مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2015-10-01

يوم الشهـيد تكريم لتضحيات شهداء القوات المـسلحة وترسيخ لتعزيز قيم الولاء والعطاء والانتماء

يحظى الشهداء بمكانة خاصة في جميع دول العالم، ليس فقط لأنهم يقدمون أرواحهم ودمائهم فداء ودفاعاً عن أوطانهم، وإنما لأنهم يقدمون نماذج حقيقية تجسد قيم التضحية والانتماء والولاء أيضاً، ولهذا تحرص الدول على تخليد ذكراهم، لتبقى حية في صفحات التاريخ. 
في هذا السياق، جاء الأمر السامي الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة،  القائد الأعلى للقوات المسلحة «حفظه الله» في شهر أغسطس 2015 بأن يكون الثلاثون من نوفمبر من كل عام يوماً للشهيد، واعتبار هذه المناسبة الوطنية عطلة رسمية على مستوى الدولة، ليمثل رمزاً ومناسبة وطنية تكريماً لشهداء الوطن، وإعلاءً لقيم الوفاء والعطاء المتجذِّرة في المجتمع الإماراتي. وفي هذا العدد تخصص مجلة "درع الوطن" الملف الشهري لتخليد ذكرى شهداء الوطن الأبرار والاحتفاء بهم.
 
إعداد: التحرير
جاء استشهاد 52 جندياً من قواتنا المسلحة المشاركين ضمن قوة التحالف العربي في عملية إعادة الأمل باليمن بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة في الرابع من سبتمبر 2015، ليضيف صفحة ثرية في تاريخ تضحيات الإمارات من أجل الدفاع عن أشقائها العرب، والدفاع عن أمنهم واستقرارهم. لهذا ستظل دولة الإمارات العربية المتحدة، قيادة وشعباً، وفية لأبنائها الذين لبوا نداء الوطن وحملوا رايته خفاقة عالية في ساحات الحق والواجب مثمنة تضحياتهم الغالية. وهذا ما عبرت عنه كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لدى تقديمه واجب العزاء في هؤلاء الشهداء الأبرار، حيث قال: "إن ذكرى هؤلاء الشهداء الأبطال ستظل خالدة في عقول وقلوب قيادة وشعب الإمارات وفي سجل شرف قواتنا المسلحة الباسلة، وهم مبعث فخر واعتزاز لقيادتهم وشعبهم وذويهم الذين ضحوا بفلذات أكبادهم من أجل إعلاء راية الوطن الغالي، ورفع راية الاستقرار والسلام في ربوع دول المنطقة وأمن شعوبها". بينما أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، أن جنود الإمارات قدموا صورة حقيقية ومشرفة بشجاعتهم وبسالتهم وقيامهم بواجباتهم الوطنية في نصرة الحق والعدل، ونجدة الأشقاء مما يجعلنا نفخر بهم، ونعتز بعطائهم، ونغرسه في نفوس أجيالنا الحالية والمستقبلية. 
 
 
يوم الشهيد وذاكرة الوطن
 تقدر قيادتنا الرشيدة، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة «حفظه الله» تضحيات شهداء الوطن الأبرار من القوات المسلحة، وتضعهم في أنصع صفحات تاريخها، وتحتضن أسرهم وذويهم وتقف إلى جانبهم كأسرة واحدة، لأنها تعتبر هؤلاء نماذج ناصعة لقيم التضحية والفداء والانتماء، ينبغي تخليدها في ذاكرة الوطن، وترسيخها في عقول النشىء والشباب ليتعلموا كيف يكون حب الوطن فريضة، والدفاع عنه شرفاً وانتماء.
 
ولا شك في أن الأمر الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بأن يكون الثلاثون من نوفمبر من كل عام يوماً للشهيد، يأتي تخليداً ووفاءً وعرفاناً بتضحيات وعطاء وبذل شهداء الوطن وأبنائه البررة، الذين وهبوا أرواحهم لتظل راية الإمارات خفاقة عالية، وهم يؤدون مهامهم وواجباتهم الوطنية داخل الوطن وخارجه في الميادين المدنية والعسكرية والإنسانية كافة، كما قرر سموّه اعتبار هذه المناسبة الوطنية عطلة رسمية على مستوى الدولة. وتقام في هذا اليوم مراسم وفعاليات وطنية خاصة، تشترك فيها مؤسسات الدولة كافة، وكل أبناء شعب الإمارات والمقيمين فيها، استذكاراً وافتخاراً بقيم التفاني والإخلاص والولاء والانتماء المتجذّرة في نفوس أبناء الإمارات، التي تحلّوا بها وهم يجودون بأرواحهم في ساحات البطولة والعطاء وميادين الواجب.
 
إن يوم الثلاثين من نوفمبر من كل عام سيكون محفوراً في ذاكرة كل إماراتي، يستذكر فيه أبناء الوطن جميعاً شهداء القوات المسلحة البواسل، وما قدموه من تضحيات من أجل أن يظل العلم الإماراتي خفاقاً في ميادين الحق والواجب والشرف. وتقديراً لتضحيات شهداء الوطن الأبرار من رجال القوات المسلحة.
 
أهم المبادرات
 أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة العديد من المبادرات في هذا الشأن، لعل أبرزها:
 
*إنشاء مكتب في ديوان ولي عهد أبوظبي يعنى بشؤون أسر شهداء الوطن: حيث أمر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، بإنشاء مكتب في ديوان ولي عهد أبوظبي يعنى بشؤون أسر شهداء الوطن. ويختص المكتب بمتابعة احتياجات أسر الشهداء، وبالتنسيق مع الجهات الرسمية الأخرى في الدولة، وتقديم الدعم اللازم لأسرة وأبناء الشهيد، وتأمين كافة أوجه الرعاية والاهتمام لهم. ويجسد هذا النهج معاني التلاحم بين شعب الإمارات وقيادته ليظل العرفان بدور أسر الشهداء عنوان وفاء، وواجباً وطنياً تقديراً لدورهم وما قدموه من عطاء وبذل، ولتمكين أبناء الوطن وأجيال الغد من مواصلة مسيرة العطاء والمحبة والخير وترسيخ قيم التكاتف والترابط والتعاضد التي يتسم بها مجتمع دولة الإمارات منذ القدم.
 
* ميدان لشهداء الإمارات: أمر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بتنفيذ ميدان لشهداء الإمارات في إمارة الشارقة، وإقامة نصب تذكاري للشهداء، أسوة بالجندي المجهول في البلدان الأخرى، تكريماً وتقديراً لهم على تضحياتهم الجسيمة. وهذا النصب التذكاري عبارة عن هيئة مجسم جندي، يحمل العلم الإماراتي، يدّون عليه أسماء الشهداء كافة، الذين قدموا أرواحهم للحفاظ على الأراضي العربية، وضحوا بأنفسهم، كي نعيش بخير وسلام.
 
* مبادرة أم الإمارات: ووجهت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة (أم الإمارات) بتسمية قاعة في كل مركز من مراكز مؤسسة التنمية الأسرية المنتشرة في إمارة أبوظبي الغربية والوسطى والشرقية باسم "قاعة شهيد الوطن"، وذلك تكريماً لأرواح الشهداء وتقديراً لبطولاتهم، وهم يرفعون راية الإمارات خفاقة ع في كل موقع يؤدون فيه عملاً إنسانياً، ويضحون بأرواحهم لتبقى ذكراهم العطرة خالدة في القلوب جيلاً بعد جيل.
 
* نصب تذكاري وساحة للشهداء: وجه صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم عجمان بتشييد ساحة للشهداء وبناء نصب تذكاري في موقع حديقة العلم بمنطقة الجرف بعجمان تخليداً لشهداء الواجب. ووجه سمو الشيخ راشد بن حميد النعيمي رئيس دائرة البلدية والتخطيط بعجمان قطاع الشؤون الهندسية بالدائرة بضرورة البدء بتنفيذ المشروع، مؤكداً أن هذا المشروع جزء من رد الجميل لهؤلاء الأبطال الذين قضوا نحبهم تلبية لنداء الواجب الذي دعاهم إليه الوطن. مشيراً إلى أن وجود صرح تذكاري يحمل اسمهم يجعل منهم قدوة ونموذج لأبناء الإمارة كي يحذو حذوهم، ويسهموا مع إخوانهم البواسل في رفع راية الوطن عالية خفاقة في فضاء العالم باسم وطننا الغالي الإمارات الحبيبة. وأكد سموه أن تشييد ساحة للشهداء مع تصميم نصب تذكاري يحمل اسمهم سيكون معلماً وطنياً مهماً بالإمارة، لافتاً إلى أنه يجعل من موقعه معلماً حضارياً يخلد بطولات شهداء الواجب من أبنائنا الأبطال، ويعكس حرص إمارة عجمان على تعزيز الانتماء للإمارات والولاء للقيادة والدفاع عن الحق والإنسانية في جميع المواقع التي يحتم عليهم الواجب الوطني تلبية النداء.
 
* أرشيف ومتحف الشهداء: بتوجيهات نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، أعلن الأرشيف الوطني بدوره عن إنشاء مشروع "أرشيف الشهداء"، الذي سيتم عرض الجزء الأول منه في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، في إطار احتفالات الدولة بيوم الشهيد، وذلك تكريماً لبواسل الإمارات الذين استشهدوا دفاعاً عن الوطن والواجب، كما سيتم إلى جانب هذا الأرشيف إنشاء متحف يخلد بطولات الشهداء. ويهدف المشروع إلى إنشاء سجل تاريخي توثيقي لكل شهيد تدوّن فيه سيرته الذاتية ومسيرته العملية والعلمية وكل ما يتعلق به من معلومات للاحتفاظ بها في الأرشيف الوطني، ومن ثم إقامة متحف يخلد ذكراهم وبطولاتهم.
 
* وزارة التربية تستحدث لجنة الدعم التعليمي لأبناء الشهداء: استحدثت وزارة التربية والتعليم، لجنة الدعم التعليمي لأبناء الشهداء، امتثالاً لتوجيهات القيادة الرشيدة بالعمل على العناية بأبناء الشهداء وتقديم كل الدعم اللازم لهم، وهي لجنة مستقلة تتبع مكتب الوزير مباشرة، وتعنى بتوفير الرعاية التعليمية والنفسية والاجتماعية الفائقة، لأبناء شهداء الدولة البواسل، الذين قدموا أرواحهم الطاهرة فداءً للحق والعدل، وتعزيزاً لأمننا الوطني والخليجي واستقراره. وأكدت الوزارة عبر موقعها الخاص على «تويتر»، حرصها على تضمين كل ما يتعلق بمآثر الشهداء، وروح الفداء التي يتميز بها كل إماراتي في مقرراتها الدراسية، فضلاً عن الفعاليات الإثرائية والوطنية المتصلة بالواجب الوطني والمسؤوليات ومنظومة القيم التي تتسم بها دولة الإمارات. وقال معالي حسين بن إبراهيم الحمادي وزير التربية والتعليم، إن اللجنة مبادرة للوفاء من جانب الوزارة لأبناء الشهداء، واللجنة التي سيقوم عليها نخبة من المسؤولين والتربويين والمرشدين الأكاديميين والرعاية الاجتماعية والنفسية، ستتولى بداية تحديد جميع الاحتياجات التعليمية لأبناء الشهداء، وتوفير كل السبل التي تمكنهم من التفوق والتميز، ليصلوا بعلمهم ومعارفهم وقيمهم الرفيعة إلى المكانة المجتمعية المرموقة التي كان يتطلع إليها شهداؤنا. وأكد أن الوزارة لن تدخر وسعاً في توفير فرص التعليم عالية الجودة لأبناء الشهداء، كما لن تتوانى في رعايتهم ومتابعتهم دراسياً واجتماعياً وتوفير البيئة الدراسية الجاذبة، التي تحفزهم على النجاح والتفوق، لكونهم أبناء بواسل وأبطالاً، وهم نبت أصيل لدولة عريقة قوية.
 
*أم الشهيد أمنا.. أبناء الشهيد أبناؤنا: أطلق عدد من الفنانين والممثلين الإماراتيين مبادرة "أم الشهيد أمنا.. أبناء الشهيد أبناؤنا" شاركت في دعمها مؤسسات عدة وكوكبة من الإعلاميات الإماراتيات، ومجموعة "كلنا الإمارات"، زاروا خلالها ذوي الشهداء وقدموا لهم واجب العزاء والمواساة. 
 
هذه المبادرات المتنوعة تشير إلى التفاف القيادة الرشيدة والشعب الإماراتي بفئاته المختلفة حول أسر الشهداء، ورعايتهم وتوفير أوجه الدعم المختلفة لهم، وأن دولة الإمارات العربية المتحدة ستظل وفية لأبنائها الذين لبّوا نداء الوطن، وحملوا رايته خفاقة عالية في ساحات الحق والواجب، مثمّنة تضحياتهم الغالية التي سطروا من خلالها بدمائهم الذكية أروع وأنصع الصفحات في ذاكرة الوطن الخالدة. 
 
 تفاعل الآلاف من الإماراتيين على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"
العديد من التغريدات التي اعتبرت القرار "احتراماً لتضحيات أبناء الوطن". وتناقل المغردون (هاشتاغ) " #يوم_الشهيد_30_نوفمبر"، أرفقوا معه العديد من التغريدات وصور أول شهيد إماراتي خلال دفاعه عن جزيرة "طنب الكبرى" مع التأكيد على (إماراتية الجزر) الثلاث. وتصدر هذا الهاشتاق ترند الإمارات. ورأى المغردون الإماراتيون أن قرار صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، فيه تقدير واحترام لعطاء الشهداء، وحفظاً لإنجازاتهم الوطنية، مؤكدين أن الإمارات دولة تحترم أبناءها وتصون العطاء وترتقي بمبادراتها الإنسانية المتميزة دوماً. وقال المغردون إن "شهداء الإمارات يستحقون التقدير للغالي الذي بذلوه من أجل أمن الدولة وعلو مكانها وصون حدودها وحماية أهلها".
 
وتناقل المغردون صورة سيف سعيد غباش، أول وزير دولة للشؤون الخارجية بدولة الإمارات العربية المتحدة، وأحد مؤسسي أركان وزارة الخارجية وإداراتها، الذي استشهد في 25 أكتوبر 1977، عندما كان يرافق عبد الحليم خدام، وزير الخارجية السوري آنذاك إلى مطار أبوظبي لوداعه. أما شهداء الإمارات في عاصفة الحزم وإعادة الأمل، فجمعت صورهم في تصاميم خاصة تناقلها المغردون مع عبارات دعاء وتأييد لتحديد يوم للشهيد تخليداً لذكراهم.
 
 يوم الشهيد.. ترسيخ لقيم الولاء والانتماء والوفاء والعطاء
يثير الأمر السامي لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة «حفظه الله» بأن يكون الثلاثون من نوفمبر من كل عام يوماً للشهيد، والمبادرات الأخرى التي أعقبت ذلك لتكريم الشهداء العديد من المعاني والدلالات المهمة، لعل أبرزها:
 
-1تقدير القيادة الرشيدة لتضحيات الشهداء، وهذا ليس أمراً عابراً على السياسة الإماراتية، فالمغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كان يقدر الشهداء العرب في معارك العزة والشرف وما زالت مقولته المأثورة "النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي" خالدة إلى يومنا هذا. إنها مقولة تضع الدم العربي في موضعه الرفيع وفي عهده طيب الله ثراه استشهد سالم سهيل أول شهيد إماراتي، وهو يدافع عن تراب وطنه في طنب الكبرى ثم استشهد رجال أوفياء من أمثال سيف بن غباش وخليفة المباركة، ولهذا فإن مبادرة صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، بجعل الثلاثين من نوفمبر من كل عام يوماً للشهيد، هو تأكيد على هذا النهج، الذي يخلد تضحيات شهداء الإمارات الأبطال، والاحتفال بهم سنوياً، ليكونوا القدوة والنموذج والدليل على أصالة هذا الشعب الأبي.
 
-2يوم الشهيد، وما يصاحبه من فاعليات متنوعة، يعد تخليداً ووفاء وعرفاناً بتضحيات وعطاء وبذل شهداء الوطن وأبنائه البررة الذين وهبوا أرواحهم لتظل راية دولة الإمارات العربية المتحدة خفاقة عالية، وهم يؤدون مهامهم وواجباتهم الوطنية داخل الوطن وخارجه في الميادين المدنية والعسكرية والإنسانية كافة. فيوم الشهيد سيكون بمنزلة عيد وطني سنوي، نستلهم من خلاله قيم التضحية والفداء. فلا شك أن تخصيص يوم للشهيد يؤكد أن القيادة في دولة الإمارات العربية المتحدة لا يمكن أن تنسى أبناءها الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن، وأن الأوطان تبنى بسواعد الرجال وأصالة المبادئ وشهامة المواقف. فما تملكه الدولة من سجل حافل بالبطولات والتضحيات وسطور عريقة في كتاب المجد والفداء وكوكبة من الأبطال الذين سموا بأرواحهم إلى مرتبة الشهادة ورجال أشاوس يفتدون وطنهم بدمائهم وأرواحهم جعل منها نموذجاً فريداً في العطاء والتضحية وحصناً منيعاً ضد كل الأطماع التي تحيق بالمنطقة العربية وواحة أمن واستقرار وبلد محبة للعالم والإنسانية وساعياً إلى إحلال الأمن والاستقرار في جميع أنحاء العالم.
 
-3 أن يوم الشهيد، بما يتضمنه من فعاليات وطنية خاصة تشترك فيها مؤسسات الدولة كافة وكل أبناء شعب الإمارات والمقيمين فيها، سيمثل مناسبة مهمَّة لتعزيز قيم الولاء والانتماء إلى الوطن؛ فإذا كانت القيادة الرشيدة تخلِّد تضحيات أبنائها البررة، الذين وهبوا أرواحهم لتظل راية دولة الإمارات العربية المتحدة عالية خفاقة، وهم يؤدون مهامهم وواجباتهم الوطنية داخل الوطن وخارجه في الميادين المدنية والعسكرية والإنسانية كافة، وتضعهم في أنصع صفحات تاريخها؛ فإن المواطنين، في المقابل، على استعداد دائم لتلبية نداء الوطن المقدَّس في أي وقت، وفاءً لما قدمه ويقدمه إليهم وإلى الأجيال القادمة من تنمية واستقرار وتقدُّم، وهذا إنما يعزز من الانتماء إلى الوطن وقيادته الرشيدة.
كما سيكون يوم الشهيد مناسبة أيضاً لتنشئة النشىء والشباب على قيم التضحية والانتماء وحب الوطن، وتعزيز المعاني والقيم الجميلة في الأجيال القادمة، فاختيار الثلاثين من نوفمبر من كل عام ليكون يوماً للاحتفال بالشهيد هو لتذكير هذا الجيل والأجيال القادمة بتضحيات الآباء والأجداد لأجل الوطن الغالي، ففي مثل هذا اليوم استشهد سالم سهيل أول شهيد إماراتي في وجه قوة إيرانية غاشمة ضربت بعرض الحائط كل قيم ومبادئ حسن الجوار، وهي تجتاح قبل إعلان قيام الدولة بقعة غالية من تراب الوطن لتحتل ثلاثاً من جزرنا الإماراتية طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى في 30 من شهر نوفمبر عام 1971.
 
-4 يوم الشهيد سيكون مناسبة وطنية عزيزة، يعبر من خلالها أبناء الوطن، عن عرفانهم بالدور المتميز الذي تقوم به القوات المسلحة، فهي مصنع الرجال، لقدرتها على تكريس مفاهيم الولاء والانتماء إلى الوطن، ولدورها البناء في تعزيز قيم إنسانية إيجابية لدى عناصرها مثل الصبر والاعتماد على الذات وتحمّل المسؤولية والشجاعة، وتعميق التلاحم بين أبناء الوطن، وقد تجلى ذلك بوضوح في حالة التفاعل والتعاطف الكبيرة من جانب أبناء الشعب الإماراتي بمختلف فئاته مع أسر وذوي الشهداء، بل ومطالبة أبناء الوطن بالسماح لهم بالانضمام إلى صفوف القوات المسلحة الباسلة، ونيل شرف الدفاع عن الوطن والأشقاء، كي يبقى العلم الإماراتي خفاقاً عالياً في ساحات الحق والواجب. وقد لخصت كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان هذا المعنى بوضوح، حينما قال سموه خلال حديثه مع ذوي الشهداء وأسرهم: «إن صور التلاحم والتعاضد والتآزر التي أبداها أسر الشهداء وذووهم من أمهات وآباء وأشقاء وأبناء، وما عبر عنه شعب الإمارات بأسره في هذا الظرف يكسبنا طمأنينة ويزيدنا ثقة بحاضر هذا الوطن ومستقبله الزاهر".
 
-5 أن دولة الإمارات العربية المتحدة، وعلى الرغم من خسارتها الكبيرة بفقدانها شهداءها الأبرار الذين قضوا خلال مشاركتهم ضمن قوات التحالف العربي في اليمن، ستظل وفية لمبادئها، وماضية في التزامها بالدفاع عن الحق ومساندة الأشقاء، ولن تتراجع عن أداء واجبها الوطني في إرساء دعائم الأمن والاستقرار، ومواجهة دعاة الفوضى والتخريب في المنطقة، لأنها تنطلق في أداء هذا الواجب المقدس من مبدأ ثابت منذ عهد المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وهو العمل على تعزيز السلام والاستقرار والأمن على الساحتين الإقليمية والدولية، والمشاركة في أي جهد يعزز الأمن القومي العربي، ويحفظ للدول العربية وحدتها واستقرارها في مواجهة أية تحديات مهما كان مصدرها. وقد ترجمت ذلك بالأفعال والمبادرات البناءة، التي كان لها عظيم الأثر في الحفاظ على مصالح الشعوب العربية في الأمن والاستقرار والتقدم، سواء عبر مشاركتها الفاعلة في عمليتي "عاصفة الحزم" و"إعادة الأمل" من أجل عودة الأمن والاستقرار لليمن الشقيق، والحفاظ على سيادته ووحدته وعروبته، أو من خلال المشاركة ضمن الجهد الدولي الذي يستهدف التصدي لخطر تنظيم "داعش" الإرهابي في العراق وسوريا، وذلك في تجسيد حي لمواقف دولة الإمارات العربية المتحدة الثابتة تجاه أشقائها في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، والعالم العربي، وإعلاء لقيم التضامن في مواجهة التحديات التي تواجه الأمن القومي الخليجي والعربي.
 
خاتمة
إن شهداء دولة الإمارات العربية المتحدة سيظلون رمزاً للوطنية ونبراساً للولاء والانتماء وعنواناً للوفاء والتضحية من أجل تراب وطننا الغالي والدفاع عن قيم الأصالة وتلبية نداء الأشقاء وإغاثتهم في أوقات المحن والأبرار ستبقى في ذاكرة الأجيال وستظل دوماً منبعاً يلهمنا ويعملنا أن الوطن غالٍ، وأن وفاءنا لقيادتنا الرشيدة سيبقى دوماً موضع فخرنا واعتزازنا.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-02-26 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره