمية ودولية تستهدف تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، كما هي الحال في مشاركتها في عملية عاصفة الحزم، والتحالف الدولي ضد “داعش”.
 
2- أن مشاركة القوات المسلحة الإماراتية في مهام خارجية، سواء في العمليات العسكرية في المنطقة، أو ضمن مهام قوات حفظ السلام، تعكس مسؤوليتها في محيطيها الإقليمي والدولي، وأنها عامل رئيسي في إرساء الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وقد أشار إلى ذلك بوضوح المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله بقوله “ارتكزت سياستنا ومواقفنا على مبادئ الحق والعدل والسلام منطلقين من إيماننا بأن السلام هو حاجة ملحة للبشرية جمعاء”. وهو ما عبر عنه أيضاً صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بقوله “إن سياستنا الخارجية ترتكز على قواعد ثابتة ومبادئ وأسس واضحة، أساسها الوقوف إلى جانب الحق والعدل والمشاركة في تحقيق الأمن والسلم الدوليين”. 
 
وهذا ما أكده أيضاً صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بقوله “إن رسالة الإمارات الدائمة إلى العالم تنطلق من دورها في المساهمة الفاعلة مع المجتمع الدولي في كل ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية، وبما يعزز قيم السلام والتعايش والعدالة في مناطق العالم المختلفة”.
 
وترجمة لهذه القناعات فإن دولة الإمارات العربية المتحدة لا تألو جهداً في العمل على حفظ الأمن والسلم الدوليين، فلا شك أن كثيراً من الصراعات الإقليمية والدولية التي ظهرت خلال العقدين الماضيين كانت تمثل تهديداً واضحاً للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، كما حدث في أزمات الصومال والبوسنة والهرسك، ومن ثم ارتأت الإمارات ضرورة المساهمة في حل هذه الأزمات، وجاء قرارها بالمشاركة في قوات حفظ السلام في العديد من مناطق الأزمات والصراعات.
 
 3- التزام الإمارات بسياسات الأمن الجماعي الخليجي، ومشاركتها الفاعلة في التصدي لأية تحديات أو تهديدات تواجه أي من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ولهذا جاءت مشاركتها الفاعلة ضمن قوات درع الجزيرة في مهام إعادة الأمن لمملكة البحرين، عام 2011، وفي عمليـة تحريـر الكويت عام 1991، وفي عملية صمود الكويت عام 2003. حيث تعد منطقة الخليج العربي الدائرة الحيوية الأولى للسياسة الخارجية الإماراتية، ولذلك تسعى هذه السياسة إلى الحفاظ على امن واستقرار المنطقة، وتعزيز مفهوم الأمن الجماعي داخل مجلس التعاون لدول الخليج العربية إضافة إلى تعميق العمل الخليجي المشترك في المجالات كافة.   
 
 4- التزام الإمارات بالحفاظ على مقتضيات الأمن القومي العربي، ودعم الاستقرار في الدول العربية: حيث لا تألو دولة الإمارات جهداً في دعم كافة الجهود الرامية إلى تحقيق الأمن وترسيخ السلام والاستقرار في الدول العربية، وتترجم ذلك في مواقف ومبادرات واضحة من مختلف الأزمات التي تشهدها المنطقة العربية، لأنها تنظر إلى استقرار الدول العربية جميعها باعتباره ضمانة لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي، ولهذا جاءت مشاركة القوات المسلحة في العديد من المهام الخارجية في دول عربية وخليجية (اليمن، مملكة البحرين، العراق، الكويت، الصومال، لبنان، ليبيا)، التزاماً منها بالحفاظ على مقتضيات الأمن القومي العربي، وإدراكاً منها بأن تعزيز الأمن والاستقرار في أي دولة عربية يصب في صالح تعزيز الأمن القومي العربي المشترك.
 
وختاماً، فإن القوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة باتت تمثل عنصر استقرار إقليمي فاعل، وباتت درعاً قوياً يحمي مكتسبات التنمية الوطنية، ليس في دولة الإمارات العربية المتحدة فقط، بل في بقية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أيضاً، حيث تؤمن القيادة الرشيدة، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة حفظه الله بأهمية وجود قوة حامية للمكتسبات الوطنية، وهي قوة تصون وتحمي ولا تعتدي، وتؤمن بالقيم الحضارية والإنسانية، وتضع في صدارة أولوياتها حفظ السلام والإسهام في المهام الإغاثية الإنسانية، وتسخير خبراتها ومواردها كافة من أجل تحقيق أهدافها على هذا الصعيد. وقد جاءت مشاركة القوات الجوية الإماراتية في الحرب ضد إرهاب تنظيم داعش، وفي الدفاع عن الشرعية الدستورية في اليمن وحماية الشعب اليمني في مواجهة اعتداءات بشعة يتعرض لها على يد الحوثيين، لتثبت ارتفاع مستويات الجاهزية العملياتية والقتالية لقواتنا وطيارينا المواطنين، بما يعزز مستويات الولاء والانتماء ويعمق ثقتنا الهائلة في رشادة القرار الوطني.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-02-26 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره