مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2013-08-01

اللغة العربية من ركائز الهوية الوطنيـة فـي دولة الإمارات

يحتل ملف الهوية الوطنية في دولة الإمارات العربية المتحدة أولوية استثنائية، حيث حرصت قيادتنا الرشيدة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة "حفظه الله"، على تدعيم ركائز الهوية الوطنية والاهتمام بروافدها ودعائمها كافة.
 
إعداد: التحرير
 
 
كان قرار سموه تخصيص عام 2008 عاماً للهوية الوطنية، أحد أبرز تجليات هذا الاهتمام رفيع المستوى الذي يستهدف أن يحفظ للوطن هويته، وللمواطن خصوصيته الثقافية وللمجتمع تماسكه، ثم تلا ذلك في عام 2009 إطلاق صاحب السمو رئيس الدولة مبادرة التلاحم الوطني والمجتمعي بعد عام من إعلان سموه عام 2008 عاماً للهوية الوطنية، وأعقب ذلك قرار مجلس الوزراء في عام 2010 بتشكيل اللجنة الوزارية العليا لتنفيذ مبادرة تعزيز التلاحم الوطني والمجتمعي.
وتسعى «درع الوطن» في هذا الملف إلى تسليط الضوء على اللغة العربية من حيث دورها وتأثيرها والتحديات التي تواجهها وجهود الدولة من أجل مواجهة هذه التحديات وذلك انطلاقاً من الحرص والاهتمام الرسمي رفيع المستوى على تحصين مقومات الهوية الوطنية وحمايتها في مواجهة أي تهديدات ثقافية، فضلاً عن ارتباط مكونات الهوية الوطنية كافة بعوامل واعتبارات مهمة مثل الولاء والانتماء الوطني والتماسك الاجتماعي، الذي نحرص على تمتين دعائمه وتقوية ركائزه.
 
شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة في السنوات الأخيرة فعاليات وأنشطة وحراك مجتمعي واسع تمحور في الكثير من جوانبه حول الاهتمام بدعم ركائز الهوية الوطنية، وكان المحرك الأساسي لهذا الاهتمام هو الحرص على تعزيز قيم الولاء والانتماء للقيادة الرشيدة وللوطن الغالي لدى الأجيال الشابة، وتحصين مجتمعنا في مواجهة تيارات وموجات عولمة جارفة تجتاح العالم والمنطقة على حد سواء؛ فبدلاً من الانغلاق على الذات والأخذ بالبدائل السلبية في مواجهة تيارات العولمة في شتى تجلياتها ومظاهرها، يصبح تحصين المجتمع وتدعيم ركائز الهوية وقيم المواطنة هو الخيار الايجابي والحل الأمثل من أجل ضمان التعاطي مع العالم والانفتاح على مختلف الثقافات والحضارات من دون خوف أو قلق.
وتحرص مؤسسات الدولة كافة، لاسيما المؤسسات الثقافية والإعلامية والبحثية على تنظيم النقاشات والحوارات العلمية لتبادل الآراء والأفكار حول الهُوية الوطنية، وسبل تعزيزها، ودور المؤسسات المعنية بالتربية والتنشئة الاجتماعية على هذا الصعيد، بدءاً بالأسرة، المكون الأساسي للتنشئة الاجتماعية، وانتهاءً بالمؤسسات الإعلامية، مروراً بدور العبادة وقادة الرأي والفكر والمدارس والجامعات والمعاهد التربوية وغير ذلك.
 
وكما سبق القول فإن موضوع الهوية الوطنية يشغل حيزاً استثنائياً من اهتمام القيادة الرشيدة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة «حفظه الله»، وينعكس هذا الاهتمام في الخطط والسياسات المتوازنة التي تتبعها دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي سياسات أثبتت جدواها وآتت حصادها بمرور السنوات، ففي الوقت الذي يشيد فيه العالم أجمع بكون دولة الإمارات تمثل واحة للتعددية الثقافية والتعايش بين الأديان والثقافات كافة، نجد حرصاً كبيراً على التمسك بخصائص الذات الوطنية والخصوصية الثقافية، بكل ما تعنيه من عادات وتقاليد وقيم وسلوكيات وأنماط حياتية، ضمن معادلة دقيقة قائمة على أن التمسك بالهُوية لا يعني بالضرورة الانغلاق على الذات، في عالم تحول فعلاً إلى مكون اتصالي أقل حجماً من القرية  الكونية الصغيرة، التي راج الحديث عنها في تسعينيات القرن الماضي، بفعل ما أفرزته ثورة الاتصالات والمعلومات بموجاتها المتوالية.
 
ولاشك أن الحديث عن الهوية الوطنية يستدعي بالضرورة حديثاً لا غنى عنه في هذا السياق حول مصير اللغة، باعتبارها أحد المكونات الرئيسية للهوية الوطنية للأمم والشعوب، وما يضاعف أهمية هذا المحور في أي نقاشات ذات صلة، أن اللغة العربية تحديداً تواجه أسئلة مصيرية وتزداد النقاشات العلمية حول مستقبلها في ظل الضغوط التي تحيط بها وتحد من ارتباط الأجيال الجديدة بها، والتحديات التي تواجها في عصر الانترنت ووسائل الاتصال الاجتماعي، التي لعبت دوراً بارزاً في إضفاء الغموض على مستقبل اللغة العربية، وأثارت المخاوف حول هذا المستقبل، لاسيما في ظل تأثر اللغة العربية وضعف محتواها في المناهج التعليمية حيث أصبحت لغة ثانوية مقارنةً باللغة الانجليزية، وما ترتب على ذلك من تأثر الأجيال الجديدة بمنظومة القيم السائدة في المناهج التعليمية الأجنبية، وغير بالتالي من أولوياتهم وقيمهم وأثر سلباً على العادات والتقاليد المحلية.
 
حول اللغة العربية
تعد اللغة العربية من أكثر اللغات تحدثاً ضمن مجموعة اللغات الساميّة، وإحدى أكثر اللغات انتشارًا في العالم، يتحدثها أكثر من 422 مليون نسمة، ويتوزع متحدثوها في الوطن العربي، بالإضافة إلى العديد من المناطق الجغرافية المجاورة. اللغة العربية ذات أهمية قصوى لدى المسلمين، فهي لغة القرآن، وقد أثّر انتشار الإسلام، وتأسيسه دولاً، في ارتفاع مكانة اللغة العربية، وأصبحت لغة السياسة والعلم والأدب لقرون طويلة في الأراضي التي حكمها المسلمون، وأثرت العربية، تأثيرًا مباشرًا أو غير مباشر على كثير من اللغات الأخرى في العالم الإسلامي، كالتركية والفارسية والأمازيغية والكردية والأردية والماليزية والإندونيسية والألبانية وبعض اللغات الإفريقية الأخرى مثل الهاوسا والسواحلية، وبعض اللغات الأوروبية وخاصةً المتوسطية منها كالإسبانية والبرتغالية والمالطية والصقلية. كما أنها تُدرَّس بشكل رسمي أو غير رسمي في الدول الإسلامية والدول الإفريقية المحاذية للوطن العربي والعربية لغة رسمية في كل دول الوطن العربي إضافة إلى كونها لغة رسمية في تشاد وإريتريا وإسرائيل. وهي إحدى اللغات الرسمية الست في منظمة الأمم المتحدة منذ الاعتراف بها في المنظمة الدولية عام 1973. واللغة العربية من أغزر اللغات من حيث المادة اللغوية، فعلى سبيل المثال، يحوي معجم لسان العرب لابن منظور من القرن الثالث عشر أكثر من 80 ألف مادة، بينما في اللغة الإنجليزية فإن قاموس صموئيل جونسون، وهو من أوائل من وضع قاموسًا إنجليزيًا، من القرن الثامن عشر، يحتوي على 42 ألف كلمة وتحتوي العربية على 28 حرفًا مكتوبًا. ويرى بعض اللغويين أنه يجب إضافة حرف الهمزة إلى حروف العربية، ليصبح عدد الحروف 29. وتكتب العربية من اليمين إلى اليسار - مثلها اللغة الفارسية والعبرية وعلى عكس الكثير من اللغات العالمية - ومن أعلى الصفحة إلى أسفلها. 
 
في منتصف سنة 2010 أشارت مصادر إلى تقرير مختص يذكر أن اللغة العربية حققت نموًا مرتفعًا بوجودها ضمن قائمــــة أكثر عــــشر لغات استعمــــالاً في الإنترنت، حيث حلّــــت في المرتبــــة السابعــة محققـــةً نسبـــة انتشـــار وصلــــت إلى 17.5 %، ومتفوقة على لغات حية أخرى من بينها الفرنسية. وتحتل اللغة العربية الآن الموقع الثالث في لغات العالم، من حيث عدد الدول التي تقرها لغة رسمية، والسادس، من حيث عدد المتكلمين بها، والثامن من حيث متغير الدخل القومي، في العامل الاقتصادي، وهي متأرجحة من حيث المنزلة في العوامل الأربعة الأخرى: (الثقافي، اللساني، الاقتصادي العسكري). ففي جانب النشر الإجمالي من العامل الثقافي، تحتل عالميًا المرتبة 22، و42 في النشر العلمي خاصة، وتهيمن على جزء من الإعلام العربي، ولها حضور في النظام التعليمي، وحضور أقل في النظام الإداري والتنظيمي، وبذلك فهي إحدى اللغات الإحدى عشرة الأكثر انتشارًا في العالم، (حسب ترتيب عدد المتكلمين بها: الصينية، الإنجليزية، الأسبانية، العربية، الهندية، الروسية، البرتغالية، البنغالية، الألمانية، اليابانية، الفرنسية).  كما أن اللغة العربية من اللغات الثماني، من بين هذه اللغات الإحدى عشرة، التي تكاد تقتسم المعمورة فيما بينها، وتحتفظ كل منها لنفسها بقاعدة جغرافية راسخة: (الماندرين في آسيا الوسطى، والأسبانية والبرتغالية في أمريكا الجنوبيـــة، والإنجليزية في أمريكا الشمالية، والعربيـــة في شمال إفريقيا والشـــرق الأدنى، والهنديــة والبنغالية في أغلب القارة الهندية، والروسية في أوروبا الشرقية). كما أنها من بين اللغـــات الست التي يعرف الناطقــــون بها تزايدًا ديموغرافيـــًا أكثر من غيـــرها، وهي حسب الترتيب: (الأسبانيـــة والبرتغاليـــة والعربيــة والهندية والسواحلية والماليزية).
 
واقع لغات العالم
ويشير باحثون إلى أن عدد لغات العالم (موسلي وآشر في أطلس لغات العالم الصادر عام 1994) يبلغ 6796 لغة معروفة الأسماء، بينما يرى باحثون آخرون أن عددها لا يتجاوز ستة آلاف لغة تقريباً، وتذكر تقارير دولية إن لغة واحدة أو لغتين تقريباً تنقرض شهرياً، ويرى خبراء أن هناك توجهاً دولياً نحو خفض عدد اللغات وتتبنى أوساطاً بحثية نظرية اللغة الوحيدة للمستقبل، أما عن توزيع اللغات على دول العالم فيوزعه وليم برايت في الموسوعة الدولية للغاـــت كالتـــالي: 4 % في أوروبا و15 % في أمريكا، و31 % في أفريقيا، و50 % في آسيا والمحيط الهادئ، أما أكثر الدول من حيث عدد اللغات المستخدمة فيها فهناك غينيا بيساو وأندونيسيا إذ تبلغ النسبة في هاتين الدولتين فقط 25 % من إجمالي اللغات المعروفة في العالم أي نحو 1529 لغة متداولة.
 
وفي دراسة حول اللغات الموجودة على الانترنت حسب إحصاء اليونسكو عام 2003 كانت نسبتها كالتالي: الانجليزية 35 %، والصينية 11,9 %، واليابانية 10,3 % والاسبانية 8,1 % والألمانية 6,5 % والكورية 4,2 % والإيطالية 3,6 % والفرنسية 3,3 % والبرتغالية 2,8 % والروسية 2,7 % والهولندية 1,9 % ولغات أخرى 9,5 %، وورد في طبعة عام 2002 من أطلس لغات العالم أن نصف لغات العالم مهددة بالانقراض، أما عن موقع العربية من بين لغات العالم فهي تتعرض لما تتعرض له أكثر من خمسة آلاف لغة مختلفة مع عدد أكبر كثيراً من اللغات واللهجات المتفرعة منها تتكلمها شعوب العالم، والتي قال الباحثون أنها تخضع لتأثيرات العولمة التي تدفع باتجاه عملية سيادة لغة الطرف السائد على بقية اللغات فيما يسميه البعض بعملية التوحيد اللغوي، حيث أصبح ينظر إلى  التنوع اللغوي كعقبة أمام التجارة وانتشار المعرفة.
 
ماذ يعني موت اللغة؟
يعرف الباحثون موت اللغة إجرائياً بأنه تحول مجتمع ما عن استخدام لغته إلى لغة أخرى، أياً كانت الظروف الكامنة وراء ذلك، وأياً كانت المكاسب التي يجنيها، من استخدام اللغة الجديدة وقد يحدث ذلك بسبب النظام التعليمي أو الظروف الاجتماعية التي تقف في صف اللغة الجديدة، أو الضغوط السياسية التي ترد من خارج المجتمع نفسه، وتموت اللغة حين لا يتحدث بها أحد فاللغة إذا مرتبطة بأفراد ينطقون بها فإن ذهبوا ذهبت. كما يشير باحثون إلى أن لغة ما تختفي ليس فقط لأن لغة أخرى تسيطر عليها، ولكن أيضاً لأن الناطقون بها يقررون التخلي عنها ولا ينقلونها لأولادهم ويتنبأ متخصصون بأن 95 % من كل اللغات الحية ستموت خلال القرن القادم، وأنه في الوقت الحالي تختفي عشر لغات في كل عام في مكان ما من العالم.
 
 ويختصر الباحثون مراحل موت اللغة عندما تبدأ ثقافتان باحتكاك، وتسيطر إحداهما على الأخرى فيحدث للثقافة الأدنى ما يسمى بالتمثيل الثقافي الذي يؤدي إلى ذوبان أنماطها الرئيسية في أنماط الثقافة الأقوى، وتبدأ فقدان هويتها ومن ثم تذوب في لغة الثقافة الأقوى وليست العبرة بحجم العدد الذي تمثله الثقافة الأقوى بل بقوتهم ونفوذهم الحقيقي. وتنقسم هذه المرحلة بدورها إلى خطوات عدة تبدأ كالتالي:
- الخطوة الأولى: الضغوط التي تمارس على أفراد مجتمع ما للتحدث بلغة أخرى وهي ضغوط ثقافية أو سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية.
- الخطوة الثانية: ظهور ما يعرف بالثنائية اللغوية، ويحدث ذلك حين يتمكن أصحاب اللغة الأصلية من استخدام مهارات اللغة الأخرى ويحتفظون في ذات الوقت بمقومات لغتهم الأصلية ولكن مع تراجع استخدامهم لها، وقد يكون السبب في ذلك الرغبة في التواصل مع أصحاب اللغة الأقوى بغرض جني مكاسب معينة. والثنائية اللغوية هي وسيلة تعايش بين اللغتين وتعد صحية على قدر تعاون اللغتين لا تنافسهما.
- الخطوة الثالثة: ظهور جيل جديد من الأطفال يجيد اللغة الأقوى بدرجة أكبر ويكثر من استعمالها تاركاً اللغة الأصلية للآباء والأجداد، ويشعر هذا الجيل بعدم مقدرة اللغة الأصلية على تلبية احتياجاته المعرفية والثقافية فيبتعد تماماً عنها. وإجمالاً يرى الخبراء أن قيمة اللغة ومقدرتها على البقاء ترتبط بما يفعله بها متحدثوها، وأن تطورها رهن بتطور أهلها الناطقين بها، لأنه لا وجود للغة دون المتكلمين بها ولا تحيا إلا بحياة الناطقين بها. 
 
اللغة العربية والمجتمعات المحلية
وتعد اللغة العربية إحدى مرتكزات الهُوية، ويعد تحدي عولمة الثقافة اللغوية من أكبر التحديات التي تواجه اللغة العربية التي تندفع في اكتساح جارف للخصوصيات اللسانية واللغوية والثقافية التي هي القاعدة الصلبة للوجود المادي والمعنوي للأمة العربية، لتشكل خطراً محدقاً بالهوية القومية. باعتبارها وعاء للثقافة العربية وللحضارة الإسلامية، وهناك أخطاراً تتفاقم باطراد، وليس من شك أن مستقبل اللغة العربية في عالم متغير تهيمن عليه آليات العولمة وضغوطها، يقترن بالتنمية الشاملة المتكاملة المتوازنة المستدامة. وبحسب باحثون كثر، ومنهم معمر خولي، فإن اللغة العربية تعيش اليوم إشكالات العولمة بكل تعقيداتها فالمتتبع لأحوالها في جميع أقطار الوطن العربي، يستشرف الأخطار الكبيرة التي تحملها العولمة، على وجود العربية لغة حية في جميع مناحي الحياة السياسية والثقافية والعلمية والعملية. فقد أقصيت اللغة العربية عن أن تكون لغة البحث العلمي والتدريس الجامعي في معظم الأقطار العربية، ويرى باحثون أن الابتعاد عن اللغة الأم تبعد العرب عن المساهمة في المنجزات الثقافية والعلمية للحضارة في عصرنا، فالمجتمع الذي لا ينجز ذلك في بلده بلغته، لا يتفاعل مع العولمة في الواقع، ولا يتطور معها، ومن لا يتفاعل مع العولمة، ولا يجاري التطور في الاقتصاد والعلم والفنون بلغته من خلال مجاراتها للتطور، يبقى على هامش الحضارة الإنسانية، ولا يساهم فيها، بل أكثر من ذلك أيضا يحجب التطور عن لغته ذاتها. فاللغة، ومعها المفاهيم والثقافة، لا تتطور إذا أقصيت من الاستخدام في المجالات الديناميكية المتطورة والمتغيرة باستمرار، مثل العلوم والفنون والاقتصاد، وإذا اقتصرت استخدامها على الأدب والمقالة والخطابة مثلاً.
 
ومن ناحية أخرى لا تحاصر اللغة العربية فقط في المؤسسات التعليمية فقط، وإنما أيضاً في معظم مناحي الحياة، فنرى نفراً من أبناء الأمة يعتقد أن استعمال اللغة الأجنبية دليل على التقدم والعلم، في الوقت الذي يرى فيه أن استعمال اللسان العربي دلالة على التخلف. وها هو ذا المثقف يطعم كلامه بالكلمات الأجنبية دلالة على ثقافته العصرية، وها هي الشركات على الأرض العربية تعلن عن حاجتها إلى موظفين يتقنون اللغة الأجنبية، وها هي ذي المراسلات بين المصارف تستعمل اللغة الأجنبية، وها هي ذي الإعلانات في الطرقات وفي الساحات العامة وعلى واجهات المحال التجارية تستعمل الكلمات الأجنبية ويمانع أصحابها إذا ما طلب إليهم استبدال العربية بالأجنبية.
ونلاحظ في الوقت نفسه أن العاملين والعاملات من الجنسيات الأجنبية على الأرض العربية ليسوا في حاجة إلى أن يتعلموا العربية، لأنهم يقضون حاجاتهم وينفذون متطلباتهم باستعمال الأجنبية مع أبناء العربية، الذين تنازلوا عن لغتهم القومية ليتحدثوا مع هؤلاء بلسانهم أو بلسان أجنبي آخر.كما نلاحظ أن المؤتمرات العلمية التي تعقد في وطننا العربي تُستعمل اللغةُ الأجنبية في بعضها، مع أنها تعالج موضوعات عربية والذين يحضرون غالبيتهم من الجنسية العربية لقد تزايد استعمال اللغة الإنجليزية في الوطن العربي، ولم يعد استعمالها محصوراً في مجال التخصصات العلمية مثل الطب والهندسة.
 
اهتمام إماراتي رسمي بالهوية الوطنية
وقد ظهر الاهتمام الرسمي رفيع المستوى بمناقشة موضوع الهوية الوطنية في منتصف أبريل عام 2008، حين افتتح صاحب السمو الشيـــخ محمد بن راشـــد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، أعمال ملتقى الهوية الوطنية الذي نظمته وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع بقصر الإمارات بالعاصمة أبوظبي، انطلاقاً من دعوة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة «حفظه الله» بشان تخصيص 2008 عاماً للهوية الوطنية. وقد ناقش المؤتمر وقتذاك على مدى يومين 25 ورقة عمل حول تحديات الهوية الوطنية في المجالات الأمنية والتعليمية والدينية، إضافة إلى التحديات التي تواجه دولة الإمارات كمجتمع مفتوح على العالم، وأطلع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على أهم محاور ومكونات أول دراسة علمية خاصة بالهوية الوطنية وسبل ترسيخها في أوساط مجتمع الإمارات أعدتها وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع بالتعاون مع شباب الجامعات الوطنية وشركة استشارية عالمية متخصصة، حيث تناولت الدراسة البحث عن أسباب ومواضع الخلل أو الضعف في مرتكزات الهوية الوطنية وسبل إيجاد حلول ناجحة وفعالة لهذه الثغرات مع التأكيد من خلال الوسائل الإعلامية، وكل الوسائل المتاحة على أهمية تعميق روح الانتماء الوطني لتراب وتراث دولتنا الحبيبة وترسيخ مفهوم المواطنة لدى كل فرد من أفراد مجتمعنا وترجمة ذلك سلوكاً وممارسةً وعطاءً وإنتاجاً من أجل بناء جيل يؤمن بهويته، ويتسم بالولاء للقيادة الرشيدة وثقافته العربية وكينونته الإسلامية وتاريخه المجيد. وركزت هذه الدراسة على كل ما من شأنه تعزيز مفهوم المواطنة والهوية الوطنية على كافة الصعد وفي مختلف الاتجاهات مع التأكيد على أولوية التنمية المستدامة التي تستهدف الإنسان للوصول بدولتنا إلى مصاف الدول المتقدمة والسعي لتتبوأ المركز الأول في هذا المجال، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار فحوى خطاب صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة «حفظه الله»، الذي أكد أهمية إعطاء الأولوية للتنمية المستدامة وحث جميع الجهات الرسمية والشعبية على العمل وبذل الجهود المشتركة لتحقيق هذا الهدف الوطني السامي والنبيل. وكان صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي قد أثنى على محاور وشمولية الدراسة وما تحويه من أفكار خلاقة تتطلب تضافر كل الجهود الفردية والجماعية لبلورتها وإخراجها بأسلوب عملي وعلمي حضاري يمكن أن تكون تجربة ناجحة يعتد بها محلياً وإقليمياً كونها الدراسة العلمية الأولى على هذا المستوى. 
 
وكان تنظيم ملتقى الهوية الوطنية يستهدف توعية المجتمع الإماراتي بأهمية الهوية الوطنية وسبل الحفاظ عليها وتعزيزها وترسيخ مفهوم الهوية الوطنية وتعريفها بالشكل الصحيح، إضافة إلى توضيح مكونات وعناصر الهوية الوطنية وكيفية الحفاظ على كل عنصر من عناصرها بالسبل المناسبة.
وإذا كانت اللغة العربية هي أحد أهم دعائم الهوية الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة، فإن الاهتمام الرسمي رفيع المستوى بتعزيز اللغة يعبر بالفعل عن قيمتها وتأثيرها الثقافي والحضاري، وفي هذا الإطار أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، أن اللغة العربية هي لغة حياة نعيشها تعبر عنا بمختلف حالاتنا وليست ماضياً مندثراً و تاريخاً لا يصلح لزمننا الحاضر، مشدداً سموه على أن المحافظة عليها هي مسؤولية وطنية ودينية وأخلاقية لا تقتصر على بلد واحد، بل تمتد لتشمل الأمتين العربية والإسلامية، وأوضح سموه أن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم الذي خصنا به الله سبحانه وتعالى عن غيرنا من الأمم و المحافظة عليها هو من الحفاظ على ديننا الإسلامي بتعاليمه ومبادئه التي تحمل للعالم رسائل حب وسلام وأمان كما أنها جسر يربطنا بجذورنا وتاريخنا والطريق الرئيس في رؤيتنا للمستقبل. وقد جاءت هذه التصريحات الداعمة بقوة لموقف المدافعين والحريصين على اللغة العربية خلال حفل تسلم سموه «تقرير لجنة تحديث تعليم اللغة العربية» الذي حمل عنوان «العربية لغة حياة»، وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بمناسبة إنجاز «تقرير لجنة تحديث تعليم اللغة العربية»: نؤمن بأن رؤيتنا وطموحاتنا لمستقبل أفضل لدولة الإمارات يبدأ من مدارسنا وصفوفنا ومناهجنا التعليمية وأن الاهتمام باللغة العربية وتطوير طرائق وأساليب تدريسها وتعليمها جزء لا يتجزأ من هذه الرؤية ولا يقل أهمية عن الاهتمام بالتعليم بشتى فروعه، فاللغة العربية هي علم وهوية وقيمة والاهتمام بها مسؤولية وطنية ومجتمعية تشترك فيها الأسرة والمؤسسات والهيئات التعليمية بمراحلها ومستوياتها كافة والمجتمع عموماً. ووجه سموه المؤسسات التعليمية أن تتخذ أساليب مبتكرة في التعليم لجعل جيل المستقبل يحب لغته الأم وتدفعه للإبداع والابتكار فاللغة العربية لغة حياة وعصرية غنية والتقرير الذي بين أيدينا اليوم هو نتاج جهد وبحث ودراسة والتوصيات التي يتضمنها قيمة وتستحق العمل بها وسنبدأ بأنفسنا، وأوجه وزارة التربية والتعليم والهيئات والمؤسسات المعنية بقطاع التعليم في الدولة أن تكون السباقة بالأخذ بهذه التوصيات وخاصة ما يتعلق بتعليم اللغة العربية بأساليب مبتكرة ومشوقة تحبب جيل المستقبل بلغته الأم وتدفعه للإبداع والابتكار، وقال سموه: «بالنسبة لنا العربية لغة حياة للإنسانية جمعاء فهي لغة الأجداد والآباء وأساس حضاراتنا ومعيار وحدتنا كأمة عربية، لذا فالمسؤولية التي تقع علينا اليوم هي مسؤولية وطنية ودينية وأخلاقية وبلغتنا تتحقق عزتنا وهي التي تقودنا إلى تحقيق نقلة نوعية في التعليم والإعلام والترجمة والعلوم كافة وتعزز تمسك أجيالنا بلغة الضاد لغة».
 
وأكد سموه أن ما يتضمنه التقرير من نتائج قيمة يشكل المدخل الأساسي للمرحلة التنفيذية الهادفة إلى الارتقاء بجوانب تعليم اللغة العربية واستخداماتها كافة في العلم والمعرفة والمجتمع والمدرسة والمنزل، مضيفاً سموه أن تعليم وتعلم اللغة العربية هو مسؤولية فردية ومجتمعية لغرس حب اللغة العربية في نفوس الأبناء كقيمة أصيلة. وأضاف سموه أن رؤية الإمارات 2021 تهدف إلى جعل الدولة مركزاً للامتياز في اللغة العربية وأن دولة الإمارات أخذت على عاتقها رفع لواء المحافظة على اللغة العربية ودعم كل المبادرات الهادفة للحفاظ عليها وجعلها متطلباً أساسياً في المراحل الدراسية وفي الجامعات وتحديث أساليب تعليمها بما ينمي القدرات اللغوية للطلبة ويشكل محوراً ينهض بالحركة التعليمية عموماً وعلاقتها باللغة العربية. ولفت سموه إلى أهمية اللغات بالنسبة للأمم باعتبارها الثروة الأعظم قيمة لأن اللغة ركن أساسي في حضارات الأمم ولم تسد أمة لا تستند في تطوير علومها ومعارفها على لغتها الأم فكيف إذا كانت تلك اللغة هي العربية التي مثلت جسراً لنقل الثقافة والعلوم والآداب ليس للأمة العربية فقط وإنما لأمم وحضارات أخرى عبر القرون. كما وجه سموه رسالة إلى الشباب في دولة الإمارات والوطن العربي يحثهم فيها على التمسك باللغة العربية والمحافظة عليها باعتبارها لغة عصرية إذا عرفنا كيف نستخدمها ونتعلمها ونعلمها، وقال: «أريد أن أوجه رسالة لأبنائي وإخواني في الإمارات والوطن العربي وأقول لهم: احرصوا على لغتكم العربية مثلما تحرصون على النجاح والتفوق».
 
مبادرات تاريخية وحضارية
أطلق «مجلس محمد بن راشد للسياسات» لتعزيز التواصل مع المجتمع  مبادرات عدة لتعزيز مكانة اللغة العربية، وقد أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي أن رؤية الإمارات 2021 تهدف لجعل الدولة مركزا للامتياز في اللغة العربية، مشدداً سموه على أن اللغة العربية هي أداة رئيسية لتعزيز هويتنا الوطنية لدى أجيالنا القادمة لأنها المعبرة عن قيمنا وثقافتنا وتميزنا التاريخي. وقال سموه: «لغتنا العربية هي لغة حية غنية نابضة بالحياة بقيت محافظة على أصالتها لأكثر من ألفي عام وتتميز بقدرتها على مواكبة الحاضر والمستقبل، والمساهمة في الحفاظ على اللغة العربية هي قيمة إسلامية وفريضة وطنية وترسيخ لهويتنا وجذورنا التاريخية. جاء ذلك بمناسبة إطلاق سموه حزمة من المبادرات النوعية الهادفة للحفاظ على اللغة العربية وتعزيز مكانتها في المجتمع، حيث شملت المبادرات ميثاقاً للغة العربية لتعزيز استخدامها في الحياة العامة، ومجلساً استشارياً برئاسة وزير الثقافة لتطبيق مبادئ الميثاق ورعاية كافة الجهود الهادفة لتعزيز وضع اللغة العربية. كما تم إطلاق مبادرات تتعلق بإحياء اللغة العربية كلغة للعلم والمعرفة وإبراز المبدعين من الطلبة فيها وشملت المبادرات إطلاق كلية للترجمة ومعهد لتعليم العربية لغير الناطقين بها، بالإضافة لمبادرة إلكترونية لتعزيز المحتوى العربي على الإنترنت، وقد أعلن سموه عن المبادرات خلال تدشينه الجلسة الأولى لمجلس محمد بن راشد للسياسات الذي أمر سموه بإطلاقه ليكون قناة جديدة للتواصل مع كافة فئات المجتمع ومنصة جديدة لطرح الأفكار الوطنية المبدعة، وأكد سموه خلال كلمته أن تعزيز مكانة اللغة العربية يمثل مصلحة وطنية رئيسية.. لأن الهوية الإماراتية مرتبطة بشكل كبير باللغة العربية «فاللغة هي أداة الفكر..وهي وعاء الثقافة، وهي المعبرة عن قيمنا وأصالتنا وجذورنا العربية والإسلامية، ولا بد لأبنائنا أن يرتبطوا بثقافتهم ومجتمعهم وقيمهم»، كما قال سموه: «بأن التحديات التي تواجه اللغة العربية كبيرة، ونحن مدركين لحجم هذا التحدي..وأنا بطبيعتي أحب الحديث عن الحلول وليس عن المشاكل فقط..وبطبيعتي أنا متفائل..وأعتقد أننا نستطيع أن نفعل الكثير لخدمة هذه اللغة العظيمة».
 
مبادرات نوعية لتعزيز وضع اللغة العربية أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في كلمته التي ألقاها في مجلس محمد بن راشد للسياسات حزمة نوعية من المبادرات الهادفة لتعزيز مكانة اللغة العربية، وكانت أولها «ميثاق اللغة العربية» والذي يهدف لتعزيز وضع اللغة العربية والتركيز على مكانتها في المجتمع وليكون مرجعا لجميع السياسات والقوانين المتعلقة بحماية اللغة العربية وتعزيز استخدامها في الحياة العامة مثل استخدام اللغة العربية في التعاملات الحكومية الداخلية والخارجية وفي كافة الخدمات الحكومية المقدمة للجمهور. وإعطاء الأولوية في البرامج الإعلامية على القنوات المحلية للغة العربية. بالإضافة لتوفير المعلومات التي يحتاجها المستهلك باللغة العربية بالإضافة للغات الأخرى، أما المجلس الاستشاري للغة العربية والذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد فسيكون مسؤولاً عن رعاية ودعم الجهود الرامية لتطبيق مبادئ وتوصيات «ميثاق اللغة العربية» ويرأسه وزير الثقافة ويضم نخبة من العلماء والأكاديميين والمتخصصين وسيشرف المجلس على تعزيز ورعاية جهود الحفاظ على اللغة العربية على مستوى دولة الإمارات وتنسيق الجهود الحكومية والأهلية في هذا المجال.
 
كما أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن تشكيل لجنة خبراء عربية دولية تهدف إلى إعادة إحياء اللغة العربية كلغة للعلم والمعرفة وتحديث أساليب تعليمها، وتقديم نموذج عصري لتعليمها بما يعود بالفائدة ليس على دولة الإمارات وحدها بل على كافة الدول العربية، ويترأس اللجنة الدكتور فاروق الباز وتضم أعضاء بارزين على المستويين العربي من العلماء والكتاب والتربويون بالإضافة إلى شخصيات عالمية من الخبراء بأساليب تعلم اللغة العربية واللغات الأخرى وستكون أولى مهامها إعداد تقرير يتضمن مقترحات تطوير تعلم اللغة العربية، ويكون مدخلاً لتطوير مناهج اللغة العربية وأساليب تعليمها وذلك بهدف إحداث تغيير جذري وشامل في هذه الأساليب، ويمكن لكافة الدول العربية استخدام نتائج عمل اللجنة وذلك بهدف إعادة مكانة اللغة العربية كلغة حضارة وعلم وثقافة لهذه الأمة. ومن ضمن المبادرات الجديدة والهادفة لتعزيز اللغة العربية في المدارس أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن تنظيم مسابقات مدرسية في المدارس الحكومية والخاصة تهدف لإبراز المبدعين والمتميزين في اللغة العربية من الطلبة ورعايتهم، وستشمل المسابقات مجالات الكتابة، والخط العربي والقراءة بالإضافة للشعر العربي. وستشرف على هذه المسابقات وزارة التربية والتعليم ضمن سلسلة من الفعاليات السنوية الرئيسية خلال العام الدراسي. كما تشمل المبادرات التي أعلن عنها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إطلاق معهداً لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين عن طريق جامعة زايد، وهو أول معهد سيكون ضمن شبكة من المعاهد، وسيتم التعاون فيه مع الجامعات المتخصصة حول العالم لإيفاد الطلاب والبعثات لتعلم اللغة العربية في الإمارات، حيث سيشكل المعهد فرصة لجميع المهتمين حول العالم للإطلاع على التراث العربي الغني، كما يهدف المعهد لتلبية الطلب المتنامي عالمياً لتعلم اللغة العربية ولتكون الإمارات مركزاً رئيسياً لذلك على مستوى المنطقة، كما أعلن صاحب السمو في كلمته عن إنشاء كلية للترجمة ضمن مظلة كلية محمد بن راشد للإعلام في الجامعة الأمريكية بدبي والتي تهدف لتخريج المترجمين والذين ستتزايد الحاجة إليهم خاصة مع السياسات والقوانين الجديدة التي ستعزز من اللغة العربية في المجتمع، كما تهدف الكلية لتعزيز وضع الإمارات كمركز حضاري لترجمة العلوم والمعرفة وحركة التعريب في المنطقة، وأعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في ختام كلمته التي ألقاها في «مجلس محمد بن راشد للسياسات» أيضاً عن مبادرة إلكترونية لتعزيز المحتوى العربي على الإنترنت، حيث سيشرف صندوق الاتصالات ونظم المعلومات التابع للهيئة العامة للاتصالات على هذه المبادرة التي تهدف لتطوير الأدوات والبرامج التي ستعمل على تعزيز المحتوى العربي على الشبكة العنكبوتية بالتعاون مع الباحثين والمهتمين في هذا المجال من المؤسسات والأفراد.
 
خصائص الهوية الإماراتية
في دراسة لها بعنوان «الفضائيات الإماراتية والهوية الوطنية للشباب الجامعي الإماراتي تعزيز أم تهديد؟»، حاولت الدكتورة ثريا أحمد البدوي الأستاذ المساعد في قسم الاتصال الجماهيري في جامعة الشارقة اختبار علاقة المضمون الإعلامي الغربي الذي يبث عبر الفضائيات الإماراتية بالهوية الوطنية للشباب الإماراتي الجامعي من خلال طرح سؤال رئيسي مؤداه: هل يؤدي الاعتماد على المضمون الغربي إلى تدعيم الهوية الوطنية أم إلى إضعافها؟. وقد خلصت الدراسة التي استعرضت الدكتورة ثريا البدوي نتائجها في محاضرة غطت تفاصيلها صحيفة «البيان» في 18 سبتمبر 2009 إلى وجود إدراك إيجابي من قبل الشباب للشخصية الإماراتية، وإلى تمسك متوسط المستوى بالهوية الوطنية ويتم ذلك بعيداً عن الفضائيات الإماراتية، حيث تؤثر عوامل التنشئة الاجتماعية في هذا السياق من خلال عمليات تربوية مرتبطة بأجيال تورث القيم والعادات والتقاليد. وحول موضوع الدراسة «غير المنشورة» ذكرت الدكتورة ثريا البدوي في حوار مع صحيفة البيان وقتذاك أنه في حالة وجود دور للفضائيات الإماراتية، فإنه يتسم بالسلبية حيث تهدد تمسك الشباب بهويتهم من خلال عرض مضامين مخالفة لواقع المجتمع الإماراتي، وتكمن الخطورة في المضمون الخليجي بصورة أكبر من المضمون الغربي، حيث يعرض الواقع الخليجي على أنه النموذج السائد في المجتمع مما يكسبه مصداقية لدى الشباب الذين يسعون إلى تبنيه وتطبيقه في حياتهم العملية. وقد أظهرت الدراسة أن المضامين الأمريكية -رغم انبهار الشباب وتأثر البعض بها- قد تخلق حالة من «التأثير المرتد»، حيث يزداد التمسك ببعض مكونات الهوية مع زيادة التعرض للمضامين الغربية.
 
وقد أظهر الشباب الجامعي إيجابية في التعامل مع المنتجات الإعلامية الأمريكية التي دفعت به نحو مرحلة التفاعل والتهجين بين قيمه وقيم الآخر. في المقابل، أعرب المثقفون عن تبعية الشباب لتلك المضامين بفعل عوامل ذاتية من جهة ومجتمعية من جهة أخرى. ويمكن القول إن الفضائيات الإماراتية تقرب المواطن من مجتمعه وقضاياه في حين تسهم في تعزيز الهوية الثقافية بصورة متوسطة خاصة فيما يتعلق بالمكون اللغوي والقيمي. يفسر ذلك في إطار قلة الرقابة والاهتمام بالصالح الخاص، حيث تهتم الفضائيات بالبرامج الترفيهية التي تعود عليها بالفائدة، هذا بالإضافة إلى عدم وجود «سياسة» في التليفزيون للنهوض بالثقافة في المجتمع، أما عن معدل إدراك الشباب الإماراتي لمعنى كلمة «هوية» تقول الدكتورة البدوي: إن عدداً كبيراً من الشباب الجامعي مجتمع الدراسة بلغت نسبته 96 % يؤكد إيمانه بأن كل مجتمع لابد وأن يتمتع بشخصية ذاتية خاصة به تميزه عن غيره من المجتمعات. وبالتطبيق على المجتمع الإماراتي، يرى 93,5 % من عينة الدراسة أن الشخصية الإماراتية تكتسب أصالتها من أصالة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وتتمتع بعدة مزايا إيجابية مثل الاتزان والتعاون والأمانة والكرم والتقدم والتطور، وقد جاءت سمة الاتزان في المرتبـــة الأولى 53,5 % والكرم في المرتبة الثانية 41 % والتقدم والتطور في المرتبة الثالثة 9,5 %، ويلاحظ أنها في معظمها سمات تميز المواطن الإماراتي كفرد ينتمي إلى المجتمع. 
 
وإذا كانت التركيبة السكانية تعد من أهم الأسباب التي تؤثر على هوية المجتمع الإماراتي، فإن للمثقف الديني رأي آخر، فبالنسبة له تختلف الإمارات في محافظتها على الهوية الوطنية تبعاً لدرجة اختلاطها بالمدنية الحديثة وقد تفقد جزءاً من هويتها وذلك بفقدانها للغة العربية التي تتمتع بها الدولة حيث يتواجد الناس الذين يتكلمون باللغة الإنجليزية على مستوى المؤسسات الأهلية والحكومية والتعليمية، أما الإمارات فما زالت محافظة على هويتها بشكل كبير، من جهة أخرى، يعزو بعض المثقفين إشكالية هوية المجتمع الإماراتي إلى الأجواء المفتوحة من فضائيات عربية وأجنبية، بالنسبة لهم، تبث الفضائيات مواد إعلامية في اتجاه معاكس للموروث الشعبي، مما يوضح ارتباط مفهوم الهوية لدى مثقفي الدراسة بالبعد الثقافي والقيمي.
ومن جهة أخرى، ارتبط مفهوم الهوية لدى المثقف اللغوي بعناصر المواطنة، حيث يربط بين مفهومه للهوية ومدى قدرة المواطن على التحكم في بلده، وفي هذا السياق، أظهر معظم مثقفو الدراسة خوفاً من وجود مؤشرات تؤثر في الهوية، أو أنها تكاد تفقد في بعض الإمارات دون غيرها، وذلك رغم تأكيدهم على أن دولة الإمارات «تكافح من أجل الحفاظ على هويتها، وتبقي على التراث وتهتم باللغة والتنشئة الدينية»، واستندت النخبة الأكاديمية في تفسير مواقفها على عدة أسباب، ارتبط البعض منها بالتركيبة السكانية المتعددة وغير المتجانسة على المستوى الثقافي والديني والعرقي، مما يؤثر على الشعور بالولاء للوطن ومن ثم قد تتأثر الهوية الإماراتية بهذه الفئات التي تترمز بشخصية بلدها وتحاول أن توجه الإمارات بفكرها.
وذكر تقرير الصحيفة في خاتمته أن خطورة العمالة الوافدة تتمثل في القيم والثقافة والمعتقدات التي يحملونها، حيث يشكل الوافدون القادمون من بيئات ثقافية مختلفة نوعاً من الضغط على القيم المتوارثة الأصيلة في المجتمع الإماراتي، كقيمة الوفاء، وحب الوطن، والانتماء للغة العربية، وللقومية العربية، والصدق، وإغاثة الملهوف، حتى علاقة المرأة بالرجل أصبح فيها كثير من الشروخ. وكذلك ظاهرة انفصال الأبناء عن الآباء.
 
مهددات اللغة العربية 
يرى الخبراء والمتخصصون أن إهمال اللغة العربية واستبدالها بلغات أخرى من شأنه التأثير سلباً في الهوية الوطنية وإفقاد الإنسان العربي جزءاً مهما من مقومات هويته وذاته الحضارية، ويرى هؤلاء الخبراء أن الاهتمام باللغة العربية هو مسؤولية الأسرة في المقام الأول ثم التعليم الأساسي ووسائل الإعلام، وهذا يتطلب وضع خطة مجتمعية متكاملة تتحمل فيها كل مؤسسة مسؤوليتها وتقوم بدورها، ويشدد كثير من الخبراء على أن تعلم اللغات الأجنبية لا يتعارض مطلقاً مع الاهتمام بدراسة اللغة العربية كما هو مطلوب في العصر الحديث، انطلاقاً من أن الإطلاع على الثقافات الأخرى كان وراء النهضة التي حدثت في الحضارة الإسلامية، حيث إنهم اطلعوا على الثقافات الأخرى وترجموا منها وحصلوا على معارف وبنوا عليها وأسسوا ثقافات قامت عليها حضارات حديثة، فيما يلفت خبراء آخرون إلى أن الخطر الثقافي على اللغة العربية لا يأتي من لغات أخرى بل من ظاهرة «ازدواج اللغة» أو ما يعرف إعلامياً بـ«العربيزية» وهو مصطلح يجمع بين كلمتي عربي وإنجليزي، ويجمع بين اللغتين في سياق واحد، وقد أصبحت أمراً مألوفاً في السنوات الأخيرة بين أوساط الشباب، بحيث بات يشكل تهديداً ثقافياً وحضارياً للثقافة العربية الأصيلة، والمتتبع لهذه الظاهرة يرى مدى التأثير السلبي لها في اللغة العربية كون اللغة الأجنبية هي الدخيلة، وأصبحنا نلاحظ ضعف استخدام اللغة العربية بين مختلف الأجيال في الوقت الحالي، الأمر الذي يعتبر مؤشراً خطراً بالتتابع الزمني، كما أن لذلك انعكاسات كبيرة على الهوية الوطنية في المنطقة العربية بشكل عام. ويقول الدكتور بسيوني حمادة عميد الأكاديمية الدولية لعلوم الإعلام في مصر أن هناك قلقاً حقيقياً ومخاوف مشروعة بشأن مكانة اللغة العربية كجوهر للهوية العربية الإسلامية، وهو قلق ومخاوف يدعمها الواقع المعيشي والتهديدات التي يحملها بين طياته الإعلام الجديد ممثلا في الواقع الافتراضي للانترنت والفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي، وسيطرة العامية علي اللغة الفصحى، وانتشار التعليم الأجنبي علي حساب اللغة العربية وغير ذلك كثير. فاللغة هي السياج الذي تتحصن به الثقافة بل هي الثقافة ذاتها وهي السياج الذي تتحصن به الهوية بل هي الهوية ذاتها، فاللغة هي اصل الثقافة والثقافة هي جوهر الهوية وتحمل العولمة بين جنباتها وعلى رأسها الانترنت تهديداً حقيقياً للغة العربية، وذلك لهيمنة اللغة الانجليزية علي لغة الانترنت ولغة الإعلام الجديد ولغة التخاطب الإعلامي والسياسي، والمشكلة ليست في سعة انتشار اللغة الانجليزية وانحسار العربية، ولكن الخطر يكمن في ارتباط اللغة بالقيم وأنماط الاستهلاك الحياة والزواج والمعيشة والعلاقات الاجتماعية والأسرية وفي الدين، ومن ثم أثرها وتهديدها للهوية.  ويرى الدكتور بسيوني حمادة أن ذلك لا يعني البتة أن الهوية هي لغة ودين فقط، ولكنها تراث إنساني مشترك والهوية ليست ماضياً فقط ولكنها مستقبل أيضاً وهي قابلة للتطور والتفاعل، المهم ألا يكون ذلك علي حساب القواسم المشتركة والجذور التي يؤدى اقتلاعها إلى ضياع الوجود. 
 
الهوية الوطنية والمناهج التعليمية
يبدي المسؤولون في دولة الإمارات العربية المتحدة اهتماماً واضحاً بتدعيم مكونات الهوية الوطنية وترسيخها، وفي هذا الإطار كان سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني، ونائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، قد أكد أن «الهوية الوطنية لا تستقيم ولا تتماسك دون مناهج تعليمية تنهض بها وترسخ دورها ومكانتها» ما يعكس أهمية أن تساير المناهج التعليمية متطلبات الهوية الوطنية. كما تطرق سموه خلال لقاء جرى أوائل ابريل الماضي مع بعض المسؤولين التنفيذيين في إمارة أبوظبي إلى أهمية اللغة العربية ودورها في التعليم وتعزيز الهوية الوطنية، مشدداً سموه على ضرورة أن تلبي السياسات التعليمية متطلبات الهوية الوطنية وأن يكون التعليم معبراً عن الهوية الوطنية للجيل الجديد وفقاً لثوابت الثقافة العربية والإسلامية لمجتمع الإمارات.  ويرى كثير من المراقبين إن توجيهات سمو الشيخ هزاع بن زايـــد آل نهيان تعيد ترتيب الأولويات في الشأن التعليمي من خلال التشديد على الاهتمام باللغة العربية واعتبارها دعامة التعليم ومكون أساسي من مكونات الهوية الوطنية. وفي هذا الإطار يرى الكاتب أحمد منصور في مقال بعنوان «الهوية والتعليم واللغة» نشرته صحيفة «الاتحاد» بتاريخ 9 أبريل 2013، أن برامج التعليم الأساسي في المدارس وأيضاً التعليم الجامعي ركزت في السنوات الأخيرة على اللغة الإنجليزية بشكل مكثف كونها لغة العلم والتقنية في العصر الحديث، وعلى اعتبار أن إتقان الإنجليزية يفتح المجال أمام الطالب للتفاعل والتواصل مع آخر الابتكارات والاكتشافات العلمية، كما أنها لغة لا غنى عنها في عالم التجارة والأعمال والصناعة، ورغم أن اللغة الإنجليزية وسيلة تساعد الجيل الجديد على التفاعل مع العلوم الحديثة والنهل من المعارف الإنسانية والتواصل الحضاري، ولكنها ليست المكون الأساسي للثقافة الوطنية، ولا ينبغي أن تغلب على اللغة العربية في حياتنا اليومية، كما يقول المنصوري، الذي يضيف قائلاً: هذا ما شاهدناه في السنوات الماضية من إقحام للإنجليزية في بعض الأحيان أكثر من اللازم في التعليم، بحيث أصبحت نسبة الحصص الدراسية بالإنجليزية ضعف العربية، كما أصبح إتقان الإنجليزية شرطاً للقبول في جامعاتنا الوطنية ولغة التدريس في معظم التخصصات. ويختتم الكاتب مقاله مشيراً إلى أننا «أمام معادلة صعبة عندما نتعامل مع ثلاثية الهوية والتعليم واللغة كوننا نعاني أصلاً من خلل في التركيبة السكانية، حيث تشير التقديرات إلى أن نسبة المتحدثين بالعربية في الإمارات من مواطنين وعرب تقل عن النصف. وبدأت ثقافتنا التي كانت هي السائدة في المجتمع تتراجع مؤخراً لصالح ثقافة العولمة والانفتاح التي تفرض على الجيل الجديد ما تحمله من قيم وعادات وممارسات. والواقع أن اللغة العربية التي تعد من أهم مكونات الهوية تراجعت أيضاً في السنوات الماضية لصالح اللغة الإنجليزية في مجال التعليم والاقتصاد والحياة العامة، بعد أن هيمنت الأخيرة على قطاعات حيوية من حياتنا العامة. ويبعث المنصوري في ختام مقاله برسالة مهمة قائلاً: «إن مجتمع الإمارات متسامح بطبيعته ويقبل الآخر ويتعايش مع التغيرات، واستطاع أبناء الإمارات قبل ظهور النفط والرخاء أن يعيشوا في وسط متعدد الثقافات دون الذوبان في قيم الآخر، لأن ثقافتهم العربية والإسلامية كانت هي السائدة، ولكن الآن يحق لنا أن نشعر بالقلق والخوف على هويتنا الوطنية بعد أن اختلت المعادلة ولم يعد أبناء الوطن وما يحملونه من ثقافة ولغة وهوية يشكلون أغلبية، ومع تغوّل قيم العولمة في حياتنا، وفي ظل الجفاء الذي يُمارس في حق اللغة العربية في مجالات التعليم وعالم الأعمال، فإن الهوية الوطنية قد تتراجع ما لم نتدارك الأمر قبل فوات الأوان». ولاشك أن مثل هذه التخوفات على الهوية الوطنية باتت أمراً مشروعاً ولا غبار عليه بل يكتنف العديد من المثقفين والنخب في دول غربية مثل فرنسا وغيرها من الدول التي تشعر بالخطر وتحرص على تعزيز موقع لغتها الوطنية، ومثل هذه الأصوات والدعوات تمثل «الضمير الثقافي الحي» للأمم والشعوب في أوقات التهديد الثقافي، ويعود الفضل إليها في تنبيه المجتمعات من أي مهددات في تجرف هويتها الوطنية في حال تغافل الجميع عنها.
 
مؤشرات مهمة
كشف تقرير واقع اللغة العربية، أن نسبة الطلاب الذين يشكــون من مــادة النحـــو في الإمارات بلغ 67 %، مقارنة بنسبة 59 % من الطلاب في الأردن، بينما تنخفض النسبة إلى 54 % في مصر، وفيما يتعلق بنسبة المعلمين الذين يشكون من مادة النحـــــو، فبلغت في الإمارات 70 %، و62 % في مصر، بينمـــا تنخفض في الأردن إلى 37 %. ولفت التقريـــر، إلى أن 32 % من الطلاب يعتقدون أن لغة التحاور بينهم وبين المعلمين في الصف، هي لغة فصيحة، بينما يرى 10 % أن اللغة المستخدمة هي لغة عامية فقط، فيما يؤكد 56 % من الطلاب أن اللغة المستخدمة مع المعلمين في الصف خليط بين الفصيحة والعامية وتأتي اللغة العربية على مستويات أرقاها الفصيحة التي تتجلى في القرآن الكريم وفي عيون الشعر العربي ونثره في عصور الفصاحة الأولى. ويستخدم 64 % من الطلاب- حسبما يعتقدون- اللغة الفصيحة عند القراءة. ويفضل 31 % من الطلاب القراءة والمطالعة في حصة اللغة العربية مقارنة بالموضوعات الأخرى. وبحسب التقرير أظهرت الدراسات الميدانية أن نسبة 42 % من الطلاب في الوطن العربي يمارسون القراءة مرة واحدة أو أقل في الأسبوع، وأن 64 % فقط من الطلاب الذين يمارسون القراءة يستخدمون اللغة الفصيحة، ما يفسر تركيز اللجنة في تقريرها على ضرورة وضع استراتيجية تشمل إشراك الأسرة والمدرسة والمجتمع لترسيخ ثقافة القراءة.
 
ووضعت اللجنة في تقريرها تصوراً للاستفادة من التطورات التقنية الحديثة خاصة وسائل التواصل الاجتماعي يقوم على استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في الفصل الدراسي وخارجه، وإنشاء نواد ومكتبات إلكترونية، ونشر أعداد كبيرة من الكتب الرقمية الموجهة للناشئة لتشجيعهم على القراءة.
كشف تقرير واقع اللغة العربية، أن 21 % من الطلاب في العالم العربي يستخدمون العربية الفصيحة على شبكات التواصل الاجتماعي، وبلغت نسبة الطلاب الذين يستخدمون العربية الفصيحة خلال تصفح الإنترنـــت 31 %، فيما بلغت نسبة الطلاب الذين يستخدمون العربية الفصيحة في مدوناتهم الشخصية على الإنترنت 28 %، كما أظهر التقرير أن 172 % نسبة المقبلين على تعلم اللغة العربية في الولايات المتحدة الأمريكية في الفترة بين عامي 2000 – 2006.
 
الخاتمة
يظل الحفاظ على اللغة العربية هدفاً استراتيجياً للمجتمعات والدول العربية رغم تباين الآراء ووجهات النظر بين الباحثين والخبراء حول كيفية تحقيق ذلك أو أولويات الأهداف والسبل الكفيلة بتحقيقه، فالخطر الأساسي الذي يهدد الهوية الثقافية هو تراجع مكانة اللغة العربية وتقلص الاعتماد عليها وتداولها وتعجيمها وصولاً إلى التغلغل إلى الفكر والوجدان ومنظومة القيم الأخلاقية والفكرية والاجتماعية السائدة في المجتمعات العربية، من هنا تكمن أهمية الجهود الرسمية التي تبذل على أرفع المستويات في دولة الإمارات العربية المتحدة من أجل حماية وتحصين اللغة العربية والحفاظ على مكانتها باعتبارها الوعاء الحامل لثقافة المجتمع المحلي وحضارته، وما يضاعف من أهمية هذه الجهود أنها تتوازى مع جهود أخرى تبذل في مسارات ذات صلة بالحفاظ على مكونات الهوية الوطنية ربما يأتي في مقدمتها الحفاظ على التراث ومايرتبط به من قيم وعادات وصناعات حرفية وبيئية وأنماط عمرانية وأدبية وثقافية وغير ذلك.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره