مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2014-11-01

دولة الإمارات في ظل قيادة خليفـة عشر سنوات من الإنجازات

تؤكد الشواهد والمؤشرات أن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة -حفظه الله- يعد بكل المقاييس نموذج للقيادة الاستثنائية، حيث تعكس ملامح المشروع النهضوي لدولة الامارات العربية المتحدة في ظل قيادة سموه العديد من السمات الفريدة مثل تمكين المواطن الإماراتي على المستويات كافة والاستثمار في الثروة البشرية المواطنة والعدالة في توزيع عوائد التنمية على أبناء الوطن جميعاً في مختلف الإمارات والاستثمار الأمثل لموارد الدولة الطبيعية، وتوظيفها بكفاءة عالية لخدمة أهداف التنمية الشاملة، وتبنى سياسة تنويع مصادر الدخل والانفتاح على تجارب التنمية العالمية، والاستفادة منها في دعم الاقتصاد الوطني.
 
إعداد: التحرير
 
بموازاة ذلك فإن سمات هذا المشروع النهضوي تنعكس عبر مؤشرات عدة، منها: الارتقاء بجودة الحياة ومستوى الخدمات المقدمة للمواطنين في المجالات كافة، وتبوؤ الإمارات مكانة متقدمة في مؤشرات التنمية الشاملة لعام 2014، وتقدم الإمارات في مؤشر التنمية البشرية لعام 2014، وامتلاك الإمارات لبنية تحتية وأساسية عالمية في مختلف المجالات، وتبوؤ الإمارات مرتبة متقدمة في مؤشرات السعادة والرضا العام، ومواكبة اقتصاد المعرفة والدخول في مجال صناعة الفضاء الخارجي، وتحول الإمارات إلى قوة عالمية مؤثرة في مجال العمل الإنساني والإنمائي، واحتلالها المركز الأول عالمياً في مجال الكفاءة الحكومية لعام 2014، وارتقاء التعليم الإماراتي على طريق العالمية، ومجمل ذلك يصب في خانة تعزيز مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة وقوتها عالمياً. وبمناسبة مرور عشر سنوات على تولي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، الحكم، تسلط "درع الوطن" في هذا العدد الضوء على عقد فريد من الإنجازات والنجاحات التنموية.
 
يمثل صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، نموذجاً للقيادة الاستثنائية التي تمتلك رؤية شاملة ومتكاملة وطموحة للتنمية، استطاع أن يضع دولة الإمارات العربية المتحدة خلال السنوات العشر الماضية في مصاف الدول المتقدمة، وأصبحت معه تتبوأ مكانة مرموقة بين الدول المتقدمة في العالم بما حققته من نهضة تنموية مواكبة للألفية الجديدة، وما تميزت به من حضور دبلوماسي وسياسي واقتصادي إيجابي وقوي في الساحات الإقليمية والدولية، ما عزز مركزها الريادي المرموق في العالم، وهذا ما تؤكده المؤشرات الدولية التي تقيس مظاهر النمو والتطور في المجتمعات المختلفة.
 
لقد تعهد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في خطابه في اليوم الوطني الثالث والثلاثين في الأول من ديسمبر 2004، وهو الأول بعد توليه مقاليد الحكم في البلاد، خلفاً للمغفور، له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بالعمل بتفان في خدمة الوطن والمواطن لتحقيق المزيد من العزة والرفاهية.
 
وقال في هذا الخطاب: "إننا نجدد العهد لقائد مسيرتنا وباني نهضتنا المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، تغمده الله بواسع رحمته ومغفرته، بمواصلة العمل في كل الميادين من أجل المحافظة على مكاسبنا الوطنية وتحقيق المزيد من الإنجازات على طريق تقدم الوطن وسعادة المواطن ونتطلع إليكم جميعاً، كما عهدناكم دوماً قوة فاعلة في المشاركة في مجالات العمل الوطني، وبذل جهودكم والتضحية بالغالي والنفيس للانطلاق إلى مرحلة جديدة من البناء والعمل الوطني لتعزيز مسيرتنا الاتحادية وتحقيق المزيد من العزة والازدهار للوطن والمستقبل المشرق لأجيالنا المتعاقبة".
 
وفي فبراير 2007، أطلق صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في افتتاحه لدورة المجلس الوطني الاتحادي "المشروع النهضوي" لدولة الإمارات في إطار استراتيجية التمكين الشامل، وهو المشروع الذي يجسد آماله وطموحاته لإخوانه وأبنائه المواطنين ويعبر عن نظرة ثاقبة في تحويل الرؤية التطويرية لمرحلة التمكين إلى استراتيجيات عمل وقيم سلوكية يمارسها المواطن في حياته اليومية. 
 
وأكد في هذا الصدد، أن "آمالنا لدولتنا لا سقف لها وطموحاتنا لمواطنينا لا تحدها حدود وأن قمة ما نسعى إليه من "المشروع النهضوي" الذي نأمله لدولتنا هو تحويل الرؤية التطويرية بما تتضمنه من معانٍ ومبادئ ومفاهيم إلى استراتيجيات عمل وقيم سلوكية، يمارسها المواطن في حياته اليومية، وينتصر لها ويدافع عنها ويصون مكتسباتها، وهذه غاية التمكين وقمة المسؤولية والولاء".
 
وعلى الرغم مما حققته الإمارات من إنجازات طوال السنوات العشر الماضية في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله، فإنها تسعى دائماً إلى التفوق والريادة على المستويات كافة، وهذا ما عبر عنه سموه بوضوح في كلمته بمناسبة الاحتفال بالذكرى الأربعين للعيد الوطني، في الثاني من ديسمبر 2011 بقوله "إننا نقف أمام مرحلة جديدة من العمل والاجتهاد لرفعة هذا الوطن الغالي، وإنّ الأربعين عاماً التي مضت كانت البداية لدولتنا، وإن الأهمّ ما هو آتٍ من أجل المسيرة المباركة لدولتنا، التي تشكل تحدياً حقيقياً للحفاظ على المنجزات، وتعزيز تقدّمها وتطورها وازدهارها، وذلك بسواعد رجالنا ونسائنا وأبنائنا المخلصين الأوفياء".
 
 
نموذج للقيادة الاستثنائية 
يقدم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، نموذجاً فريداً للقيادة الملهمة التي تتفاعل بشكل بناء مع شعبها، من خلال تبني سموه لسياسة الباب المفتوح، التي تجعل من التواصل المباشر بين القاعدة والقمة سمة أساسية من سمات الإدارة والحكم في دولة الإمارات على المستويات كافة، وهذا الأمر ينطوي على قدر كبير من الأهمية؛ لأن هذا هو الذي يمثّل القاعدة التي تنطلق منها عملية صنع القرار على المستويات المختلفة، ولهذا تجيء القرارات دائماً معبرة عن المصالح الوطنية العليا، فضلاً عن أن سياسة الباب المفتوح تضمن التعرف بشكل دقيق على احتياجات المواطنين ومتطلباتهم في المجالات المختلفة، وبالتالي التعامل معها بشكل فاعل من خلال الخطط والسياسات المناسبة.
 
وهذا التفاعل بين القيادة والشعب ليس أمراً طارئاً ولا عابراً على السياسة الإماراتية، فهناك من موروث الخبرات والقرارات والتوجيهات التي تبرهن على رسوخ هذه القناعة في ضمير السياسة الإماراتية، منذ بداية دولة الاتحاد، حيث وضع المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أساساً راسخاً للعلاقة بين الحاكم وشعبه، وبمرور السنوات تحولت هذه العلاقة إلى قاعدة راسخة في الحكم.
 
وهذا ما عبر عنه بوضوح صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في أكثر من مناسبة، بقوله "لقد مضت مسيرة الاتحاد في ظل الالتحام الصلب بين القيادة والشعب تستوحي نهج الآباء والأجداد في إصرار موصول نابع من آمال في مواجهة الحاضر والتحضير للمستقبل، والحفاظ على الماضي التليد حتى غدت هذه الدولة منارة للعدل ووطناً مزدهرا ترفرف عليه رايات العزة".
 
ويضيف في موضع آخر "أن شعب الإمارات العربية المتحدة استطاع بتلاحمه مع قيادته أن يجسد أمانيه وينسج بصبر واقتدار كياناً اتحادياً صلباً تتزايد دعائمه رسوخاً وقوة يوماً بعد يوم". ويؤمن صاحب السمو رئيس الدولة بأن التفاعل مع الشعب يجب أن يكون سمة عامة لأداء مختلف المسؤولين في الدولة، وهذا ما عبر عنه بوضوح في كلمة سموه في اليوم الوطني الأربعين في الثاني من ديسمبر عام 2011، حينما وجه القيادات إلى أن تصغي لأصوات الناس وتأخذها في الاعتبار والحكومات إلى أن تهتم بما يحقق التواصل الفعال مع المواطن. 
 
ولا شك في أن هذا التفاعل البناء كان له مردوده الإيجابي على مسيرة التنمية والتطور على المستويات كافة، فقد استطاعت قيادة الإمارات أن تدفع شعبها إلى المشاركة في صنع الحاضر وبناء المستقبل، وصاغت أهدافاً وخطط عمل، أضحت شعاراً يومياً لدى المواطن، تدفعه إلى العمل والمثابرة، ويسترشد بها المسؤولون في مختلف مؤسسات الدولة، ويحولونها إلى دليل عمل يقودهم نحو التقدم المأمول. 
 
ويمتلك صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تجربة تاريخية ثرية في القيادة والإدارة اكتسبها من معايشته وملازمته عن قرب لوالده مؤسس الدولة، المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، خلال مختلف مراحل العمل الوطني، فتشرّب بما يتمتع به القائد من حنكة وحكمة في مباشرة مسؤوليات الحكم، وقد عبر عن ذلك صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، بقوله "كان والدي المعلم الذي أتتلمذ على يديه كل يوم، وأترسم خطاه، وأسير على دربه، وأستلهم منه الرشد والقيم الأصيلة والتذرع بالصبر والحلم والتأني في كل الأمور". 
 
ولا شك في أن نشأة صاحب السمو رئيس الدولة على قيم القيادة الحكيمة وشيمها والخصال الإنسانية الحميدة جعلت منه قائداً مدركاً لمسؤولياته تجاه وطنه ومواطنيه، وقادراً على التفاعل معهم وتحقيق آمالهم وتطلعاتهم وتحويلها إلى واقع ملموس في جميع مناحي النهضة التنموية. 
 
مشروع خليفة النهضوي.. قراءة في الرؤية والمضمون والمرتكزات
يجسد المشروع الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في افتتاح دور الانعقاد الأول للمجلس الوطني الاتحادي في 12 فبراير 2007، معالم رؤيته التنموية، والأسس التي ترتكز عليها، وقد عبر عن ذلك بقوله "إن مشروع التطوير الطموح الذي نستشرفه لدولتنا اليوم هو مشروع نهضوي واسع الأفق لا يختزل الحياة في اقتصادها على أهميته، وإنما يتجاوز ذلك للأخذ بالأبعاد الثقافية والمجتمعية والمعنوية والنفسية".
 
وفي كلمته في اليوم الوطني التاسع والثلاثين في الأول من ديسمبر 2010، حدد سموه، حزمة من الأهداف والمقاصد التي تعمل الدولة على إنجازها في إطار هذا المشروع النهضوي، قائلاً: "إننا ماضون على أساس من أفضل الممارسات في بناء الدولة وأطرها المؤسسية والقانونية مؤسسين لاقتصاد حر قوي متنوع وبنية تحتية متطورة وتنمية اجتماعية مستدامة، وتتحرك مؤسساتنا الثقافية والاجتماعية في ثقة تعزيزاً للهوية الوطنية وبناء للإنسان على أرض الوطن العزيز، فالإنسان هو الثروة الحقيقية للأمم وهو أساس نهضة الدول".
 
من هذا، يتبين بجلاء أن المشروع النهضوي لصاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، يتبنى رؤية تنموية شاملة، تقوم على منظومة متكاملة الأبعاد ومتعددة المراحل، فهي تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية وغيرها، لأنها تركّز في الأساس على رفع مستوى الحياة بعناصرها كلها، كما أنها تنمية متوازنة، تستهدف أبناء الوطن جميعاً، هذا فضلاً عن أنها تنمية لا تنظر إلى الحاضر فقط، وإنما تهتم دائماً بالنظر إلى المستقبل وتعمل على استشرافه والاستعداد له بالطرق والأساليب الممكنة كلها، من أجل ضمان استمراريتها وديمومتها.
 
بمعنى آخر، فإن المشروع النهضوي لصاحب السمو رئيس الدولة لبناء الإنسان وتقدم الوطن يرتكز على مجموعة من الركائز، أبرزها:
 -1تمكين المواطن الإماراتي على المستويات كافة: فلا شك أن المبدأ الأساسي الذي تتمركز حوله فلسفة الحكم والتنمية في الإمارات هو المواطن، هو الهدف الأسمى لمختلف السياسات التي تنتهجها القيادة، وقد عبر عن ذلك بوضوح صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في كلمته بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين لاتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر 2005، بقوله: "الإنسان هو أغلى ما تمتلكه هذه الدولة وأكثر ما تهتم به، ولن تألو الدولة جهداً في تلبية الاحتياجات والتطلعات المتنامية، وتوفير كل ما من شأنه تحسين مستوى المعيشة وتأمين الرفاه الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين والمقيمين".
 
 ومنذ أن أعلن صاحب السمو، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في عام 2005 انتقال دولة الإمارات العربيّة المتحدة من "مرحلة التأسيس" إلى "مرحلة التمكين" التي تقوم في الأساس على تعزيز مشاركة المواطنين في العمل الوطنيّ، لم تتوقف القرارات والاستراتيجيات التي تهدف إلى تمكين المواطن في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لاقتناع سموه الراسخ أن الوطن من دون مواطن لا قيمة له ولا نفع منه مهما ضمت أرضه من ثروات وموارد، ولهذا أكد سموه في كلمته في اليوم الوطني الرابع والثلاثين، بقوله "إن الدولة قد حرصت منذ قيامها في الثاني من ديسمبر 1971 على تسخير كل الإمكانات المتاحة لتنمية الإنسان، باعتبار ذلك ضرورة وطنية، فوفرت كل الإمكانات لبناء المواطن القادر والمؤهل والصالح، وركزت على النهوض بالمرأة وتمكينها لتضطلع بدورها الطبيعي كمشارك فاعل في عملية التنمية الشاملة".
 
-2 الاستثمار في الثروة البشرية المواطنة، من منطلق أن بناء الإنسان الإماراتي، والعمل على الارتقاء بقدراته وإمكانياته إنما هو الهدف الذي ترتكز عليه خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهذا ما عبر عنه صاحب السمو الشيخ خليفة، في كلمته بمناسبة الذكرى السابعة والثلاثين لاتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2008 بقوله: "إن المعيار الأول في تنمية القدرة الوطنية، هو الاهتمام بالنوعية على مستوى الوسائل والمخرجات، وهذا يتطلب زيادة القدرات التنافسية للأفراد، بما يتناسب واحتياجاتنا وخططنا التنموية".
 
وهذا يشير بوضوح إلى أن سموه يؤمن بأن الاستثمار في الإنسان هو الأهم في سياق التنمية الوطنية، ذلك أن العائد المرجو من هذا الاستثمار ينعكس بصورة مباشرة على مستقبل الدولة وعلى قطاعاتها المختلفة، وبقدر ما يكون هناك اهتمام بالعنصر البشري في تكوينه وتأهيله وتوجيهه نحو الغايات العليا، يكون الغد مشرقاً، والمستقبل بهذا المعنى يمكن قراءته من خلال نوعية الرصيد البشري المختزن في الحاضر.
 
ويدرك سموه أن ما تحقق من إنجازات في مجال التنمية المختلفة إنما هو نتيجة للعنصر البشري، وفي هذا يقول سموه: "إن ما تحقق من إنجازات إن على صعيد البنية التحتية أو على صعيد تنويع المصادر الإنتاجية هو ثمرة لجهود الإنسان الذي قال عنه الوالد الشيخ زايد، رحمه الله، إنه الثروة الحقيقية التي نملكها والذخيرة التي تضمن مستقبلنا". 
 
إن الاستثمار في البشر هو ضرورة أيضاً لتعظيم مكانة الدولة، والارتقاء بوضعها التنافسي على الساحة الدولية. ولذا، تضع الإمـارات نصب أعينهـا تنميـة المورد البشـري، باعتبـاره الثروة الحقيقية التي ترتكـز عليهـا كل جـوانب التنمية، فهذا الهدف هو جوهر فلسفة مرحلة التمكين التي تسعى إلى "تهيئة البيئة المبدعة اللازمة لتمكين الفرد المواطن من عناصر القوة اللازمة ليصبح أكثر إسهاماً ومشاركة في مختلف مجريات الحياة الاجتماعية والسياسية والإنتاجية والمعرفية"، ولذلك فإنها توجّه كل الاهتمام والموارد والخطط والاستراتيجيات نحو تحقيق هذا الهدف، من خلال الاهتمام الكبير بالتعليم في مراحله كافة، والحرص على تحديثه وتفعيله، ورصد كل الموارد الماليّة التي يحتاج إليها، وتطوير الخدمات الصحيّة وخدمات الإسكان والثقافة والإعلام، إضافة إلى الحرص على إيجاد بنية تحتيّة عصريّة ومتطوّرة، وهذا ما انعكس بوضوح في الميزانية الاتحادية للعام 2014، والتي تم تخصيص ما نسبته 51% منها لقطاع التنمية الاجتماعية والمنافع الاجتماعية، وهو القطاع الذي يضم خدمات التعليم، بشقيها العام والعالي، وخدمات الرعاية الصحية، وخدمات التوظيف وسوق العمل، وخدمات الإسكان، والخدمات المرتبطة بالثقافة والشباب وتنمية المجتمع والشؤون الاجتماعية، وغيرها من المنافع الاجتماعية ذات الصلة ببناء الإنسان الإماراتي، والارتقاء بقدراته كي يكون أكثر قدرة على المشاركة بفاعلية في مسيرة التنمية.
 
-3 العدالة في توزيع عوائد التنمية على أبناء الوطن جميعاً في مختلف الإمارات من خلال العمل على امتداد خطط وبرامج التنمية إلى مختلف إمارات الدولة ومناطقها، حتى ينعم الجميع بثمار هذه التنمية التي استطاعت الدولة تحقيقها خلال السنوات القليلة الماضية.
 
وهذا ما أشار إليه بوضوح صاحب السمو الشيخ خليفة، في الذكرى الأربعين للعيد الوطني في الثاني من ديسمبر 2011، بقوله: "لا فرق بين مواطن ومواطن في دولتنا، والجميع سواسية في الحقوق والواجبات، والغاية الرئيسية للنشاط الحكومي في أوجهه كافة هي تحسين نوعية الحياة، وضمان استدامة التقارب المعيشي بين مواطني الدولة، وتمتع الجميع بفرص متكافئة، ومزايا منصفة، وهذا ما نحن ماضون فيه عبر العديد من المبادرات التي تغطي بمشاريعها التطويرية والإسكانية والخدمية إمارات الدولة ومناطقها كافة".
 
وأعاد صاحب السمو تأكيد هذا النهج في كلمته بمناسبة العيد الوطني الحادي والأربعين في الثاني من ديسمبر 2012 بقوله: "تكريساً لمبدأ التنمية المتوازنة بين مناطق الدولة وإيماناً بأنه روح الاستقرار وأساس البيئة المثالية المنشودة لتنشئة الأجيال في أسر تنعم بالعيش الكريم، أطلقنا حزمة مبادرات هادفة غايتها تركيز الجهد الحكومي وتوجيه الموارد المالية للارتقاء بالبنى التحتية والخدمات الأساسية في جميع إمارات الدولة ومناطقها، مع إعطاء أولوية قصوى للمشروعات التطويرية ذات العلاقة المباشرة بحياة الناس في رفاهيتهم ومصادر رزقهم".
 
-4الاستثمار الأمثل لموارد الدولة الطبيعية، وتوظيفها بكفاءة عالية لخدمة أهداف التنمية الشاملة، حيث يتبنى صاحب السمو الشيخ خليفة فلسفة عميقة تستهدف حسن استخدام هذه الثروة ورشادة إدارتها، والاستثمار فيها بشكل فاعل، لكي تظل عنصر دخل مستدام للأجيال المقبلة. وقد عبر عن رؤيته ذلك بقوله: "إن استراتيجية البترول لدولة الإمارات تقوم على استثمار الثروة البترولية بصورة مدروسة تضع في الاعتبار الوفاء بمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تستهدف بناء صرح للرخاء فوق أرضنا تحقيقاً لحياة أفضل للإنسان في دولة الإمارات، كما تضع في الاعتبار بالقدر نفسه تحقيق مشاركة الأجيال القادمة في بلادنا في الثروة البترولية".
 
-5 تبني سياسة تنويع مصادر الدخل، باعتبارها خياراً استراتيجياً مستقبلياً في نموذج التنمية الإماراتي، من منطلق أن وجود النفط لم يكن يوماً مدعاة إلى الاكتفاء به أو الركون إليه وحده، وأيضاً من أجل تفادي الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل، وحتى لا يكون الاقتصاد الوطني عرضة لمخاطر الاعتماد على سلعة واحدة، تخضع لتقلّبات الأسعار وظروف العرض والطلب في الأسواق العالمية. 
 
وقد حدد سموه أهداف سياسة التنوع الاقتصادي، في كلمته بمناسبة العيد الوطني الحادي والأربعين في الثاني من ديسمبر 2012 بقوله: "وتعزيزاً للقدرة الوطنية الذاتية وحفاظاً على حقوق الأجيال القادمة، تبنت الدولة استراتيجية التنويع الاقتصادي والتوظيف الجيد لموارد النفط في تنمية القطاعات الاقتصادية الواعدة والصناعات ذات القيمة المضافة العالية، وتشجيع القطاع الخاص للإسهام الجاد في عملية التنمية، وتوفير المناخ الملائم لجذب الاستثمارات وإنشاء المناطق الحرة، وتكوين الشراكات الاستراتيجية مع الشركات العالمية، وتحديث القوانين والتشريعات، وتوسيع مساهمة القطاع المالي وقطاع الخدمات اللوجستية في الناتج المحلي الإجمالي، والتي وجدت ترحيباً من الأوساط المالية العالمية". 
 
-6 الانفتاح على تجارب التنمية العالمية، والاستفادة منها في دعم الاقتصاد الوطني، وذلك من منطلق أن العالم أصبح في ظل العولمة متشابكاً ومتداخلاً في كل المجالات، ولاسيما في المجال الاقتصادي. ولم يعد في مقدور أي دولة أن تعيش بمفردها مهما بلغت قدراتها وإمكاناتها، وبالتالي لم يعد الاندماج في العولمة خياراً، وإنما هو حتمية لازمة للبقاء ضمن دائرة التقدم العالمي الذي يشهد قفزات كبيرة ومتسارعة في كل المجالات.
 
ولهذا يؤمن صاحب السمو الشيخ خليفة بضرورة مواجهة المتغيرات الاقتصادية العالمية بثقة والتفاعل معها بوعي، والاستفادة من الخبرات الاقتصادية المختلفة، ولهذا فإن الإمارات تعتبر من الدول التي أدركت مبكراً أهمية الانفتاح على التجارب الاقتصادية العالمية، ولم تقف كثيراً عند الجدل حول فوائد ومخاطر العولمة، وإنما نظرت إليها على أنها حقيقة عالمية واقعة لا بدّ من التفاعل معها والأخذ بما توفره من فرص ومكاسب، وصاغت توجّهاتها وخططها الاقتصادية على هذا الأساس، وهذا في رأي البعض كان مصدراً رئيسياً لتحقيق التنافسية المتطورة التي شهدتها الدولة في السنوات الأخيرة، والتي لم تكن لتتحقق دون وجود قيادة قوية تصون التحول نحو ثقافة اقتصادية محلية تؤمن بالتنافسية التي يجري تحقيقها من دون المساومة على قيم المجتمع ومعتقداته. 
 
ملامح النهضة الإماراتية في ظل قيادة خليفة
لعل المتابع لحجم الإنجازات التي تحققت خلال السنوات العشر الماضية، يدرك بوضوح كيف أن المشروع النهضوي الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، قد وضع الإمارات في مرتبة متميزة على خريطة الدول المتقدمة، وجعل منها تجربة تنموية فريدة تعبر عن خصوصيتها المجتمعية والثقافية والحضارية، تتمركز حول الإنسان الإماراتي باعتباره ركيزة التنمية والهدف منها، وتتطلع بكل ثقة وتفاؤل إلى المستقبل، وهذا ما أكدته العديد من التقارير والتقييمات الدولية الصادرة عن المؤسسات الدولية المتخصصة والمؤشرات والإحصاءات التي تقيس، بشكل دوري ودقيق، مستويات التقدم والرقي التي حققتها دولة الإمارات خلال السنوات الماضية في مجالات التنمية المختلفة، مقارنة بغيرها من الدول سواء في محيطها العربي أو الإقليمي أو الدولي، فضلاً عن التقدير الدولي المتزايد للقيادة في الإمارات، باعتبارها نموذجاً للحكم الرشيد الذي يقف وراء نجاح نموذج التنمية الإماراتي، وذلك استناداً إلى ما تتبناه من رؤى تنموية في الداخل، وسياسة خارجية حكيمة وهادئة في الخارج تخدم الاقتصاد الوطني. وفيما يلي عرض لأهم الإنجازات التي حققتها الإمارات خلال السنوات القليلة الماضية على المستويات كافة:
 
-1 الارتقاء بجودة الحياة ومستوى الخدمات المقدمة للمواطنين في المجالات كافة: يعتبر التمكين الهدف الرئيسي للمشروع النهضوي لدولة الإمارات، هذا المشروع الذي يستثمر في رأس المال البشري ليمكن أفراد المجتمع الإماراتي من الإسهام الفاعل والمشاركة الإيجابية في صنع المستقبل. ولهذا يحرص صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، على تمكين مختلف فئات المجتمع، والاستفادة من طاقاتها المختلفة، لتكون روافد داعمة لمسيرة التنمية في الدولة، وذلك من منطلق الإيمان بأن أي تنمية حقيقية ومستمرة يجب أن تستثمر كل قوى المجتمع، البشرية والاقتصادية والثقافية وغيرها، لأن تجاهل أي من هذه القوى يجعل منها طاقة مهدرة.
 
ولتحقيق هذا الهدف، فقد أعلن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، العديد من المبادرات النوعية التي تحقق هذا الهدف، ففي كلمته في اليوم الوطني الثاني والأربعين في الأول من ديسمبر 2013، حزمة من المبادرات والقرارات التي تجسد رؤاه الاستراتيجية في "ترسيخ ثقافة المواطنة وتعميق حب الوطن وتأكيد الولاء له وتعزيز التلاحم والتواصل القائم بين الشعب وقيادته"، وتعبر في ذات الوقت عن حرصه على صنع المستقبل الأفضل للوطن والمواطن.
 
وأعلن رئيس الدولة، إيماناً منه بأن السكن هو أساس الاستقرار النفسي والاجتماعي والاقتصادي للأسر المواطنة، إطلاق مشروع إسكاني متكامل جديد يستهدف بناء عشرة آلاف وحدة سكنية على امتداد إمارات الدولة ومناطقها "على أن تتولى لجنة متابعة المبادرات التي وجهنا بتشكيلها التنسيق الفوري مع الجهات الاتحادية والمحلية المعنية بما يعجل بتنفيذ المشروع ويحقق غاياته بتهيئة الظروف الملائمة لنشأة أفراد المجتمع في بيئات أسرية سليمة تنشد التلاحم والتراحم فيما بينها والاستقرار الاجتماعي.
 
وأعلن سموه أنه قرر بهذه المناسبة اعتماد 20 مليار درهم مبلغاً إضافياً للصرف على المبادرات التي كان سموه قد أطلقها. وقرر سموه رفع قيمة الدعم السكني الذي يحصل عليه المواطن من "برنامج الشيخ زايد للإسكان" من 500 ألف إلى 800 ألف درهم، مشيداً سموه بقرار الحكومة تخصيص أكثر من 50% من ميزانيتها للعام 2014 لقطاع المنافع الاجتماعية لتطوير والارتقاء بالتعليم والصحة والعمل والشؤون الاجتماعية والإسلامية والثقافية والشباب وتنمية المجتمع وبرنامج الشيخ زايد للإسكان. وأوضح سموه أن المستقبل الذي تتطلع إليه دولة الإمارات يتطلب بيئة اجتماعية ثقافية غنية مؤثرة مؤكداً دور الثقافة الوطنية وإدماج مكوناتها في مناهج التربية وسياسات الإعلام وبرامج التنشئة الأسرية والاجتماعية مع ترسيخ الولاء للوطن وقيادته واحترام الدستور والامتثال للقانون والالتزام بقيم المجتمع.
 
وهذه المبادرات لا تنفصل عن مبادرات سموه السابقة التي تستهدف الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين وتحسين نوعية حياتهم، كمبادرة "أبشر" عام 2012 لتعزيز مشاركة الكوادر الوطنية في سوق العمل. وأكد نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي شارك في الاحتفال الذي أقيم لدى إطلاق هذه المبادرة، أن "المواطن عند رئيس الدولة هو أولاً وثانياً وثالثاً". كما أكد سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة أن المبادرة ستوفر أكثر من 20 ألف فرصة عمل للمواطنين في القطاعين العام والخاص في السنوات الخمس القادمة. وحظي برنامج "أبشر" لخلق فرص عمل للمواطنين الذي تتولى وزارة شؤون الرئاسة تنفيذه بتجارب كبيرة من قبل المؤسسات المستهدفة، وتمكن ممن توقيع مذكرات تفاهم مع نحو 40 مؤسسة تعهدت بتوفير أكثر من 20 ألف فرصة عمل للمواطنين في السنوات الخمس المقبلة.
 
كما حرص رئيس الدولة على تمكين أبنائه المواطنين من الشباب والشابات بإنشاء صندوق خليفة لتمكين المواطنين وصندوق خليفة لتطوير المشاريع لدعمهم في رفع مستواهم الاجتماعي والاقتصادي.
 
-2 تبوؤ مكانة متقدمة في مؤشرات التنمية الشاملة، وهذا ما أكده بوضوح "تقرير التنافسية العالمي" الصادر عن "المنتدى الاقتصادي العالمي" (دافوس، 2014-2015)، حيث أشار التقرير إلى أن دولة الإمارات تقدمت 7 مراتب في التنافسية الكلية لاقتصادها خلال سنة واحدة لتحرز المركز الـ 12 عالمياً بعد أن كانت في المركز الـ19 العام الماضي، حيث حلت في المرتبة الأولى عالمياً في جودة الطرق وفي غياب الجريمة المنظمة وفي قلة التضخم، وجاءت في المرتبة الثانية عالمياً في مشتريات الحكومة من التكنولوجيا المتقدمة وفي فعالية الإنفاق الحكومي وفي جودة البنية التحتية في قطاع الطيران وقلة العقبات التجارية، وفي المرتبة الثالثة عالمياً في ثقة المواطنين بالحكومة والقيادة وفي قلة البيروقراطية الحكومية وفي جودة الموانئ وفي كفاءة الإجراءات الجمركية واستقطاب التكنولوجيا عن طريق الاستثمار الأجنبي المباشر، فضلاً عن اجتذاب المواهب المتخصصة في بناء اقتصاد المعرفة. 
 
إضافة إلى ذلك فقد أشار التقرير إلى تحسن أداء الإمارات في 78 مؤشراً فرعياً من أصل 114 مؤشراً للتنافسية خلال عام واحد فقط.
 
-3 تقدم الإمارات في مؤشر التنمية البشرية لعام 2014 الذي أطلقه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في طوكيو في أغسطس 2014، فوفقاً للتقرير فإن الإمارات أحرزت تقدماً ملحوظاً في قطاعات الصحة والتعليم وإجمالي الدخل القومي، كما ارتفع متوسط عمر المواطن من 76.7 إلى 76.8 سنة بالمقارنة مع تقرير العام الماضي، فيما بلغ متوسط سنوات الدراسة للمواطن الآن 13.3 سنة بالمقارنة مع 12 عاماً، وارتفع مؤشر التنمية البشرية بوجه عام في الإمارات درجتين، حيث حلت في المرتبة 40 بين 187 بلداً، ما يجعلها تحافظ على وضعها المتقدم بين فئة البلدان ذات التنمية البشرية العالية جداً.
 
كما حلت الإمارات في المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر احترام المرأة وفقاً للتقرير الصادر عن مجلس الأجندة العالمية التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي في إبريل 2014، كما حلت في المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر التماسك الاجتماعي الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية في إبريل 2014، وهذا كله إنما يؤكد بوضوح أن الإمارات قد استطاعت أن تحقق أعلى معايير التنمية البشرية وما يرتبط بها من مظاهر للتقدم والرفاهية، لا على المستويين العربي أو الإقليمي فحسب، وإنما على المستوى العالمي كذلك.
 
-4 امتلاك الإمارات لبنية تحتية وأساسية عالمية في مختلف المجالات، وذلك ترجمة لجهود صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وتوجيهاته المستمرة لتطويرها، حيث أمر سموه تخصيص 16 مليار درهم لتنفيذ بنية تحتية متكاملة في جميع أنحاء الدولة. كما أمر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في عام 2011 بزيادة الاستثمارات في المناطق الشمالية من الدولة في قطاع الماء والكهرباء لتصل إلى خمسة مليارات و700 مليون درهم بعد متابعة نتائج الجولة الميدانية التي قام بها الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، تنفيذاً لتوجيهات رئيس الدولة بهدف الوقوف عن كثب على احتياجات المواطنين من الخدمات الأساسية والتحقق من التزام المؤسسات الحكومية المعنية بالوفاء بهذه الاحتياجات في مختلف القطاعات بما في ذلك مشاريع البنية الأساسية.
 
هذا، وتُجمع المؤسسات الدولية مثل ـ"المنتدى الاقتصادي العالمي" و"البنك الدولي" و"صندوق النقد الدولي" و"منظمة الأمم المتحدة" وغيرها، على أن دولة الإمارات العربية المتحدة الآن هي واحدة من أكثر دول العالم تميزاً في مؤشرات جودة البنية التحتية، التي تحتل الدولة المرتبة الرابعة عالمياً فيها، فيما يؤشر إلى مدى كفاءة بنيتها التحتية وجاهزيتها لاحتضان مختلف الأنشطة الاقتصادية، باعتبار أن توافر هذه البنية هو أحد أهم المحددات التي يضعها المستثمرون الأجانب نصب أعينهم لدى إقدامهم على المفاضلة بين وجهات الاستثمار المحتملة.
 
وعلى الرغم من الإنجازات الكبيرة التي حققتها دولة الإمارات العربية المتحدة في تطوير بناها التحتية على مدار السنوات الماضية، فإنها تمتلك فرصاً كبيرة لتحقيق المزيد في السنوات المقبلة، فالفرص سانحة أمامها للتقدم إلى صدارة الترتيب العالمي في مؤشرات جودة البنية التحتية خلال سنوات معدودة، وفي ظل الخطط التنموية الطموحة التي تتبنّاها دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تأتي ضمنها خطط تطوير البنية التحتية، تزداد فرص تصدرها الترتيب العالمي في هذا الشأن، فمن المتوقع وفقاً لمؤسسة "إي سي هاريس" أن تستثمر الدولة نحو 329 مليار دولار لتنفيذ مشروعات البنية التحتية حتى عام 2030، وهو ما يمنحها المزيد من الجودة والكفاءة ويدفعها إلى التقدم في التصنيف الدولي وفقاً للأهداف المنشودة.
 
-5 تبوؤ الإمارات لمرتبة متقدمة في مؤشرات السعادة والرضا العام: حيث جاءت الإمارات في المركز الأول عربياً والرابع عشر عالمياً وفقاً لتقرير السعادة العالمي 2013 الصادر عن منظمة الأمم المتحدة، وفيما يتعلق بمؤشر الرضا العام، فقد أظهر الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة "تي إن إس" الشرق الأوسط وإفريقيا، في يوليو 2014 التي تعد من أكبر مؤسسات الأبحاث المتخصصة في دراسات السوق في العالم، العديد من الحقائق المهمة التي تتعلق بمستوى شعور المواطنين في دولة الإمارات العربية المتحدة بالرضا، حيث أكد الاستطلاع أن معظم مواطني الإمارات يرون أنهم يتمتعون بنوعية حياة أفضل من غالبية مواطني الدول الأوروبية، حيث قال %97 ممن شاركوا في الاستطلاع إنهم "راضون جداً" أو "راضون نوعاً ما"، بزيادة قدرها %6 عن نتائج الاستطلاع الذي أجرته المؤسسة في عام 2011، وهذا يؤكد أن مستوى الرضا العام في الإمارات يتزايد بشكل كبير حتى وصل إلى نحو 0، وبهذا فإن معدل الرضا لدى المواطنين الإماراتيين قد أصبح على المستوى نفسه في الدول الإسكندنافية التي يتم تصنيفها، في مثل هذه الاستطلاعات، على أنها "المعيار الذهبي" لرضا المواطنين على المستوى العالمي.
 
وجاءت الإمارات في المركز الأول إقليمياً والمركز الـ19 عالمياً في مؤشر التقدم الاجتماعي العالمي، الذي يقيس مدى ما توفره البلدان من احتياجات اجتماعية ومناخية لمواطنيها، الذي أصدره منتدى سكول العالمي وأعدته كلية الاقتصاد في جامعة هارفارد عام 2013 وحلت الإمارات في المركز الـ19 عالمياً في مؤشر التقدم الاجتماعي بمعدل 50.9 نقطة. وجاءت في المركز 11 في المؤشر الفرعي للاحتياجات البشرية بمعدل 60.1 نقطة. واحتلت المركز 37 في مؤشر أسس الرفاهية بمعدل 45.4 نقطة. والمركز 30 في مؤشر الفرص بمعدل 47.2 نقطة. فيما حلت في المركز الثالث من حيث الناتج المحلي للفرد (47.89 ألف دولار). 
 
وفي مؤشر السلامة الشخصية الذي يندرج تحت مؤشر الاحتياجات البشرية الأساسية الفرعي جاءت الإمارات في المركز التاسع بمعدل 63.92 نقطة. وحلت في المركز الـ13 في مؤشر التغذية والرعاية الصحية بمعدل 60.3 نقطة. ومؤشر الإيواء الفرعي في المركز الـ13 بمعدل 58.42 نقطة. وفي مؤشر توفير المياه والمناخ والصحة العامة حلت في المركز الـ 17 بمعدل 57.84 نقطة. وفي مؤشر أسس الرفاهية جاءت في المركز 15 في الصحة والرفاهية بمعدل 59.9 نقطة. وفي مؤشر الحصول على المعلومات والاتصالات جاءت في المركز الـ14 بمعدل 58.4 نقطة. وفي مؤشر الفرص والحرية الشخصية الفرعي جاءت في المركز الـ18 بمعدل 56.29 نقطة. وفي المساواة والإدماج جاءت في المركز الـ21 بمعدل 51.3 نقطة. وفي مؤشر توفير فرص التعليم العالي جاءت في المركز الـ28 بمعدل 45.99 نقطة. وفي مؤشر الحقوق الشخصية جاءت في المركز الـ44 بمعدل 35.8 نقطة.
 
-6 مواكبة اقتصاد المعرفة والدخول في مجال صناعة الفضاء الخارجي: جاء القانون الاتحادي الخاص بإنشاء "وكالة الإمارات للفضاء"، الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في يوليو 2014، استكمالاً لسلسلة قوانين اتحادية وإنجازات حضارية تصب جميعها في هدف تسريع العمل وحث الخطى لتنفيذ استراتيجية الدولة نحو "رؤية الإمارات 2021" من جهة، والاقتراب أكثر فأكثر من المجتمع المأمول الذي نسعى جميعاً للوصول إليه، وهو مجتمع المعرفة، من جهة ثانية. فلا شك أن "وكالة الإمارات للفضاء" ستسهم في تسريع الجهود والخطى نحو تنمية وتطوير استخدامات العلوم والتقنيات الفضائية في الدولة وخوض غمار البحث العلمي في التقنيات الفضائية وتعزيز مكانتها في مجال البحوث العلمية، كما وجّه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بهذا الأمر لحظة إعلانه الشروع بتنفيذ برنامج إماراتي لإرسال أول مسبار خليجي وعربي وإسلامي يصل إلى كوكب المريخ في عام 2021، فيما يتيح لدولة الإمارات العربية المتحدة الدخول إلى مجتمع المعرفة وإنتاجها ضمن تسع دول متقدمة في العالم فقط لها برامج استكشاف الكوكب الأحمر.
 
فضلاً عن ذلك، فإن "وكالة الإمارات للفضاء" ستكون رافداً اقتصادياً جديداً يسهم بشكل حيوي في تنويع الاقتصاد الوطني ويعزز من سياسة التوطين والتمكين وتأهيل الخبرات الوطنية لعلم يعد من أعقد العلوم وتكنولوجيا الفضاء المعاصرة في عالم اليوم، وفق أفضل معايير السلامة والضوابط المتعلقة بالقطاع الفضائي واستخداماته المتعددة. ولا شك أن دخول الإمارات في مجال الفضاء إنما هو ترجمة لما حققته من تطور ونهضة في المجالات الأخرى، من بنى تحتية وتكنولوجية متطورة، بل والأهم من كل ذلك، الاستثمار الأول والأخير الذي اعتمدت عليه القيادة الرشيدة كوسيلة وغاية وهدف هو الإنسان، باعتباره الفاعل والمحرك الرئيسي لعجلة التنمية البشرية، وهو معين الابتكار والمعرفة المادية والإبداعية، وتسريع حركة هذه العجلة وديمومة الحياة فيها، باتجاه تحقيق الرؤية الاستراتيجية للإمارات 2021.
 
لقد كان استكشاف الفضاء على الدوام، حكراً على الدول الكبرى التي تمتلك التكنولوجيا المتقدمة القادرة على الوصول إليه، إلا أن الإمارات تؤمن بالقدرة على التنافس في أي مجال من مجالات الترقي والتطور، مادامت امتلكت أدوات هذا التنافس وآلياته، وفي مقدمتها الثقة بالنفس والقدرات المادية والبشرية، والتخطيط الجيد، والتفكير المستقبلي المبني على رؤى واضحة، وهذا ما أكده صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، بقوله: إن "هدفنا أن تكون الإمارات ضمن الدول الكبرى في مجال علوم الفضاء قبل 2021، ثقتنا بالله كبيرة وإيماننا بأبناء الإمارات عظيمة وعزائمنا تسابق طموحاتنا وخططنا واضحة للوصول إلى أهدافنا بإذن الله تعالى".
 
-7 الإمارات قوة عالمية مؤثرة في مجال العمل الإنساني والإنمائي: فقد جاء انضمام دولة الإمارات العربية المتحدة عضواً رسمياً مشاركاً إلى لجنة المساعدات الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في شهر يوليو 2014، ليؤكد الموقع المحوري الذي أصبحت الإمارات تحت قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، تتصدره على خريطة الدعم الإنمائي الدولي، وكيف أنها غدت عنصراً أساسياً في المنظومة العالمية لتعزيز التنمية والتقدم في العالم.
 
إذ تضم لجنة المساعدات الإنمائية أهم الدول المانحة للمساعدات في العالم مثل الولايات المتحدة واليابان والمملكة المتحدة وغيرها، ولم يأت انضمام الإمارات إليها من فراغ، وإنما نتيجة لمساهمات رائدة وفاعلة في مجال تقديم المساعدة لكل الدول والمجتمعات التي تحتاج إليها، وقد كشفت لجنة المساعدات الإنمائية ذاتها في شهر إبريل 2014 عن أن دولة الإمارات العربية المتحدة احتلت المرتبة الأولى عالمياً كأكثر الدول المانـحة للمساعدات الإنمائية الرسمية مقارنة بدخلها القومي الإجمالي لعام 2013 بقيمة أكثر من خمسة مليارات دولار، وذلك بعد أن كانت في المركز الـ19 في عام 2012.
 
-8 الإمارات الأولى عالمياً في مجال الكفاءة الحكومية، وفي جودة القرارات الحكومية، وفي غياب البيروقراطية وفي حسن إدارة الأموال العامة، وذلك وفقاً للكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2014، الذي يصدر عن "المعهد الدولي للتنمية الإدارية" في سويسرا. وفي المجالات الأخرى التي يهتم بها التقرير جاءت دولة الإمارات في المراكز الأولى أيضاً، حيث حلت في المركز الثاني عالمياً في مجال القيم والسلوكيات الحكومية وفي سهولة ممارسة الأعمال، وفي المركز الثالث عالمياً في مؤشر التجارة الدولية ومؤشر الأداء الاقتصادي والسياسة المالية الحكومية، كما جاءت بين الدول الخمس الأولى عالمياً ضمن 35 مؤشراً فرعياً في التقرير.
 
ويزيد من أهمية هذا الإنجاز بالنسبة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، أن الكتاب السنوي للتنافسية العالمية يعد أحد أهم التقارير العالمية في هذا المجال، ويتم الاعتماد عليه بشكل كبير من قبل صناع القرار والمسؤولين والمستثمرين في اتخاذ قراراتهم الاقتصادية والاستثمارية. فضلاً عن ذلك فإن حصول الإمارات على هذا الموقع الدولي المتميز في مجال التنافسية، يؤكد بوضوح أنها تمضي في طريقها الصحيح لتحــقيق الهدف المركزي لـ "رؤية الإمارات 2021"، وهو الذي يتمثل في جعل دولة الإمارات العربية المتحدة من أفضل الدول في العالم في الذكرى الخمسين لإنشائها، كما أن القيادة الإماراتية تضع أهدافها المستقبلية وهي تؤمن بقدرة أبناء الشعب الإماراتي على تحقيقها وتثق بذلك، مهما بدت صعبة.
 
-9 التعليم الإماراتي على طريق العالمية: تولي دولة الإمارات العربية المتحدة تطوير منظومة التعليم، وخاصة التعليم العالي، اهتماماً استثنائياً، بما يحقق مخرجات تعليمية إيجابية تتوافق مع أرقى المعايير العالمية. ولعل حصول جامعة الإمارات العربية المتحدة على المركز الأول عربياً والـ76 عالمياً على مستوى الجامعات للدول الصاعدة، بحسب تصنيف "مؤسسة تايمز للتعليم العالي" لتصنيف الجامعات العالمية للعام الدراسي 2013-2014 يعد خير دليل على تميز التعليم العالي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وارتقائه إلى المعايير العالمية، خاصة إذا ما تم الأخذ في الاعتبار أن جامعة الإمارات العربية المتحدة قد تفوقت في هذا التصنيف على كثير من الجامعات العالمية المرموقة.
 
إن حصول جامعة الإمارات العربية المتحدة على هذه المرتبة المتقدمة عربياً وإقليمياً وعالمياً إنما هو نتاج طبيعي للاهتمام الذي توليه دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيـس الدولة، حفظه الله، لتطوير منظومة التعليم في مراحلها المختلفة، والعمل على توفير البيئة المناسبة التي تضمن لمؤسسات التعليم العالي تطبيق أحدث المعايير العالمية في مجال البحوث والعلوم، وذلك من منطلق إدراكها القوي بأن العلم هو قاطرة التنمية، والطريق نحو تحقيق الطموحات الكبيرة على المستويات كافة، وهذا ما عبر عنه بوضوح صاحب السمو رئيس الدولة في كلمته بمناسبة اليوم الوطني الثاني والأربعين، حين ربط سموه بين مستقبل التنمية والتعليم المتطور، حيث أكد أن دولة الإمارات العربية المتحدة قطعت خطوات متقدمة في تطوير نظام تعليمي عصري يواكب التطورات، ويتخذ من ثقافة المجتمع منهجاً ومن تلبية الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية هدفاً، وذلك من أجل بناء قوة عمل مؤهلة قادرة على حماية مكتسبات الاتحاد والوفاء بأعباء التنمية والمشاركة في إدارة شؤون الدولة.
 
-10 تزايد قوة الإمارات على الساحة الدولية، وهذا يتجسد في اختيارها لاستضافة الفاعليات العالمية الكبرى أو في اختيارها مقراً للمنظمات الأممية المتخصصة، وهذا يتضح بجلاء في فوز دبي باستضافة معرض "إكسبو 2020"، وفي استضافة أبوظبي للمقر الرئيسي لـ"الوكالة الدولية للطاقة المتجددة" (آيرينا) في عام 2009. في السياق ذاته، فإن جواز السفر الإماراتي اصبح من أقوى جوازات السفر في العالم : فوفقاً لتقرير نشرته صحيفة "الديلي تليجراف" البريطانية في يوليو 2014 حول أقوى جوازات السفر في العالم، جاءت دولة الإمارات العربية المتحدة في المركز الأول عربياً من حيث قوة جواز سفرها، حيث يمكن لمواطنيها السفر إلى 72 دولة من دون تأشيرة.
 
إن قوة جواز السفر لأي دولة في العالم تنبع في المقام الأول والأخير من قوة هذه الدولة ونفوذها على الساحة الدولية، ولذلك فإن قوة جواز السفر الإماراتي هي ترجمة مباشرة لما تتمتع به الإمارات من احترام وثقة وتأثير في العالم، حتى إن البرلمان الأوروبي وافق في شهر فبراير 2014 على إعفاء المواطنين الإماراتيين من الحصول على تأشيرة "شنغن" الخاصة بالدخول إلى دول الاتحاد، وكان من اللافت للنظر أن هذه الموافقة جاءت بأغلبية 523 عضواً من مجموع 577 عضواً، في إشارة إلى مدى القبول الذي تحظى به الإمارات على الساحة الأوروبية، ومدى الحرص على فتح الأبواب أمام مواطنيها لدخول دول الاتحاد الأوروبي من دون أي معوقات.
 
كل ما سبق يعكس التقدير الدولي لدولة الإمارات العربية المتحدة، ويأتي انعكاساً طبيعياً لما تحظى به من سمعة طيبة وصورة إيجابية فاعلة على الصعيدين الإقليمي والدولي، وهذا لم يأتِ من فراغ أو يتحقق بسهولة، وإنما تقف وراءه سياسة حكيمة وقيادة رشيدة برئاسة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله، عملت بجد على بناء صورتها الناصعة في الخارج، وجعلها عنواناً للحكمة والاعتدال والتعايش والسلام والانفتاح على الجميع، وفي الوقت نفسه رمزاً للإنجاز على المستوى الداخلي وتركيز الجهد في خدمة المواطن الإماراتي حتى وصلت الدولة إلى ما وصلت إليه من تقدم جعلها نموذجاً يشار إليه بالبنان وتجربة تنموية رائدة يسعى كثيرون إلى تقليدها والسير على خطاها.
 
 
خليفة بن زايد والقوات المسلحة
يرجع اهتمام صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، القائد الأعلى للقوات المسلحة، بالشؤون العسكرية وبناء القوات المسلحة وتطويرها إلى عقود عدة، حيث أولى سموه، ومنذ تعيينه رئيساً لدائرة الدفاع في إمارة أبوظبي بالمرسوم رقم (9) لعام 1969، القوات المسلحة اهتماماً لا نظير له، بدأه بوضع هيكل للدائرة شمل في البداية ثلاثة أفرع رئيسة، هي العمليات والإدارة والاستخبارات. كما تولى سموه منصب القائد العام لقوة دفاع أبوظبي بالمرسوم الأميري رقم (3) لعام 1974، ثم عيّن رئيساً لمجلس الدفاع العسكري عند إنشائه بالمرسوم رقم (10) لعام 1974، وقد أصدر حينها بموافقة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، القانون رقم (8) لعام 1974 في شأن تنظيم قوة دفاع أبوظبي.
 
لقد حرص صاحب السمو الشيخ خليفة على تطوير القوات المسلحة وإمدادها بكل ما تحتاج إليه من دعم مادي ولوجيستي ومعنوي، ورأى أنه من الضروري تنويع مصادر السلاح وعدم الاقتصار على شرائه من دولة محددة، إيماناً منه بأهمية تزويد القوات المسلحة بأحدث التقنيات والمعدات العسكرية.
 
وتبنى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، القائد الأعلى للقوات المسلحة، استراتيجية قومية شاملة وفقاً لتوجيهات المغفور له الشيخ زايد، رحمه الله، وبمؤازرة من أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
 
وقد أكد سموه مراراً أن هذا النجاح الذي تحقق للقوات المسلحة الإماراتية لم يكن ليتحقق لولا رجال مخلصون نذروا أنفسهم لذلك، وفي مقدمتهم الوالد الراحل الشيخ زايد، طيب الله ثراه، فقد قال سموه: «والحق أن ما وصلت إليه قواتنا المسلحة من تحديث وتطوير لم يكن ليتم لو لم يكن وراءه رجال عظماء ذوو همم عالية، وطموح قائد مظفر يمتلك قلباً قوياً مشبعاً بالإيمان بما فطر عليه من صلابة وما ورثه من الأسلاف من حب الوطن، قائد يعرف كيف يوحد ولا يفرق، يصون ولا يبدد، يبني ويعلي البنيان، ربان ماهر استطاع أن يجتاز كل الصعوبات والمعوقات، وتكاتف مع إخوانه الأوفياء أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، الذين عرفوا جميعا آمال وطموحات شعبهم وساروا نحو هدف نبيل وعظيم، ألا وهو توحيد القوات المسلحة تحت علم واحد وقيادة واحدة، فتماسكت الأيدي وصارت أقدر على البناء والعطاء وأصبحت لنا قوة قادرة تنتشر في كل زاوية من هذا الوطن، أقدامها راسخة رابطة الجأش، مقدامة لا تهاب، رافعة أعلامها حامية أمينة، عليها معقد الآمال والرجاء، لا تتأخر عن أداء الواجب وتنفذ بكل حماسة وإيمان كل المهام الصعبة التي توكل إليها».
 
وفي السادس من شهر مايو عام 1976، صدر القرار التاريخي بتوحيد القوات المسلحة، ويومها رفع صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، بحضور رئيس الأركان وقادة القوات المسلحة، علم القيادة العامة للقوات المسلحة، فكان هذا إيذاناً ببداية مرحلة جديدة في مسيرة جيش دولة الإمارات، إذ أطلقت الطاقات لعملية تطوير وتحديث شاملة مبنية على أسس علمية بهدف تعزيز قدرات قواتنا المسلحة، وتمكينها من استيعاب أعقد الأسلحة والمعدات واكتساب أفضل المهارات العملية والميدانية والتنظيمية، التي تتفق والمفاهيم العسكرية الحديثة.
 
وقد أكد سموه على الدوام أن المواطن الإماراتي هو الأساس الذي تستند إليه القوات الإماراتية في نهضتها، وهو القائل: 
"الإنسان الفرد هو أساس القوات المسلحة وعمودها الفقري، وباختصار شديد هو الروح التي تحرك كل هذه الأسلحة والمعدات، ومن دونه تصبح الأسلحة مجرد قطعة من الحديد أو المعدن الأصم". ومما قاله سموه في هذا السياق أيضاً: "إننا ننظر إلى الجندي نظرة تقدير وإكبار لأنه وهب حياته وروحه من أجل الوطن.
 
وكانت كلمات سموه لأبنائه في القوات المسلحة على الدوام تفيض بمشاعر الأبوة والاعتزاز بمن وهب نفسه لخدمة وطنه، فقد قال سموه في أحد لقاءاته بجمع من القوات المسلحة الإماراتية: "إن الوطن يتطلع إليكم بأمل كبير واعتزاز لا حد له، فأنتم رمز لحاضره المضيء ومستقبله المشرف العظيم". ومما قاله أيضاً: إنكم الضباط الأكفاء الذين يحتاج إليهم الوطن، أنتم حماة لترابه الطهور ودروع تصدون عنه الشر والأذى، فكونوا كما عهدناكم مثالاً للوفاء والتضحية ونكران الذات.
 
وكان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، القائد العام للقوات المسلحة، رئيس الدولة، حفظه الله، يؤكد باستمرار أن دولة الإمارات حين تسعى إلى تحسين قوتها العسكرية، فإنما تفعل ذلك من باب تحصين النفس، ودرء الخطر، وتعزيز السلام. يقول سموه: إن دولة الإمارات العربية المتحدة لا تتسلح لمباشرة العدوان، وإنما تفعل ذلك لأنها تؤمن بأن الضعف يغري بالعدوان، كما أن القوة شرط لتدعيم السلام.


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره