مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2014-04-01

الناتو 65 عاماً من التنظيم العسكري ودعم السلام ومواجهة التحديات

تأسست منظمة حلف شمال الأطلسي عام 1949 بناءاً على معاهدة شمال الأطلسي التي تم التوقيع عليها في واشنطن في 4 إبريل 1949 ويوجد مقر قيادة الحلف في بروكسل عاصمة بلجيكا، وللحلف لغتان رسميتان هما الإنجليزية والفرنسية، ويتمثل الدور الرئيسي لهذا الحلف هو في حراسة حرية الدول الأعضاء وحمايتها من خلال القوة العسكرية، ويلعب دوره من خلال الأزمات السياسية، حيث تساهم كل الدول الأعضاء في القوى والمعدات العسكرية التابعة له، مما ساهم في تحقيق تنظيم عسكري لهذا الحلف، فهناك دول ذات علاقات ممتازة بحلف الناتو إلا أنها ليست جزءاً منه رسمياً وتعرف بالحلفاء الرئيسيين لحلف الناتو Major non-NATO ally.
 
إعداد: حنان الذهب
 
لم يتخيل أحد ممن شهدوا وضع اللبنات الأولى للناتو أن يستمر الحلف بعد انتهاء الحرب الباردة التي كانت سبباً أساسياً لإنشائه، وقد تحول الناتو من مجرد مشروع مؤقت إلى كيان دائم والذي يتمثل في الحاجة الدائمة إلى تعزيز التعاون الأمني عبر الأطلسي، وضرورة قيام أوروبا وأمريكا الشمالية بمواجهة التحديات الأمنية المشتركة كما كان عليه الوضع قبل ستين عاماً، فقد دعت الضرورة دول الحلف إلى الاتحاد بسبب توحّد القوات السوفييتية في دول شرق أوروبا، وشعور دول غرب أوروبا بقرب هجوم سوفييتي عليها، فتعاونت دول غرب أوروبا مع الولايات المتحدة وتم تكوين الحلف، كما أن للحلف أهداف أخرى هي:
- حماية دول العالم بشكل عام وحماية الدول الأعضاء فيه بشكل خاص.
- حفظ الأمن والاستقرار.
- محاربة التهديدات الأمنية الجديدة.
 
الحرب الباردة
كان اندلاع الحرب الكورية سنة 1950 حدث هام بالنسبة لمنظمة الناتو، لأنها رفعت درجة الخطر جداً - إذ كان يشتبه أن تكون كل الدول الاشتراكية تعمل معاً- وأرغمت التحالف على تطوير خطط عسكرية متقنة، عقد مؤتمر لشبونة عام 1952، سعياً لتزويد القوى اللازمة لخطة الناتو الدفاعية طويلة المدى، وتمت الدعوة إلى التوسع إلى 96 فرع، لكن تم إسقاط هذا المطلب في السنة اللاحقة إلى 35 فرع فحسب مع استخدام أكبر للأسلحة النووية.
 
أهم وسائل حماية الحلف
يتمثل الهدف الأساسي لحلف شمال الأطلسي في حماية حرية وأمن أعضائه من خلال الوسائل السياسية والعسكرية، ففي الوسائل السياسية يدعم حلف شمال الأطلسي القيم الديمقراطية ويشجع التشاور والتعاون في قضايا الدفاع والأمن لبناء الثقة ومنع الصراع على المدى الطويل، أما في الوسائل العسكرية فيلتزم حلف شمال الأطلسي بالسعي إلى حل النزاعات بالطرق السلمية، وفي حالة فشل الجهود الدبلوماسية، يمتلك الحلف القدرة العسكرية اللازمة لخوض عمليات إدارة الأزمات، ويتم تنفيذ هذه العمليات بموجب المادة رقم 5 من معاهدة واشنطن -وهي المعاهدة التي تم تأسيس الحلف بموجبها- أو بتفويض من الأمم المتحدة، في إطار منفرد أو بالتعاون مع دول ومنظمات دولية أخرى.
 
يوفر حلف شمال الأطلسي فرصة فريدة للدول الأعضاء من أجل التشاور واتخاذ القرارات بشأن القضايا الأمنية على جميع المستويات وفي مختلف المجالات، وتعبر "قرارات حلف شمال الأطلسي" عن الإرادة الجماعية للدول الثمانية والعشرين الأعضاء بالحلف مجتمعة، حيث تتخذ جميع القرارات بالإجماع، ويتوافد مئات الخبراء المدنيين والعسكريين والمسؤولين إلى مقر حلف شمال الأطلسي بصورة يومية من أجل تبادل المعلومات، وتشارك الأفكار والمساعدة في إعدادات القرارات عند الحاجة بالتعاون مع البعثات الوطنية والعاملين في مقر الحلف.
 
مبادرات الحلف
أعلن الحلف عن عدد من المبادرات، من أهمها مبادرة الشراكة من أجل السلام سنة 1994 تحت مسمى دعم العلاقة مع البلدان التي تقع على أطراف الحلف الأطلسي، مثل البوسنة وصربيا والجبل الأسود، والتعاون معها، إلى جانب توقيع اتفاق تأسيسي لمجلس الناتو روسيا المشترك الدائم عام 1997 لمنح روسيا دوراً استشارياً في مناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك، ومع بداية الصراع في كوسوفو علقت روسيا كافة علاقاتها مع الناتو، ليتم تفعيل مجلس الناتو روسيا بشكل رسمي عام 2002.
وأيضاً مبادرة إسطنبول للتعاون التي أعلنت عنها قمة الحلف عام 2004 الداعية إلى ما سمته التعاون مع دول الشرق الأوسط لتعزيز الاستقرار ودعم السلام في المنطقة.
 
أهم الأحداث التي مر بها حلف "الناتو" 
احتفل حلف شمال الأطلسي في قمته التي عقدت بمرور 60 عاماً على إنشاءه مروراً بأهم الأحداث منذ التوقيع على معاهدة شمال الاطلسي بواشنطن عام 1949، ولعل توقيع بلجيكا وكندا والدنمارك وفرنسا آيسلندا وإيطاليا ولوكسمبورغ وهولندا والنرويج والبرتغال وبريطانيا وأمريكا بواشنطن في الرابع من أبريل عام 1949 على معاهدة الحلف الأطلسي يعد بداية لظهور الناتو والذي يأتي قبيل الإعلان عن قيام جمهورية الصين الشعبية من قبل الرئيس ماو تسي دونغ في أكتوبر من نفس العام.
 
وبعد نحو عامين سمي من قبل مجلس حلف شمال الأطلسي الرئيس الأمريكي الأسبق الجنرال دويت آيزنهاور رئيساً للقيادة العليا في أوروبا في ديسمبر 1951 مع ارتفاع عدد أعضاء الحلف إلى 14 عضواً بانضمام اليونان وتركيا لعضويته فبراير من العام الذي يليه.
وشهد الحلف في أبريل 1952 تولي الجنرال هاستينغز اسماي أول سكرتير عام لحلف الناتو وشهد العالم رحيل الزعيم السوفييتي السابق جوزيف ستالين في مارس من 1953.
وارتفع عدد أعضاء حلف "ناتو" إلى 15 عضواً بانضمام ألمانيا الغربية في مايو 1955 فيما تم توقيع اتفاقية حلف "وارسو" بعد ذلك بخمسة أيام من قبل الاتحاد السوفييتي والدول الأوروبية الشيوعية في القصر الرئاسي بوارسو.
 
وشهد عام 1956 أزمة قناة السويس التي تبعها العدوان الثلاثي "بريطانيا - فرنسا –إسرائيل" على مصر في أكتوبر وسحق الاتحاد السوفييتي ثورة هنغاريا ودخول الدبابات الروسية إلى بودابست في نوفمبر من نفس العام.
وجاء تولي باول هنري سباك سكرتيراً عاماً جديداً للحلف قبل خمسة أشهر من إعلان الاتحاد السوفييتي امتلاك أول صاروخ عابر للقارات في أكتوبر 1957 فيما عقد زعماء الناتو أول اجتماع لهم في باريس في ديسمبر من نفس العام، كما جاء احتفال الحلف بمرور 10 سنوات على إنشاءه في الرابع من أبريل 1959 خلال رئاسة سباك بعد شهرين من تولي فيديل كاسترو الرئاسة في كوبا.
 
وعلى الرغم من شهود رئاسة ديرك ستيكير للحلف في أبريل 1961 بدأ العمل ببناء جدار برلين بشهر أغسطس من نفس العام، وبدء أزمة الصواريخ الكوبية في أكتوبر من العام الذي يليه، واغتيال الرئيس الأمريكي السابق جون كنيدي في 22 نوفمبر 1963، إلا أنها شهدت أيضاً وطء أول رائد فضاء وهو سوفييتي أرض القمر في نفس الشهر من توليه رئاسته.
وشهدت رئاسة مانليو بروسيو للناتو في أغسطس 1964 إعلان الرئيس الفرنسي شارل ديغول نية بلاده الانسحاب من لجنة البنى العسكرية في الحلف في مارس 1966 وتم الافتتاح الرسمي لمقر حلف الناتو ببروكسل في 16 أكتوبر 1967.
 
وفي أغسطس 1986 اجتاحت قوات حلف وارسو تشيكوسلوفاكيا فيما تولى جوزيف لونس السكرتارية العام لحلف الناتو في الأول من أكتوبر 1971، كما تم توقيع الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون ورئيس الوزراء السوفييتي ليونيد بريجنيف معاهدة منع انتشار الصواريخ الباليستية في مايو 1972.
وتم توقيع تقرير الحلف حول توسيع اهتمام الحلف بالأمور الاقتصادية مع الأمور العسكرية في يونيو 1974 بعد أزمة النفط في أكتوبر 1973 وتوقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل في 17 سبتمبر 1978.
كما شهد شهر سبتمبر من عام 1981 بدء الحرب الإيرانية العراقية، فيما شهد العام الذي يليه بداية حرب فوكلاند بعد احتلال الأرجنتين لجزيرة جيورجيا في شهر مارس، وانضمام أسبانيا للحلف في شهر يونيو ليصبح عدد أعضاء الحلف 16 عضواً.
 
وتولى بيتر كارينغتون رئاسة الحلف في يونيو 1984 حيث أصبح ميخائيل غورباتشوف الرئيس السوفييتي في مارس 1985، وانفجار مفاعل تشيرنوبل الأوكراني في أبريل 1986، وجاء انسحاب القوات السوفييتية من أفغانستان في مايو 1988 قبل شهرين من تعيين مانفريد فورنير سكرتيراً عاماً لحلف الناتو.
 
وأصدر الحلف في يوليو 1990 إعلان لندن تحت عنوان (بُعد جديد لعصر جديد) وهو ما يعد بداية للتعاون بين الشرق والغرب في يوليو 1990 ويأتي بعد سقوط جدار برلين في نوفمبر عام 1989، وجاء إعلان روما حول السلام والتعاون والذي تضمن استراتيجية جديدة للحلف وبداية الشراكة مع دول أخرى خارج الحلف في نوفمبر 1991 بعد انحلال حلف وارسو في يوليو من نفس العام وغزو النظام العراقي على دولة الكويت في الثاني من أغسطس 1990.
 
وقد دشن حلف الناتو برنامج الشراكة من أجل السلام في يونيو 1994 فيما شهد أغسطس من العام نفسه موت سكرتير عام الحلف مانفريد فورنير في مكتبه بعد صراع مع المرض وتولى ولي كلايس السكرتارية العامة للحلف في أكتوبر ودشن الحوار المتوسطي في ديسمبر من نفس العام، وشهدت رئاسة خافيير سولانا للحلف في ديسمبر 1995 بدء الحلف لعمليات حفظ السلام في البوسنة والهرسك مع مشاركة دول خارج الحلف ومنها روسيا في نفس أشهر ودخول التشيك وهنغاريا وبولندا إلى عضوية الحلف في مارس 1999 ليصبح عدد أعضاء الحلف 19 دولة والهجوم الجوي الذي شنه الحلف على كوسوفو في نفس الشهر.
 
وشهد شهر أبريل من عام 1999 احتفالاً بمرور 50 عاماً على تأسيس وبدء مهمة حلف شمال الأطلسي في كوسوفو (كيفور) في شهر يونيو، وتعيين جورج روبينتسون سكرتيراً عاماً للحلف في شهر أكتوبر.
كما فعّل حلف الناتو ولأول مرة المادة الخامسة من معاهدته عقب هجمات مركز التجارة العالمية في الـ 11 من شهر سبتمبر 2001، وأنشأ الحلف مجلس الناتو وروسيا بروما في مايو 2002 وتولى قيادة قوة المحافظة على الأمن في أفغانستان (إيساف) في أغسطس 2003.
وشهدت رئاسة ياب دي هوب شيفر السكرتير الحالي للحلف من الأول من يناير 2004 انضمام كل من بلغاريا واستونيا ولاتفيا ولتوانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا ورومانيا لحلف الناتو في أبريل 2004 ليصبح أعضاء الحلف 26 عضواً.
 
كما شهدت رئاسة شيفر تدشين مبادرة أسطنبول للتعاون خلال قمة أسطنبول في يونيو 2004 كل من الكويت والبحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة.
وعقد في دولة الكويت في الـ 12 والـ 13 من شهر ديسمبر 2006 المؤتمر الدولي للتعاون بين منظمة حلف شمال الأطلسي ودول مجلس التعاون الخليجي العربية تحت عنوان (مواجهة التحديات المشتركة من خلال مبادرة اسطنبول للتعاون) تم خلاله توقيع اتفاقية أمنية بين دولة الكويت والناتو تتعلق بتبادل المعلومات وفق أطر معينة، وتعد هذه الاتفاقية الخطوة الأبرز في العلاقة بين الجانبين منذ أن وافقت الكويت في نوفمبر 2004 على مبادرة اسطنبول للتعاون.
وأجرى حلف الناتو مباحثات مركزة مع أوكرانيا في أبريل 2005 وأخرى مع جورجيا في سبتمبر 2006 فيما أنشأت لجنة الناتو وجورجيا في سبتمبر 2008 بعد الأزمة الروسية الجورجية في أغسطس من نفس العام، كما أجرى الحلف مباحثات انضمام ألبانيا وكرواتيا للحلف في أبريل 2008 حيث أعلن مؤخراً انضمامهما رسمياً إلى الحلف ليصبح أعضاء الحلف 28 دولة.
 
المستقبل ومصداقية الحلف 
لقد كان تدخل الحلف في يوغسلافيا بقيادة الولايات المتحدة والذي يمثل باكورة مهامه الجديدة، يحمل في طياته أكثر من رسالة، الأولى موجهة إلى الدول الأوروبية والأعضاء في الحلف، بأنه لا جدوى من معارضتها للمفهوم الإستراتيجي الجديد للحلف، وأن الولايات المتحدة هي صاحبة الاختصاص الأصيل في إعادة ترتيب القواعد التي تحكم العلاقات الدولية، الرسالة الثانية كانت موجهة إلى الدول الأوروبية غير الأعضاء في الحلف، وفحواها أن استقرارها ورفاهيتها يعتمد بالدرجة الأولى على ما تتخذه الولايات المتحدة من قرارات، والرسالة الثالثة موجهة إلى روسيا بأن تتوقف عن معارضتها لتوسيع الحلف ومقاومة مهامه الجديدة.
 
الاستراتيجية الجديدة للحلف
لقد دشن حلف الناتو في يوغسلافيا، استراتيجيته الجديدة ضارباً بذلك عرض الحائط كل ما استقر عليه النظام الدولي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ومؤسساً لعصر الهيمنة الأمريكية الجديد بعد أن استفردت الولايات المتحدة بثلاثية القوة العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية، بحيث أصبحت المهمة هي التي تحدد التحالف.
 
لقد ألقت عملية توسيع الناتو ضوءاً ساطعاً على مستقبل مجلس الشراكة الأورو – أطلسية وبرنامج الشراكة من أجل السلام، فبخروج سبع دول من الشراكة من أجل السلام لتصبح أعضاء في الناتو، خضع الناتو لتغيير جيوستراتيجي شرقاً باتجاه القوقاز وآسيا الوسطى، حيث كان على الناتو التعامل مع شركاء شديدي المراس سياسياً كان بعضهم أسرى أزمات وصراعات، وبصورة أعم يواجه الحلف هنا تحدياً في إقامة توازن بين سعيه لإجراء تحول ديمقراطي وبناء مؤسسات دفاعية من ناحية، وصعوبة التعامل مع أنظمة محلية ذات طابع سلطوي من ناحية أخرى.
 
في الأشهر الأولى من العام 2004 عرضت الولايات المتحدة أفكاراً من أجل "مبادرة للشرق الأوسط الكبير" خاصة بالناتو لتشجيع الإصلاح والديمقراطية في العالم العربي، وكانت المبادرة سياسية أكثر مما هي عسكرية، رسمتها الولايات المتحدة للمساعدة في معالجة الانقسامات عبر الأطلسي بعد حرب العراق ومنع التهديد الذي قد تولده الاستراتيجيات الأوروبية والأمريكية للمنطقة، وتضمنت الخطة الثلاثية الأبعاد، التشجيع على حكم جيد وتعليم أحسن ونمو اقتصادي.
 
والتطابق مع عملية الاتحاد الأوروبي المعروفة بـ"عملية برشلونة" والمعنية بالارتباط مع دول البحر المتوسط بشبكة من الترتيبات الاستراتيجية والسياسية وتحقيق تحسن على صعيدي حقوق الإنسان والمسألة الاقتصادية، وستكون مهمات الناتو المساعدة في إعادة بناء أفغانستان والعراق إلى الشرق الأوسط بموجب صيغة جديدة لـ الشراكة من أجل السلام.
 
لكن أمر فكرة توسيع دور الناتو في مبادرة الشرق الأوسط الكبير، أنتهى إلى نتيجة متواضعة، فقد خيمت على نقاش خلافات حول العراق، ومخاوف من الإفراط في توسيع الحلف، وانعدام الاتفاق حول نطاق المشروع ومداه الجغرافي ولا يقل عن ذلك كله ردة الفعل السلبية والعزوف في العواصم العربية.
 
التحديات التي تواجه الحلف
إن التحديات الأساسية التي تواجه حلف الناتو في مفهومه الجديد للتعامل مع المعضلات الأمنية الحالية والمستقبلة، تتحدد في أربعة مؤثرات: أولها الحصول على نتيجة مقبولة سياسياً لمشاركة الناتو المتعمقة في النزاعات الأفغانية والباكستانية المتداخلة مع بعضها البعض، ثانياً تحديث معنى "الأمن الجماعي" والتزاماته كما ورد في المادة الخامسة عن اتفاقية الحلف، ثالثاً إشراك روسيا في علاقة ملزمة وذات نفع متبادل مع أوروبا ومجتمع شمال الأطلسي الأوسع، رابعاً الاستجابة للمعضلات الأمنية العالمية الجديدة.
 
المهام الجديدة لحلف الناتو
إن ما يميز سياسة الولايات المتحدة تجاه حلف الناتو وأوروبا، بعد انتهاء الحرب الباردة، هو توجهها نحو توسيع الحلف نحو الشرق ليضم دول وسط وشرق أوروبا، ويرى البعض أن خيار التوسع هو الأساس في إقامة "نظام أمن جماعي لكل أوروبا" في حين يرى آخرون أن توسيع الحلف يعد ظاهرة لمرحلة انتقالية مع كل ما تتضمنه من تردد وعدم توازن، أكثر مما يعد خياراً أمنياً لمنطقة عبر الأطلسي وتضيف وجهة النظر هذه أن توسيع الحلف هو ليس لصالح العلاقة الأوروبية – الأمريكية فحسب وإنما أيضاً لصالح المشكلة الأمنية لدول وسط وشرق أوروبا ويظهر واضحاً من ذلك أن المهام الأمنية لحلف الناتو في أوروبا تقع في المقدمة من تلك المهام التي يضطلع بها الحلف في أوروبا رغم عدم انضواء جميع دول أوروبا في ذلك الحلف فضلاً عن تعدد المنظمات التي تقوم بتلك المهام، ولعله من المفيد الإطلاع على تلك المنظمات والدول المشاركة فيها. 
 
الخاتمة
إن حلف الناتو لم يعد حلفاً دفاعياً كما كان مرسوماً له عند تأسيسه، وإنما تحول إلى حلف ذي مهام عسكرية سياسية يعمل لصالح تكريس ونشر الهيمنة الأمريكية، ويؤشر هذا التغيير في استراتيجية الحلف، البداية لعولمة حلف الناتو، أي العولمة العسكرية لكي ترافق باقي العولمة.
 
لقد مر الناتو بأقسى اختبار في تاريخه، وواجه احتمال حدوث تهميش مطرد في العلاقات عبر الأطلسية على يد عضوه الرئيس، الولايات المتحدة، خلال حرب العراق عام 2003، ولقد أطلق الناتو مبادرات جديدة وواصل العمليات الجارية خارج منطقة نشاطه في أفغانستان والعراق، في خطة شراكة أوسع في الشرق الأوسط، ومن خلال تدخل أعمق في القوقاز وآسيا الوسطى، وكان الهدف مداواة الصراع عبر الأطلسي وتوزيع التزامات الناتو العالمية، بحيث يمكن أن يظهر بديلاً ذا مصداقية عن "تحالفات طوعية" تقودها الولايات المتحدة، وكان التساؤل عما إذا كان في الإمكان إيجاد التصميم السياسي الموحد والضروري، وعما إذا كان في الإمكان مجاراة طموحات الناتو والتزاماته بموارد كافية.
 
إن الناتو يواجه الآن تحديات وامتحاناً عسيراً في أفغانستان لمهامه الجديدة زادتها صعوبة الأوضاع القلقة والمعقدة في باكستان، والوضع المالي غير المستقرعالمياً من خلال الأزمات المتتالية من الولايات المتحدة إلى اليونان فبريطانيا، وتبقى العقبة الرئيسية أمام تحديد دور الناتو، انعدام استراتيجية أورو – أطلسية واضحة ومتناغمة وبعيدة المدى لاستبدال مفاهيم الحرب الباردة، برد أقوى على أخطار القرن الحادي والعشرين: الإرهاب، الدول الضعيفة أو الفاشلة وإنتشار أسلحة الدمار الشامل، والتحدي الماثل أمام الناتو هو تجاوز الإدراك المتنامي القائل بأنه " منتدى لإتخاذ قرارات بشأن عمليات، واستعادة دوره" كمنتدى مركزي للنقاش السياسي وصنع القرار.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-02-26 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره