مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2015-09-01

قانون مكافحة التمييز والكراهية وترسيـخ أسس النموذج الإماراتي

نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ نشأتها في بناء "الدولة النموذج" على مستويات عدة، منها السياسي والاقتصادي والتنموي، فضلاً عن أنها نموذج يحتذى به على صعيد التعايش والتسامح واحترام الآخر، وهذا ما عبر عنه بجلاء"قانون مكافحة التمييز والكراهية" الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في شهر يوليو الماضي، فهذا القانون يعزز من نموذج التعايش واحترام الآخر، من خلال ما يتضمنه من مواد تضمن المساواة بين أفراد المجتمع وتجريم التمييز بين الأفراد أو الجماعات على أساس الدين أوالعقيدة أو المذهب أو الملة أو الطائفة أو العرق أو اللون أو الأصل الإثني. وفي هذا العدد تعرض مجلة "درع الوطن" أبعاد هذا القانون وأهميته ودلالاته السياسية والثقافية والاجتماعية.
 
إعداد: التحرير
 
لاشك أن التوقيت الذي صدر فيه قانون مكافحة التمييز والكراهية" الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في شهر يوليو الماضي، يؤكد أن دولة الإمارات العربية المتحدة تدرك مسؤولياتها، ليس تجاه مواطنيها والمقيمين على أرضها فقط من أجل ترسيخ قيم الوئام والتعايش، وإنما تجاه جميع المجتمعات العربية والإسلامية أيضاً، بل العالم أجمع، ولاسيما أن هذا القانون يتضمن من البنود والإجراءات التي يمكن أن تسهم في مواجهة التطرف والإرهاب والتصدي لنزعات الكراهية والتمييز، وهي القضايا التي باتت تمثل تهديداً للأمن والسلم الإقليمي والدولي في الآونة الأخيرة.
 
ولا شك في أن هذا القانون، بما يتضمنه من مواد وإجراءات رادعة بحق من تسول له نفسه المتاجرة بالدين، أو تبني خطاب يحض على الكراهية والتمييز، يجسد بوضوح الدور المتميز الذي تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة في ترسيخ قيم التعايش والوسطية والاعتدال، باعتبارها حائط الصد القوي لمواجهة الجماعات المتطرفة التي تسعى إلى إحياء صدام الحضارات والأديان من ناحية، والطريق نحو بناء ثقافة عالمية تحترم المعتقدات والأديان، وتؤمن بالتعايش الإنساني، كما يؤكد في الوقت ذاته إيمانها الراسخ بأن الحضارة الإنسانية تراث مشترك أسهمت وتسهم فيه مختلف شعوب العالم وأن تنوع الثقافات والأديان هو عامل إثراء للفكر الإنساني وسبب للتفاعل والحوار بين أصحاب هذه الأديان والثقافات، وليس سبباً للمواجهة أو العداء كما يدعو لذلك أصحاب نظريات الصراع.
 
مضمون قانون مكافحة التمييز والكراهية
أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في يوليو 2015 مرسوماً بقانون رقم لسنة 2015 بشأن مكافحة التمييز والكراهية الذي يقضي بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها ومكافحة أشكال التمييز كافة، ونبذ خطاب الكراهية عبر مختلف وسائل وطرق التعبير، والقانون بهذا يسهم في إثراء ثقافة التسامح العالمي ومواجهة مظاهر التمييز والعنصرية، أياً كانت طبيعتها، عرقية أو دينية أو ثقافية، وخاصة بالنظر إلى بنوده التالية:
 
1- حظر الإساءة إلى الذات الإلهية أو الأديان أو الأنبياء أو الرسل أو الكتب السماوية أو دور العبادة وفقاً لأحكام هذا القانون أو التمييز بين الأفراد أو الجماعات على أساس الدين أو العقيدة أو المذهب أو الملة أو الطائفة أو العرق أو اللون أو الأصل الإثني.
 
2- تجريم كل قول أو عمل من شأنه إثارة الفتنة أو النعرات أو التمييز بين الأفراد أو الجماعات من خلال نشره على شبكة المعلومات أو شبكات الاتصالات أو المواقع الإلكترونية أو المواد الصناعية أو وسائل تقنية المعلومات أو أي وسيلة من الوسائل المقروءة أو المسموعة أو المرئية وذلك بمختلف طرق التعبير كالقول أو الكتابة أو الرسم". ووفقاً لنص المرسوم بقانون فيتم تجريم كل من يقوم بالإساءة إلى الأديان أو إحدى شعائرها أو مقدساتها أو تجريحها أو التطاول عليها أو السخرية منها أو المساس بها.
 
كما يجرم القانون التعدي على أي من الكتب السماوية بالتحريف أو الإتلاف أو التدنيس أوالإساءة بأي شكل من الأشكال إلى جانب تجريم التخريب أو الإتلاف أو الإساءة أو التدنيس لدور العبادة أو المقابر. وعليه يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات، وبالغرامة التي لا تقل عن مائتين وخمسين ألف درهم ولا تجاوز مليون درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب فعلاً من الأفعال المنصوص عليها أعلاه بإحدى طرق التعبير. 
 
كما يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن سبع سنوات وبالغرامة التي لا تقل عن خمسمئة ألف درهم ولا تجاوز مليوني درهم كل من تطاول على الذات الإلهية أو الطعن فيها أو المساس بها أو الإساءة إليها أو التطاول على أحد الأنبياء أو الرسل أو زوجاتهم أو آلهم أو صحابتهم أو السخرية منهم أو المساس بهم أو الإساءة إليهم بإحدى طرق التعبير أو غيرها من الصور الأخرى أو باستخدام أي من الوسائل.
 
3 - العقوبات المغلظة: نص القانون على المعاقبة بالسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات والغرامة التي لا تقل عن خمسمئة ألف درهم ولا تجاوز مليوني درهم إذا وقعت بعض الجرائم المنصوص عليها من موظف عام أثناء أو بسبب أو بمناسبة تأدية عمله أو شخص ذي صفة دينية أو مكلف بها أو وقع الفعل في إحدى دور العبادة.. كما يعاقب بالسجن المؤقت كل من استغل الدين في رمي أفراد أو جماعات بالكفر، سواء بالقول أو بالكتابة أو باستخدام أي من الوسائل وتكون العقوبة الإعدام إذا اقترن الرمي بالكفر تحريضاً على القتل فوقعت الجريمة نتيجة لذلك. 
 
ووفقاً للقانون يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار جمعية أو مركزا أو هيئة أو منظمة أو تنظيماً أو جماعة أو فرعاً لإحداها، أو استخدم لذلك أياً من الوسائل بغرض ازدراء الأديان أو التمييز أو إثارة خطاب الكراهية أو تحبيذ ذلك أو الترويج له. 
 
كما يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات كل من انضم إلى أي من الجهات المنصوص عليها أعلاه أو شارك فيها أو أعانها بأية صورة مع علمه بأغراضها. كما تضمن القانون المعاقبة بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات كل من عقد أو نظم مؤتمراً أو اجتماعاًفي الدولة إذا كان الغرض منه ازدراء الأديان أو التمييز أو إثارة خطاب الكراهية ويعاقب بذات العقوبة كل من شارك في المؤتمر أو الاجتماع مع علمه بأغراضه وللسلطة العامة فض المؤتمر أو الاجتماع مع استعمال القوة عند الاقتضاء. 
 
وشدد المرسوم بقانون على المعاقبة بالسجن والغرامة التي لا تقل عن مائتي وخمسين ألف درهم ولا تزيد على مليون درهم لكل من قدم أو عرض أو طلب أو قبل أو حصل أو سلم أو تسلم أموالاً أو دعماً مادياً بطريق مباشر أو غير مباشر متى كان ذلك بقصد ارتكاب فعل من الأفعال المعاقب عليها بموجب أحكام هذا القانون.
 
4- معاقبة الشخصيات الاعتبارية: نص القانون على أنه يعاقب ممثل أو مدير أو وكيل الشخص الاعتباري إذا ارتكبت جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بواسطة أحد العاملين لديه باسمه ولصالحه بذات العقوبات المقررة عن الجريمة المرتكبة إذا ثبت علمه بها.. ويكون الشخص الاعتباري مسؤولاً بالتضامن عن الوفاء بما يحكم به من عقوبات مالية أو تعويضات.
 
ومع عدم الإخلال بتوقيع العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون تحكم المحكمة بحل الجمعيات والمراكز والهيئات والمنظمات والتنظيمات والجماعات وفروعها أو غلقها مؤقتاً أو نهائياً.. كما تحكم المحكمة بمصادرة الأموال والأمتعة أو الأدوات أو الأوراق التي استعملت في ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون.. كما تحكم المحكمة بإبعاد الأجنبي عن الدولة بعد تنفيذ العقوبة المحكوم بها عليه.
 
ويعفى من العقوبة كل من بادر من الجناة في إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بإبلاغ السلطات القضائية أو الإدارية عن الجريمة قبل الكشف عنها فإذا حصل الإبلاغ بعد الكشف عن الجريمة جاز للمحكمة إعفاؤه من العقوبة متى أدى الإبلاغ إلى ضبط باقي الجناة.. كما اعتبر المرسوم بقانون أنه لا يعد تمييزاً محظوراً في تطبيق أحكام هذا القانون كل ميزة أو أفضلية أو منفعة تتقرر بموجب أحكام أي تشريع آخر في الدولة للمرأة أو الطفل أو لذوي الإعاقة أو لكبار السن أو لغيرهم. وتضمن المرسوم بقانون أحكاماً أخرى تهدف بمجملها إلى مكافحة جميع الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها ومكافحة أشكال التمييزكافة، ونبذ خطاب الكراهية عبر مختلف وسائل وطرق التعبير على أن يعمل بها بعد شهر من تاريخ نشر المرسوم بقانون في الجريدة الرسمية.
 
المردود الإيجابي للقانون (اجتماعياً وأمنياً وسياسياً)
ينطوي قانون مكافحة التمييز والكراهية ببنوده السابقالإشارة إليها، على مردود إيجابي، على المستويات كافة، الأمنية والسياسية والاجتماعية، وذلك على النحو التالي:
1- تعزيز نموذج التعايش الإماراتي في الداخل: لقد استطاعت دولة الإمارات العربية المتحدة أن تقدم نموذجاً فريداً للتعدّدية الثقافية، حيث تشمل تركيبتها السكانية خليطاً من الجنسيات تعيش في توافق تام،برغم الاختلافات فيما بينها فيما يتعلق بالثقافة والدين والعرق، وهذا النموذج يحظى برعاية كبيرة من قبل القيادة الرشيدة لدولة الإمارات التي لا تألو جهداً تعزيز قيم التعايش والتوافق من خلال العديد من المبادرات والآليات والأطر والقوانين والتشريعات. 
 
وتؤمن دولة الإمارات العربية المتحدة بالتسامح والتعايش باعتبارهما من القيم الإيجابية التي تعكس وجهها الحضاري ومشروعها النهضوي، لهذا فإنها تسعى إلى توفير المناخ الذي يضمن إقامة مجتمع متجانس ومتماسك يتيح لجميع أفراده، بغض النظر عن انتماءاتهم الثقافية والدينية والعرقية، والتعايش في أمن وسلام.
ولا شك في أن هذا القانون سيعزز من سيادة قيم السلام بين جنبات المجتمع، ويعد دليلاً على أن الدولة لديها من الآليات الثقافية والاجتماعية ما يجعل من قيم السلام ثقافة جامعة يعيها ويدركها جميع من يعيش على أراضيها، وهذا الأمر ينطوي على مردود إيجابي على الأمن والاستقرار في الإمارات.
 
2- مواجهة نزعات التطرف والإرهاب التي تهدد الأمن والسلم الاجتماعي: لقد جاء هذا القانون الجديد في موعده تماماً بالنظر لتصاعد خطر الأيديولوجيات المتطرفة التي تقف وراءها جماعات راديكالية تروج لصدام الحضارات وترفض الاعتراف بالآخر المختلف معها ثقافياً ودينياً، وهي بذلك تهدد الأمن والسلم في المجتمعات العربية والإسلامية، كما تعوق مسيرة التطور والتقدم، وتقدم صورة عن الدين الإسلامي الحنيف وتضر بصورة المسلمين في العالم كله. 
 
فتفجيرات المساجد التي شهدتها دول مجاورة خلال الأشهر الماضية، وتصاعد الأيديولوجيات المتطرفة، كان يتطلب التحرك لتحصين المجتمع الإماراتي من خطر هذا كله. لهذا يتضمن القانون الجديد العديد من المواد الهامة التي من شأنها مكافحة استغلال الدين في تكفير الأفراد والجماعات بعقوبات تصل إلى الإعدام إذا اقترن الرمي بالكفر تحريضاً على القتل فوقعت الجريمة نتيجة لذلك،وتطبيق عقوبات رادعة للجمعيات والفعاليات الداعية لازدراء الأديان أو التمييز أو إثارة خطاب الكراهية.
 
3- التصدي الوقائي لأي محاولات لازدراء الأديان في الداخل، فكما هو معلوم فإن دولة الإمارات العربية المتحدة تضم ما يزيد عن مائتي جنسية تعيش على أراضيها، تضم ديانات وثقافات مختلفة، وفي ظل ما تشهده المنطقة والعالم من حولنا من تصاعد لخطاب الكراهية وازدراء الأديان، فثمة مخاوف أن ينتقل هذا الأمر إلى الداخل بفعل تحريض جماعات متطرفة تحاول بث سموها، ولهذا فإن قانون مكافحة التمييز والكراهيةجاء حازماً في التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة، حيث يجرم كل من يقوم بالإساءة إلى الأديان أو إحدى شعائرها أو مقدساتها أو تجريحها أو التطاول عليها أوالسخرية منها أو المساس بها. 
 
كما يجرم التعدي على أي من الكتب السماوية بالتحريف أو الإتلاف أو التدنيس أوالإساءة بأي شكل من الأشكال إلى جانب تجريم التخريب أو الإتلاف أو الإساءة أو التدنيس لدور العبادة أو المقابر. والقانون بهذا المعنى يؤكد الدور الرائد والمتميز الذي تضطلع به دولة الإمارات العربية المتحدة في تعزيز ثقافة التعايش بين الديانات والحضارات المختلفة، ونبذ أشكال التطرّف كافة، التي تطفو من حين إلى آخر، وتضع عراقيل بوجه حوار الحضارات والتواصل الإنساني.
 
4- مواجهة نزعات التمييز العنصري التي تهدد بدورها الأمن والسلم الاجتماعي: فلا شك أن قانون مكافحة التمييز والكراهية في مثل هذه الظروف له مغزى كبير جداً، ويتضمن رسالة عميقة، كونه يقطع الطريق على أي خطاب عنصري تمييزي يؤثر في وحدةالمجتمع وتماسكه، فالعنصرية، كما هو معروف، تميز بين الناس وتفضل بعضهم على بعض لأسباب واهية تستند على الأبعاد الإثنية والعرقية ولا تضع بعين الاعتبار كون البشر نابعين من مصدر واحد وأصل واحد وقد جعلهم الله شعوباً وقبائل ليتعارفوا ويتساكنوا ويتعاونوا وليس العكس، فالعنصرية تنمي الروح المتعصبة كما تلغي مفهوم المواطنة العصرية التي تستقيم على العقد الاجتماعي الذي يجمع الأمة ولا يفرقها وتجعل الاجتهادات في الكلام والتفسير والمعاني سبباً للتنابذ والاختلاف بدلاً من التنوع والتكامل. 
 
 من هنا كانت العنصرية والكراهية صنوين لبعضهما بعضاً ووجهين لعملة واحدة وهي عملة الشر المستطير، ولهذا فإن القانون الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تضمن من العقوبات الرادعة التي تضمن التصدي لأي خطاب عنصري أو تمييز ضد أحد أفراد المجتمع بسبب اللون أو الجنس أو العرق أو الدين، فالجميع سواسية أمام القانون. كما أن قانون مكافحة التمييز والكراهية يمنح دولة الإمارات قوة رادعة للذين لديهم الغاية في التلاعب أو محاولة نشر الأفكار الهدامة والحقد في النفوس، ضد الأعراق أو المذاهب المختلفة عن اعتقاداتهم، وبهذا القانون يستطيع الفرد الدفاع عن نفسه من خلال اللجوء إلى الجهات المسؤولة".
 
5- ترشيد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وحظر أي إساءات للأشخاص على "الإنترنت":في الوقت الذي أصبحت فيه وسائل التواصل الاجتماعي إحدى الأدوات المهمة فيما يطلق عليه الإعلام الاجتماعي الجديد بالنظر لما تقوم به من دور متعدد الأبعاد، سياسي واجتماعي وثقافي واجتماعي، إلا أنها تظل في الوقت ذاته أحد مصادر التهديد للأمن الوطني للدول والمجتمعات، في ظل لجوء البعض إلى توظيفها بشكل سيئ في نشر الشائعات والأكاذيب المغرضة.
 
بل إن الأمر اللافت للنظر أن الجماعات الإرهابية أصبحت تلجأ إلى وسائل التواصل الاجتماعي لنشر أفكارها الهدامة في صفوف النشء والشباب. ولا شك في أندولة الإمارات العربية المتحدة، وبما تمثله من نموذج ناجح في الحكم والتنمية والإدارة وسوق المال، أصبحت عرضة في الآونة الأخيرة لشائعات متعددة تستهدف تشويه هذا النموذج أو هز صورتها في الخارج أو إثارة الفزع والبلبلة في الداخل بين فئات المجتمع المختلفة، ولهذا تضمن قانون مكافحة التمييز والكراهية العديد من البنود التي تضمن ترشيد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ومن ذلك ما ورد في نص المادة (3) منالقانون، والتي تنص على أنه "لا يجوز الاحتجاج بحرية الرأي والتعبير" وهو بند يضع ضوابط محددة بشأن عدم حرية الأشخاص في الطعن بأفكار ومعتقدات أشخاص آخرين بدعوى حرية الرأي والتعبير. 
 
كما يتضمن القانون بنداً آخر مهماً ينص على: "إتيان أي شيء أو عمل"، يحض على الكراهية أو التمييز، ما يعني أن هذا العمل قد يشمل الكتابة والرسم وأي وسيلة تعبيرية من شأنها التحريض على الأديان والمساس بها، واستباحة أشخاص دماء مسلمين آخرين بدعوى اختلافهم بالمذاهب. ولهذا يحث القانون جميع أفراد المجتمع، مواطنين ومقيمين، على توخي الحيطة والحذر في أن يحتفظوا بهواتفهم الذكية أو حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، أياً من الرسائل أو الفيديوهات أو التسجيلات التي من شأنها أن تثير التمييز والكراهية بين أفراد المجتمع، أو أن يقوم هؤلاء بنشرها دون وعي أو إدراك لمحتواها، فيساهمون، من دون أن يقصدوا، في نشر الكراهية والتمييز.
 
ولهذا فقد جرم القانون كل قول أو عمل من شأنه إثارة الفتنة أو النعرات أو التمييز بين الأفراد أو الجماعات من خلال نشره على شبكة المعلومات أو شبكات الاتصالات أو المواقع الإلكترونية أو المواد الصناعية أو وسائل تقنية المعلومات أو أي وسيلة من الوسائل المقروءة أو المسموعة أو المرئية وذلك بمختلف طرق التعبير كالقول أو الكتابة أو الرسم.
 
إجماع عربي ودولي على ريادة الإمارات في التصدي لنزعات التمييز والكراهية
أجمعت ردود الأفعال المختلفة، التي صدرت من جهات عربية ودولية متعددة، على أهمية هذا القانون، والتوقيت الذي ظهر فيه، باعتباره يؤسس لثقافة تشريعية وقانونية على مستوى المنطقة والعالم، تسهم في تعزيز التعايش بين الثقافات والحضارات المختلفة، وفيما يلي رصد لبعض ردود الأفعال حول هذا القانون:
 
1- أشاد الأزهر الشريف في بيان له ، بالمرسوم بقانون الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بشأن مكافحة وتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها ومكافحة جميع أشكال التمييز ونبذ خطاب الكراهية عبر مختلف وسائل وطرق التعبير، داعياً الدول العربية إلى إصدار تشريعات مماثلة.
 
وأكد الأزهر الشريف أن حظر الإساءة إلى الذات الإلهية أو الأديان أو الأنبياء أو الرسل وزوجاتهم وآلهم وأصحابهم أو الكتب السماوية أو دور العبادة أو التمييز بين الأفراد والجماعات، من شأنه الحفاظ على الوحدة الوطنية وتماسك النسيج الاجتماعي، وحماية الحريات والآراء والأفكار الشخصية والمعتقدات الدينية، وترسيخ ثقافة التسامح والعدل والمساواة والتعايش مع الآخر.وأوضح أن العقوبات الواردة في هذا التشريع الأخلاقي كافية لردع المحرضين على الكراهية أو التمييز أو إثارة الفتن.
 
2- أشاد برلمانيون وساسة فرنسيون، بقانون مكافحة التمييز والكراهية، وأكدوا أن هذا القانون يعكس صورة دولة الإمارات العربية المتحدة في العالم، كبلد تسامح ومساواة وأمن، واستقرار وتآخٍ. واعتبر قياديون سياسيون بينهم أعضاء في البرلمان الفرنسي في مقابلات حصرية مع "وكالة أنباء الإمارات" أن دولة الإمارات العربية المتحدة، نجحت عبر عقود في ترسيخ موقعها في المنطقة والعالم، كمثال حي لبلد التسامح والتعاون والتكافل بين الشعوب، من خلال اعتماد آليات في مكافحة التمييز ونبذ الكراهية بين الأديان، وتشجيع حوار الحضارات واحتضان كل الثقافات على أرضها.
 
وقال القيادي في الحزب الاشتراكي الفرنسي ونائب رئيس لجنة المالية في الجمعية العمومية الفرنسية - البرلمان - جيروم لومبير: إن ما حققته دولة الإمارات العربية المتحدة من نجاح وتقدم ورخاء ورقي، يعود بالدرجة الأولى إلى حكمة قيادتها ورؤيتها الحضارية، مؤكدا أن تجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الديانات على مختلف أنواعها بقانون يعتبر خطوة جد متقدمة، لأنها تتماشى والقيم الإنسانية التي يحملها الاتحاد الأوروبي أيضاً.
 
وأضاف " كثير من رعايانا الفرنسيين يعيشون في دولة الإمارات خاصة في دبي، وهم يحملوننا دائماًقصصاً كثيرة عن قيم التعايش والتسامح والمساواة واحترام الآخر، التي تمارس في الإمارات، وهذه هي البادئ الحقيقية والصحيحة للدين الإسلامي، التي تعرضت للإساءة للأسف، من قبل جماعات متطرفة ومتشددة في سوريا والعراق وليبيا".  
 
وأكد لومبير أن ثقافة التسامح متجذرة في دولة الإمارات، وهي سلوكيات تفرض على الإنسان احترام الآخرين، والتعامل الرحيم معهم، والتماس الأعذار لهم، والحرص على التعاون والتفاهم، بما يفيد المجتمع ويسهم في تنميته.
 
ومن جانبه أكد مارك كوا العضو في البرلمان الفرنسي عن الحزب الاشتراكي الحاكم، ونائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية العمومية - البرلمان - أن مرسوم القانون الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، هو أكبر دليل على أن ثقافة التسامح في المجتمع الإماراتي ليست مجرد شعار، بل ثقافة راسخة ومتأصلة، وأن المرسوم الجديد سيزيد في ترسيخ هذه الثقافة، وتفعيلها بشكل أكبر وأعمق. 
 
وأضاف السياسي الفرنسي أن بلاده ودولة الإمارات تتقاسمان الكثير من قيم التسامح، وتشجيع حوار الحضارات حيث توجد الكثير من الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين في هذا المجال. أما فيرونيك لو سونيك نائبة رئيس حزب الجمهوريين اليميني المحافظ، فقد أشادت بالقانون، مؤكدة أنه دليل آخر على الدور الريادي الذي تلعبه دولة الإمارات العربية المتحدة في المنطقة والعالم، لنشر الفكر الوسطي المعتدل القائم على قيم الحق والعدالة، والتسامح واحترام الآخر، مهما اختلفت ديانته أو أصله أو عرقه.
 
3- أشاد المؤتمر الإسلامي الأوروبي بإصدار قانون مكافحة التمييز والكراهية ودعا حكومات الدول الإسلامية الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي والدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة إلى الاقتداء بمبادرة الإمارات.وأكد الدكتور محمد بشاري الأمين العام للمؤتمر الإسلامي الأوروبي أنه في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة والمهددة للسلم والأمن العالميين أصبح من اللازم إصدار قانون يجرم الإساءة إلى الأديان في كل دولة على حدة من الدول الإسلامية.
 
4- أشادت العديد من وسائل الإعلام العالمية بقانون مكافحة التمييز والكراهية، واعتبرت أنه يؤكد تفوق الإمارات في مكافحة التطرف والإرهاب، فقد أبرزت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية بشكل خاص تجريم القانون لكل أشكال التمييز وتأكيد نبذ خطاب الكراهية وتجريم التمييز بين الأفراد والجماعات على أساس الدين أو العقيدة أو المذهب أو الملة أو الطائفة أو العرق أو اللون أو الأصل الاثني. وقالت الصحيفة الأميركية إن القانون قـُصد به تكريس الأساس السليم لبيئة تقوم على التسامح وسعة الأفق وقبول الآخر.
 
وألقت الصحيفة الضوء على العقوبات التي نص عليها القانون على من يقترفون الجرائم التي أوردها، مشيرة إلى أنها تشمل السجن من ستة أشهر إلى ما يزيد على عشر سنوات وغرامات تصل إلى مليوني درهم أو ما يعادل 545 ألف دولار، مع التشديد على العفو عن أولئك الذين يقومون بالإبلاغ عن الجرائم المنصوص عليها في القانون. وأكدت الصحيفة أن الإمارات التي يعد اقتصادها ثاني أكبر اقتصاد عربي، برزت باعتبارها مركزاً مهماً للتجارة والسياحة واستقطبت الكثير من الأجانب الذين ينتمون إلى معظم جنسيات العالم، الأمر الذي يبرز أهمية إصدار هذا القانون.
 
ومن ناحيتها لفتت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن جانباً يعتد به من أهمية إصدار هذا القانون يعود إلى أنه يأتي في إطار تصدي دول الخليج العربية لموجة التطرف التي يقودها تنظيم "داعش". وألقت الصحيفة الأمريكية الضوء على العقوبات التي تضمنها القانون والتي يتم إنزالها بمن يخالف مواده، حيث أشارت إلى أن القانون ينص على السجن مدة لا تقل عن سبع سنوات وغرامة لا تقل عن 500 ألف درهم ولا تتجاوز مليوني درهم لكل من تطاول على الذات الإلهية أو أساء إليها أو تطاول على أحد الأنبياء أو الرسل أو زوجاتهم أو صحابتهم أو السخرية منهم، كما يجرم استغلال الدين في رمي أفراد أو جماعات بالكفر سواء بالقول أو بالكتابة أو باستخدام أي من الوسائل.
 
وبدورها قالت صحيفة "هيرالد كوريير" إن هذا القانون يستمد جانباً كبيراً من أهميته الفريدة من استهدافه لمكافحة الكراهية والتمييز وازدراء الأديان، ومن كونه يجرم بصورة واضحة وصريحة الأفعال التي تتضمن الإساءة إلى الأديان والتمييز على أساس الخلفية الدينية أو العرقية أو الإثنية. وأشارت الصحيفة إلى أن القانون بحكم صياغته يستقطب أنظار الدوائر العالمية من حيث إنه يجرم أفعالاً وأقوالاً ارتبطت بموجة التطرف التي ألقت بظلالها على الشرق الأوسط أخيراً.
 
5- أشاد العديد من الخبراء العرب في القانون الدولي بقانون مكافحة التمييز والكراهية، مؤكدين أنه يعكس الريادة الإماراتية في إصدار ثقافة تشريعية وقانونية شاملة نحو مكافحة التمييز والكراهية، واعتبروه قانوناً جريئاً وخطوة حضارية.
 
وأشار هؤلاء إلى أنه على الرغم من "أن دولة الإمارات العربية المتحدة تشكل نموذجاً للتعايش والتسامح بين جميع مكوناتها الاجتماعية، وتختفي فيها مظاهر الشحن الطائفي والتمييز العنصري إلا أنها استطاعت أن تكسب الريادة وتؤسس لثقافة تشريعية وقانونية على مستوى المنطقة من خلال قانون مكافحة التمييز والكراهية الذي شكل قراراً جريئاً من قبل الحكومة وخطوة حضارية عززت الوجه المشرق لدولة الإمارات".
 
واعتبروا أن هذا القانون المتفرد جاء في مكانه وزمانه ليعبر عن ضرورة دينية وأخلاقية ملحة تنامت في سياق من الطائفية المقيتة والتي باتت تقلق الحكومات الواعية وتثير المخاوف داخل المجتمعات، وتنمي مشاعر الكراهية وتزيد في حدة النزعات التي تشهدها العديد من دول المنطقة. 
 
ومن هذا المنطلق تنبهت القيادة الإماراتية إلى حجم المخاطر المحدقة بالمجتمعفسعت من خلال إصدار هذا القانون إلى الحفاظ على لحمة المجتمع التاريخية وقطع الطريق أمام تجارالأزمات، ومحاولة ضمان مستقبل الأجيال القادمة وصناعة مستقبل عنوانه الطمأنينة والسلام.
 
وشددوا على أن "الحفاظ على التعددية الدينية والثقافية بين أبناء المجتمع الواحد يستدعي القيام بخطوات مسؤولة من مختلف صناع القرار في دولنا العربية تماثل الخطوة الإماراتية في وضوحها ونوعيتها حتى تسهم في الحد من التداعيات المأسوية لنزاعات المنطقة وتحافظ على السلم الأهلي ونعمة الأمن والأمان وفقاً للوجه الحقيقي للدين الإسلامي الحنيف دين المحبة والتسامح والإخاء".
 
الإمارات نموذج للتعايش والوسطية والاعتدال
ينطوي قانون مكافحة التمييز والكراهية على العديد من الدلالات المهمة، التي ترتبط بصورة الإمارات الخارجية، باعتبارها نموذج في التعايش والوسطية والاعتدال، وذلك على النحو التالي:
تعزيز مكانة الإمارات العالمية وترسيخ صورتها باعتبارها نموذج في دعم قيم السلام والحوار والتعايش، لا سيما أنها بإصدارها لهذا القانون أصبحت الدولة الـ 29 عالمياً في تطبيق مثل هذا القانون.
 
ويصل عدد الدول الأوروبية المطبقة لقانون مكافحة التمييز والكراهية 14 دولة، فيما تطبقه دولتان عربيتان، و5 دول في أمريكا الشمالية والجنوبية، إضافة إلى 3 بلدان آسيوية، وبلد إفريقي، ونيوزيلندا وأستراليا. 
 
ولعل الدلالة الأبرز لهذا القانون أنه يعزز من مكانة الدولة على المسرح العالمي كبلد تتعايش فيه الجنسيات كافة، وهو أمر له مردوداته الإيجابية في نواحٍ متعدّدة، منها إضافة المزيد من الثقة للنموذج التنموي للدولة، ما يعني جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتنمية قطاعات اقتصادية تلعب فيها الصورة الذهنية للدولة على الساحة العالمية دوراً كبيراً، ونشير هنا على سبيل التحديد إلى قطاع السياحة الذي يشهد طفرة غير مسبوقة.
 
ومن ناحية ثانية، فإن هذا القانون يبعث برسائل متعدّدة للعالم، فهو يؤكد قدرة الإمارات -الدولة العربية المسلمة- على أن تكون واحة للتعايش والتوافق بين الثقافات كافة، على عكس ما يروّج ظلماً عن الثقافة العربية والإسلامية والدين الإسلامي الحنيف، وهو في السياق نفسه دعوة مناهضة للنزعات العنصرية التي تشهدها دول عدّة، وهذا أمر مهم للغاية بالنظر إلى تنامي هذه النزعة في مناطق مختلفة من العالم. 
 
ومن ناحية ثالثة، فإن هذا النموذج الذي تقدّمه الإمارات يصبّ بطبيعة الحال في سبيل تدعيم قيم التعايش السلمي على الصعيد العالمي، ونبذ أشكال التطرّف كافة، التي تطفو من حين إلى آخر، وتضع عراقيل بوجه حوار الحضارات والتواصل الإنساني. ولا شك في أن الركن الأساسي في استراتيجية دولة الإمارات لنشر مثل هذه القيم الإيجابية التي تجعل من الاختلاف أساساً للتعاون والتكامل وليس مصدراً للتصارع والاحتراب، هو بناء نموذج ملهم في إطاريه الإقليمي والدولي وهو ما تحقق بالفعل، حيث تعد الدولة رمزاً للانفتاح والتسامح والوسطية والاعتدال في سياستيها الداخلية والخارجية ويحظى نهجها في هذا الشأن بالإشادة في العالم كله.
 
ولعل هذا يفسر حصول دولة الإمارات على المركز الأول على مستوى العالم في التعايش السلمي وفقاً لتقرير المنظمة العالمية للسلم والرعاية والإغاثة التابعة للأمم المتحدة عام 2014.
تعزيز السجل الناصع للإمارات في مجال حقوق الإنسان: فهذا القانون وبما يتضمنه من مواد لا شك تعزز قيمة المساواة والعدالة بين جميع أفراد المجتمع، حيث تبنت دولة الإمارات نهجاً متميزاً في تطبيق آليات ريادية في التعامل الراقي بين الفئات المختلفة والجنسيات المتعددة المقيمة على أرضها وقدمت نموذجاً فريداً في التعايش السلمي والتكافل الانساني استحق احترام العالم ومنظماته الدولية المهتمة بهذا الشأن.
 
وهذا القانون سيعزز من سجل الإمارات الناصع في مجال حقوق الإنسان على الصعيد الخارجي، خاصة إذا ما تم الأخذ في الاعتبار أن هذا القانون، يستمد قوته وصلابته وأسسه المتينة من الرسالة السمحة لديننا الحنيف ومبادئه القائمة على الحق والعدل والمساواة، ومن خصوصية الثقافة الإماراتية في التراحم والتسامح والإيثار، فضلاً عن قوانين حقوق الإنسان وحرياته الأساسية التي نصت عليها مواثيق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، والمنظمات الدولية الأخرى، الأمر الذي قاد، منذ صدوره العديد من المفكرين إلى دعوة الحكومات ومنظمات المجتمع المدني القانونية إلى الاقتداء بدولة الإمارات العربية المتحدة وسنّ نظير له في بلدانهم، وتأسيس مرجعية فكرية واجتماعية لشعوبهم.
 
أن هذا القانون لا ينفصل عن الجهود الإماراتية الرائدة في مواجهة التطرف والإرهاب وتعزيز قيم الوسطية، كما أنه يدعم جهود الإمارات الرامية إلى تقديم صورة حضارية لمبادئ الدين الإسلامي الحنيف، ودحض الأكاذيب التي ألصقت ظلماً بالثقافتين العربية والإسلامية واعتبارهما مصدر التطرف والعنف والإرهاب في العالم،  كما يثبت هذا القانون، وردود الافعال العربية والدولية الإيجابية التي حظى بها، أن دولة الامارات العربية المتحدة جديرة بقيادة العالم الإسلامي في مواجهة جماعات الإرهاب ومشعلي الحرائق الدينية والطائفية داخل المجتمعات الإسلامية وفي بناء مشروع بديل أساسه الوسطية والعودة إلى صحيح الدين الإسلامي الحنيف وتحريره من اختطاف المتطرفين له وتشويهه والإساءة إليه.
 
فمن المبادئ الأساسية التي تتمسك بها دولة الإمارات عدم التسامح مع قوى العنف والتطرف والإرهاب واتخاذ مواقف صارمة وواضحة في التصدي لها، بحيث أصبحت الإمارات نموذجاً في هذا الشأن ومثالاً على الإدراك الواعي لخطورة الجماعات الإرهابية وضرورة التصدي لها بكل قوة ومن خلال منهج شامل "أمني وثقافي واقتصادي واجتماعي وسياسي". وهذا كان ورائها لإنشاء مركز "صواب" في شهر يوليو 2015، الذي يعد مبادرة نوعية تفاعلية للتراسل الإلكتروني تهدف إلى دعم جهود التحالف الدولي في حربه ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، ومواجهة الأيديولوجيات المتطرفة التي تهدد الأمن والسلم المجتمعي في العديد من دول المنطقة. 
 
والواقع أن أهمية هذا المركز لا تكمن فقط في كونه يتصدى لدعاية تنظيم "داعش" وغيره من الجماعات المتطرفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت تمثل نافذة يعتمد عليها التنظيم في نشر أفكاره المتطرفة والهدامة، وإنما أيضاً لأن هذا المركز الجديد يُعول عليه في إيصال أصوات الملايين من المسلمين وغير المسلمين في جميع أنحاء العالم ممن يرفضون ويقفون ضد الممارسات الإرهابية والأفكار الكاذبة والمضللة التي يروجها أفراد التنظيم.
 
ولهذا حظي هذا المركز فور الإعلان عنه بإشادة كبيرة، باعتباره يجسد بوضوح مسؤولية دولة الإمارات العربية المتحدة في مواجهة الفكر المتطرف والهدام، ويأتي في سياق دورها الرائد في نشر قيم الوسطية والاعتدال والتسامح ونبذ الأفكار المتعصبة، ويعكس في الوقت ذاته إرادة الدولة القوية الهادفة إلى جمع دول المنطقة والعالم حول هذه المبادرة التي تستهدف التواصل مع مجتمعات الإنترنت التي غالباً ما تكون فريسة سهلة لدعاة الأفكار المتطرفة والهدامة التي مصدرها "داعش" والجماعات والتنظيمات الجهادية والإرهابية الأخرى، حيث سيتعاون مركز صواب مع حكومات دول المنطقة والعالم بما في ذلك الدول المشاركة في التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش"، كما سيتواصل مع المؤسسات والشركات والشباب من أجل دحض عقيدة "داعش" التي تقوم في جوهرها على الكراهية والتعصب والعنف.
 
في السياق ذاته، يبرز دور الإمارات في تأسيس المنتدى العالمي "تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة"، الذي تستضيفه أبوظبي، عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل سنوي، والذي يعد من أهم المنتديات في العالم الإسلامي. ويناقش المنتدى الإشكاليات والقضايا الإنسانية المحدقة بالإنسان في عالم اليوم، والتي نجمت عن الصراعات الفكرية والطائفية في المجتمعات المسلمة، بسبب استقواء كل طرف بمن يعينه ويحتضنه على حساب مصلحة الأمة.
 
ويشارك في "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" المئات من العلماء والمفكرين الإسلاميين من مختلف أنحاء العالم، من أجل الاجتماع على موقف موحد لمواجهة الاضطرابات وأعمال العنف في العالم الإسلامي، التي لم تدع أي نوع من الأسلحة إلا واستخدمته في الصراعات الدائرة، دون أن ترعى حرمة أو ترقب ذمة. ويأتي هذا المنتدى كجهدٍ متميزٍ لتبديد عوارض الحذر والتخوف والريبة، وكاستهلال لمشروع يمضي بخطوات واثقة لترسيخ كل ما يتجلى في ديننا الحنيف من مظاهر السلم والأمن والأمان والانفتاح على الآخر•
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-02-26 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره