مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2012-03-01

مضيق هرمز بين أهمية الموقـع واحتمالات المواجهة

 
شهدت منطقة الخليج العربي خلال الثمانينات صراعاً مريراً كانت أطرافه قوى محلية وأطرافاً دولية أخرى، وقد تمثل الصراع المحلي في الحرب العراقية الإيرانية التي طويت صفحاتها في أغسطس من عام 1988 أما الصراع الدولي فقد تمثل في تواجد مكثف للقوى العظمى في المنطقة وعلى رأسها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون، والوجود البحري السوفييتي «سابقاً» في المنطقة أو بالقرب منها
 
يكتسب الخليج العربي وممره الحيوي الهام «مضيق هرمز» اهتماماً كبيراً من قبل العالم بأسره وتركزت الأنظار حول ما يجري فيه ومن حوله، خاصة في ظل انطلاق صيحات التهديد بإغلاقه في وجه الملاحة البحرية، أو في ظل تزايد مخاطر الألغام التي زرعت سابقاً في الممرات الملاحية الدولية وخاصة في مسارات ناقلات النفط المتجهة من وإلى المنطقة، في ظل هذا الجو الذي ساده التوتر والقلق قديماً وحديثاً، وفي ملف هذا العدد نسلط الضوء على:
- التعريف بمضيق هرمز، خاصة في ظل تعاظم أهميته العالمية اقتصادياً وسياسياً واستراتجياً.
- التأكيد، على أهمية مضيق هرمز لدول مجلس التعاون الخليجي، خاصة وأن المضيق يعتبر معبراً وحيداً لصادرات وواردات معظم دول مجلس التعاون.
- تقديم رؤية حول مستقبل الأمن والصراع حول المضيق مع تبيان الإستراتيجية التي يجب أن تتبعها دول المنطقة في ظل تداعيات الملف النووي الإيراني.
- تبيان حقيقة الصراع الدولي الذي تمر به المنطقة وأهداف وسياسات الدول العظمى من تواجدها المكثف في منطقة الخليج العربي ومضيق هرمز بالذات، بعد أن تبين أن الجغرافيا الجديدة للنزاعات هي الموارد والممرات الدولية أي ما يسمى (حرب الموارد).
 
إعداد: د. صالح المعايطة
باحث ومحلل في القضايا الإقليمية
 
مضيق هرمز
قبل الحديث عن الموقع الجغرافي لمضيق هرمز لابد من التعرف على تلك الجزيرة المطلة عليه والتي ارتبط اسم المضيق بها، فقد كان اسم هرمز كما يشير لوريمر يطلق في السابق على مدينة في البر الإيراني ربما كانت بالقرب من خور مينات، وتقع الجزيرة التي كانت في الأصل موقعاً لمدينة هرمز القديمة على بعد 11 ميلاً جنوب شرق مدينة بندر عباس، و4 أميال إلى الجنوب من البر الإيراني، وتبعد عن خورفكان حوالي 19 ميلاً إلى الشرق من الجزيرة التي بناها اردشير أحد ملوك الفرس الساسانيين ومع أن أهالي هذه المدينة قد هجروها عام 1315 ميلادية فإن حاكمها جيرون أو زورون نقل مقره إلى الجزيرة المقابلة لها والتي أصبح اسمها منذ القرن التاسع الميلادي آورمنر (هرمز) وتعزى أسباب نقل الجزيرة إلى عوامل دفاعية، وقد حكم العرب المدينة هرمز منذ عام 1262 م، ولم تكتسب الجزيرة أهميتها في العصر الحديث فقط، بل إن أهميتها التجارية ضاربة في التاريخ، فقد كانت مدينة تعتبر من أغنى مدن العالم، حيث عرفت بحياة الترف التي عاشها سكانها، وكان يباع في أسواقها الحرير النفيس والجواهر واللآلئ والكهرمان والملابس الموشاة بالذهب والفضة، مثلما عرفت المدن القديمة في الخليج.
 
جاء اهتمام العالم وتركيز أنظاره، خاصة القوى الكبرى حول ما يجري حول هذا الممر من أحداث، خاصة ببؤر النزاع والتوتر التي تُخيم بظلالها على المنطقة من جراء تصاعد حدة النزاع «سابقاً» بين العراق وإيران والتي أدت إلى أضرار بالغة وخطيرة بالنسبة للملاحة عبر المضيق سواء تمثل ذلك بضرب الناقلات التي  تعبر من وإلى الخليج أو التفتيش المستمر للسفن للتأكد من خلوها من حمل الأسلحة للعراق، كل ذلك أضفى على المضيق أهمية كبيرة تضاف إلى كونه المنفذ الوحيد الذي يطل على الخليج العربي بالنسبة للعديد من الدول، واليوم تعود الأهمية من جديد عندما تم ربط أهمية المضيق بالنفط والعقوبات التي ستفرض على إيران والتلويح بعمل عسكري ضد المفاعلات النووية الإيرانية بالتزامن مع تزايد عناصر عدم الاستقرار في المنطقة في ظل تزايد الطلب على النفط ومشتقاته وتقاطع المصالح والأهداف بين القوى العظمى.
 
الموقع الجغرافي
يربط مضيق هرمز الخليج العربي (وهو بحر شبه مغلق) بخليج عُمان (وهو بحر مفتوح)، وكلاهما يشكل لساناً بحرياً متصلاً بالمحيط الهندي، وينتهي ساحل المضيق الجنوبي عند عمان بينما تطل إيران على ساحله الشمالي والشمالي الشرقي، ويحد المضيق من جهة الخليج العربي خط يمتد من رأس الشيخ مسعود على الساحل الغربي من شبه جزيرة مسندم باتجاه الشمال حتى جزيرة ونجام جنوب الساحل الإيراني وحده، ومن جهة خليج عمان خط يمتد من رأس دبا على الجانب الشرقي لشبه جزيرة مسندم حتى دماغة باكخ على الساحل الإيراني، ويبلغ طول الخط الممتد من رأس دماغة باكخ 52,5 ميلاً بحرياً، ويمثل الخط الحد الشمالي لخليج عمان ومدخل المضيق الجنوبي المفتوح على البحر، وهو أقصى عرض له، ويضيق المضيق إلى عرض 20,5 ميلاً بحرياً في النهاية الشمالية الشرقية ما بين جزيرة لارك في الجانب الإيراني وقوين الكبرى – (سلامة وبناتها) على الجانب العُماني، وهو أدنى اتساع له، ويبلغ طول المضيق عند خط الوسط 104 أميال بحرية، وتشكل سلسلة رؤوس الجبال ورأس مسندم معها امتداداً لسلسلة جبال الحجر الشرقي حاجزاً ما بين خليج عمان شرقاً والخليج العربي غرباً، ويمتد الخليج العربي الذي يقع المضيق عند مدخله من جهة عمان، ليصل عرضه 50 ميلاً من رأس مسندم حتى مدخل شط العرب، أما عرض الخليج العربي فيبلغ عند رأسه 140 ميلاً، وعند مضيق هرمز يبلغ نحو خمسة أميال، أما أقصى اتساع له فيبلغ نحو 200 ميل، ويبلغ طول السواحل التي تطل على الخليج 2000 ميل ويتراوح أقصى عمق للخليج ما بين 240 – 300 قدم، بينما يبلغ عمقه قرب جزيرة مسندم 48 قدماً،  ويكّون الخليج عميقاً قرب الجانب الإيراني عادة، ولكن بالنسبة لمضيق هرمز فإن العمق في الجانب العربي أكثر منه عن الجانب الإيراني، وهناك مجموعة كبيرة من الجزر المنتشرة حول المضيق وفي الخليج العربي والتي برزت أهميتها السياسية والإستراتيجية في السابق، وظهرت أهميتها الاقتصادية في الفترة الأخيرة نتيجة ثورة النفط التي شهدتها بلدان الخليج العربي، وقد تضاربت دراسات الجغرافيين حول عدد هذه الجزر، منهم من قال أن عددها دون الـ50 جزيرة، ومنهم من قال أن عددها يصل إلى 100 جزيرة، فالدراسات عن هذه الجزر غير دقيقة، وعند التقصي لمعرفة عدد الجزر ودراسة بعضها فقد تبين أن عددها قد يصل إلى 126 جزيرة.
 
ممر منطقة جزر طنب وفرور
يقع هذا الممر في المنطقة الجنوبية للخليج العربي بعد الخروج من مضيق هرمز، وتكثر الجزر في هذا الممر وأهمها جزر طنب الكبرى – والصغرى وأبو موسى، ويتراوح عمق المياه في هذه المنطقة بين 180 – 300 قدم تقريباً، وبسبب كثرة الجزر وكثافة الملاحة تقرر رسم خطين لمرور السفن يقع الأول في الشرق ويتجه خارج الخليج، أما المنطقة الثانية للمرور فهي منطقة رأس تنورة، وبالنسبة لبقية مناطق الخليج العربي فلا تخضع الملاحة فيها لأي تحديدات دولية أو أيه اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف من الدول الساحلية، لذا فإن تحديد الملاحة خارج المناطق التي سبق ذكرها يقع على عاتق ملاحي السفن أنفسهم بالدرجة الأولى، وبإتباع الاتجاهات الجانبية وبدلالة الخرائط البريطانية المثبتة عليها الأعماق في الخليج، وجدير بالذكر أن الملاحة في هذه المنطقة تسير في البحر العالي بشكل عام.
 
الأهمية العالمية
مثلما اكتسب مضيق هرمز أهمية كبيرة خلال القرون الماضية فإن النفط والموقع الجغرافي الاستراتيجي قد أضفى عليه أهمية أخرى فائقة، خاصة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية ولدول أوروبا الغربية واليابان، وحتى الاتحاد السوفييتي والكتلة الشرقية (سابقاً)، المرتبطة معه في السنوات الماضية على حد تعبير خبراء الطاقة، إن مضيق هرمز يعتبر ممراً دولياً للنفط يربط منطقة تمتلك أكبر إنتاج للنفط في العالم بالأسواق العالمية وأكبر احتياطي له بحيث أصبح المضيق منفذاً لمرور ناقلات النفط إلى سائر أرجاء المعمورة، لهذا فإن مصالح العديد من دول العالم وعلى اختلاف أحجامها وأوزانها الدولية ونظمها السياسية ومواقعها الجغرافية ومستوياتها الاقتصادية، ترتبط بهذه النقطة الإستراتيجية التي تربط الخليج العربي بالمحيط الهندي رغم التباين في درجات المصالح المرتبطة بهذا المضيق، فهي توصف عموماً بأنها حيوية ومهمة، ويكفي الإشارة إلى أنه في عام 1978 شهد المضيق مرور ثلثي احتياجات العالم من النفط، فالمكانة التي تمثلها المنطقة في إنتاج النفط والذي يمر أغلبه عبر المضيق جعلت منه ممراً استراتيجياً بكل المقاييس.
 
ولمضيق هرمز أهمية اقتصادية للولايات المتحدة وأوروبا الغربية، فمع حلول الثمانينات وجدتْ الولايات المتحدة نفسها مازالت معتمدة بدرجة كبيرة على النفط المستورد خاصة نفط الخليج العربي، واستمر هذا الوضع منذ أكثر من 15 عاماً، إلا إنه ومنذ زمن قريب نسبياً وعلى سبيل المثال في عام 1973 وقبل اندلاع الحرب العربية الإسرائيلية الرابعة كان الشعب الأمريكي قد استكان إلى تأكيدات وسائل الإعلام الأمريكية بأن الولايات المتحدة لا تعتمد على نفط المنطقة إلا في حدود أقل من 3 % من استهلاكها، وبالطبع فإن الحقيقة التي أبرزتها الحرب دلت على عدم مصداقية تلك المقولة حيث وصلت الواردات في ذلك الحين إلى ما يقارب 10 % من اقتصاد الولايات المتحدة، وتؤكد تلك الحقيقة مجلة فورتشون الأمريكية في مقال لها عام 1973 تحت عنوان «تهديد نقطة الاختناق» Choke Point بقولها أن العواقب ستكون مخيفة بالنسبة إلى أوروبا واليابان والولايات المتحدة الأمريكية إذا ما انقطع تدفق نفط الشرق الأوسط خاصة النفط السعودي، فأكثر من نصف استهلاك أوروبا من الخام و85 % من استهلاك اليابان يأتي من السعودية وعمان والإمارات العربية المتحدة وقطر وإيران والكويت والعراق والبحرين ويشكل النفط المستورد نسبة 18 % من واردات الولايات المتحدة الأمريكية، كذلك لم يخفي الرئيس الأمريكي الأسبق كارتر تلك الأهمية بل وأكدها بقوله: «مع التزايد السريع لواردات الولايات المتحدة من النفط أصبحت للخليج أهمية حيوية بالنسبة للبلاد وأيضاً بالنسبة لحلفائها» وذهب الرئيس الأمريكي السابق إلى أبعد من ذلك بالتهديد بمقاطعة البلدان التي قد تلجأ إلى فرض حظر على واردات الولايات المتحدة من البترول بقوله: بأنه لو قدر لأي بلد من البلدان إعلان حظر البترول المتجه إلى الولايات المتحدة فإنني سوف اعتبر هذا الفعل بمثابة إعلان حرب اقتصادية وسوف أتخذ الإجراءات اللازمة وسوف أفعل كل ما من شأنه منع وصول أي شيء إلى ذلك البلد المعلن للحظر على ما يصل إليه من الولايات المتحدة: «لا أسلحة، ولا قطع غيار ولا أجهزة للتنقيب عن البترول ولا أنابيب لخطوطه ولا شيء مطلقاً».
 
سيناريوهات إغلاق المضيق
إن إغلاق مضيق هرمز يأتي في رأس قائمة المخاوف المرتبطة بالطاقة العالمية، إذ أن ما يقارب 90 % من إجمالي نفط الخليج يغادر المنطقة في ناقلات يتعين عليها أن تمر خلال هذا الممر المائي الضيق مقابل السواحل الإيرانية، وسوف يؤدي إغلاقه فترة طويلة إلى حرمان السوق من 25 % من النفط العالمي ومن السيناريوهات المحتملة للإغلاق:
- سيناريو الألغام: يقول البعض بأن إمكانية إغلاق مضيق هرمز عن طريق الألغام ممكن لأن عرض المضيق لا يتجاوز 45 كلم، وعمقه لا يتجاوز 60 متراً، ويصعب إغلاقه بواسطة إغراق باخرة أو ناقلة نظراً لأنه بهذه الطريقة يمكن فتح المضيق بتفجير هذه الناقلات إلى أجزاء صغيرة مما يسهل نقل هذه الأجزاء إلى خارج المضيق باعتبار تلك المنطقة منطقة تيارات مائية، كما أن عملية التلغيم ستزيد من رسوم التأمين على السفن القادمة إلى دول المنطقة مما يزيد من احتمالات التدخل العسكري، وهذا السيناريو في ظل التفوق العسكري الغربي ليس وارداً من قبل إيران، وكما يطرح البعض تصورات قد لا تكون قابلة للتطبيق وذلك بردم المضيق وطمره لأنه ممر ضيق حتى تنتهي أهميته للأبد.
 
- سيناريو إغراق السفن في مداخل المضيق: بعض التحليلات والدراسات التي أشارت وبعد اندلاع الحرب العراقية الإيرانية تشير بأنه يمكن إغلاق مضيق هرمز بإغراق سفينة أو عدة سفن ولا يعتقد هذا الخيار وارداً، إذا عرفنا أن عرض المضيق من عُمان باتجاه إيران عند أقرب نقطة يبلغ 40 كلم، كما أن هناك 3 مسارات للسفن الداخلة للخليج من المضيق إضافة إلى ذلك فإن عرض المضيق سيساعد على إمكانية التفاف السفن حول أي عائق بالمضيق حتى لو كانت 3 ناقلات على أقل تقدير، لذا فإن أي تصعيد من هذا النوع يمكن ردعه قبل وقوعه خاصة في ظل التواجد الأمريكي والأوروبي المكثف والقريب إلى حد ما على مدخل المضيق، إضافة إلى وجود عدد من القواعد العسكرية الأمريكية في كل من العراق، قطر، أمريكا، تركيا، أفغانستان، والبحرين.
 
- سيناريو الهجمات الأرضية: بعد استبعاد إمكانية إغلاق المضيق بواسطة إغراق سفينة أو حتى 10 سفن، إضافة إلى استبعاد سيناريو التلغيم، كذلك التهديد من قبل القوات الجوية والبحرية الإيرانية أيضاً مستبعد بسبب تفوق سلاح الجو والبحرية الأمريكية المتواجدة بالمنطقة، والأعمال الممكنة والتي ستؤثر هي الهجمات الأرضية الموجهة من الأراضي الإيرانية، وهذه الأعمال يمكن أن تشل حركة الملاحة في المضيق، إضافة إلى إمكانية أن تحرك إيران خلاياها وأذرعها العسكرية النائمة في المنطقة لخلط الأوراق في المنطقة، وهو ما تهدد به حالياً إذا قامت إسرائيل أو أمريكا بتوجيه ضربه عسكرية للمفاعلات النووية الإيرانية.
- سيناريو الصراعات الداخلية: أن هذا السيناريو هو ما تخشاه الإدارة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون فإن حصلت صراعات داخلية في إيران وحرب عقائدية على السلطة فإن هذا قد يحرك الأقليات الاثنية والطائفية والايدولوجية في المنطقة وقد يتوقف إنتاج النفط.
 
التحليل والاستنتاجات
تمتلك إيران قدرات بحرية جيدة وخبرات تراكمية في زراعه الألغام ويمكن لإيران أن تستفيد من المنشآت والإمكانات العسكرية الموجودة لديها ومن جغرافية المضيق في السعي لوقف تدفق النفط. ويعتقد أن الإيرانيون سيحاولون أن يفعلوا بالأمريكيين في المضيق مثل ما فعله الأتراك والألمان بالبريطانيين في الدردنيل عام 1915 بتلغيم الممر الضيق ومن ثم القيام بمهاجمة الذين سيحاولون إزالة الألغام من مواقع ساحلية محصنة، وقد تحاول إيران على وجه التحديد في البدء لوضع حقول الألغام في طرق الملاحة وحولها في المضيق. إضافة إلى استخدام صواريخ كروز المضادة للسفن ضد حركة الملاحة التجارية وأي سفن مضادة للألغام أو سفن حراسة.
بالمقابل يستطيع الأمريكيون مواجهة هذه الأعمال الإيرانية باستخدام خيارات كان البريطانيون يفتقرون إليها في مضيق الدردنيل وهي الدفاعات السطحية المتطورة، والقدرة الجوية الهجومية ضد النيران المعادية على السواحل الإيرانية ويمكن لحملة جوية مركزة أن تنفذ بالتعاون مع مجموعات قتالية من السطح لتدمير قدرات إيران الصاروخية المضادة للسفن، وسيكون هدف الولايات المتحدة هو إزالة الألغام وهي مهمة فنية بسيطة قد تنجح فيها مؤقتاً. لكن الخوف الكبير هو من الرد الانتقامي الإيراني أي ما يسمى بالضربة الثانية.
 
إن طبيعة المضيق وعمقه المائي لا يسمح لإيران باستخدام الغواصات في زراعة الألغام حيث عمق المياه لا يتجاوز 60 متراً بينما يتطلب تشغيل الغواصات عمقاً يصل إلى 50 متراً على الأقل الأمر الذي يحد من استخدام التكتيكات مثل الغوص من أجل الاختفاء أو الحماية. أضف أن الملوحة العالية في مياه الخليج مع عوامل أخرى مثل التيارات المائية والهوائية وارتفاع الحرارة هذه العوامل كلها ستؤثر على أجهزة الرادارات والاتصالات المستخدمة في الغواصات الإيرانية وتجعل منها أهداف واضحة للأسلحة المضادة للغواصات.
تشير التقديرات أن إيران تمتلك أكثر من 2000 لغم، وبالمقاييس التاريخية لا يعد هذا العدد من الألغام مخزوناً ضخماً، فقد زرع البريطانيون والأمريكيون على سبيل المثال أكثر من 70,000 لغم في محاولة لإغلاق بحر الشمال في وجه الغواصات الألمانية في الحرب العالمية الأولى، وقامت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي (سابقاً) بتخزين مئات الآلاف من الألغام أثناء الحرب الباردة.
 
يمكن لإيران زرع أربع حقول ألغام عند مدخل المضيق، وهو الجزء الأضيق شرق جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى إلى الجنوب مباشرة من جزيرة لارك، إلا أن الغواصات الإيرانية التي ستقوم بزراعة الألغام يمكن كشفها ثم يمكن أن تزرع 48 لغماً من طراز MDM-6 بمجموعة 192 لغماً ويتطلب ذلك في المحصلة زرع الألغام على ثماني دفعات، وهذا يعني أن العمل سيكون مكشوفاً ويحتاج إلى وقت، وبسبب قلة عدد الغواصات الإيرانية فإن البحرية الأمريكية قد تتدخل وتبطل عملية زراعة الألغام بعمليات عسكرية محدودة، وهذا ما يقلق الإيرانيون ويجعلهم مترددون حول سيناريو زرع الألغام.
 
السؤال الذي يطرح نفسه: هل بإمكان إيران إغلاق مضيق هرمز؟ وما الذي يدفع إيران إلى اتخاذ إجراء مناقض لمصالحها الاقتصادية؟ وهل تمتلك إيران الإمكانيات العسكرية اللازمة لشن حملة عسكرية في المضيق؟ وما الشكل الذي ستأخذه هذه الحملة؟ ولعل الأسئلة الأكثر أهمية هي:
- ما الذي يجب على القوات العسكرية الأمريكية والغربية فعله للدفاع عن المضيق في حال تدخل الإيرانيين هناك؟
- ما هي التكاليف المحتملة للعمل العسكري وخصوصاً أن الإدارة الأمريكية لازالت تعاني من تداعيات الحرب على أفغانستان والعراق، كما أن البيئة الدولية غير مهيأة لحروب جديدة؟
- ما الفترة المتوقعة وما هي حصيلة هذه الأعمال والاستفزازات والتحديات والمخاوف والتي قد تقود العالم إلى حرب هرمزية جديدة؟
 
- تأتي أهمية المضيق كونه الممر المائي الوحيد المؤدي إلى خارج الخليج، ويتعين على جميع الناقلات النفطية المرور عبره لتحميل النفط أو تفريغه في الموانئ المطلة على ساحل الخليج، والمعروف أن إيران تسيطر على الساحل الشمالي للمضيق، وبينما تسيطر سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة على الساحل الجنوبي منه، ويبلغ طول المضيق 180 كلم بينما عرضه في أضيق نقطة منه 45 كلم وهو يحوي مسارين تستخدمها السفن الضخمة ويبلغ عرض كل من المسارين 3,2 كلم بينهما منطقة فاصله بعرض 4 كلم، ويمر المسار الشمالي على بعد 10 كلم من الساحل الإيراني. وهذه المعطيات هي التي أعطت للمضيق الأهمية والحساسية، أما احتمالات المواجهة العسكرية فلن تكون في المدى المنظور وذلك للأسباب التالية:
- قرب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية لأن الإدارة الأمريكية يهمها الشأن الداخلي في ظل تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية.
- تزايد عناصر عدم الاستقرار في الإقليم وتداعيات ثورات الربيع العربي.
- وصول عدد من الإسلاميين إلى البرلمانات والحكم في بعض دول الإقليم المضطرب.
- البيئة الدولية غير مهيأة لحرب جديدة ولا حتى الرأي العام والاتجاه العام مهيأ لحرب جديدة.
- الأهم من هذا كله أن إيران بموقعها الجغرافي وثرواتها الطبيعية تعتبر دولة مرغوبة اقتصادياً (بسبب احتياطيها من النفط والغاز) ولكنها بالمقابل دولة سياسية مشاغبة.
دوافع العمل العسكري في المضيق
اعترفت إيران منذ زمن أن قيامها بإغلاق مضيق هرمز ستكون كمن يجدع أنفه، نكاية بوجهه، أي أنها ستضر بنفسها بمعاقبة «الغير»، ولن يقتصر الأمر على إسهام ذلك في حرمان إيران من عائدات النفط الحيوية، بل سيكون أيضاً مبرراً للتدخل الدولي كما حصل في الحرب العراقية الإيرانية (1980 – 1988).
 
إن وقوع حوادث كارثية بدرجة تكفي لدفع إيران إلى إغلاق المضيق مثل: شن هجوم نووي تكتيكي على الأراضي الإيرانية سيدمر أيضاً الكثير من القدرات العسكرية الإيرانية اللازمة للقيام بالحملة، وتدل معظم التحليلات والتسريبات الإعلامية الحديثة أن هجوماً أمريكياً تقليدياً لو حدث على المنشآت النووية الإيرانية سيتم تنفيذه بحيث يدمر استباقاً أغلب الأهداف الضرورية لقيام إيران بهجوم في المضيق، بتعرض إيران بعد ذلك لهجوم أمريكي- إسرائيلي محدود سوف يدمر الجزء الأكبر من برامجها النووية، دون المس بقدراتها العسكرية الأخرى مما سيجعلها تسعى إلى الانتقام.
والواقع أن تقييم الاستخبارات الأمريكية عام 2010 قد قلل من المخاوف الإسرائيلية من البرامج النووية الإيرانية، بل لعله زاد من احتمالات وقوع هجوم إسرائيلي دون مشاركة أمريكية في هذه العملية.
إذا قامت أمريكا وإسرائيل بمهاجمة إيران فمن المحتمل أن يتلاشى ويتراجع ضبط النفس الذي تحلت به إيران سابقاً في مضيق هرمز، وعلى الرغم من أن المرشد الأعلى آية الله علي خامئني قد أكد من عام 2006 أن إيران لن تكون البادئة في الحرب، ولكن اليوم يعود المرشد الأعلى ليقول في عام 2012  أن إيران ستهاجم أية دولة تساعد إسرائيل أو أمريكا على ضرب إيران، كما أنه حذر من أن الولايات المتحدة الأمريكية إذا قامت بمعاقبة إيران أو مهاجمتها فعندئذٍ «فإن عمليات شحن النفط من المنطقة ستواجه خطراً حقيقياً».
 
أهمية مضيق هرمز
مرة أخرى تعود منطقة الخليج وبخاصة مضيق هرمز الممر العالمي لصادرات النفط للواجهة الصدامية بين إيران وأمريكا وبقية الدول الغربية، فإيران يبدو أنها تحرق سياساتها وجيوشها في حالة غامرت بإغلاق الممر الدولي، ويدرك العالم أنها لن تجرؤ ولن تستطيع لأنها تدرك أن الولايات المتحدة لوحدها تتفوق عليها في النيران وميزان القوى، فكيف لو أضيفت القدرات الإسرائيلية وقدرات الدول الغربية إلى قدرات الولايات المتحدة، ولكن إيران تحاول تأجيل العقوبات التي ستفرض عليها من خلال خلط الأوراق ليصبح النفط وإيران محوران هامان في أمن واستقرار منطقة الخليج، وأن وجودهما لن يعطي المنطقة حالة استقرار دائم بل سيجعلها تعيش فوق بركان قد يثور مع أي حراك استفزازي سواء من الغرب الذي يحتاج إلى تأمين مصالحه وتأمين مستقبله من النفط، أو إيران التي تبحث عن موطئ قدم في اللعبة الدولية.
وباعتبار مضيق هرمز ممراً دولياً فليس لإيران الحق في اتخاذ قرار بإغلاقه منفردة، بل هناك دول جوار ودول إقليم في الفضاء الجيوسياسي والجيوغرافي المحيط بإيران والمنطقة ككل، وأهمية المضيق تأتي من خلال الحقائق والمعطيات التالية:
يبلغ عرض المضيق 45 كلم، ويمر منه أكثر من 35 ناقلة نفط عملاقة يومياً، أي أنه أشبه ما يكون بالقصبة الهوائية للرئة لبعض الدول، وكما نعلم إن دولاً مثل العراق والكويت والبحرين وقطر والساحل الشرقي من السعودية ليس لها منفذ بحري إلى خارج الخليج العربي، سوى هذا المضيق.
 
يمر من خلال المضيق ما يقارب 18 مليون برميل نفط يومياً، فالمضيق من دون شك هو ممر حيوي ومهم  للنفط المصدر من قبل جميع الدول المنتجة له، والمطلة على الخليج العربي حيث يمر من المضيق 90 % من النفط السعودي، و98 % من النفط العراقي  و100 % من النفط الكويتي والقطري فهذه الأهمية الإستراتيجية للمضيق بالنسبة للدول الخليجية يتحتم عليها أن يكون لها موقف واضح وإستراتيجية موحدة على المستوى السياسي والعسكري والأمني من خلال مجلس التعاون لدول الخليج مع التشاور مع دول مع أخرى يمكن أن تتأثر من إغلاق المضيق، والتفكير بالخيارات والبدائل الإستراتيجية للطاقة وفي وسائل نقل الطاقة أيضاً.
الدول المستوردة للنفط الخليجي وخاصة تلك التي تعتمد اعتماداً كبيراً على نفط الخليج في دعم اقتصادها هي أيضاً لها مسؤولية دولية في إبقاء هذا المضيق مفتوحاً، فاليابان تعتمد على المضيق في وصول 85 % من حاجتها من النفط، وكذلك كوريا الجنوبية والهند والصين تعتمد على هذا المضيق في وصول أكثر من 70 % من حاجتها من النفط، وحتى الولايات  المتحدة تعتمد على المضيق لضمان وصول 18 % من حاجتها من النفط.
إن إغلاق مضيق هرمز أو التهديد به مسؤولية من المفترض أن يتحملها العالم، وليس دول المنطقة فقط، وأن تضطلع بمواجهتها عدة أطراف دولية باعتبار أن تداعياتها كبيرة ومؤثرة على المستوى الإقليمي والعالمي والمحلي، لذا يجب أن يتحرك الجميع بمسؤولية دولية جماعية، فأي خطأ بسيط قد يؤدي إلى كارثة من الوزن الثقيل على العالم، فبدون النفط تتوقف المصانع وأن توقفت المصانع مات الناس جوعاً وبرداً، وتلوثت المياه والأجواء، ولا يوجد بديل عن النفط سوى الطاقة الشمسية المحرومة منها دول أوروبا أساساً أو بالتالي العودة إلى زمن الفحم الأسود، وبالمقابل فإن معظم دول الخليج والعالم العربي لا تعاني من حرمان الطاقة الشمسية فلماذا لا تفكر بالاستراتيجيات والطاقة البديلة تحسباً لأي مكروه لا سمح الله.
 
من المسيطر على مضيق هرمز؟
إذا كان المسيطر هو من يملك الأرض اسمياً فإن سلطنة عُمان هي المسيطر الأكبر لأن الجانب الجنوبي الممتد على شكل رأس الخليج العربي هو جزء من أراضيها، وعلى الجانب الشمالي هناك إيران، هذا نظرياً، لكن المعطيات والحقائق تقول أن الولايات المتحدة الأمريكية لها وجود كبير وبشكل مؤثر على حركة العبور دخولاً وخروجاً من المضيق، فالقواعد العسكرية منتشرة على عدد من  الشواطئ الجنوبية من عمان إلى الكويت مروراً بقطر والبحرين وتركيا والعراق، وكما إن هناك تواجداً عسكرياً أمريكياً لازال في مدينة البصرة العراقية. كما إن سفن الأسطول الخامس الأمريكي تجوب مياه الخليج بشكل دائم، كما إن أمريكا مهتمة بالمضيق ومداخله لأنه الأهم استراتيجياً في العالم ولأنه شريان الطاقة للعالم أجمع كما ذكر في الإحصاءات الرقمية أعلاه، فالسيادة الأمريكية على البحار هي سيادة كاملة إما بالحضور العسكري المباشر والقواعد العسكرية، أو عبر التسهيلات العسكرية والاتفاقيات الثنائية، لأن النفط لم يعد مهماً فقط للغرب بل مصادر وطرق نقل النفط أيضاً مهمة بسبب التهديدات الإرهابية  والأعمال التخريبية وهذا الوضع لم يكن مؤثراً سابقاً بسبب غياب عناصر عدم الاستقرار على المنطقة.
 
الخلاصة والاستنتاجات
ليس التفوق العسكري المطلق للولايات المتحدة الأمريكية على إيران موضع شك إذا أضيف إلى هذا التفوق القدرات العسكرية الغربية المساندة والقدرات العسكرية الإسرائيلية المشاركة والدعم اللوجستي من بعض دول الإقليم، ومن ثم فإن الولايات المتحدة ستكسب المواجهة الميدانية في البداية كما حصل في العراق، ولكن الخوف ما بعد الضربة أو ما بعد الحملة العسكرية؟ وما هي التداعيات؟ وهل الخلايا النائمة والأذرع العسكرية الإيرانية ستبقى نائمة؟.
إن حرب الألغام تقع ضمن حدود إمكانيات إيران لامتلاكها صواريخ كروز مضادة للسفن والدفاع الجوي لجعل العمليات الأمريكية ضد الألغام أشد صعوبة وأكثر استهلاكاً للوقت، وكما أن حركة مرور السفن في المضيق ستتأثر لعدة أسابيع أو أكثر برغم العمليات الجوية والبحرية الرئيسية المطلوبة لاستعادة انسيابية حركة السفن بشكل كامل.
ستواجه إيران صعوبات كثيرة في حالة المواجهة مثل تحديات القيادة والسيطرة والاستهداف التي تواجهها في الحرب الساحلية والتشويش الالكتروني، ولكنها بالمقابل تمتلك مخزونات هائلة من الصواريخ والقنابل والألغام ذات القوة التفجيرية التي حصلت عليها إثر حرب الناقلات في ثمانينات القرن الماضي.
 
على الرغم من امتلاك الولايات المتحدة لأقوى جيش تقليدي في العالم فإن تجاربها السابقة في اصطياد الأهداف المتحركة من الجو والقيام بعمليات إزالة الألغام في المناطق الساحلية لا توحي بالثقة أن المواجهة في المضيق ستنتهي بسرعة، كما أن دفاعات الأسطول الأمريكي لم يسبق أن تم اختبارها في الحرب ضد خصم لديه عدد كبير من صواريخ كروز، كما أن الولايات المتحدة تمر وسط مرحلة انتقالية رئيسية في مفهومها الكبير عن العمليات المضادة للألغام، وبأخذ هذه الحقائق في الحسبان فإن التطمينات الايجابية حول سير الصراع العسكري ونتائجه في مضيق هرمز، تبدو مسوغة في أحسن الأحوال وخطيرة في أكثرها سوءاً، مع الاعتقاد أن المواجهة العسكرية غير واردة  في المنظور القريب بسبب عوامل كثيرة منها الأوضاع الاقتصادية، والتقاء مصالح أمريكا وإسرائيل مع المصالح الإيرانية أحياناً.
 
الأمر الأهم هو أن إيران لا تحتاج إلى إغلاق المضيق تماماً لاستفزاز الولايات المتحدة لدفعها إلى التدخل، وبعد أن يبدأ هذا التدخل تكون احتمالات مزيد من الأعمال العدائية عالية، وإذا كانت الحملات الجوية والبحرية تبدو بطيئة بصورة خاصة، فإن الولايات المتحدة قد تضطر إلى التفكير في ضرب أهداف أخرى في إيران أو في استخدام القوات البرية، وفي كلتا الحالتين يبدو متوقعاً حدوث ارتفاعات كبيرة في أسعار النفط.
 
يتعين على الولايات المتحدة أيضاً تشجيع استخدام الملاحة الأقرب إلى جنوب الخليج حينما يسمح بذلك عمق المياه، وكلما كانت المساحة التي يمكن لناقلات النفط عبورها أكبر، كان من الأصعب على إيران تهديد تدفق حركة الملاحة بعدد صغير من الألغام، أضف إلى ذلك أنه كلما كانت طرق الملاحة أبعد عن الساحل الإيراني، كانت المنطقة التي يتم إطلاق الصواريخ منها في إيران على السفن في الخليج أصغر مساحة، وهذا يُقلل من احتمالات المواجهة العسكرية وخصوصاً أن الولايات المتحدة لازالت تعاني من تداعيات الحرب على العراق اقتصادياً ونفسياً.
 
ختاماً نتمنى أن يجتمع العقلاء في العالم ويتحدثوا بإنسانية الحياة لا بعدوانية الحرب لنتجنب حرباً  هرمزية، لأن الحروب تستهلك الحاضر وتستدين من المستقبل وتدمر الدول وإنجازات الشعوب وتحبط طموحات الأجيال القادمة .
 
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره